أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند طلال الاخرس - الهوية المكان الوطن : فلسطين نموذجا















المزيد.....

الهوية المكان الوطن : فلسطين نموذجا


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 5674 - 2017 / 10 / 20 - 19:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


*الهوية المكان الوطن : فلسطين نموذجا
في غمرة نشوة الاحتلال الاسرائيلي إبان النكبة وإعلان دولته، استشرف قادة صهاينة مستقبلاً للاجئين الفلسطينيين، يقوم على تصور بالغ السوداوية، وهو:" أن جيل الأجداد والآباء سيموت فيما الأجيال التالية ستنسى وطناً لن تولد فيه ولن تكون على صلة به ولا ذاكرة لها معه"، وساعد على رسوخ هذا التصور في بعض السنوات اللاحقة، تشتت الشعب الفلسطيني تحت سيادات وطنية مختلفة تساوقت أهدافها مع المحتل في محاولة اذابة هوية الشعب الفلسطيني ضمن المكونات الجغرافية التي لجأ إليها تحت ستائر متعددة، فتارة يحاولون تذويب الهوية تحت شعار العروبة وتارة تحت راية الدين وتارة تحت راية جغرافية لجأت اليها، حيث يتنمرون بأن انتمائك وولائك يجب ان يكون للدولة التي آوتك وحمتك وحملتك جنسيتها بعد ان كنت "لاجيء مقطع".

ديفيد بن غوريون عجّل فور توقيع آخر اتفاقات الهدنة الإسرائيلية - العربية عام 1949، بتكوين ما دعاه بـ"لجنة الأماكن اليهودية"، بقصد إعادة صياغة المسميات الفلسطينية العربية الإسلامية لكل المظاهر العمرانية وفقاً للمنظور الصهيوني (اليهودي التوراتي). وهناك من تساوقت اهدافهم مع بن غوريون بمحاولتهم اذابة الهوية الفلسطينية في مجتمعاتهم واقطارهم (التي تفتقد لمعنى الدولة وبعيدة كل البعد عن الاوطان)بدعاوى مختلفة فتجدهم يمنعون الفلسطيني من رفع علم فلسطين، بل يحولونه لمحكمة امن الدولة بتهمة "العلم" واكثر من ذلك فالفلسطيني ان صرح بذلك وبأنه من القرية الفلانية بفلسطين ومن قضاء كذا ينعت بالعنصرية والاقليمية وبسيل من الشتائم والمفردات الجاهزة والمصممة حصرا للقضاء عليه وعلى هويته في تساوق غريب عجيب مع نهج الاحتلال وسياسته.

ان الوطن هو الطيف الدائم الحضور في حياة الشعب الفلسطيني، وهو دائم السعي للحاق به، فهو الطيف والظل فإن غاب احدهما بقي الآخر وان غاب الاثنين بقي الامل وبه ينمو الحنين، به يتصبح ويتمسى، وعلى ذكرياته تغفوا الامنيات. إن الوطن هو الاتصال، اتصال كل شيء بما سيأتي من الأشياء إن الوطن هو ميراث الحياة، ميراث الدم ميراث الأرض، وميراث الذكريات ومنه لغتنا.
ان علاقتنا بالهوية والمكان متلازمة تشكل اول غراس الارض ومنها يتشكل حلمنا بوطن كسائر الاوطان؛ لكنه الاجمل بالنسبة لنا.
الوطن أن تنبت وتنمو وتتجدد في كل الفصول، وتسطع عليك الشمس نهارا ويسامرك القمر ليلا،وتتساقط عليك حبات مطره ولا تبتل . الوطن أن تغفوا على وجهك وأنت هائم فيه وأن تصحوا وقد تركت وجهك فيه يتجول ويتلوه ويتلون وانت تدعوا له بالتيه ويدعوا لك بالرجوع، وهذا معنى الوطن في الغياب. هو يعيش فيك بكل ما فيك وانت ليس لك فيه إلا الذكريات، وهذا يحمل معنى الوطن في المنافي والشتات.
أيتها الظلال، أيتها الأشياء أيتها الذكريات التي حين نفقدها تظل تطارد روحنا الهاربة منا ! أنت الوطن .

وللذين مازالوا يتواقحون بجرأة على مفهوم فلسطين كوطن ضارب في عتي التاريخ وللذين مازالوا يسرقون الذكريات ويعبثون بالاحلام عليكم أن تعلموا أن صرارة تكنس في زقاق القدس عمرها اطول من جبروتكم وتاريخ واحد من كنستها اطول من تاريخكم .
لو يعلم العابرون والعابثون والطامعون ما لباب من ابواب القدس من حضور في التاريخ لما جرأو على هذا العبث.
ان تاريخ باب من ابواب القدس كفيل لوحده بحفظ تفاصيل هذا الوطن من الضياع وكفيل لوحده بإعطاء هذا الوطن اسمه ومعناه عبر الزمن.

لذلك كله جائت خصوصية الهوية والمكان في الحالة الفلسطينية، والتي تتأتى من الحدث التراجيدي ذي العيار الثقيل(النكبة) الذي تعرضت له جماعة قومية كاملة، بحيث تم اقتلاعهم من مكانهم إلى ما يطلق عليه إدوارد سعيد في سياق آخر، خارج المكان، إذ يسقط القطار عن الخريطة، بحيث يصبح الزمن الفلسطيني بالمعنى الجماعي أولاً، وبمعانيه الفردية ثانياً، زمناً غير ممكن في مكانه الطبيعي».

فالمكان الاصلي ‌هو‌ الذي ‌يشكل‌ امتداد‌ الزمن‌ في‌ الانسـان.‌ وهـو ‌الهويـة التـي ترسـم صـورا للتعريف‌ عن ‌الذات.‌

وحســب رأي‌ "غاستون باشــالر في كتابه جماليات المكان" ‌فــي‌ أهميــة ‌البعــد‌ المعرفــي ‌الــذي ‌يخلقــه‌ المكــان، ‌وعــن‌قدرتــه ‌علــى‌ اسـتنهاض الحنـين فينـا كـي نسـترد الماضـي، فإنـه يسـتنتج أن المكـان يعـادل الزمـان أيضـا، وحين‌ يفلت المكان منا فإننا نفقد زمننا أيضا او ‌قد‌"‌نعتقد أننا نعرف أنفسنا من خلال الزمن، في حين أن كل ما نعرفه هو تتابع تثبيتات في أماكن استقرار الكائن الإنساني الذي يرفض الذوبان، والذي يود حتى في الماضي، حين يبدأ البحث عن أحداث سابقة أن يمسك بحركة الزمن".

إن فقدان ‌المكـان‌ شـكل‌ حجـر‌ الزاويـة ‌فـي‌ حيـاة ‌الفلسـطيني ‌منـذ‌ القـرن‌ العشـرين، ‌سـواء ‌عبـر‌
صـورته ‌عـن ‌ذاتـه‌(الهويـة)، ‌أم ‌فـي ‌انعكاسـاتها‌ علـى ا‌لآخـرين. ومـا فقـدان ‌الـدار‌ والارض ‌إلا ضــياع‌ لمعنــى ‌الكينونــة ‌والوجــود. ولهــذا‌ ســبب‌ وجيــه ‌يدرجــه اســتون باشــالر ‌حــين ‌يجــد ‌أن"البيت هو ركننا في العالم. إنه، كما قيل مرارا ، كوننا الاول، كون حقيقي بكل ما للكلمة من معنى".
وعليـه، يـرى باشـالر ‌أن‌ البيـت ‌الاول والمكـان ‌الاول ‌محفـور‌ان فـي ‌داخلنـا‌" فالبيت الذي ولدنا فيه هو أكثر من مجرد تجسيد للمأوى، هو تجسيد للاحلام كذلك".
وهنا يوازي البيت ‌الاول والوطن ‌المفقود ‌بالنسبة‌ للفلسطيني ،‌ وبالتالي ‌فهو ‌يملك الرمز ‌لكـل‌ ما‌ اعتبر‌ أنه‌ حقه‌ التاريخي‌ الذي‌ سرق ‌منه.
كانــت النكبــة ‌هــي‌التجربــة ‌الصــاعقة ‌التــي‌ غيــرت‌ مســار‌ حيــاة‌ الفلســطينيين، و غيــرت ‌مــن‌
طريقة ‌إدراكهم وتعاملهم‌ مع ‌العالم. و‌يرى ‌نور ‌مصالحة‌ أن ‌تجربة‌ طرد‌ الشعب ‌الفلسطيني‌ من‌ وطنه‌ أثرت‌ على
معنى ‌الهوية التي ارتبطت‌ بالاقتلاع‌ والترحيل:"وتلك لحظة أخرى ذات أهمية حيث يسترد المرء تواريخه المفقودة.
إنها التواريخ التي لمّسنا، والتي لم نكن نتعلمها في المدارس ولا في الكتب والتي كان لا يفصح عنها أبدا علينا أن نستردها. هذا هو الفعل الهائل لما أود أن أطلق عليه أداة تحديد الهوية او اعادة التعرف على الهوية، او اعادة التوطين، والسياسية التخيلية، والذي بدونه لا يمكن بناء سياسة مضادة.

في كتابه‌ "اختراع ‌الشعب ‌اليهودي" ‌يحكي ‌شلومو ‌ساند ‌عن‌ محمود ‌درويش ‌الشـاعر‌ الـذي‌ ارعـب الاحتلال لانـه كـان دلـيلا . وهـو مـا‌ أشـار علـى وجـود الفلسـطينيين الـذين ارادوا محـوهم، يظهـر ‌أن ‌الاسـرائيليين‌ أرادوا‌ محـو‌ صـوت ‌الـذاكرة ‌الفلسـطينية‌ بدايـة بالشـعر وانتهـاء ‌بالثقافـة، ممـا أدى بهـم للخشـية مـن وجـود شـاعر بمـا يفـوق أضـعافا من وجـود شـهيد.

يحكي خوان ويتيسولو في معرض تناوله أهمية ‌المكـان ‌أن جـان ‌جينيـه ‌لـم ‌ياسـر‌ اهتمامـه‌ أبدا المنظر الباريسي، وما كان للريف النورماندي أن يتسبب له بأدنى انفعال أو هزة.
كرر جينيه بعد فترة: بدون أدنى شّك "إن الوطن مثال أعلى لمن يفتقرون إليه .
سألوه: وفي اليوم الذي يستعيده المحرومون منه(الفدائيون الفلسطينيون)؟
صمت لحظة، ثم أجاب:
ّ - سيحّق لهم إذ ذاك، أن يفعلوا به مثلي، ما يشائون، بما فيه أن يلوح لنا ولا نعيره اهتماما".






#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهج الثوري والبحث عن الذات
- اوجعني الرصاص، لكنه لم يهزمني بعد!
- الافتخار والخجل : الشاعر عزالدين المناصرة نموذجا
- حكاية أغنية وإثبات نظرية


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند طلال الاخرس - الهوية المكان الوطن : فلسطين نموذجا