أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - مترجم لغات. . .يجيد ترجمة لغة الكلاب















المزيد.....

مترجم لغات. . .يجيد ترجمة لغة الكلاب


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5720 - 2017 / 12 / 7 - 11:04
المحور: الادب والفن
    


تصلح جميع الكائنات للصداقة أكثر من الإنسان ربما. استاء كلب كان يستمع لزوج يقول لزوجته سوف تعوّين مثل الكلاب ، ثار على ناصية طريق غاضباً من ذلك المخلوق الشّرير الذي يسمي نفسه تجاوزاً بالإنسان. سجّل بصوته الحنون رسالة يقول فيها: نحن معشر الكلاب لنا لغة تسمى العواء. هي لغة حبّ، غضب، فرح، وحزن أيضاً . نحن كائنات حيّة يقول فلاسفتنا : بأنّ الحيوان إنسان ناطق بلغة العواء، وليس بالضرورة أن يكون لسانه عربياً فصيحاً. فلسفة الكلاب هذه تعادل مقولة الفلاسفة من البشر أنّ الإنسان حيوان ناطق، وقد حان تغيير هذا المصطلح، فالحيوان ينطق بلغته، وربما علينا إجادة الترجمة بين اللغتين، وأعتقد أن ذلك ممكن.

تستأذنني صديقتي في جلب كلبتها أحياناً عندما تزورني، وقد تعودت عليها- أعني الكلبة -وأن يكون لديك كلب يعني أن عليك مسؤولية كبيرة في الإشراف على تفاصيل حياته، لذا أحسد صديقتي على صبرها مع كلبتها، وتحمّلها الأعباء المادية على تكاليف حياتها.
عندما تزورني ومعها كلبتها تبادرني هي بالتحية تضحك " الكلبة" وتبدأ في القفز حتى أمسح على رأسها فتدخل، ومباشرة إلى ألعاب حفيدتي. تجلب لي بعضهم، وبينما نبدأ بشرب القهوة مع قطعة من البسكويت. تضع رأسها على الطاولة مقابلتي، وتنظر في فمي مستنكرة أنني لم أعرها الاهتمام. أنا أراها لكنّني لا أتجرأ على إطعامها إن لم توافق صديقتي طبعاً. أتجاوز ذلك قليلاً في بعض الأحيان.
البارحة كان بيني وبين صديقتي عمل مشترك حيث تبرعت بتصحيح نص كتبته. بالسويدية، وتأخرنا في معالجة النص، وحان وقت الغداء، طلبت منها أن تبقى، وكانت قد جلبت معها طعام الكلبة، ووضعته لها. لكن هيهات! فهي تدير رأسها عنه كالأطفال، وتتبعني كظلّي، ترغب أن تتذوق طعامي، تصدر أصواتاً مفهومة بالنسبة لي ، توسلت إلى صديقتي أن نطعمها القليل من طعامنا بعد أن استغاثت بي, أكلته بنهم، ونظرت إليّ نظرة شكر. أعتقد أن لكلب أمي "بيّوض"، ولكلبة صديقتي "إنيا" فضل عليّ في تعلم لغة الكلاب. قد أعلن عن طلب وظيفة في ترجمة لغة الكلاب عندما يتاح لي ذلك.
هذه كانت مقدمة لموضوع أتحدّث فيه عن علم لغات الكائنات الحيّة، وقد قمت البارحة بترجمة لغة بعض الذكور الذين يتحدثون عن أعضاء المرأة الخاصة كنوع من الثورة، ولم أستطع ترجمتها حرفياً لأنّها مخجلة، فترجمته إلى لغة الكلاب كون الأكثرية لازالوا لا يفهمونها، ويعتقدون أنهم أفضل من الكلب.
كتب أحدهم نصاً طويلاً ولم أفهم منه إلا أنه رغب أن يقول أن أباه كان من الإقطاع، وكتب ثان يثور نيابة عن النساء يرغب أن تكون المرأة متاحة دون ضمان في الحياة. هذا النّص استحال عليّ ترجمته إلى أيّة لغة، فوضعته بين قوسين كما ورد دون ترجمة.
في قراءة لغة أخرى سورية لفئة علمانية يسميها البعض طائفية، وأسميها لغة الهروب من الحقيقة، وهذه اللغة تشتم الإسلام كدين، والمسلمين كأشخاص ، والعرب كقومية، وبعض الشتّامين عرباً، أو ربما أغلبهم عرباً. بالنسبة لي لا مشكلة لدّي في الشتيمة فوظيفتي كمترجم لغات، -ومن بينها لغة الكلاب- تستدعي أن أترجم بحيادية كانت ترجمتها كالتالي: نحن ثوار حقيقيون علمانيون. مع قتل المسلمين السنّة كإرهابيين والشّد على يد ترامب في كل مواضيعه المتعلقة بالعنصرية ، مع استثناء الطوائف. ترجمتُ الكلمات إلى لغة الماع.
أرسلت لي أم عيشة رسالة فيديو بلغة الإشارة كي أترجمه إلى اللغة المحكيّة الشعبية . لم تدخل أم عيشة المدارس، لكن لديها فراسة أنثى، وقد عرضتُ عليها أن نفتح مدرسة باسمها تلقن فيها النّساء كيف يصبحن حاميات للذكورة. أم عيشه هي الزوجة الخامسة للحاج أبو بكري، ومع أنّ الشرع أباح له فقط أربعة زوجات، لكنه معاذ الله أن يخالف الشّريعة، طلّق زوجته الأولى ابنة عمه أم عيشة -وخاواها-أي جعلها كأخته-وهي تعيش في غرفة من غرف البيت هي غرفتها، وهو يزورها كالساَبق، هو معروف أنّه حنون وعادل، لا يهون عليه أن ينقصها شيئاً. هي تدير الفرن، وتعمل به ويعطيها ثمن عيشها وعيش أولادها من أرباح الفرن. تقول أم عيشة طيب الله ذكرها. ابنتي عيشة مغفلة. لقد غسلت ضرّتي دماغها من أجل أن تتزوج أخاها دون مهر. ماذا نفعل؟
ابنتي تقول أنها واقعة في حبّه، وفي تلك العائلة هناك مجمّع أشبه بالكرخانة فهو يضجّ بالنساء والأطفال، ولا ترى الذكور إلا على العشاء هم ثلاثة أو أربعة ذكور وعشرة نساء.
ترجمت لأمّ عائشة الفيديو بلغة الشّارع" اللي بتطلب حمل ذهب بتساوي حمل ذهب" لا مشكلة أن يكون الزواج بلا مهر، فقط يجب أن يوجد حمل الذهب وتحتفظ به، وتسجل مهرها تمرة. أنت كان مهرك مئة غنمة. لم تستطيعي الفوز بواحدة. شريعتنا يا أم عيشة سمحاء. يمكن إيجاد منافذ بها. على سبيل المثال، وبعيداً عن المهر، يمكن تضمين عقد الزواج أي شيء تريده ابنتك مثل وعد بالمشاركة بنصف الممتلكات بعد الزواج، أو أن لا تلبس الحجاب كون الحجاب لا علاقة له بالدين مثلاً، وبهذا نكون قد توافقنا مع عقد الزواج الشّرعي، ومع التفكير الغربي ، عند الطلاق يكون الملك مناصفة لو سجلت ذلك في العقد.
سرّت أم عيشة بترجمتي، وقالت سوف أترجمها لابنتي، وأعلمها الثورة على المهر. هي ابنة امرأة خاواها زوجها، وعلى على فكرة زوجي نبيل أكثر من أخيه. لقد طرد أخوه زوجته الثانية مع أولادها لأنها حسب رأيه نكديه، ولا يصرف عليهم أبداً.
أتتني رسائل كثيرة كلّها تتضمن نصوصاً للترجمة، بعضها نصوص وطنية، دينيّة، علمانيّة، قومية، وفوجئت بإحدى الرسائل وعليها صورة القدس عاصمة لفلسطين لأترجمها، ترجمتها على الفور" يا ربي. كل ما نخسر شغلة منعملها هاشتاغ. بطلوا تحاربوا طواحين الهوا عن بعد يا أحرار." وعندما وصلت الترجمة إلى صاحبها هاتفني على الفور قائلاً: الترجمة هي إعادة تأليف، وقد أجدتِ ذلك. تستحقين مكافأة. أرسلت لك يافطة من الذهب الخالص مكتوب عليها: مترجم لغات. يجيد ترجمة لغة الكلاب.
أرسل لي أحدهم أيضاً: الترجمة خيانة. خنت قضيّة العرب الأولى، ولم أعرف ماذا يقصد فقد كنت قبل قليل في " اليمن السعيد" واعتقدت أنها قضيتهم. لكنه أصر أنها ليست القضية السورية، ولا اليمنيّة، ولا، ولا. ولا. فهمت ما قال، ترجمتها فوراً إلى لغة عنترة بن شداد.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاصرة في جبل الكريستال
- الانتهازية من بين قيمنا المجتمعيّة
- لماذا يكون للقارة القطبية الجنوبية البعيدة دور مهم جدا في تس ...
- شمس محروقة
- ما هي بريطانيا أولا؟ المجموعة اليمينية المتطرفة التي أعاد دو ...
- سلطة الأبناء على العائلة
- سجن يدعى غزّة: كتاب جديد يقدم نظرة مذهلة عن الحياة اليومية ف ...
- افعلها ثانية، وبشكل سليم
- جهنّم، وجهنّم الحمرا، والوطن
- يوم جميل لم يصبح جميلاً أبداً
- هو أبي. . . النّذل
- يقدّسن الزّوج الخائن
- إعادة تعريف الدّعارة
- المكبوت في أعماق النّساء
- تداعيات حملة METOO#
- لا ضرورة للمعارضات السّورية
- عناصر الأمن السوري يعملون كنشطاء سياسيين
- #MeToo
- أنماط حياة والديك يمكن أن تحدد وضعك الصحي كبالغ
- جديرة بالحبّ


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - مترجم لغات. . .يجيد ترجمة لغة الكلاب