أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شمخي جبر - تأبين العمامة















المزيد.....



تأبين العمامة


شمخي جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1480 - 2006 / 3 / 5 - 11:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تأبين العمامة
(التراث- المؤسسة الدينية وتحديات الحداثة)
تمهيد
حين يردد السيد محمد باقر الصدر (أن هذا الإطار مهدد بالفناء) فأنها قراءة حقيقية واقعية لتاريخ الحوزة، وهل تطورت عبر هذه السنين الطويلة في بناءها الداخلي أو في آليات عملها وفي علاقتها بالأمة ومدى فاعليتها في عملية التغير والسير إلى الإمام، إلا أن هذا المجدد بقراءته لحال المؤسسة _وهو أبنها الذي يعرف كل خفايا واقعها_ استطاع أن يشخص كل أمراض هذا الواقع ألا أنة قال وبحزن (لماذا تفشل الحوزة في هذا البلد مع مرور مئات السنين على وجودها) . إن المجددين من أمثال السيد محمد باقر الصدر أو السيد الخميني وغيره يستطيعون أن يجيبوا على هذا السؤال أكثر من أي باحث أخر لأنهم أهلها كما سبق أن ذكرنا وما نقدمه من بحث ليس إجابة على هذا السؤال، بل هو قراءة في التراث والمؤسسة الدينية للوصول إلى أثراهما في تشكيل الوعي المجتمعي وبالتالي دورهما في النهضة التي تطمح لها الأمة، ومالهم من تأثير كبير في عملية النهوض بالواقع سلباً أو إيجاباً، حسب آليات العمل والتعامل مع كليهما، لانهما عاملان مترابطان لهما اثر كبير في تطور الأمة أو تخلفها، فالهروب إليهما معناه النكوص والانكفاء أما نفض الغبار عنهما وتجديدهما وجعلهما جديران بإنقاذ الأمة من مأزقها التاريخي وقادران على مواجهة الأخطار التي تحدق بالأمة، قادران على الحوار مع الآخر والتفاعل معه، وبهما نستطيع أن نحافظ على هويتنا ونبنى حاضرنا ومستقبلنا.ويلزم أن نؤكد أن ذكر أي منهما يعني ذكر للآخر، فالتراث هو أبن المؤسسة في جزء كبير منه والمؤسسة ابنة التراث. ومن هنا نقول أننا تناولنا في بحثنا مواقف التجديد ومواقف التقليد في المؤسسة والتراث فكان الإحساس الأول بالخطر ظهر عند بعض الفقهاء...وعي فقهي لدى نخب منهم جعلت همها تحويل الدولة العثمانية والدولة الصفوية من حكم فردي رعوي إلى حكم دستوري مقيد حيث جرت في الأذهان كما يقول وجيه كوثراني (عملية انزياح وتداخل في المعنى بين مصطلحات تراثية /إسلامية ومصطلحات حديثة غربية فتم استذكار الشورى من خلال الديمقراطية، وأصحاب الحل والعقد من خلال البرلمان والجمعيات التمثيلية والعهود والمواثيق من خلال الدساتير واجتماع الأمة من خلال سيادة الشعب) ، وهكذا وعى بعض الفقهاء آليات نهوض الأمة من خلال اشتراكها في الحكم عن طريق الانتخاب ورفض الاستقواء بالدين واستخدامه مظلة تقي الحاكمين محاسبة الأمة فيتحول الدين إلى سيف بيد الحاكم أو السلطان لذبح الأمة وسوط يلهب به ظهرها الذي أنهكته السياط من خلال استغفالها وتسطيح وعيها وعزلها عن نخبها الواعية الطامحة للتجديد والتحديث من خلال اتهامهم بشتى التهم اقلها العمالة للأجنبي أو الكفر والزندقة والزيغ عن جادة الشريعة، وكأن الشريعة لعبة بيد السلطان والفقهاء( وعاظ السلاطين ) يلعبونها أنى شاءوا.
(ولأن لاشيء يوقظ الشعوب من سباتها إلا العلماء والعباقرة والمبدعين لذلك تحارب الحكومات هذه الفئات الاجتماعية، فقل الإبداع وعمت (الطرقية) وانتشرت التبعية فكل فكر خلاق مبدع يحارب بشتى الطرق والوسائل سوى من طرف الحكام أو من طرف المؤسسات الدينية القائمة في هذه المجتمعات لأن هناك مسالة شائكة تتمثل بعلاقة الإبداع بالدين ولانعني به الدين على حقيقته كمبادئ أخلاقية سامية ولكن نعني به تلك الممارسات السلطوية التي تتعلق بالدين لتفرض فكراً معيناً ضد التحرر والانعتاق وروح الإبداع وهو الفكر الذي يحمله بعض رجال الدين والحكام والذي يسلط على كل مبدع بدعوى الخروج عن الدين أو الزندقة أو الكفر. أن هذا الفكر يحد من عملية الإبداع ويشلها ويحبطها وهو يعمل على تشجيع فكر أتباعي، رجعي، يحارب كل فكر إبداعي خلاق) .وإذا كنا قد اعرضنا عن ذكر أو تناول فترة الستينات وما تلاها من مرجعيات فهناك أسباب كثيرة، أهمها: أن الحركة الوطنية والإسلامية في هذه الفترة كانت أكثير فاعلية على كل المستويات فحجمت دور المؤسسة الدينية والتي لم تكن مهيئة لخوض غمار هذه المرحلة، إضافة إلى إنها كانت بعيدة كل البعد عن تطلعات الأمة. فكانت الحركة الوطنية والإسلامية بكل اتجاهاتها صاحبة المبادرة في قيادة الأمة نحو الإصلاح والتقدم ونشر الوعي الوطني والسياسي ومقارعة الحكام حتى أضحى لأي باحث حول المؤسسات الاجتماعية الفاعلة في المجتمع وفي عملية التغير الاجتماعي لا يجد للمؤسسة الدينية ألا دورا هامشيا لا يتعدى إطار الفتوى (الحلال والحرام والحقوق الشرعية ) وإن كانت هناك أصوات مجدده تطالب أن يكون للمؤسسة الدينية دوراً تخلت عنه إلا أنها كانت محاربة أولاً من قبل المؤسسة نفسها وثانياً لأنها لم تجد لها صدى لدى الأمة نتيجة لتاريخ المؤسسة المثبط للهمم والمواقف البعيدة عن روح العصر وتطلعات الأمة التي كثيراً ما وقفت المؤسسة في وجهها. وكثيراً ما عزفت الحركة الوطنية وحتى الإسلامية منها على هذة الأنغام التي تصور المؤسسة وكأنها عامل تخلف وشد إلى الوراء، لا يرجى لها أي دور في الإصلاح الاجتماعي والسياسي .وإذا كان لنا نميز شيئاً مسكوتا عنه فهو المدرسة الصدرية، التي نمت وتطورت الحلقة الأولى منها والمتمثلة بالسيد ( محمد باقر الصدر) خلال فترة الستينات فالسبعينات وظهرت بشكل جلي منتصف السبعينات من خلال تفاعلها مع روح الأمة، فاحتضنت الأمة هذه التجربة بالرغم من أنها كانت مقموعة ومرفوضة من داخل المؤسسة الدينية، التي كانت تعتقد أن هذه الظاهرة (محمد باقر الصدر) تشكل خطراً على المؤسسة بما تحمله من فهم مغاير أصيل تجديدي لروح العمل الرسالي الاجتماعي والسياسي والديني، وهذا ما لا ترضاه المؤسسة، لأنه يشكل بديلاً واضحاً ومطلوباً من قبل الأمة ومرحلتها، وبهذا وقفت لها بالمرصاد وشكلت مع قمع السلطة ثنائية غير نزيهة للقضاء على هذه الظاهرة. وبالرجوع إلى كتابات الباحث (عادل روؤف) وغيره يجد القارئ أن هذه المرحلة كتب عنها الكثير، يضاف إلى هذا أن المدرسة الصدرية بحلقتها الأولى و حلقتها الثانية (السيد محمد محمد صادق الصدر) مازالت تفاعلاتها، إلى الآن .إما الجناح الأخر للمؤسسة الدينية وتعنى به الجناح (السني)، فإن أحفاد محمد عبده والسيد جمال الدين الأفغاني قد رموا مؤلفات ومقولات التجديد والإصلاح في ( البحر الميت) وداسوا على كتابات سلامة موسى وشبلي الشميل وقاسم أمين وعلي عبد الرازق وغيرهم واخذوا يجترون فتاوى ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ورهطهم في تكفير الأمة وإحراق كتب مخالفيهم (كما أحرقت كتب ابن عربي) حوكم نصرحامد أبو زيد واغتيل فرج فودة، وهكذا تحولوا إلى دعاة لمحاكم التفتيش وتحولوا من الفكر ألتجديدي لمحمد عبده وجمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهطاوي إلى فكر التكفير، يحاكون بهذا الازارقة والاباضية من الخوارج في فكرهم التكفيري، بل يزايدون عليهم، فهم مجددون وحداثويون في القتل والذبح من خلال استفادتهم من وسائل الحداثة والعولمة التي يحاربونها،وفي الانترنيت والفضائيات يعرضون ضحاياهم، فكانت أساءتهم للأمة واستعداء العالم عليها وتشويه صورة الإسلام فحققوا في سنوات قليلة ما لم يستطع أن يحققه أعداء الإسلام في عشرات السنين.فكانت لهم صولات وجولات، يصورنها فتوحات كفتوحات أجدادهم (غزوة نيوريوك) بينما هي عمليات تقتيل مجاني في نيويورك ومدريد والدار البيضاء وبغداد وموسكو.فكانوا (فاتحين عظام) كسروا ظهر الأمة وشتتوا شملها بعد كل محاولات لم الشمل، وخربوا حاضرها ومستقبلها مستقوين بفكر (خارجي) تكفيري، ترفضه كل الأمة بعلمائها وعوامها.
مقدمة اصطلاحية
التراث: من مادة (و.ر.ث) وتجعله بعض المعاجم مرادفاً ( للارث) أو (الورث) أو (الميراث) وهو ما يرثه الإنسان من والديه من مال أو حسب. وردت كلمة تراث في القرآن مرة واحدة (وتأكلون التراث أكلاً لما)، والتراث هنا (المال) الذي يتركه الهالك وراءه.الميراث وردت في القرآن مرتين (ولله ميراث السماوات والأرض) آل عمران (180) وسورة الحديد الآية 10 (وما لكم أن لا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض...) (وهنا يظهر أن استخدام العرب للتراث أو الميراث أو الإرث كان المقصود به (المال) وحسب، فإذا كان (الإرث) و(الميراث) يعني اختفاء الأب وحلول الابن محله فأن (التراث)، قد أصبح بالنسبة للفكر العربي المعاصر عنواناً على حضور الأب في الابن، حضور السلف في الخلف، حضور الماضي في الحاضر ).
تعريف التراث: أنه العقيدة: والشريعة والأدب واللغة والعقل والذهنية والحنين والتطلعات وهو المعرفي والإيديولوجي واساسهما العقلي وبطانتهما الوجدانية في الثقافة العربية الإسلامية ) .
تعريف آخر:
(أنتاج فترة زمنية تقع في الماضي. ويشمل الدين والعقيدة ، والتشريع والأدب والمذهب والفلسفة والتصوف) .
تعريف الباحث:مجموعة المعايير والقيم التي تؤثر في سلوك الفرد والمجتمع وفي طريقه تفكيره وبنيته الذهنية وعقله الذي يحكم به على الأشياء أو يصدر أحكامه ومواقفه.
الحداثة: حركة وانفجار وانطلاق، انفجار مؤسس على رؤية واعية، وانطلاق قائم على أنجاز تاريخي هادف.
الحداثة: هي حصيلة موقف روحي خاص اتجاه العالم والإنسان، سماته الرئيسية ، العقلانية والوضعية والدنيوية. الحداثة: هي النـزعة الإنسية Humanism التي تتلخص في المزج بين الثقافات والحضارات وصهرها في بوتقة ما بيئة ما.
الحداثة والتراث
كثيراً ما توقف الباحثون عن أسباب هجر أبو نؤاس للمقدمة الطللية التي اعتاد الشعراء العرب أن يفتتحوا بها قصائدهم مهما كان موضوع هذه القصائد، منذ العصر الجاهلي ، أما أبو نؤاس فقد قال:
(وقف الشقي على رسم يسائله ورحت أسال عن خمارة البلد) ويعزى الباحثون عزوف أبو نواس عن التقليد وتمردة على التراث الشعري وتقاليدة يرجع بعض أسبابة إلى أنة كان ذو ماض غير مشرف من جانب امة التي كانت كما يؤرخ لهذا البعض من المؤرخين حيث يقولون إنها من(بائعات الهوى)، لهذا السبب ولأسباب غيرها كثيرة ليست موضوعنا كان له هذا الموقف من الماضي ومن التراث .سقنا هذه المقدمة لنتساءل هل يشكل تراثنا عيبا أو عبئاً علينا نخجل منه فلا نلتفت إليه كما فعل أبو نؤاس ؟ أم نتمسك به تباهياً واعتزازاً وزهواً فارغا مكرسين فكراً تمجيداً للتراث نهرع أليه باستمرار باعتبار ه خزينة للحلول الجاهزة ؟ فيحذرنا عقلاءنا
(أن الفتى من قال هاأنذا ليس الفتى من قال كان أبي)
من هنا نقول إننا لا ندعو إلى جريمة قتل الأب (التراث) ولا إلى التخلي عنه بكل ما فيه فتصبح مسخاً بلا هوية فتقع تحت حالة من الاستلاب و الاغتراب أمام التحدي الثقافي للأخر كما أننا لا نؤسس للهروب أمام التحدي للاحتماء بالتراث. نحن نعيش في داخل الزوبعة في خضم الموجه، في معترك الصراع، وبدأ مجتمعنا صراعه مع عمليات التحديث منذ قرن تقريباً، وهذه المرحلة من الصراع مرت بها كل المجتمعات بما فيها المتقدمة قبل أن تصل إلى ما وصلت إلية ، (وكل مجتمع يميل أغلبه إلى المحافظة على تراثه القديم الذي وجد عليه آباءه فهو لا يحب تبديله بسهولة ويسر وإذا جاءة ما يخالفة نهض جميع أبناء المجتمع لمقاومتة لا يفرقون بين النافع والضار منه فكل جديد مستنكر في نظرهم ) وهكذا واجه المجتمع القرشي الدعوة الإسلامية في أول ظهورها مدافعاً عن معتقداته وما وجد عليه أباءة، حتى رموا صاحب الدعوة (ص) بشتى الشتائم والتهم .ويمكن اعتبار المحافظين الذين يغارون على تراثهم بمثابة سدنه الكيان الاجتماعي كما يقول (د. علي الوردي) فوجودهم له وظيفة وأهمية في الحياة الاجتماعية. في الوقت نفسه فهم من أسباب تجميد المجتمع والعائق في وجه أي تطور وتحديث ورقي، فهم إذا سيطروا على مجتمع ما منعوه من التطور وعرقلوا عليه سبيل التكيف للظروف المستجدة). ولأن المجتمع يسلط على الإنسان منذ طفولته الباكرة، اتجاها مكرراً في مختلف شؤون العقائد والقيم والاعتبارات الاجتماعية، فهو بذلك يضع تفكير الإنسان في قوالب معينة ينطبع تفكيره غالباً بما في تلك البيئة من عقائد دينية وميول سياسية واتجاهات عاطفية فهو يظن انه اتخذ تلك العقائد والميول بإرادته واختياره ولا يدري انه في الحقيقة صنيعة البيئة الاجتماعية ولو أنه نشأ في بيئة أخرى لكان تفكيره على نمط آخر ). 7
هل يشكل الماضي عبئاً ؟
أن الفرد الذي يعيش طيلة حياته في بيئة مغلقة . كما هو الحال في القبائل والقرى المنعزلة .يظل خاضعاً لما يسميه الدكتور علي الوردي (التنويم الاجتماعي) في كبره فيرى الأمور من خلال ما أوحي به أليه في مجتمعه الضيق ، أما الذي يعيش في بيئة مفتوحة فانه عندما يكبر يقع تحت تأثير إيحاءات اجتماعية من أنماط شتى وبهذا يخرج من قوقعته. الفكرية التي نشأ عليها في بيئته الأولى ويدخل في عالم جديد يحتوي على الكثير من وجهات النظر وصراع الأفكار والجماعات ).
وعملية الصراع بين القديم والجديد ظاهرة أزلية ليست حكراً علينا ولم تحدث في مجتمع دون غيره، بل هي حدثت في كل المجتمعات التي تاقت إلى الانعتاق من نير التخلف والجهل والتطلع إلى المستقبل و(الإنسان ملتقى الماضي والمستقبل).ينفعل ويفعل فيهما، من جهة يلتفت إلى ما عبر مستذكراً محييا مستلهماً، ومن جهة يتطلع إلى ما سيطل حالماً متخيلاً أو مستكشفاً جاداً في تحقيق ما يصبوا أليه، فهو حيثما وجد وخلال مراحل وجوده، كائن متذكر ومتوقع معاً. ومستوى إنسانيته وقدر نتاجه وقيمة أثره نتوقف على نوع تذكره وصفة توقعه وعلى كيفية تواصلوهما وتفاعلهما في تكوين الحاضر وتطوير الحياة. على أن التلفت إلى ما كان والتطلع إلى ما سيكون يختلفان قوة وشأناً باختلاف هذه المراحل، ففي بعضها يغلب على الأفراد والشعوب الحنين إلى الماضي والتغني به والعيش في كنفه أو تحت وطأة سحره. فتراهم يستسلمون أليه أو يحاولون إعادته، وتراه يكيف أحاسيسهم وأفكارهم وتصرفاته، ويشدهم إلى نطاقه فلا يكادون يتجاوزن هذا النطاق أو يشعرون بالحاجة إلى ذلك وفي مراحل أخرى، يقوى تشوق المستقبل فتمتد الرؤية وتثور الرغبة في استكشاف المجهول، وتنبعث روح المغامرة والمجازفة، وينطلق الأفراد والشعوب إلى آفاق جديدة في مواطن الشعور والفكر والعمل، وإذا نحن تحرينا تجارب الأمم وتقلباتها خلال العصور وجدنا أن غلبة التعلق في الماضي تحدث في المجتمعات الراكدة التي لم تقدم في ميادين الإنشاء والإنجاز أو التي همدت واستكانت بعد تحرك وتقدم) ان مأزقنا الذي نعيشه كامن في كوننا نمتلك تراثاً ثقافياً حياً في نفوسنا وعواطفنا وعقولنا وذاكرتنا وتطلعنا، في صدورنا وكتبنا، تراثاً من الحضور على الوعي أو اللأوعي بصورة لأنجد لها نظيراً في العالم المعاصر،( وشعورنا الدرامي بعمق الهوة التي تفصل بين هذا التراث ومضامينه المعرفية والإيديولوجية والمعيارية وبين الفكر العالمي المعاصر ومنجزاته العلمية والتقنية ومعاييره العقلية والأخلاقية وهكذا مثل الآخر بالنسبة لنا هو العدو الذي يجب الاحتراز منه والوقوف ضد مطامعه وسيطرته من جهة، والنموذج الذي يغري باقتدئه والسير في ركابه. ) ان التراث واقع موضوعي قائم لا فكاك منه سواء رضينا بهذا أم لم نرض ،( أنه يؤثر فينا في ترسيمة أذهاننا وبنية مجتمعاتنا ومؤسساتنا، لذلك فإن حوار ألذات مع التراث أضحى اختياراً لا رجعة فيه، لأنه الإطار المرجعي لكل من اللبرالي والسلفي به يفكر وعليه يقيس وفي ضوئه يرى ويوحي و منه يقرأ ويؤل.) فلواجهة التحديات الفكرية والثقافية والتغيرات الحضارية وضرورة مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي يقول محمد عابد الجابري (اعتقد انه يجب الاعتراف بأننا لا نملك اليوم حرية الاختيار بين أن نأخذ بالنموذج الغربي وبين أن تتركه لأنه فرض نفسه علينا ودخل في بيوتنا من خلال بضائعة وأسلوب الحياة التي نعيشها في السكن والملبس والمأكل والمدارس ووسائل النقل والاتصال ومناهج التعليم والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من جهة أخرى فإذا كنا لم نختر النموذج الغربي بمحض أرادتنا فنحن كذلك لم نختر ما تبقى لدينا وفينا من النموذج التراثي، لم نختره لأنه ارث والإنسان لا يختار إرثه كما لا يختار ماضيه، وإنما يجره معه جراً بل يتمسك به ويحتمي داخله عندما يجد نفسه معرضاً لأي تهديد خارجي وهل هناك من تهديد خارجي أكثر استفزازاً للذات وأكثر خطورة على الهوية والخصوصية من زحف حضاري على نموذج حضاري آخر) ) وهكذا يطرح أمامنا سؤال لماذا تأخر المسلمون؟ سؤال يتكرر طرحه منذ ما ينيف عن قرن ورددته الأجيال كلما وعت لحاضرنا وما عليه الأخر،سؤال يطرح في أطار رفض للاختراق الغربي الأوربي من جهة ورفض للتدني المتواصل مقارنة بما حققه الأسلاف أيام الازدهار. فهل الإجابة على السؤال بتبني القيم الفكرية العصرية بنموذجها الغربي؟ هذا ما دعى أليه البعض أم التمسك بالتراث وقيمة الحضارية وهو ما يدعو أليه آخرين وغيرهم يدعوا إلى التوفيق بن الفريقين ومنهم من قال: (إني لأقولها صريحة واضحة: أما نعيش عصرنا بفكره ومشكلاته وأما أن نرفضه ونوصد الأبواب لنعيش تراثنا… نحن في ذلك أحرار لكننا لا نملك الحرية في آن نوحد بين الفكريين). ) فهل نرجع إلى الأصل لننطلق منه إلى المستقبل من اجل تحقيق النهضة ومواجهة التحديات أم نهرب إلى الماضي لنحتمي به و نتخندق في مواقع خلفيه خوفاً من العدو الذي يهاجمنا؟(وهنا نجد أننا نعيش في حالة من القلق والتوتر والالتباس في العلاقة بن الماضي والمستقبل بين التراث والفكر المعاصر بين ألانا والأخر مما جعلها علاقة لا تقوم على الاتصال ولا على الانفصال وإنما على التنافر والتدافع والنتيجة تشويش ا لحلم النهضوي في وعينا وتعتيم الرؤية في فكرنا . )
ما العمل (إن الدينامية المجتمعية مرتبطة بالوعي التاريخي، وإن هذه الدينامية هي أقوى وافعل وأسرع في الأدوار التي تتجه فيها الشعوب نحو المستقبل وتمضي في صنع هذا المستقبل بالتساؤل والارتياد والإنجاز، مما هي في الأدوار التي تكون فيها واقعة تحت سيطرة ماضيها، متلفته أليه قانعة به، غير شاعره بالحاجة إلى تخطية أو قادرة على ذلك ) ففي نظرتنا إلى تراثنا علينا أن لا تكون هذه النظرة أو المعالجة ونحن نحمل مركب الشعور بالتميز الذي هو قناع يختفي وراءه مركب النقص،فليس من العيب أن تسقط ولكن من العيب أن نبقى على سقطتنا، أي أن لا تخجل من تراثنا حين نقوم بعملية تفكيكية و نشر معاينه وحسناته، لأنه عيبنا الذي علينا أن لا نخجل منه لأننا في عمليات بناء أزالت المتآكل والمتهرئ من هذا البناء فليس عيباً أن نكون هكذا بل العيب أن نبقى على الحال المدان أو المخجل، وإذا كان سقوطنا خطأ تعذرنا الأجيال عليه فأن إسقاط الأجيال معنا فهو خطيئة لن يغفرها التاريخ لأنها تدمير للأمة في حاضرنا ومستقبلها . )
فنحن نجد انقطاعاً للعلاقة بين الفكر العاصر والواقع حيث نجد أن خطابنا خطاب تضمين لا خطاب مضمون يفتقر إلى الاستقلال التاريخي، فهو لا يستطيع أن يفكر في موضوعه إلا من خلال ما ينقله عن الآخر (الماضي) أو الأخر (الغرب) .وبهذا نجد أن التحرر من التبعية للآخر لا يمكن أن تتم إلا من خلال التعامل معه نقدياً أي الدخول مع ثقافتة التي تزداد عالمية في حوار نقدي وذلك من خلال قراءتها في تاريخها وفهم مقولاتها ومفاهيمها والتعرف على أسس نقدها والعمل على استنباتها في تربتنا الثقافية ،وهي بصفة خاصة العقلانية والروح النقدية، ومن خلال ممارسة التعددية النقدية في تراثنا نكتسب عقلانية أصيلة وجديدة ، عقلانية ستكون هي التربة الصالحة الغنية الخصبة، التي تستطيع حمل مبادئ وأسس العلم المعاصر والتعامل النقدي العقلاني مع تراثنا، تتوقف على مدى ما نوظفه بنجاح من المفاهيم والمناهج العلمية ألمعاصره، التي يتم من خلالها تفكيك الماضي وإعادة بناءه ليستطيع أن يؤسس للنهضة والمواجهة التي لابد أن تنطلق من تراث نعيد بناءه بقصد تجاوزه . ) لأن (تسلط الماضي قلما يقود بذاته إلى التحفز لاستطلاع المستقبل والإقبال على سلوك مجاهله أما الاهتمام بالمستقبل والتساؤل عن المصير، فإنه يؤدي غالباً إلى محاولة استعادة الماضي وإلى أحياء التراث وتقييمه لأدراك معناه ولاستلهامه في صنع الحياة الحاضرة والمقبلة ) ومن هنا لزمنا مراجعة الكثير من أحكامنا والتخلي عن العناد في الاعتقاد واللجاجة في الثبات على ما كنا نتوهم ليضحى لدينا الاعتقاد إرادة تتبدل تبعاً إلى ما نصل إلية من حقيقة ما حولنا (ولا نقصد العقائد هنا) فالقيمة إذن في الحقيقة وليس في الاعتقاد فما تعظنا به التقاليد من ضرورة الثبات على الموقف والإصرار على الاعتقاد ، وعدم الالتفاف بالمتغيرات قد يحول دون ما نريد لأنفسنا من الوقوف على ما ينتظمنا من حقائق ومتغيرات ويفوت علينا فرصة أن نبادر إلى امتلاك زمام امرنا في غمار حركة حقائق ومتغيرات قد تعصف بكل ما لدينا من قوة أو ممكنات صيرورة إلى الأفضل ) وكثيراً ما أتهمنا بالماضوية والنظرة التجزيئية الأحادية غير التحليلية التي تعارض العلم بالخرافة والنظرة الدينامية الحية بسكونية ذهنية، وروحية خاملة مخدرة تفتري البطولات الموهومة وتعادي التقدم وترفض النظام وتستهين بالزمن وتخاف الجديد وتخشى المستقبل وتشايع الاستبداد وتحترم العنف وتهرب من مواجهة الواقع والحقائق الملموسة، وتميل إلى ترحيل المسؤولية إلى عوا تق الآخرين أو القدر أو الحظ وتتعلق بمظاهر الفخفخة والأبهة الفارغة، وتعول على الكذب والتزييف والمخاتلة والابتزاز. ) فعلينا أن نراجع أنفسنا وتراثنا هل نحن حقا نحمل كل هذه الصفات؟ أننا مؤطرون بتراثنا ، بمعنى أن التراث يحتوينا احتواء يفقدنا. استقلالنا وحريتنا لقد تلقينا تراثنا كما يقول محمد عابد الجابري منذ ميلادنا، كلمات ومفاهيم، ولغة وتفكير، وحكايات وخرافات، وخيال، كطريقة في التعامل مع الأشياء وكأسلوب في التفكير ، كمعارف وحقائق، كل ذلك بدون نقد، فنحن عندما نفكر نفكر بواسطته ومن خلاله، فنستمد منه رؤانا واستشرافاتنا مما يجعل التفكير هنا عبارة تذكر، كل الشعوب تفكر بتراثها، ولكن فرق واسع جداً بين من يفكر بتراث ممتد إلى الحاضر ويشكل الحاضر جزءاً منه، تراث متجدد ويخضع باستمرار للمراجعة والنقد، وبين من يفكر بتراث توقف عن النمو منذ قرون، تراث تفصله عن الحاضر (مسافة علمية) طويلة. ) أن الضربة القاتلة التي تعرض لها الفكر حين سبغ على التراث مثالية الثبات، واعتباره مقياساً لكل تحولات الحاضر والحكم عليه لدرجة التطابق أوعدمة معه، ناسين (أن التراث نتاج تاريخي خالص صب كل عصر ثقافتة وتصورة فية ،وتصور القدماء تصور تاريخي خالص يعبر عن عصرهم ومستواهم الثقافي، كما أن تصورنا معاصر يعبر عن روح عصرنا وعن مستوانا الثقافي ) أن هذا التراث لا يتجدد بالتكرار والتقليد وكتابة الحواشي و حواشي الحواشي والشروح وشروح الشروح، بل يتجدد بمداومة بحثه ودراسته وتحليله كلما استجدت مناهج واتسعت قدرة العقل الإنساني معرفياً على أدراك ما لم يكن مدركاً.
أن وحدة المعرفة الإنسانية واتساعها بوتائر متزايدة ومتسارعة هي التي تفرض الفحص المجدد وإعادة القراءة الدائمة الاكتشاف ما لم يكن ممكناً كشفه من قبل في هذا التراث ، وليس صحيحاً انه لم يترك الأول للأخر شيئاً (أن المتأخر يقف على أكتاف المتقدم ، أي يقف على وعي الأسلاف مضافاً أليه وعي عصره ، وهو ما يمنحه اتساعاً في الرؤية لم تكن متاحة للأسلاف فالأعلى يتسع مجال إدراكه –لو كان طفلاً – أكثر من مجال أدراك من يقف على كتفيه ولو كان رجلاً ناضجاً )
أن قراءة التراث من منظور المنهجية الحديثة هي الاحترام الحقيقي لأنها تفرض قدرة هذا التراث على الاستمرار والتطور لكن هذه القراءة لا تقف عند حدود الاحتفاء أو التوقير الزائف بل تتجاوزه إلى النقد الذي يكشف عن ما في هذا التراث من جوانب ضعف .
لأنه وكما يقول مطاع صفدي (لا يمكن تحقيق التثاقف مع تراث تجمد في قالب نموذج ، وفي هذه الحالة فان كل علاقة معه تقوم على أساس الاستنساخ عنه ، إذ يصير هو الأصل وكل ما يأتي بعده ينبغي أن يكون تكراراً له ، كذلك لا يمكن التثاقف مع التراث على أساس انه هو المرجع انه ما يرجع أليه وكل ما يأتي بعده يجب أن يظل المرجع سابقا له زمانياً ، واصح منه منطقياً ، وأحق منه مشروعية أخلافية مطلقة ، وبالتالي يعتبر هذا المرجع هو مستقبل كل ما سيقع بعده ولذلك فلا شيء يمكن أن يقع بعده ) وهنا لزام علينا أن نقول انه لا يمكن صياغة الحاضر طبقاً لنموذج الماضي ، لأننا نرى أن مأساة الحاضر هو تشكله بالفعل على نموذج الماضي من حيث القيم والمفاهيم وأنماط السلوك لذلك فان تصورنا للتراث ومفهومنا له انه نتاج الواقع الذي نشأ فيه ، أي انه نتاج بشري تاريخي يقع خارج (القداسة) انه تراث يعبر عن الواقع الأول الذي هو جزء من مكوناته وهو من ثم ليس مجموعة من الحقائق النظرية الثابتة والحقائق الدائمية التي لا تتغير بل هو مجموع تحققات هذه النظريات في ظرف معين وفي موقف تأريخي محدد وعند جماعة خاصة تضع رؤيتها وتكون تصوراتها للعالم ) .أننا حين نضع تصورنا للتراث نستطيع أن نعمل فيه آليات التجديد لإعادة بناء المخزون النفسي الشعوري واللاشعوري للمجتمع وتغير تصوراته للعالم وتمكينه من ثم من أحداث التغيير المطلوب في بنية الواقع ، أما التصور الماضو ي السلفي للعلاقة بين الماضي والحاضر وهو كون الماضي هو الأساس والحاضر يجب أن يصاغ وفق الماضي وكلما ابتعد الحاضر عن صورة الماضي صار منحرفاً وجاهلاً وضالاً يجب أعادة تشكيله وفق صورة الماضي ، ولان هذا مستحيل تسيطر على هذا الخطاب (الماضوي) الوعظية الإنشائية ويعتمد على آليات ذهنية ذات طبيعة ديماغوجية(تضليلية)ويتحول المفكر الماضوي( كما يقول الدكتور نصر حامد أبو زيد) إلى ما يشبه بعض أنبياء (العهد القديم) يصب اللعنات على الناس والمجتمع ويتوعدهم بالويل والثبور وعظام الأمور )
أن الأساس الوجودي الوحيد الذي يبرر التراث هو كونه موضوع تأويل وفهم معاصر من قبل كينونتنا الراهنة ، فالأصل هو هذا الجدل الحي بين ألذات والموضوع (الحاضر) وليس بين ألذات والماضي .( أن علاقتنا بالتراث ليست عملية استرجاع أو نقل من الماضي ولكنها عملية استحضار للنص أو الأثر ، وهذا يعني انه لا يمكن استحضار الأثر ألا إذا كان لديه ما يؤهله لان يكون له ثمة حضور فيما هو حاضر ، للمشاركة في حاضر الإنسان الذي يسأل عنه ويؤوله )
وهنا علينا أن نؤكد على مسألة مهمة هي أن لا يتحول الماضي (التراث ) امرأ والحاضر منفذاً حيث أن الماضي لديه أمره الذي يطالبنا بتنفيذه ، انه يطلب منا كما يقول مطاع صفدي (أن ننتقل إلى مدينتة هذه التي تقع هناك –قبل- أو أن تعيد أنت بناء مدينتة في مكانك في جغرافيتك ، التي هي هنا – بعد – وذلك هو الفاء للتأويل وطلب للاستنساخ ) . فإذا أردنا ردم الهوة السحيقة بين الفكر الواقع علينا أن ننظر إلى فكرنا الإسلامي وتناقضه مع الواقع ، لان محاولات التجديد تسير ببطء والمجتمع يسير بزخم شديد وهذا من معالم التناشز الاجتماعي كما يقول علي الوردي لان رجل الدين لدينا كما يقول الدكتور علي شريعتي تنازل عن مهمته في الاجتهاد والإبداع الفكري وتحول إلى كاهن يمد اليدين ويتلقى القبل بأحدها ويقبض الأموال بالأخرى فيقول شريعتي ان الفقهاء والمشايخ الذين يحبسون أنفسهم داخل اطر قديمة ومفاهيم صدئة ولا يهتمون بما يجري في ميادين المعرفة الإنسانية لم يعد بامكانهم التأثير بالشباب المثقف ، فهذا الشاب لم يعد في حاجة إلى محاضرات في الو عظ والإرشاد بقدر ما أصبح في حاجة إلى فكر إسلامي ناجح يواجه به التحدي الفكري الغربي فتحول منظر المعمم وشكله يوحي بالهروب من العصر )


المؤسسة الدينية والحداثة
من الواضح أن أصلاح المجتمع والوطن لا يكفي من خلال إصلاح الدولة والأحزاب بل يستوجب كذلك إصلاح الطوائف والأديان لان الدولة تتغير بينما الأديان دائمة وإصلاح الدائم أهم من إصلاح المتغير وهنا يتحمل المسؤولية جميع المثقفين والسياسيين ورجال الدين خصوصاً ومن جميع الطوائف المكونة للمجتمع )
أما وقد اشتغل فقهاؤنا بأشياء سماها السيد محسن الأمين (تضييع العمر فيما لا فائدة منه)حيث يذكر أن الميرزا حبيب الله ألرشتي المتوفى( 1312) إذ كان من أعظم المجتهدين تدريساً في زمانه فكان يعمد في درسه إلى التطويل العجيب حتى انه بقى في تعريف البيع شهوراً وكان ذلك مألوفاً في ذلك الزمان ،ويقول السيد محسن الأمين أن عشرات المجلدات الضخمة كتبت في علم الأصول فكان ذلك تعقيداً للعلم ، وتبعيداً لا تعبيداً ولو كانوا قد نقحوا تلك الكتب وهذبوها لكان عشرها كافياً ، حاول بعض المجتهدين أجراء تهذيب وتلخيص للدروس التي تلقى في مدارس النجف وقوبلت هذه المحاولة بمعارضة شديدة من قبل كبار المجتهدين المحافظين ) حيث يتحول كبار المجتهدين إلى سلطات تواجه التجديد ، فكلما استقرت سلطة ما يصبح كل أبداع هو إلغاء لهذه السلطة فالسلطة هنا تدافع عن الثبات ، لان التحول يعني التغير ، يعني تجاوز هذه السلطة (المرجعية) لان المرجع الديني يصبح أسير سلطة وعندما يصل إلى المرجعية فان هذه المرجعية لا تعطيه حق التجديد والخروج على المعطيات المكرسة ، بل العكس نلاحظ أن المرجع يمارس الحذر أكثر من المقلد المنطلق من سلطة ومن آلة المرجعية التي تفرض على المرجع أن يحافظ على قداسة ما هو قائم ، وهنا نرى أن المرجعية ظاهرة تاريخية فهي أما تنتهي بانتهاء حاجتها التاريخية أو أن تتجدد وفق الحاجات التاريخية الجديدة الراهنة ) وجرس الإنذار هذا قرعه المجددون عدة مرات فحتى تسير الأمة على الطريق الصحيح في مواكبة التطور ومواجهة التحديات التي تستهدف الأمة في وجودها وهويتها ، ( لقد آن الأوان لكي نحدث انقلاباً في أسلوب تفكيرنا فليس من الجدير بنا ونحن نعيش في القرن العشرين(الواحد والعشرين ) أن نفكر على نمط ما كان يفكر أسلافنا ) ) فان كنا نريد كما يقول علي الوردي أن نفتح العالم فعلينا أن نفتح بلادنا من خلال إنقاذها من براثن الجهل والتخلف والفاقة وسيطرة الخرافة ) أما آن لنا أن نستفيق من غفوتنا ؟ من تساؤلنا هل الملائكة ذكور أم إناث ؟ أو هل للأنبياء والأولياء ظل أم لا ؟ ألم تنتهي بعد من كتاب الطهارة آداب الخلوة ؟كفانا ما قضينا من جهد في تقسيم الأمة إلى (73) فرقة احداها ناجية والباقية في النار (وكل حزب بما لديهم فرحون)وأتساءل وبحزن وأسف كم من الوقت قضاه شيخنا الجليل دامت بركاته في تأليف كتاب (السيف البتار في الرد على من قال أن اصل الغيم بخار للشيخ عبد الله المامقاني صدر في النجف عام 1924)* مع العلم أن هذه المسألة وغيرها أصبحت من البديهيات . أما أن لهذا العقل أن يصحو وينتبه لما حوله ، لقد كان جمال الدين الأفغاني على حق عندما صرخ في وجه فقهاء عصره قائلاً (حتى لو كانت أكثر عدداً لأتقدم مؤلفات المسلمين الوسائل اللازمة لمساعدة الإنسان إلى الوصول إلى الكمال ، والسبب في ذلك أنها مليئة بالنواقص والعيوب ، أليس من علامات الإخفاق والإهمال أن لا يندفع الفكر نحو البحث ؟ أ ليس عيباً على العالم والحكيم ان يرى ما يزخر به العالم من علوم ومكتشفات ومؤلفات حديثة ، ولا يسعى إلى التعرف عليها ومعرفة علل هذه المستجدات وأثارها ؟ أ ليس من العيب أن يطرأ على العالم هذا التحول الشامل بينما يبقى هو في غفلة تامة عنه) هذه الصرخة مر عليها قرن من الزمان ولا زال يتردد صداها في أرجاء العالم الإسلامي ولكن علمائنا تحت غفلتهم يرزحون وفي سباتهم هانئين بل أنهم يحاربون كل مجدد وجديد من حيث يعلمون أو لا يعلمون وهنا علينا أن نحلل الإخفاق في حياتنا بدون تسامح ولا تشفٍ ، بل من خلال محاسبة ونقد ألذات واكتشاف مواطن الضعف والقوة من اجل تغيير واقع الأمة .
أن الثقافة الإسلامية في فترات التخلف بصورة خاصة نظرت إلى البحث العلمي بشيء من الريبة والشك ووضعت عليه القيود ، لان فترات الركود والتخلف اتسمت بسيطرة المؤسسات الاجتماعية ومنها الدينية التي أشاعت التفكير المحافظ والمتمسك بالقديم ومقاومة التجديد ، في مرحلة سادت فيها الأمية والجهل وضعفت روح البحث العلمي بعكس ما كان سائداً في عصر النهضة الإسلامية حيث ازدهرت العلوم وقوي الأيمان بقدرات العقل ،فيجب ودافع الأمة هذا أن تعود للعقل منزلته العالية في مجال المعرفة ، وتزول القيود في البحث العلمي وتتحقق حرية الفكر باشمل معانيها .أن تنكب العلم واحترام دور العقل واحترام نتائج البحث العلمي في جميع المجالات الطبيعية والاجتماعية والتطبيقية هي من أهم وسائل التحديث بل أهمها وهي قضية عالمية ، ونتائج العلم الحديث ليس حكراً على احد بل هو تراث إنساني مشاع لكل البشرية وهو و باب دخول العصر ، فلا بد من الانفتاح على الأخر وثقافته والتفاعل معه والمشاركة النشيطة في المجال الإنساني من خلال آليات علمية تتحرر بها أعمالنا وأقوالنا من اثر العاطفة والانفعال والدوافع الذاتية ويزول التعصب فيحل محله الاحتكام إلى العقل واعتماد الدليل والبرهان في الحكم على الأمور ) بعيداً عن الانكفاء والتقوقع لان التقوقع الثقافي ورفض التفاعل مع الثقافات الأخرى يمثل استراتيجية محكومة بالفشل لأننا إذا استبد بنا الدفاع والممانعة والمصارعة نسينا أنفسنا وبقينا كما نحن سعداء بجهلنا وتخلفنا ، وإذا دوخنا سحر الثقافة المسيطرة ذبنا فيها وفقدنا هويتنا فلا يمكن أن ندرك عيوبنا فنصلحها بالفعل ، وهو أساس وشرط تحولنا وتحررنا ، ألا بقدر ما نبتعد قليلاً عن أنفسنا ونتجرأ عليها ، كما أننا لا نربح الصراع ضد التحدي الخارجي إلا بقدر ما ننجح في أن نمنع هذه التحديات من أن تكون هاجسنا ، فتسيطر علينا كلياً فتملأ تفكيرنا وتحتل أفقنا وتخنقنا ، وهذه المسافة النفسية التي ينبغي أن نضعها بيننا وبين التحدي الخارجي هي التي تمكننا من أدراك نسبية الصراع وتحقيق الحد الأدنى من الاستقلالية عن ألذات وعن الأخر معاً ، وهو شرط التعامل التلقائي والحر مع الواقع الموضوعي ، ومن وراءه اختراع حلول واكتشافات جديدة للهوية وللتحدي الخارجي وضد ألذات وضعفها في آن واحد معاً ، هو الذي يضمن عدم تحويل المقاومة إلى تجميد للذات وعدم تحويل النقد الذاتي إلى تنكر واستلاب ذلك أن كليهما يضع حداً للأخر .)
وبهذا نحرر الحاضر المحاصر بين ضغط الماضي المحلي لأنه مازال يشكل النموذج الأهم لمعظم الناس والذين يتربون على ثقافة التقليد في عالمنا وتحرير الحاضر والمستقبل من هيمنة الأخر (الغرب ) وتوجيه جهودنا الفكرية نحو الحاضر والمستقبل من خلال ردم الهوة الكبيرة بين الفكر والواقع حيث نرى الغرب يركز على الجانب الأهم من نشاطاته العلمية والفكرية لحاضره ومستقبله حتى بلغت المجلات المتخصصة بدراسة علم المستقبليات على سبيل المثال ما يقارب المائة ألف مجلة )

صدمة الحداثة الأولى
الموقف من الغرب وحضارته أثرت عليه وفيه علاقاتنا السابقة معه (الغرب) فشكلت لدينا مواقف مسبقة منه ، فكانت لنا مواقف صدام كثيرة ما زالت خزيناً وذخيرة في مواقف كل طرف اتجاه الطرف الأخر ، منذ دخولنا أوربا فاتحين ثم مجيئهم إلينا في حملاتهم الصليبية (1294م)آ والاستعمار الحديث لعالمنا ووقوف الغرب الدائم إلى جانب إسرائيل لهذا و غيره أصبحت قضية الحداثة متأثرة بعدة عوامل على رأسها العامل السياسي ، والعامل الديني ، حيث أصبح من الصعب على الكثيرين رؤية الجوانب الايجابية في مخرجات الحضارة الغربية ، فأصبحنا نكره (الأخر) والكره انقطاع عن أي حوار أو تفاعل أو محاولة أقناع أو اتصال وللكره خيار واحد هو الانقطاع ) في حين لا بد للعقل أن يلعب دوراً حاسماً ، وبكلمات أخرى الموقف من الغرب لا بد ان يكون مقروناً بالحذر والشك ، لأنه سياسياً الغرب عدونا ما في ذلك شك لكن أي غرب الذي هو عدونا ؟ هل هو أوربا كلها ؟ الولايات المتحدة الأمريكية ؟ أم أي غرب أخر ؟ لقد كان الاحتكاك بين العرب وأوربا خلال الحروب الصليبية (1294م) كان فيه العرب في مكان رفيع من التقدم إذا قيسوا بأمراء الإقطاع في أوربا الذين قادوا حملات ألغزوا تحت شعارات المسيحية وصليب المسيح .أما صدامنا معهم والذي تمثل في حملة نابليون (1798) فقد كان الوضع على النقيض حيث كانت أوربا في أوج نهضتها وثورتها الصناعية الضخمة والتطور الهائل في جميع الاتجاهات كنا نعيش في سبات عميق نقتات على قيم الفروسية القديمة وبعض المثل غير الملائمة للعصر ، وهكذا استيقظت مصر على أصوات مدافع وبنادق نابليون حين دخوله مصر ، وظهر خطأ الانغلاق الفكري والوهم الذي كانت تعيشه الأمة ورفض المسلمون استعمال البندقية حين عرضت عليهم كونها لا تعبر عن الشجاعة والفروسية التي اعتادوا ممارستها على الجياد باستخدام السيوف والرماح ، مما يؤشر على تخلف العقلية التي كانت موجودة آنذاك ، وحين دخل نابليون مصر تحطمت السيوف والرماح وتحطم معها كل عفونة الفكر وتمزقت أسمال العقول ن فكان مؤشراً على تخلف الفكر عن مواكبة التطور والتقدم الحضاري (لان من يريد أن يواجه التطور الحضاري يجب أن يمتلك فكراً ومنهجاً علمياً لا أن يواجه بجهالة الأوليين ومثله كمثل من يدخل معركة حربية حديثة ويلوح بسيف يماني ، انه يؤذي نفسه ويؤذي قومه في أن معاً وقد يمتنع المحاربون عن إطلاق النار عليه إذ هم يفضلون أن يضحكوا عليه بدلاً من أن يقتلوه) .) يقول المؤرخ الجبرتي كما ينقل ذلك الدكتور علي الوردي (لا ينظرون بحراً بل سماء ومراكب فوقع عليهم خوف عظيم وهم جسيم ، شيء لا يقدر ) أما المماليك وهم حكام مصر فكان لسان حالهم يقول (إذا جاء جميع الإفرنج لا يقفون في مقابلتهم وإنما يحطمونهم بسنابك الخيل ويحصدون رؤوسهم ببوار ق السيوف وقد قال قائدهم انه (سيشرح الإفرنج كما يشرح الشمام) ) ولكن كيف كانت ردة فعل الأمة بكل مؤسساتها اتجاه هذا الخطر الداهم ؟ لقد كان (العلماء يجتمعون في الأزهر كل يوم لقراءة البخاري وغيره من الدعوات ومشايخ الفقراء من الاحمدية والسعدية والرفاعية وغيرهم من طوائف الفقراء الصوفية )) أرباب الاشاير كل يوم يذهبون إلى الأزهر للأذكار ، ويجتمع الكتاتيب للدعاء وتلاوة اسمه تعالى (لطيف ) كان المماليك شجعاناً يقاتلون على طريقة أبي زيد الهلالي أما الفرنسيون فقد جاء معهم أحدث ما وصل أليه فن الحرب من علم وتنظيم وتدريب وهنا خاطب نابليون جيشه حين لاحت له اهرامات مصر من بعيد ( أيها الجنود ان أربعين قرناً تنظر أليكم من قمة هذه الأهرام ) ) وهكذا انكشف عجز القوى الاجتماعية التي سادت في تلك اللحظة التاريخية وبانت هزيمة الروح الإقطاعية العثمانية المتخلفة التي أملت على المجتمع روح الخرافة وأماتت العقل من خلال صنيعتها المؤسسة الدينية التي كانت تبرر لها كل مظالمها ، وإطلاق العنان للحركات الصوفية وسيادة الشعوذة وإنشاء الخرافات . وهكذا بدت واضحة مخاطر ذلك التحدي الاستعماري الأوربي المسلح بالحضارة الحديثة ، وأمام هذا المأزق الحضاري ظهر مجموعة من المصلحين والمجددين والداعين لإصلاح حال الأمة فكان رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبدة وعبد الرحمن ألكواكبي في مصر والسيد محمد الطباطبائي والسيد عبد الهادي البهبهاني في إيران ومحمد حسين النائيني وأستاذه الاخوند الخرساني في النجف الاشرف. فالطهطاوي دعى إلى التفاعل مع الحضارة الأوربية ومخالطتها حيث اعتبر المخالطة (مغناطيس المنافع ) ) وانها مع العمل الوطني طريق التقدم والحرية وهي سبيلها وهؤلاء المفكرون الذين نشاوا وتكونوا في محيط الثقافة العربية الإسلامية ثم انفتحوا على الحضارة الغربية فكانت معالجتها معاصرة بقدر ما هي ضاربة في جذورها في أعماق التراث
بين المجددين المحافظين
– قدم جمال الدين الأفغاني تياراً فكرياً وسياسياً عقلانياً عند صدامه مع المؤسسة الدينية العثمانية ، ونمط الحياة العثمانية ونظامها السياسي ، فكان عقلانياً يؤمن بالقدرات غير المحدودة للعقل الإنساني في البحث والاستكشاف ، كما كان لوعيه للتراث العربي الإسلامي عاملاً مهماً في عقلانيته هذه التي يقترب بها بعض الشيء من فكر المعتزلة ، فهو يعلن أن لا حدود أمام انتصارات الإنسان الفكرية على الطبيعة والكون المجهول ، شريطة أن يتحرر العقل الإنساني من قيود الأوهام ، وشاركه في وقفته هذه تلميذه وزميله محمد عبدة الذي هاجم المؤسسة الدينية العثمانية بقوله (انه ليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والنفير عند الشر وهي سلطة خولها الله لأدنى المسلمين يقرع بها انف أعلاهم ويؤكد ان الأمة هي صاحبة السلطة وصاحبها الحق في الاختيار والانتخاب وصاحبة الحق في العزل وحسب تعبير محمد عبدة (حاكم مدني من جميع الوجوه) فلا يحق لأحد السيطرة على إيمان احد أو عبادته لربه أو ينازعه في طريقة نظره ، ويقرر هنا وهو مفتي الديار المصرية ومن ابرز علماء أن القاضي والمفتي وشيخ الإسلام هي سلطات مدنية لا دينية ويقرر أن الفتوحات الإسلامية وحروبها التي حدثت بعد ظهور الإسلام كانت فتوحات سياسية ولم تكن حروباً دينية وهي ضرورة من ضرورات الملك لا الدين ) ) ومن مواقفه العقلانية انه تصدى لمحاولة التفرقة والوقيعة بين المسلمين والمسيحيين في مصر عندما كان منفياً في بيروت عام 1888م فطالب بالتفرقة بين الوطني بصرف النظر عن دينه وبين الأجنبي المستعمر وكتب يقول (أن التحامل على شخص يعينه لا ينبغي أن تعد ذريعة للطعن في طائفة أو امة أو ملة فان ذلك اعتداء على غير معتد ومحاربة لغير محارب ، أو كما يقال جهاد في غير عدو وهو مما ضررة أكثر من نفعه أن كان له نفع ) ) وهذه المواقف العقلانية والتوجه للتجديد التي ظهرت لدى الأفغاني ومحمد عبدة ظهرت عند ألكواكبي الذي حارب الاستبداد في النظام السياسي والمؤسسة السياسية التي كانت تنظر لها المؤسسة الدينية التي كانت تصوغ المبررات للاستبداد العثماني وتدافع عنه وكان ابرز شخصياتها أبو الهدى ألصيادي الذي كان العون الكبير للسلطان عبد الحميد(1867-1990) الذي وقف ضد الحركة التجديدية في الفكر والمجتمع والدولة، وكان متقلداً وظيفة (مشيخة المشايخ، استمر في خدمته (50) عاماً وكانت له الكلمة العليا عند عبد الحميد في منصب القضاة والفتوى ) . فإذا كان هذا حال المؤسسة الدينية في جناحها السني وفي حاليها وصراع جناحين في داخلها المجددين الثائرين ضد الأوضاع السائدة والمهادين للاستبداد والراضين عن أوضاع الأمة التي هي عليها فإن حال الجناح الشيعي من المؤسسة الدينية الذي يسمى لدى الشيعة الحوزة العلمية فلم تكن في حال أحسن ففيها المجددين الذين دعوا إلى إصلاح حال الأمة وتغيير أوضاع المجتمع ومن بقى راضياً على الحال التي عليه الأمة فبقى مهادناً للركود والسكينة راضياً بها رافضاً لأي تغيير، وهكذا كان موقف المجدد كاظم الخرساني الذي دافع عن(المشروطة) والدستور ووقف في وجه الشاه مع مجموعة من المجتهدين الذين دعو للمشروطة وقيام مجلس شورى ودافعو عن الدستور، وسميت المشروطة بهذا الاسم لأن القائمين عليها اعتبروا مواد الدستور بمثابة الشروط التي يجب أن يتقيد بها الملك في حكم رغيته وهذه الفكرة كما يقول علي الوردي مستمدة من نظرية (العقد الاجتماعي) التي شاعت في أوربا بعد قيام الثورة الفرنسية ومنها جاءت إلى تركيا وإيران وقد انقسمت المرجعية الدينية في الحوزة العلمية في النجف وإيران إلى جناحين، جناح يدافع عن الدستور وجناح يدافع عن الاستبداد وبهذا قال الشاعر:

إلى ابن يمضي من يروم سلامة وما الناس إلا مستبد ومشروطي








ــــــــــ
معركة التجديد
كان دعاة المشروطة يشكلون (جبهة تقدمية) حيث كانوا يدعون إلى تاسييس المدارس الحديثة وتعلم اللغات والعلوم الأوربية ومطالعة الجرائد والصحف التي كانت من الأمور المستنكرة أو المحرمة في نظر العامة والكثير من رجال الدين، وإلف الميرزا أحمد حين ألنايني كتاب تنبية الأمة ) وهو من كبار تلاميذ الاخوند كاظم الخرساني، الذي قدم دفاعاً إسلاميا عن مبدأ الدستور الذي هو في الإسلام مشاركة أفراد الأمة في القرار والولاية ومساواتهم مع شخص السلطان في جميع أشكال المملكة. كما أنه حق للأمة في المحاسبة والمراقبة وتحديد مسؤولية الموظفين .
ويستشهد النايني بموقف الأمة حيال الخليفة عمر بن الخطاب عندما أرتقي المنبر يستنفر الناس للجهاد، فأجابوه لا سمعاً ولا طاعة لأنه كان عليه ثوب يماني يستر جميع بدنه مع أن حصة كل واحد من المسليمن من تلك البرود اليمانية لم تكن كافية لستر جميع بدنه) ويتابع النائيني قائلاً (ما استطاع عمر أن يدفع اعتراضهم إلا بعد اثبت لهم أن عبد الله ابنة هو الذي وهبة حصتة من تلك البرود).. كما يتشهد بموقف الأمة في جواب الكلمة الامتحانية الصادرة عن عمر (لنقومنك بالسيف) وما كان اشد فرحة عند رؤيته هذه الدرجة من استقامة الأمة) .
أما اعتياد الأمة على الاستبداد والخضوع فقد جاء بعد (استيلاء معاوية وأبن العاص وتبذل هاتيك الأصول والفروع المذكورة بأضدادها وانقلاب السلطنة الإسلامية .. الخ) ويتصدى النائيني لجميع من يسمهم بـ(المعممين) ويتهمهم بتجهيل الأمة واستغفالها (بمقتضيات دينها وضروريات مذهبها) فيصفهم (بعلماء السوء و لصوص الدين ومضلي ضعفاء المسلمين . )
وهذا الحل الدستوري الذي يدافع عنه الميرزا النائيني في معركة تخوضها القوى المطالبة بالدستور في كل من إيران والدولة العثمانية آنذاك ضد الاستبداد الفردي السلطاني، وضد تيار واسع من الفقهاء الذي يمثلون على حد قوله (شعبة الاستبداد الديني (اليزدي وأبو الهدي ألصيادي)، هو حل إسلامي في راية ليس فقط للمسألة الداخلية التي كانت تعانيها إيران من جراء القمع والجور والاستبداد، وإنما أيضا لمسألة درء الخطر، الأجنبي الذي يتهددها بالتقسيم. فمشاركة الأمة في السياسة تستنفر قواها للجهاد ضد الاعتداءات التي كانت تتربص بها انذاك من طرف روسيا وبريطانيا. )

المحافظون بالمرصاد
أن مواقف السيد النائيني هذه لم تمر بسلام فكان المراجع في الحوزة العلمية في النجف له بالمرصاد فكان دعاة الاستبداد كما كانوا يسمون وكان على رأسهم محمد كاظم اليزدي يعدون النائيني وأستاذه الملا كاظم الخرساني وإتباعهم من المدافعين عن المشروطة كفاراً، فكانت سجالا بين جناحي الصراع فنظم علي الشرقي قصيدة يهجو بها اليزدي كما نظم السيد صالح الحلي بعض الابيات اللاذعة كان في احداها يشبة اليزدي بيزيد . ) وكما يقول وجيه كوثراني (وكما تولى أبو الهدى ألصيادي شيخ الإسلام في العهد ألحميدي مهمة التصدي للمطالبين بالدستور متهماً إياهم بالكفر والابتداع، فقد تولى من الجهة الشيعية هذه المهمة السيد محمد كاظم اليزدي احد كبار المراجع في النجف في التصدي للحركة الدستورية وعلمائها الذين دافعوا عنها ) وهنا يقول احد الكتاب متناولاً موقف المرجعية من المجتمع (فإذا كان الوعي هو الذي دفع احد المراجع إلى تحشيد عدد من العشائر العراقية المسلحة لمواجهة نظرية سياسية (المشروطة )، لماذا لم يدفعه وعيه ذاته لبناء الجيش وتعليمه القراءة والكتابة على الأقل والرسول(ص) استخدم الأسرى لتعليم المسلمين القراءة والكتابة) والمقصود هنابـ (أحد المراجع هو اليزدي الذي كان قد استغل ( الزقرت ،والشمرت) لما استمالهم فكانوا له حماية وأعوان يحفون به عند خروجه إلى الصلاة ورجوعه منها ، حيث كانوا يشتمون أنصار (المشروطة)على اعتبار إنها هدم للدين وإفساد للأخلاق ورفع الشاه ناصر الدين شعار ( الدستور بدعة مخالفة للشريعة الإسلامية معتمداً على مؤيديه من الحوزة العلمية وكان يردد انه يود أن يكون محاطاً بحاشيته من الأغبياء لا يعرفون عن بروكسل هل هي مدينة أو نوع ما ) .وهكذا كانت المؤسسة الدينية بجناحيها الشيعي والسني مناصرة للاستبداد محاربة كل تجديد بعيدة عن تطلعات الأمة بل هي أداة بيد السلاطين من اجل تحقيق رغباتهم وتبرير أعمالهم ، حتى وصل المستوى بهذه المؤسسة أن تشكل تحالفاً ضد الأمة ومن اجل مناصرة السلطان عبد الحميد (حيث كانت السلطة العثمانية تدعو إلى الاستبداد وقد وضعت خططاً مبرمجة لذلك إبان حكم السلطان عبد الحميد وكان السيد كاظم اليزدي متورطاً بهذا البرنامج يسانده بذلك عبد الرحمن النقيب الملقب بنقيب أشراف بغداد، وفي الوقت الذي كان يشهد عصر التنوير والنهضة الفكرية الإسلامية، اعد الاثنان برنامجاً تبشيرياً في زمن ولاية (حسن باشا) والي بغداد كلف به السيد مصطفى الواعظ ،وشكلت لجنة تجوب البلاد وتنشر المفاهيم العثمانية القائلة بسياسة السلطان العثماني المطلقة وكانت اللجنة تتألف من طه الشواف لقضاء الدليم والملا قاسم والملا احمد لقضاء الجزيرة والملا عمر الجبوري لقضاء الكوت والشيخ احمد النقشبندي لقضاء بعقوبة والمولوي غلام هندي لقضاء مندلي وقد استشرى هذا المشروع الخطير في عقول الملايين من أبناء العراق ليركنوا إلى حكومة السلطان عبد الحميد في مواجهة عصر التنوير والنهضة) اننا في بحثنا هذا لم نشر إلى جميع الإصلاحات أو الأحداث والوقائع لدور المؤسسة الدينية كدور وأية الله الشيرازي في قضية (التنباك) أو قيادة المؤسسة الدينية لأحداث ثورة العشرين ، وإذ نحن لم نتناول الدور الكبير للمدرسة الصدرية فان بحثنا لم يكن احتفاءً بالمؤسسة أو إطراءا لها أو تدبيج المدائح لرموزها بل ركزنا على الدور والمواقف السلبية نحو القضية الاجتماعية وقضية التطور.
المؤسسة الدينية ومصلحة الأمة
ما تقدم يثبت لنا أن المؤسسة الدينية كان له دور كبير في الثبات على القديم وعدم مواكبة التطور وكانت في معظم مواقفها تقف ضد عمليات التجديد مستخدمة السلطة الدينية في قمع المجددين ، ونحن نعرف ما للمرجعية من سلطة وكلما استقرت هذه السلطة يصبح هذا التجديد إلغاء لسلطتها وسحب البساط ممن تحتها كما يقولون وهكذا فهي تدافع عن الثابت لان التحول يعني التغيير وبما أن التجديد يعني التحرر من التصورات والأطر الادراكية الموروثة ألا أن المؤسسة الدينية كرست فكراً تقليدياً لم تقترب منه تجديداً أو تهذيباً ، وفي أحيان كثيرة يبقى المجتهد أسير مدارك العامة وإطارها الفكري لأنه كما يقول الدكتور علي الوردي يستمد معاشة من الحقوق الشرعية التي تأتيه من مقلديه وهكذا فهو يجاريهم في خرافاتهم وعاداتهم الموروثة في بعض الأحيان ) وكان للمؤسسة الدينية الدور الكبير في مآزرة الاستبداد والدفاع عنه واستخدام الدين كستار لدعم السلاطين فتحت شعار أن الدستور يخالف الشريعة الإسلامية مثلاً أسست الجمعية المحمدية التي ثارت ضد الدستور والبت الجيش بالاتفاق مع السلطان عبد الحميد في 31 آذار 1909 فهاجم الجنود مؤسسات الدولة واخذ يبحثون عن ما يسمى (المكتبلية ) وهم الضباط المتخرجين من المدارس الحديثة من اجل تطهير الجيش منهم على اعتبار انهم من مؤيدي التطور ، وعدم ملاحقة (الالايلية ) الذين نشاءو وتقدموا بين صفوف الجنود بدون مدرسة، فتم قتل (300) ضابط من الخريجين. ) كان للمؤسسة الدينية الدور الكبير في عدم مشاركة أبنائها في الحياة السياسية وعدم رغبة علماء الدين الشيعة في السماح لأتباعهم في الدخول في الوضع الرسمي وجاء ذلك واضحاً في بعض الفتاوي والتي أصدرها الميرزا محمد تقي الشيرازي في آذار 1920 التي حرم بها كل أشكال الخدمة في الدولة تحت الحكم البريطاني وكذلك الفتوى التي أصدرها محمد مهدي ألخالصي في عام 1921 التي حرم فيها قبول مناصب حكومية معتبرا ذلك من إعمال التعاون مع الكفار ) من جانب أخر فقد وقفت المؤسسة الدينية متًفرجة على مجتمعها لم تتدخل لتهذيب سلوكه أو عاداته أوطقوسة الدينية وهكذا نرى كما يقول الدكتور علي الوردي (لقد نسي الشيعة المعاصرون المبدأ الذي ثار في سبيله الحسين فاهتموا باللطم والبكاء كأن ذلك هو الهدف الأكبر الذي قُتل من اجله أمامهم الثائر وهكذا يزور الحسين مئات الآلاف كل عام ، ثم يرجعون من الزيارة كما ذهبوا ، لم يفعلوا شيئاً غير النواح واللطم ، أنهم اليوم ثوار خامدون فقد خدرهم السلاطين وحولوا السيوف التي كانوا يقاتلون بها الحكام قديماً إلى سلاسل يضربون بها ظهورهم وحراب يجرحون بها رؤوسهم ) لكن ما مستوى تدخل المؤسسة الدينية في تهذيب وتوجيه هذه الطقوس والاحتفالات؟ وتحويل ذكرى ثورة الحسين ، إلى تذكر عقلاني يهذب السلوك ، وتحويل شخص الحسين إلى رمز أللإنسان الكامل والقدوة التي يقتدى بها ، والمثل الأعلى في سلوك الفرد والمجتمع ، ومحاربة الفساد والانحراف وحين نقول هذا فنحن لاننكر حق وتاريخ المجددين الداعين إلى تطوير وتحديث المجتمع ، أو تحديث وتطوير المؤسسة الدينية ومناهجها أو تطوير التعليم ومناهجه ، ألا أن المشكلة في أن هذا الفكر ألتجديدي كثيراً ما يتعرض للقمع من سلطات المؤسسة الدينية لان التيار التقليدي ألثبوتي والمدعوم من الواقع المتخلف الذي يتطابق معه في ثبوبتية يكون أكثر قوة وأكثر سيادة


عقلية النكوص
يقول الدكتور صبحي الصالح في معرض دفاعة عن الدين في مواجة العلم وكآن العلم يستهدف الدين
( ما لم يكن الغرض الأساس من المناهج الدينية بالثانويات خاصة هو تحري مواطن الخطر ومكامن الألغام مما يدرسه الطالب من المواد الأخرى نظرية التطور في العلوم والحريات العامة في التاريخ الثورة الفرنسية خاصة ودوران الأرض وكرويتها في الجغرافيا الخ .. ما لم يكن منهاج الدين الحارس الأمين اليقظ الذي يعد العدة لكل ما يغير من جيوش الإلحاد التي تتسرب إلى عقول الطلبة من محيطهم الثقافي العام ) اذا كانت مواطن الخطر الذي ينبغي على الدين الإسلامي تحريها وحماية العقول منها هي نظرية التطور في العلوم والحريات العامة والثورة الفرنسية وكروية الأرض ودورانها تشكل خطراً على عقول المسلمين) فكيف يتم التطور والإطلاع على ما وصل أليه الأخر من العلوم وكيف تكون عملية التثاقف معه أم يجب علينا الانكفاء (حسب فتوى المؤسسة الدينية) والانزواء في التكايا والمساجد والانشغال بالتسبيح واخذ الأوراد ، وشتم العولمة والغزو الثقافي وتأبين ا لهوية وتشييعها ، أن هكذا فكر أكثر تأثيراً وتدميراً للهوية من أثار الغزو الثقافي ، لان موقف الانزواء والنكوص هو الذي يضيع الهوية ويضيع الوطن ويحول التراث العظيم إلى سخرية ومهزلة وأساطير ، ويجعل من رجالات المؤسسة الدينية مومياءات ممددة في المتاحف التاريخية . أن ما قدمنا هو مراجعه لمواقفنا ولأثر مؤسستنا الدينية في المجتمع ، إذا كنا قد قدمنا نقداً فهو نقد للذات لان التأريخ ليس حكراً على أحد ولا المؤسسة الدينية ملكاً لزيد أو إرثا لعمرو بل هي مؤسسة المجتمع التي يجب أن تقوم بدورها على أكمل وجه هناك من يرى أن الوفاء للتاريخ والتراث والمؤسسة الدينية يتمثل بالتقديس والاحتفاء والإطراء ألا أننا نعتقد أن الوفاء الحقيقي يقتضي منا أن نمارس عملية نقد حقيقية لكي نجعل هذا التأريخ وهذا التراث وهذه المؤسسة كائناً حياً قادراً على أن يستمر ويتجاوز المأزق التاريخي الذي تعيشه امتنا ، وكما قال احد الحكماء (إذا وجدت نفسك في حفرة ، فتوقف عن الحفر لان مزيداً من الحفر سيزيد من عمق المأزق الذي أنت فيه) .واحترامنا للمؤسسة الدينية لا يمنعنا من دراسة أثرها في المجتمع وما قامت فيه من دور سلباً وإيجابا وأثرها في تطور أو تخلف المجتمع و إثرها الكبير في تشكيل وعي الأمة وأثرها في الإطار المرجعي للفرد والأمة .
فإذا كان (هناك مقدسات انتقائية للتاريخ والأشخاص والرموز والإحداث بما يعطل قراءتها أو الاقتراب منها أو توصيفها أو نقدها حتى لو كان نقداً متوازناً) فان السيد الخميني يقول (هناك جماعة مشهورة باسم (المقدسين) بينما هم (متصنعوا القداسة) لا مقدسون فيجب علينا أن نصلح أفكار هؤلاء ونوضح موقفنا منهم لأنهم يعيقون نهضتنا وعملنا الإصلاحي وقد كبلوا أيدينا ) لأنهم أهل الفتوى وتتبعهم العامة وغير العامة فتوى واحدة كافية للتأثير على مسيرة الأمة في نهضتها فحين يقول مجتهد (المدارس اكبر عون على هذا الدمار والبوار والهلاك والاضمحلال) كم يكون تأثير فتواه كبيراً أو حين يسأل مجتهد السؤال التالي (إذا كان هناك احد البحوث التي ألقيت في المؤتمر العالمي للإمام الشهيد محمد باقر الصدر يهون من مرجعية الخوئي فما هو الموقف الشرعي للتعامل مع هذا المؤتمر فكانت فتوى هذا المجهد (أن الدخول إلى المؤتمر حرام) وهكذا ظلم الشهيد الصدر في حياته ظلماً مزدوجاً من الأشخاص وبعض رموز المؤسسة الدينية الذين حاربوه بل تآمروا عليه ومن الدولة التي أعدمته ظلما وهو شهيد بعد حياته على يد المؤسسة الدينية أيضاً .وقد خاطب الشهيد الصدر الثاني المؤسسة الدينية ورجالاتها
ويد تقطع وهي مما يفتدى ويد تقبل وهي مما يقطع
وتمثلت عزلة المؤسسة الدينية في عزلتها عن المجتمع وجلوسها في برجها العاجي وتعاليها على الأمة من خلال خطابها النخبوي جداً ، حيث كان (خطابهم خطاب رموز وطلاسم ذي معنى استعلائي لا يفهمه الإنسان العادي ولا حتى الجامعي ) وتخطى هذا الخطاب ووثب عليه الصدر الأول من خلال (الفتاوى الواضحة ) ومؤلفاته الأخرى .لكن الذهنية الراسخة فينا ابتعدت كثيراً فقد عشنا قروناً متطاولة ونحن لا نعرف السلطان ألا ظل الله على الأرض الحاكم مطاع لا يعصى هذه القضية تسربت )إلى الأجواء الدينية (المؤسسة ) فأصبح رجل الدين بحكم السلطان في دائرته الخاصة ، لا يناقش ولا يعصى وليس لمن هو دونه في المرتبة أن يبدي رايا مخالفا



#شمخي_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعن الله من أيقظها، وماذا بعد ؟
- مكونات الأمة العراقية و إعادة إنتاج الهوية
- المثقف والسياسي من يقود من ؟
- جاسم الصغير ، وليد المسعودي .........سلاما ايها المبدعون
- الطرح الايديولوجي وحاجات الأمة العراقية
- المشروع الليبرالي في العراق بين استراتيجية الفوضى الخلاقة وح ...
- الديمقراطية والهوية الوطنية للامة العراقية
- نجادي الذي داس على ذيل التنين
- فساد الحكم وآثاره الاجتماعية والاقتصادية
- المشهد السياسي ومستقبل الديمقراطية في العراق
- طوبى للعائدين الى ارض الوطن
- الشاعر الخباز الذي رتل
- مثقفو القبائل والطوائف ومسؤلية المثقف العراقي
- دولة القانون .............دولة المليشيات
- الجندر : علم النوع الاجتماعي؛ هل نحتاج هذا العلم؟ ، وماذا يت ...
- المعوقات التي تواجه الكتاب العراقي ؛ البحث عن حل
- التحديات أمام الهوية العراقية ؛تذويت ألهويات الفرعية
- استشهاد عثمان علي درس في الإخاء والتضامن وصفعة للطائفيين
- ثقافة الاستبداد وصناعة الرمز
- عثرات الحكومة من يقيلها ؟


المزيد.....




- مين مستعد للضحك واللعب.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 20 ...
- «استقبلها وفرح ولادك»…تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ك ...
- لوموند تتابع رحلة متطرفين يهود يحلمون بإعادة استيطان غزة
- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شمخي جبر - تأبين العمامة