|
انتهازيٌّ من الطراز الأول .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5802 - 2018 / 3 / 1 - 15:37
المحور:
الادب والفن
مؤلمٌ أن تكون مهزوزاً بدواخلك دائماً ، و لم تحس يوماً بالاستقرار ، و تدور في فلك الاضطراب و عثراته . موجعٌ أن تشعر بأنك في سجنٍ دائمٍ . أينما تسير يلاحقك هاجس الخوف ممن جعلوا من أنفسهم آذاناً لرجال السلطة ، و عيوناً مفتوحةً لهم .
صلاحياتهم مطلقةٌ ، و لهم اليد الطولى في الوصول إلى من كان مذنبأ أو من لا ذنب له ، و تلفيق تهمةٍ باطلةٍ لابتزازه ، و الإيقاع به في فخ الغدر . فلا يغرنك الجالس وراء الطاولة ، أو المزاول لمهنةٍ مكشوفةٍ . فليساورك الشك بأنه يزاول وظيفةً غير معلنةٍ .
سحب الثقة من مستمعيك بات من الضرورات الملحة . بعد أن منحتهم ، فتكشف أنهم ليسوا أهلاً لها . الكثير منهم إن لم يسمعوا نواياك المضمرة فسيسقطونها على ورقةٍ سريةٍ تسحبك معها إلى حيث ما لا يحمد عقباها . فلم تجد بعدها متنفساً و لو من فسحةٍ ضيقةٍ . صنفٌ من الذين احترفوا الكتابة على قصاصات الورق الصغيرة بسريةٍ للغاية . – و ما أكثرهم – يلتزمون الصمت ، و يجيدون فن الإصغاء . و إن تكلموا فالعسل ينقط من ألسنتهم متعمداً و نفاقاً . ليتسربوا إلى أعماقك ببطءٍ ، فمعرفة ما يجول في خاطرك ، و يراقبوا وعيك ، و يشموا رائحة أحلامك ، فيكشفوا الغطاء عن أمانيك ، حتى يأخذوا منك الأمان ، ثم تبوح لهم ما يكون من صميم عملهم و جوهر و ظيفتهم السرية .
و غالباً ما يكبلونك بتسجيلٍ صوتيٍّ محكمٍ لا مفر من انتشالك مهما حاولت أن تنفض عنك غبار عفونتهم . و صدق من قال : ( للحيطان آذانٌ ) .
رغم تقدم الزمن ، و انتشار المفاهيم العصرية ( الديموقراطية – حقوق الإنسان – العدالة – المساواة ...... ) لا زال جدار الخوف لم يهدم ، و المتسلطون يقتاتون على تعاسة شعوبهم . العباد يخفضون أصواتهم حينما يتكلمون ، فيلتفتون يمنةً و يسرةً قبل البوح بما يجول في خاطرهم . أو يلتزمون الصمت خوفاً من سوء الفهم ، و التفسير الكيفيِّ أو الكيديِّ . مطبلون للاستبداد ، و ينسفون حقوق المخالفين في إبداء الرأي .
عالمٌ مبنيٌّ من الوهم و التزييف و الترهات ، و فكرٌ وضيعٌ ، و فلسفةٌ بائسةٌ نشأت في مستنقع الانتهازية . فما بالك لأدمغة كهوف الجهل التي لا تنتج سوى الجنازات و الفناء .
الواحد منهم بداخله الفضيلة متدهورةٌ ، و الأخلاق لديه ميتٌ ، لا يقدم المعروف إلا لمنفعته الشخصية ، و ليس للخدمات الإنسانية النبيلة ، و لا لعفة النفس . تأزم القيم النبيلة في فكره بخطورةٍ بالغةٍ ، يطفح كيل الانتهازية في نفسه الشريرة بعنفٍ ، و تطفو على السطح حسب مقتضيات رغباته الفردية لتنعكس سوءاً على غيره .
ذاك الانتهازي الذي هو كائنٌ منفعيٌّ لذاته فقط ، بطل المدرسة النفعية التي صاغها الفيلسوف الانكليزي هوبز حينما وصف الإنسان بأنه ذئبٌ على هيئة بشرٍ ، يتربص بالآخر مستخدماً الدهاء و الخديعة لقهره . طبقاً لنظرية ميكيافيلي : ( الغاية تبرر الوسيلة ) . لتحقيق مآرب خاصةٍ ، و منافع ذاتيةٍ بأية وسيلةٍ . فكل الوسائل مشروعةٌ ، مهما كانت قاسيةً و بلا ضوابط .
منافقٌ جبانٌ لا يجيد الطعن إلا من الخلف ، عقله في جيبه ، أطماعه دنيئةٌ ، طموحاته وضيعةٌ ، يعبث بالعقول مستغلاً حاجات العباد . متعاونٌ حينما تلتقي مصالحه معك ، و عقربٌ مكارٌ عندما تفترقان في المنافع ، فينصب شباكه لاصطيادك في الخفاء . حقاً إنه مثيرٌ للشفقة ، لأن الزمن لا يرحمه ، و يقسو عليه برميه في مزبلته بائساً ذليلاً . كما هو دائماً مادةٌ دسمةٌ لكتاباتنا .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الكردية لب مشاريع التسويات الدولية .
-
الحب ذاته عيدٌ .
-
ليس بالحاضر تحرق الشجون .
-
الاسلام و التمثيل بالأحياء و الأموات .
-
الشوفينيون لن يستطيعوا إطفاء شمعة الكرد ، و إن بغوا .
-
كسر إرادة الكرد ، و تقويض عزيمتهم محالٌ .
-
غصن الزيتون أطهر و أنقى من أن يلطخ بالدم ، و اللحم المطحون .
-
الإحجام من الزواج خوفٌ من المسؤولية ، أم خجلٌ .
-
إما أن تكون فاسداً ، و إما الإقالة من الوظيفة .
-
رياح الساخطين الإيرانيين ، لا تشتهيها سفن أصحاب العمائم .
-
عامٌ لم يتصرف على هوانا ، و مضى . و المقبل سيتصرف على هوى ال
...
-
الحب ألذ جنونٍ ، و ألطف سلطانٍ
-
هشاشة مجتمع المخيمات بؤرةٌ لانحراف المراهقين .
-
نفحاتٌ من همس الصحافة ، و أتون السياسة .
-
حقوق الإنسان كذبةٌ صبيانيةٌ .
-
عن العنف المزدوج ضد المرأة .
-
حروبٌ ترسم ملامح عهدٍ جديدٍ .
-
إمبراطورية الغرائز ، و وأد الطفولة .
-
الجلسات الحميمية تزيد الود ، و تعزز الوصال .
-
الهجوم على سياسة السيد البرزاني حجةٌ واهيةٌ و نفاقٌ
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|