احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1479 - 2006 / 3 / 4 - 10:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
كلما اقتربنا اكثر من يوم الادلاء بصوت الضمير يشتد اكثر وطيس المعركة الانتخابية وترتفع اكثر درجة حرارة المنافسة الانتخابية. ولعل اكثر ما يميز طابع المعركة الانتخابية الحالية مقارنة مع سابقاتها فيما يتعلق بالمواطنين العرب، بالناخبين العرب، هو تكالب الاحزاب الصهيونية، وخاصة احزاب كاديما والعمل والليكود، لسرقة الاصوات العربية من خلال لجوئها الى تشغيل ماكنة الاكاذيب والاباطيل التضليلية الديماغوغية. ففي نشاطها الانتخابي الدعائي بين المواطنين العرب تلجأ الاحزاب الصهيونية المذكورة وغيرها الى وسيلتين اساسيتين:
* الوسيلة الاولى: محاولة استهبال عقل الناخب العربي من خلال اخفاء حقيقة ما تتضمنه اجندتها السياسية والاقتصادية – الاجتماعية من مدلولات سياسية واقتصادية اجتماعية تمييزية ومعادية للاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل، لحق هذه الاقلية بالمساواة التامة، القومية والمدنية، الجماعية والفردية، هذا الحق الشرعي الذي يستدعي الغاء ودفن سياسة القهر القومي والتمييز العنصري الممارسة ضد المواطنين العرب. ورفع غبن الظلم التمييزي المزدوج، القومي والطبقي عن كاهل الجماهير العربية. فبدلا من اظهار حقيقة سياساتها ومواقفها من قضايا الجماهير العربية الملحة، المصيرية والمطلبية، تلجأ الاحزاب الصهيونية المذكورة الى محاولة تضييع بوصلة الناخبين العرب في سراب "السوق الاستهلاكية" والتسوّق من مستنقع اخلاقياته، رشوة الناخب العربي بوعود كذابة، بمصالح فردية نفعية، بوظيفة هنا ووظيفة هناك، بحماية هذا او ذاك وانقاذه من رذالة فساد تورط في اوحاله، بمعنى العمل لتغليب المصلحة الذاتية النفعية لهذا الناخب العربي او ذاك الداعية العربي للاحزاب الصهيونية على حساب المصلحة العامة لجماهير شعبه الذي يعاني الامرّين من كرابيج سياسة الاحزاب الصهيونية!
* والوسيلة الثانية: لجوء هذه الاحزاب الصهيونية الى حملة تحريضية سافرة وتضليلية ضد نواب الجبهة والكتل العربية مدلولها الاتهام بانهم غير مشغولين بقضايا الجماهير العربية وهمومها ولا يتعاملون الا مع السياسة العليا، مع قضايا الشعب العربي الفلسطيني والصراع الاسرائيلي – الفلسطيني – العربي!!
قبل ان نرد على مزاعم واكاذيب الاحزاب الصهيونية التحريضية التضليلية نود في البداية ان نسأل سؤالا منطقيا بسيطا جدا، من هو المسؤول عن المصائب النازلة "كب من الرب" على المواطنين العرب؟ من المسؤول عن مصادرة الاراضي العربية ومخططات التمييز ضد السلطات المحلية العربية ومخططات الترانسفير لتهجير المواطن العربي من وطنه؟ من يتحمل مسؤولية الوضع المعيشي المزري للاقلية القومية العربية الفلسطينية، في اسرائيل حيث يعاني حوالي نصف عدد ابنائها من تعاسة حياة تحت خط الفقر ومن بطالة واسعة تبلغ اكثر من مرة ونصف نسبة البطالة بين العاملين اليهود؟ وهل المسؤول عن هذه الاوضاع المأساوية نواب الجبهة والنواب العرب الآخرون ام هي حصيلة السياسة المنهجية التمييزية طبقيا وقوميا التي مارستها حكومات حزب الليكود والعمل والليكود والعمل معا وبندوقهما الجديد "كديما" منذ قيام اسرائيل ونكبة الشعب الفلسطيني وحتى يومنا هذا!!
سأورد مثالين فقط يعكسان من حيث مدلولهما السياسي والاجتماعي حقيقة الهوية الطبقية السياسية لاحزاب كاديما والعمل والليكود المعادية لمصالح الفئات الاجتماعية المسحوقة والفقيرة من العاملين وذوي المداخيل الهزيلة المحدودة، والمعادية للمواطنين العرب.
* المثال الاول: ليس شعارا استهلاكيا ما نكرر تأكيده دائما ان السياسة الاقتصادية – الاجتماعية التي مارستها وتمارسها حكومات الليكود والعمل ورموز كاديما هي سياسة تمييز طبقي اجتماعي وقومي، سياسة افقار الفقراء واغناء الاغنياء. فحسب معطيات تقرير الفقر الذي نشر في مطلع شهر كانون الثاني الماضي، عن حالة الفقر خلال السنوات الخمس الماضية، أي خلال حكم "العمل" والليكود والعمل، حكومة الكوارث الشارونية – البيرسية، حسب هذه المعطيات ازداد عدد الفقراء من العام الفين الى العام الفين وخمسة بنصف مليون فقير، من مليون ومائة الف فقير سنة الفين الى مليون وستمئة الف فقير في العام الفين وخمسة، وانه اذا كانت نسبة الفقراء من العدد الاجمالي للسكان في اسرائيل سنة الفين وخمسة تؤلف واحدا وعشرين في المئة تقريبا فان نسبتها بين المواطنين العرب الفلسطينيين في اسرائيل قد وصلت في العام الفين وخمسة الى اكثر من ثمان واربعين في المئة. واذا كان عدد الاولاد الفقراء في اسرائيل في العام الفين وخمسة يؤلفون ما نسبته ثلاثة وثلاثين في المئة من مجمل عدد الاطفال والاولاد فان نسبتهم بين مجمل الاطفال والاولاد العرب في نفس السنة بلغت 60%!! واليوم، وفي هذه المعركة الانتخابية تدشع احزاب كاديما والعمل والليكود، المسؤولة عن فقر العرب واليهود، الى المدن والقرى العربية، مستغلة حالة الفقر المنتشر بين العرب لسرقة اصوات ضمائرهم تحت يافطة وعود عرقوبية كاذبة لتحسين اوضاعهم. فما تطرحه اجندة العمل وكاديما والليكود في هذه المعركة الانتخابية لا يبشر ابدا بتحسين الاوضاع المعيشية للفقراء العرب واليهود او انتشالهم من هوة الفقر. فما دامت هذه الاحزاب الصهيونية الثلاثة لا تجنح في برامجها ومواقفها للسلم العادل وتواصل التمسك بممارسة المنهج والنهج النيولبرالي الكارثي في المجال الاقتصادي الاجتماعي فان ما هو مرتقب في المنظور القريب بعد الانتخابات مواصلة توسيع وتعميق فجوات التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء في ظل "الرأسمالية الخنزيرية". سيتواصل هذا النهج الخادم لمصالح ارباب الرأسمال الكبير، الاسرائيلي والاجنبي. هذا النهج النيولبرالي الذي ادى من خلال اقتصاد السوق والخصخصة الى تركيز للرأسمال الذي ليس له أي مثيل، في ايدي قلة قليلة من عائلات الطغمة المالية الاسرائيلية المهيمنة في البنوك والبورصة ومختلف الشركات الاخطبوطية في الاقتصاد. فحسب تقرير (BDI) – مقياس تركيز الرأسمال، فان 18 عائلة اوليغارخية "الطغمة المالية" ربحت في العام الفين وخمسة (198) مليار شاقل، أي ما يساوي 77% من الميزانية العامة للدولة و 50% من الناتج القومي التشغيلي الاسرائيلي!!
* المثال الثاني: التمييز السلطوي الصارخ في مجال الميزانيات ضد السلطات المحلية العربية.
فحسب تقرير "إدفا" عن العام الفين واربعة، أي في زمن حكومة الليكود والعمل، حكومة شارون – نتنياهو – بيرس، فان المعطيات تشير الى: انه في العام الفين واربعة بلغ معدل مدخول السلطة المحلية للنفر الواحد من الهبة العامة التي تقدمها وزارة الداخلية في المستوطنات الكولونيالية القائمة في المناطق الفلسطينية المحتلة وفي الجولان السوري المحتل (1241) شاقلا، وفي بلدات التطوير اليهودية (802) شاقل، اما في المدن والقرى العربية فقد بلغ المعدل للنفر الواحد (738) شاقلا فقط!!
ونستطيع ايراد امثلة لا تعد ولا تحصى عن سياسة التمييز التي انتهجتها احزاب العمل والليكود وبندوقهما كاديما في شتى المجالات التعليمية والصحية وغيرهما ضد المواطنين العرب. فبأي حق يا عربنا نمنح اصوات ضمائرنا لمن يجلد ظهور جماهيرنا بسياطه؟ ان المصلحة الوطنية، مصلحة حقنا في التطور والمساواة. تستدعي حجب الصوت العربي عن احزاب القهر القومي والطبقي الصهيونية. والجبهة اهل للثقة واصوات الضمير. نواب الجبهة في الكنيست معروف تاريخهم النضالي المشرف المدعوم بالمعطيات دفاعا عن قضايا وهموم الجماهير العربية وجميع المظلومين في اسرائيل. نواب الجبهة عنوان المظلومين طبقيا وقوميا وسلاحهم المشهر دائما في وجه مضطهديهم. فمن يرفع باخلاص ومثابرة قضايا العاملين والفقراء والجماهير العربية والسلطات المحلية، هل هي الاحزاب الصهيونية ام الجبهة في المقام الاول؟ ان كان في الكنيست او في الهستدروت. فتعزيز وزيادة القوة التمثيلية للجبهة في الكنيست السابعة عشرة، مردودهما الصافي خدمة المصالح الحقيقية في المعركة المصيرية والمطلبية من اجل السلام العادل والمساواة والتقدم الاجتماعي. وسننشر في المستقبل القريب، في اعداد قادمة، عن النشاط المتميز لنواب الجبهة في الكنيست في شتى المجالات، عن نشاطهم في طرح مختلف قضايا الجماهير العربية والدفاع عنها الى جانب قضايا شعبنا والقضايا المتعلقة في مواجهة ذئاب الفاشية العنصرية والترانسفيرية. فالجبهة جبهتكم يا جماهيرنا فادعموها باصواتكم لانها اهل لثقتكم.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟