أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - المثقفون التجار














المزيد.....

المثقفون التجار


مهدي القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 2547 - 2009 / 2 / 4 - 03:27
المحور: الادب والفن
    



تعتبر الثقافة احد المكونات الرئيسة في بناء الدولة الحديثة و لا يقل دورها عن دور السياسي في بلورة الوعي المتقدم للافراد وللدولة ومؤسساتها, بل انها تشكل في اوقات وظروف معينة الركيزة الاساسية للنهوض بالراكد والمتدني والهامشي في الواقع الاجتماعي, وكثيرا ما يستعين السياسي بالمثقف من اجل اخراجه او انقاذه من متاهة او ازمة قد عصفت به او بدولته, وللثقافة ادواتها, هي (النخبة) يروجون للافكار التي تحمل ثنائية (الضد او مع) وان (الذين مع اوبالضد) يقدمون جهودهم في ضوء ما يحملون من افكار ورؤى وما ينتج عنها من مخاضات تصب في مجرى الحل للاشكاليات الكبرى وحسب قناعاتهم.ومن خلال قراءة متواضعة للواقع الثقافي العراقي ولمدة اقل من نصف قرن من تاريخ العراق الحديث نخلص لوجود كنز من العلماء والمثقفين الذين لم يبخلوا بعطاءاتهم ان كانت هذه العطاءات ميتافيزيقية او معرفية او اخلاقية وبالتالي فانها تصب في صياغات نظرية وافكار معرفية وبسبب من اصالتها والتصاقها بالهم الوطني والانساني كانت مثابة او منطلقا نحو هدم تابوات واصنام التحجر الفكري والسكون بمعول الانسانية وبناء فكر تنويري يتسامى مع الانسان ويؤشر على محنته. وفي ظل الانظمة الاستبدادية او في سيادة سلطة الدولة الشمولية تتحول الهوية الثقافية من هوية وطنية ناصعة الى هوية ديماغوجية مزيفة ويكون التنافس بين المثقفين لاثبات ايهما اخلص من غيره لترجمة هويته الجديدة التي وضعت تحت رحمة السلطة القامعة المتمثلة بالدفاع عن ممارساتها ضد الشعوب. لهذا فأن الناس اوجمهور السواد الاعظم في هذه البلدان لا تهتم بالمرة بأمر هؤلاء المحسوبين على الثقافة لا بل انها تنظر اليهم نظرة ازدراء ودونية لا يمانهم ان جل الظلم الواقع عليهم من السلطة الحاكمة قد باركته اقلامهم المأجورة ومنحته جوازاً للمرور على رؤوس الشعب. ان الافلام والفنون السمعية والمرئية والاعلام ووصولا الى اللوحة التشكيلية تتحول في ظل هكذا انظمة الى تجارة لا تقبل الخسارة المادية , ان هذه الاعمال ( الثقافية ) في الظاهر والتجارية في الباطن يتم تحويلها الى دعم للايديولوجيات لتمرير افكار اصحابها وبمرور الوقت يزداد جيش (المثقفين التجار) وتتعاظم قوتهم ونفوذهم وينطلقون من مبدأالتسيد والهيمنة والتضحية بكل القيم من خلال طرح بضاعتهم (الثقافية) في سوق النخاسة.وبات من المؤسف ان نرى بعض مثقفينا وقد حملتهم امواج الهويات الفرعية الى حيث ترغب هي, وهم يعتقدون انهم في طريقهم الى شواطئ دافئة فأزداد التصدع والقطيعة ما بين المثقف والمتلقي في احيان كثيرة وتخلى المتلقي عن الثقة التي كان مبهوراً بها والتي تربطه بالمثقف في الوقت الذي كان المثقف هو الاسم الاسمى من بين الكائنات المميزة في الساحة السياسية والثقافية, وقد يكون المثل الاعلى للمتلقي, فانزلاق المثقف في متاهة الهويات الفرعية التي كيفت سلوكيات الكثير منهم نحو الانغماس في الترف واللاشعور ما يحدث في الواقع المؤلم والعمل الدؤوب للوصول الى اعلى المراكز المؤثرة, هذا التغيير في عقلية المثقف لا يكون بمعزل عن النتاج الثقافي المتساوق مع العقلية السياسية الجديدة وبالتالي فأن الخلق الثقافي قدم التنازلات والانحناءات والغور في المتاهات من اجل الوصول الى الاهداف المنشودة, الشخصية والانانية والاحادية, ما يدفع الشعور الجواني للمثقف بنأيه عن مشاعر جمهور المتلقين. ان شخير المثقف الفاتح العينين والمرتدي عباءة الوهم بانه يرى الذي يرغب ويريد ان يراه فقط هو احد اشكاليات الوعي السائد في الثقافة العراقية - العربية المعاصرة والمهيمنة وهي صناعة ثقافة ليست بجديدة على واقعنا الاجتماعي, وبما ان احد الشروط الاساسية في ظهور هكذا ثقافة ناتج عن عدم استيعاب كامل للمرحلة السياسية والاجتماعية وبالتالي فأن المعايير تحمل في طياتها خواء الذوق وتخلف في مناسيب الثقافة الجادة ما سبب في الانعزال والانطواء او بمعنى اصح الهروب من مواجهة الواقع لكثرة دمويته, فبعض المثقفين يتجنبون الثقافة الصادمة, الدموية. والفاجعة في اكثر الاحيان ويتركون الساحة لثقافات متصارعة ومتضادة ومتقاطعة بين مؤيد للعنف او رافض لها. الثقافة الانتهازية هي اكثر قلقا وحيرة في انتاجها الثقافي الا ان الاكثر خطورة هو موقف المثقف الصامت, الساكت الذي انجبته الثقافة كمولود منغولي لا تعيده الى الحياة الثقافية لا حاضنات الخدج الثقافية ولا غودو بانتظار(الفرج) لانه في الحالتين ستاكله (معنويا) طرفا الاشكالية الثقافية وصراعهما من اجل السيطرة والبقاء وان احد ى نتائج غفوته على سرير الانتظار وتصاعد شخيره على فراش نقص المناعة الثقافية وانتاجه لمفاهيم الكسل والانتظار لحين انجلاء غبار المعركة والابتعاد عن المسؤوليةالتاريخية للمثقف في محنة وطنه تخلق عدم توازن بين طرفي الصراع الثقافي في الوقت الذي نرى بعض المثقفين يجيدون القفز والانتقال السريع من موقع الى آخر حسب ما تقتضيه المصلحة الخاصة.ان الايفاء ببعض الالتزامات الاخلاقية للمثقف واهمها ان يدير بوصلة وعيه الى المهيمنات في الساحة الثقافية - الاجتماعية العراقية وعدم ترك الامور المعرفية والاخلاقية خلف ظهره في الوقت الذي بات من الضروري ان يشارك الجميع ومنهم المثقف في بلورة موقف ووعي مدرك او صياغة نظرية تقي البلاد والعباد من الدمار.


[email protected] شاعر وكاتب مقيم في العراق



#مهدي_القريشي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شلل نصفي
- انتكاس الحداثة
- انوثة الامكنة
- رسالة مقفلة
- هكذا شبه لي
- مرايا غير قابلة للتشويه
- الاشباع غير المقدس للنزعات الحيوانية
- تماثيل000جدلية علب الكونكريت والمقدس المطلق
- تماثيل...جدليةعلب الكونكريت والمقدس المطلق
- القارعة


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهدي القريشي - المثقفون التجار