أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - عصرنة لا تتنكر للتراث














المزيد.....

عصرنة لا تتنكر للتراث


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 5890 - 2018 / 6 / 1 - 10:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



لا أدري لماذا تراني انجذب دائماً، وبشكل تلقائي ، إلى ثقافة، وتقاليد الريف ، بشكل قوي، يصل إلى حد التماهي المطلق، تاركا خلفي ،كل إغراءات التمدن، وهوس التحصيل العلمي، وبراغماتية العصرنة. فتجدني منذ كنت صبيا، آنس لحديث ختيارية القرية، الذين كانوا كأنهم عائلة واحدة ، واستمتع بمقابساتهم، وانجذب إلى مجالس سمرهم، وانبهر بعفويتهم، وصدق عواطفهم، ونبل مواقفهم. ولعل هذا هو ما يجعلني ، اتلمس فيهم أصالة روح الريف، وأجد فيهم مثال الانتماء الصادق للبيئة، في الزمان، والمكان، والإنسان.

ولعل معاصرتي، ومعايشتي للرعيل الأول منهم ، منذ خمسينات القرن الماضي، والتصاقي العضوي في رحاب فضائهم ،وتفاعلي معهم ،بتماه مطلق، والتقاطي الكثير، من استلهاماتي الوجدانية ، من أعماق هذا الوسط، الطافح بالإيحاءات، من طبيعة نهر دجلة الساحرة،التي تتوسد قريتي ضفافه المتهدجة مع جنبات عبارة السفينة،والزاب المشاكس في مجراه، بانسيابه المتمرد في بطن أمه دجلة، إذ يمتزج برحابها الخلابة، في نقطة شمال القرية، حتى ان قريتي حملت اسم المخلط أيضاً، تيمنا بهذا المعلم الجغرافي المتميز، كانت كلها عوامل نشأة بيئية، تضاف إلى عوامل نشأتي الاجتماعية،وقد تكون هي التي رسخت في خيالي بتفاعلها معا،مجسمات ثقافة الموروث الشعبي، التي سكنت اعماق ذاتي، في وحدة متماسكة، لا انفصام لها،وذلك رغم كل ما واجه هذه الإلفة، من تحديات جدية، مع حركة التطور بمرور الوقت.

وانطلاقاً من حقيقة خلفية تلك النشأة، فإنه يبدو أن اهتمامي، بموضوعة الحفاظ على التراث، نابع من قناعتي التامة، بضرورة التواصل الحي مع التراث، باعتباره، رغم كل  بساطته، منجزا تاريخيا تراكميا، من منجزات أي قوم ،وذاكرة حية له، باعتباره رافد أصالة متدفقة، وبذلك فإنه يشكل قاعدة الانطلاق إلى الحداثة، والتطور، حيث اعتبر التقاليد الموروثة، نقطة التوازن مع العصرنة،التي تهدد بوسائلها المتطورة هذا الموروث الشعبي بالانقراض،وبالتالي حرمان الأجيال اللاحقة من هذا الإرث النفيس، الذي يشكل امتيازا جماليا، وقيمة معنوية، وطاقة روحية، تجعل الماضي، ثروة من الحس المتواصل  مع الحاضر، المتطلع إلى المستقبل الحالم، الذي لا بأس من التكيف الواعي مع ايجابياته، والانخراط مع منافعه، دون خسارة الموروث الإيجابي من التراث ،وإلا فإن الحال سيكون  مستلبا لا محالة ، ويعاني عندئذ، من ضياع،واغتراب موحش، مهما بدا لنا الحال زاهيا،وهذا ما بدء الكثيرون يستشعروه اليوم ، ويحذروا من تداعياته السلبية.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استذكارات من أيام الطفولة
- انثيالات من ذاكرة الماضي
- العرب.. وقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
- العصرنة.. تقليد أعمى لمعطياتها أم تكيف هادف مع إيجابياتها
- قلق الامتحانات المدرسية
- عصرنة صاخبة
- السفرات المدرسية أيام زمان
- عيد العمال العالمي.. ونضال العمال من أجل تكافؤ فرص أفضل
- الأديب الدكتور حسين اليوسف الزويد.. ومناقبية الولع بالتراث
- ترادف الأجيال.. بين تحديات الانفصام وضرورات التواصل
- ربيع جديب
- في ذكرى تأسيسها.. جامعة الموصل صرح عتيد من صروح العلم
- سلبيات الاستخدام المفرط للإنترنت
- الشاعرية الإبداعية.. من الصعاليك إلى الهايكو
- مجبل الوكاع.. شخصية لن تتكرر
- في اليوم العالمي للمرأة
- وللصعاليك حكاياتهم
- بلاغة الاستعارة في شعر الاديب المبدع أبو يعرب
- رمزية ثوار الجزائر في الوجدان الشعبي العربي
- بدعة الذكوري والنسوي في الأدب العربي


المزيد.....




- بتكليف من بوتين.. شويغو في بيونغ يانغ للقاء الزعيم الكوري ال ...
- نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إل ...
- -واينت-: مقتل جندي من جولاني في خان يونس وإصابة 4 آخرين بجرو ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أشخاصا أحضروا كاميرات لبث مباشر لضر ...
- هل بدء العد النازلي نحو -القنبلة النووية الإيرانية-.. من يص ...
- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - عصرنة لا تتنكر للتراث