أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهند طلال الاخرس - التاريخ والتراث؛ الدور الأصيل في النضال والتحرير ، -المقلوبة الفلسطينية والمنسف الاردني مثالا-















المزيد.....

التاريخ والتراث؛ الدور الأصيل في النضال والتحرير ، -المقلوبة الفلسطينية والمنسف الاردني مثالا-


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 5731 - 2017 / 12 / 18 - 15:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


التاريخ والتراث؛ الدور الاصيل في النضال والتحرير
"المقلوبة الفلسطينية والمنسف الاردني مثالا"
كان الشعب الفلسطيني ولازال، قادرا على إجتراح المعجزات وإبتداع طرق صموده ونضاله كعادته في التاريخ، كيف لا وهو يتمثل أسطورة طائر الفينيق بقدرته على النهوض دوما من تحت الرماد. فلم يكتف الفلسطيني بإستخدام الكفاح المسلح وحسب في صراعه مع الاحتلال، بل إبتدع وسائله النضالية وإشتقها من واقعه الصعب، ومن طبيعة أرضه وتاريخها، فحتى أسماء أفراد الشعب الفلسطيني هي جزء من هويته ومن تاريخه ومن أدوات نضاله، ومن خلالها حافظ على ارتباطه فيها، ومن هنا جاء المثل القائل: "لكل حامل اسم من إسمه نصيب". وفي نفس السياق جائت أسماء قرى ومدن فلسطين، وسهولها وجبالها وأنهارها وبحارها؛ وفي هذا المجال حدث ولا حرج. وكذلك جائت الامثال والحكايات الشعبية والعادات والتقاليد والاهازيج والاغاني، ولم يكن الادب والمنتج الثقافي الفلسطيني برمته بعيدا عن هذا الحدث، بل كان الصورة الانصع في حفظ فلسطين وهويتها وتراثها وإبقائها ضمن الصيرورة التاريخية وضمانها كحتمية تاريخية باقية ما بقي الدهر، وكفعل مستدام في العمل الثوري لا كرد فعل آني.

لكن الجديد لدى الشعب الفلسطيني هذه المرة؛ إبتداع ما يلائمه من طرق النضال حتى على مستوى المأكولات! فكيف يغدوا الأكل(الطعام) فعل مقاومة؟ وكيف يصبح الاكل هوية لاصحاب البلاد، وجزءا من تراثهم، ورمزا لاستقرارهم، ومنغصا وقاهرا لعدوهم ؟

لم تكن حرائر بيت المقدس اللواتي يصنعن طبخة المقلوبة للمرابطين والمدافعين عن الاقصى ببعيدات عن هذا الوعي الوطني الضارب في التاريخ ولم يكن بمعزل عن الفعل الثوري وفي إستخدامه في مواجهة الاحتلال، ولم يكن إختيارهن لطبخة المقلوبة الشهيرة فلسطينيا من باب العبث او الشهوة، بل كان فعلا وطنيا وثوريا بإمتياز، لما لهذه الطبخة من هوية وموروث وتاريخ حافل بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني ولما إقترن بهذه الطبخة "المقلوبة" من ظروف مكللة بالعز والفخار.

الاحتلال في حالة هوس غير مسبوق، يفرغ ما في جعبته كل ما هو عنصري ومتصل بالحقد ضد شعبنا الفلسطيني، معتقلاً ثلاثة أمهات فلسطينيات من مدنية القدس، وهن: خديجة خويص، سحر النتشة، وهنادي الحلواني، على خلفية طبخات "المقلوبة" في ساحات المسجد الأقصى.

طبخة "المقلوبة" الفلسطينية الشهيرة أصبحت ضمن الممنوعات وفق سياسات الاحتلال وممارساته العنصرية، ومن يخالف ذلك يعاقب بالسجن لسنوات!!

هذا المحتل يخشى على نفسه من كل ما هو فلسطيني، فهو يخشى من ذكرياتنا ومن أسمائنا ويمعن في إقتلاع زيتوننا، وانصرف الى أفعال أكثر وضاعة بمنعه طبخات المقلوبة في القدس. لم يبقى إلا أن يعتقلوا الهواء والماء فهو أيضا فلسطيني، وكذلك أبيات العتابا والميجنا فكلها فلسطينية الاحرف والانفاس. لكن إن حصل واعتقلوا كل ذالك فسيلد السامر والتراويد أحرفا جديدة؛ لكنها هذه المرة تأكل الحديد.

لم يكن اعلان المخبول "ترامب"عن القدس عاصمة للاحتلال بمعزل عن السياق التاريخي لوجود طبخة المقلوبة، حيث عمد هذا المخبول الى إصدار هذا الاعلان في الذكرى المئوية لوعد بلفور، ولم يكتف بذلك هذا الأرعن؛ بل تعمد ان يكون الاعلان في7/12/2017 وهو نفس اليوم الذي يصادف احتلال الجنرال "اللنبي" وجيشه البريطاني فلسطين في7/12/1917، ورغم هذه الحتميات النابعة من فكر تلمودي متصهين ومتجذر ويأخذ دوره لدى المسيحيين الجدد؛ إلا أن هناك من بين ظهرانينا من يقول إنها مصادفة. لا، ليست مصادفة، إنه التاريخ وما يحمل في طياته من هرطقات توراتية واتباعها من المسيحية الانجيلية المتصهينة، إنه التاريخ(المزور والمستبد) الذي يحاولون إستيلاده من جديد وعقلية الانتقام التي لا تغيب عن بالهم يوما، فهم أسيري الماضي وما انتجته عقولهم المأفونة من حقد وكراهية؛ بل إنها الحرب. لكنه أيضا تاريخنا، وكلنا ثقة بأننا سننتصر طال الزمن ام قصر، وكلنا ثقة بأن من لا ذاكرة له لا مستقبل له، وكلنا ثقة بأن تاريخ طبخة المقلوبة لدينا أكبر من عمر رأس الحية(امريكا) وربيبتها (اسرائيل).

أكلة المقلوبة معروفة في الأردن وفلسطين ولبنان منذ زمن بعيد، حيث أنها كانت تسمى (الباذنجانية) نسبة إلى الباذنجان، وهو المكون الأساسي فيها، إلى أن جاء يوم فتح مدينة القدس على يد القائد صلاح الدين الأيوبي ودخوله وجيشه المدينة المقدسة، واحتفالاً بهذا النصر والفتح العظيم، قام أهل مدينة القدس بتقديم الطعام إلى القائد صلاح الدين وجيشه كعادة العرب والمسلمين في هذه المناسبات، وعندما أكل صلاح الدين من أكلة (الباذنجانية) أعجبته كثيراً فسأل عن اسم هذه الأكلة واصفاً إياها ب(الأكلة المقلوبة)، حيث كان من العادة أن تقلب في أواني التقديم (الصواني) أمام الضيف، فقيل له أنها تسمى الباذنجانية، ومن هنا جاء تسميتها (المقلوبة) تيمنا بما أطلق عليها القائد صلاح الدين الأيوبي .

ولأن طبخة المقلوبة تحمل هذا الارث وهذا التاريخ وساهمت بصوغ الهوية الفلسطينية، ولأنها أصبحت فعلا وطنيا وثوريا بإمتياز، فقد تداعت حرائر فلسطين في الشتات لنصرة أخواتهن في بيت المقدس (المعتقلات بسبب هذه الطبخة) لعمل طبخة المقلوبة للمعتصمين امام السفارة الامريكية في عمان لليوم الثاني عشر على التوالي على اثر اعلان المخبول"ترامب".

وفي خطوة لاحقة ستقوم حرائر الاردن بنصرة أخواتهن في فلسطين بعمل طبخة المنسف الاردنية الشهيرة نصرة لهن وللمعتصمين امام السفارة الامريكية في عمان في خطوة مفادها تأكيد ما هو أكيد، من وحدة الدم والتاريخ والمصير المشترك، ومساهمة منهن في إشتقاق قواعد واساليب جديدة في النضال! كيف لا؛ والمنسف الاردني يؤدي دورا وطنيا لا يختلف عن دور المقلوبة الفلسطينية؛ فكلاهما من المطبخ الشامي وإليه ننتسب بالذوق والطعم والرائحة واللون.
كيف لا وقصة وتاريخ المنسف الاردني لا تختلف بإرثها وطابعها عن قصة المقلوبة الفلسطينية.

حيث جاء المنسف، وهو الأكلة الشعبية الأردنية يخالف العقيدة اليهودية بشكل صريح وواضح، حيث ورد في الاصحاح 17 وفي التعاليم اليهودية تحريما قاطعا لطهي اللحم في اللبن عند اليهود.
وعلى إثر ذلك طلب الملك العربي الأردني ميشع من شعبه طهي اللحم باللبن في يوم معين ليتأكد له أن شعبه العارف بالتعاليم اليهودية معاديا لليهود ومخالفا لعقيدته. وذات يوم أخبرته عيونه أن الشعب كله في المملكة الواقعة مابين نهر الزرقاء ومنطقة معان قد طهى اللحم باللبن، وعندها أعلن نسفه لكل العهود مع اليهود، الذين غدروه وخالفوا كل عهودهم معه، وبذلك سميت هذه الأكلة بالمنسف لأنها نسفت العهود مع اليهود، فأعلن ميشع الحرب على اليهود، وانتصر عليهم وهزمهم شر هزية.

دائما في ذاكرة المقهورين ما يلزمهم ببعضهم البعض، ويحثهم على التضامن والتكافل، ودائما في عقل المستعمر والمستبد ما يفت عضدهم، لكنه ديدن الحرية ما تلبث ان تستفيق في أبنائها، فالحرية ليست زيا لنستبدله بآخر، إنها روحنا.



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناظم حكمت الإنسان والشاعر الثوري
- القدس؛ عاصمة التفاؤل والأمل
- القديسة فيرينا ابنة مصر أم الدنيا
- الكرامة
- وصايا صاحب الأرض؛ توفيق زياد
- قارع الأجراس
- الخير والشر؛ لقاء المستحيل
- زمن مفقود وأمل متشظي، كيف يموت الفلسطيني؟
- الجهل؛ أعظم الاسلحة الصامتة لحروب هادئة
- الايقونة والرمز ؛ جميلة بوحيرد نموذجا
- شرق غرب -ما بحرث الارض إلا عجولها-
- -الحياة جميلة يا صاحبي-
- لكل خائن حبيب
- الهوية المكان الوطن : فلسطين نموذجا
- النهج الثوري والبحث عن الذات
- اوجعني الرصاص، لكنه لم يهزمني بعد!
- الافتخار والخجل : الشاعر عزالدين المناصرة نموذجا
- حكاية أغنية وإثبات نظرية


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهند طلال الاخرس - التاريخ والتراث؛ الدور الأصيل في النضال والتحرير ، -المقلوبة الفلسطينية والمنسف الاردني مثالا-