أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - انتكاس الحداثة















المزيد.....

انتكاس الحداثة


مهدي القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:15
المحور: الادب والفن
    



لن اكون مبالغا اذا قلت نحن امة تعشق الخرافة ,بل اكون متواضعا بعض الشيء اذا قلت اننا نهيم عشقا في احتواء الخرافة والتنظير لها والدفاع عنها .
نبحث عنها في دكاكين العطارين وفي ماء الزعفران وفي الغرف المظلمة للمشعوذين والدجالين وبين الاوراق الصفراء , نسخر( الميديات ) في خدمتها ونصنع من مروجيها نجوما ننتظر منهم الخلاص , فتتمادى لتستيقظ منتشية بعد ان اصبح لها سوق مزدهر محتشد بالزبائن , لا اقول كما يقول البعض انها اسواق تزدهر بالنساء لا بل اقول ان للرجال والمثقفين بصورة خاصة نصيبا في هذه الاسواق حينما يخونهم العقل والتفكير السليم وتغلق في وجوههم ابواب الحلول . اصبح لها رواد من كل الطبقات الاجتماعية والثقافية والسياسية ما دامت تمنحهم جرعا منشطة من الحلول البسيطة , وكما يقول العالم (ستيفن باشير) عالم علم الاعراف (ان الخرافات هي استجابة للتحديات التي يواجهها الناس في الحياة لانها تعرض على الناس حلولا معظمها في غاية البساطة).
ان جذر الخرافة ومنشأها هو الشرق مثل مصر , العراق والهند وان اول من الف كتابا في ذلك هو (بيديا )الفيلسوف الهندي والمتمثل ب(كليله ودمنه )والذي نقله الى العربية ابن المقفع في العصر العباسي ويعتبر هذا الكتاب هو المصدر الاول للخرافة وقد استفاد منه الكتاب الروس ومنهم (لافانتين )حيث قام بتطوير هذا المفهوم فأضحى عملا متكامل العناصر والرؤى واصبح مصدرا لكل اديب يرغب في خوض غمار هذا العالم الغرائبي .
في الوقت الذي بقي الشرق مهتما ومتهما بنشر الخرافة بسبب التوجس من المجهول وما يخبئه لنا القدر او القادم الغامض خوف ان تغور الاقدام في الرمال المتحركة والتي من خلالها يفقد الانسان الشرقي بوصلة الوصول الى الهدف الأسمى وما زال التشبث بالخرافة هو العلامة الفارقة لانتكاسة ونكوص الثقافة عندنا .
كانت العلامة الفارقة للغرب هو القفز قفزات واسعة ومتسارعة نحو منصة التكنولوجيا والتقدم العلمي وما وصل اليه من ثورة هائلة في عالم الاتصالات.
ورغم هذا فان الخرافة ليست حكرا على شعوب الشرق فحسب بل تمتد الى الغرب وما تعصف به من ازمات اقتصادية وثقافية نتيجة النظام السياسي السائد ونتيجة للفرز الطبقي في هذه المجتمعات اذ ان الطبقات التي في اسفل السلم تختلط عليهم الاحلام بالحقيقة ولا يتبقى لهم غير الحلول السهلة والبسيطة معتقدين انها هي التي ستوصلهم الى بر الامان فيتجهون الى تداول الخرافات من اجل اقناع انفسهم بأن الامل آت فالمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة تنتعش فيها سلطة الخرافة ففي المانيا تشير آخر احصائية الى ان ثلث الالمان يؤمنون بوجود الملائكة في حين ان 43% يؤمنون بأنه ستهبط عليهم ثروة اذا ما عثروا على نبتة ذات اربع ورقات كما يعتقد 40%ان رؤية نيزك يجلب الطالع الحسن .
لم يكن ثابت الالوسي (الفلكاني) الوحيد الذي روج لطروحاته الخرافية والتي يؤكد فيها ان الموت والدمار واتساع رقعة العنف والاقتتال ونشر العتمة الثقافية في العراق وعلى مدى عشرات السنين يعود كله الى وجود جدارية (نصب الحرية ) للفنان العظيم جواد سليم وبهذا فهو ينظر الى الاشكالات في العراق بعين حولاء فهو يبرئ الانظمة السياسية من كل هذا الدمار المنظم والموت المبرمج للشعب العراقي وبذلك يسقط التهم عن الانظمة الاستبدادية وادواتها القمعية وقراراتها الارتجالية وحروبها العبثية وجنرالاتها المهووسين بالحروب والدمار .
ونسي هذا (الفلكاني ) ان النظام السياسي وطوال هذه المدة قد اختصر في نطاق قبيلة ومن ثم في رجل واحد وعلينا ان نتذكر ان (القومجية ) بعد الانقلاب الاسود سنة 1963 كانت تؤرق مضاجعهم حمامة فائق حسن البيضاء المحلقة في ساحة الطيران واعتبروها طالعا سيئا ونحسا يجب ازالته ... وعملوها ... وقتلوا الحمامة البيضاء الوديعة بعد ان سمحوا لانفسهم بقتل كل من يؤمن بهذه الحمامة فأين ثابت الالوسي منها ؟
بواعث الخرافة
ان سلطة المؤسسة قد ساهمت مساهمة فعالة ومن خلال ثقافتها المهيمنة على اظهار وانعاش وتداول الخرافات كعقائد ومسلمات لابد منها ووضعها في الواجهة كبضاعة رائجة تساعد الشباب على حل معضلاتهم التي صنعها لهم النظام نفسه بعد ان سحق كل ما هو تنويري بالتهويمات , والطروحات الحداثوية بالميثولوجية والوعي الشعبي السلفي والعمل على اسقاط كل ما له علاقة بالمدنية والتحضر من قواميسهم فبقي معظم الناس لاحول لهم ولا قوة الا ان تستهلك الافكار التي تروج لها المؤسسات الثقافية الضاغطة بهذا الاتجاه والتي تسمح بتداول الثقافة التي تسهم في تعقيد الحياة الاجتماعية التي تفرخ معها حلولا صعبة تزيد من انتشار الازمات فلم يبق امامها سوى اللجوء الى الخرافة والنتيجة هناك ثلاثة محاور او ركائز اساسية تشارك في نشر الخرافة :
1- وجود انسان بسيط يبحث عن حلول بسيطة تتناسب مع تفكيره لحل مشاكله.
2- توافر عدد من المؤسسات والكيانات والدكاكين والغرف المظلمة يديرها رجال محسوبون على الدين والسياسة ترفد وتروج وتدعم ماديا ومعنويا هذه الافكار السوداوية البعيدة عن نشاطات العقل السليم والتفكير المنطقي والعلم والتقنية الحديثة لاسباب انانية اوايديولوجية من خلال اللعب في عقول البسطاء من الناس.
3- وثالثة الاثافي وجود بذور خرافات تحتضنها (خلايا نائمة ) معشعشة في تلافيف وزوايا عقول بعض البشر تعمل على تحجيم مستويات التفكير التي تؤسس لسلوكيات منحرفة تعمل في العلن بعد ان كانت تعمل تحت يافطات اخرى فما ان تسقى بالماء الآسن وتدار بأيد لعوبة ويباركها تفكير منقرض ويتنسمها هواء زنخ حتى تنتعش وتزاول نشاطها مرة اخرى. لكن هذه المرة في العلن كما قلنا بعد ان دبجوا لها التنظيرات ودعموها بالأدلة والاسنادات الهلامية وبرقعوها بالدجل .
دور المثقف
بقي ان نقول هل ان الدجالين ومريديهم اللاعبون الوحيدون في هذه الساحة ؟ اذن اين هو دور المثقف ولماذا انجرف بعضهم مع الجوقة وتنازل عن حداثته ومدنيته التي اعتبرهما مستوردتين ؟ اين دور المثقف الفاعل في فضح هذه الافكار والضغط باتجاه افكار تساعد هؤلاء وانتشالهم من هذا المستنقع او على الاقل انقاذ ما يمكن انقاذه وخاصة زملاءهم من (المثقفين) .
* اين دور الليبراليين والعلمانيين والمتدينيين المتنورين الرافضين لفعل الخرافة ؟
والى متى يبقى دورهم محدودا وخجولا ومترددا في مواجهة هذه الافكار والطروحات التي غدت تغزو الشارع ؟ ولماذا يأتي الرد فقط من مثقفينا الذين في خارج الوطن ؟
اقول بصراحة مرة اخرى ان الخرافة قد اينعت رؤوسها والخرافيون قطفوا الثمار , انها فعلا لحظة انتكاس الحداثة والتنكيل بها.
Mahdiray2@yahoo



#مهدي_القريشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انوثة الامكنة
- رسالة مقفلة
- هكذا شبه لي
- مرايا غير قابلة للتشويه
- الاشباع غير المقدس للنزعات الحيوانية
- تماثيل000جدلية علب الكونكريت والمقدس المطلق
- تماثيل...جدليةعلب الكونكريت والمقدس المطلق
- القارعة


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - انتكاس الحداثة