عناصر الأمن السوري يعملون كنشطاء سياسيين

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

الحوار المتمدن-العدد: 5704 - 2017 / 11 / 20 - 16:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

سوف أورد تعليقاً حول حادثة إحراق سجن الحسكة بمن فيه.
عندما تم إحراق السجن كنت أنا وعائلتي في زيارة لقرية في منطقة الحسكة اسمها " شيخ فاطمة" قالت لي سيدة المنزل بلهجتها الكردية بأن سجن الحسكة" شوّطي" أي أحرق بالكردي، وأضافت أشياء أخرى تعرفها من قريبتها التي كان ابنها مسجون، وقالت المرأة: يقال أنهم دهنوا السجن بمادة حارقة" انتهى حديث السيدة.
وصلنا إلى بيتنا في القامشلي، أتت جارتي، وزوجها مساعد بالأمن السياسي، وقالت ألم تسمعي بالسجناء الذين شطبوا أنفسهم بالشفرة، وأحرقوا السجن. استمعت لها، والحقيقة أنّ الأمر التبس عليّ، ثم أتى قريب زوجي، وهو صديق الأمن العسكري فتحدث عن نفس حديث جارتي، ومن ثم أتت ابنتي من المدرسة، وقالت أن صديقتها قالت لها نفس القصة، ثم كتبت صحيفة تشرين التي كنا نشتريها من أجل حل الكلمات المتقاطعة عن الموضوع، ثم كتبت نضال الشعب الخير، وعرفنا من خلال الموكلين أن السجن أحرق ولا يد للسجناء بحرقه، فأردنا أن نقوم بحملة معاكسة، وفي زيارة إلى دمشق قلت لأحد ناشطي المعارضة آنذاك عن قصة السجن، فقال لي: تكلمي بحديث معقول! صمتّ يومها، وعرفت أن الحقيقة قد تموت.
في مأتم زوجي. حضرت بعض الجهات الأمنية للتعزية، فقالت لي زوجة أخو زوجي الذي كان رئيساً لغرفة التجارة متبجحة. أتوا إكراماً لزوجي كي يعزونه بأخيه!
أحد أصدقائي الذين أثق بهم أرسل لي كي أتواصل مع شخص في السويد، وعندما تواصل معي أمضى ساعة ونصف الساعة يتحدث عن علاقته الوطيدة، وصلته مباشرة ببشار الأسد، لكنه وقف مع الثورة، ولا زال يستطيع أن يقوم بالكثير، فقد عمل على تسفير والده إلى تركيا بسيارته بعد أن أرغم الأجهزة الأمنية على الموافقة.
تحدثت لي عاهرة من القامشلي عن وضعها عندما أرادت أن تهاجر وليس لديها وثائق سفر لأن هويتها بيد الأمن ، وهي ملزمة بالعودة إلى البيت الأبيض. سألتها: هل هو في أمريكا؟ قالت لي: لا. تلك البيوت البيضاء على طريق الحسكة هي لنا، ونحن نوكل المحامي" س" في قضايانا الغير جنسية. شرحت لي قصتها مع عنصر الأمن ثم سجنها في سجن النساء، ثم نقلها لمحل دعارة. كانت صادقة. قالت: في البيت الأبيض تعيشين حياة فيها طعام وماء ساخن وحمام وصابون، الوضع أفضل من بيت أبي، وقد تعودت على العمل، وأرسل لعائلتي بعض المال. هم تبرؤوا منّي في العلن، لكن الذي اغتصبني هو عنصر أمن كان يأتي إلى بيتنا.
وتشاركت إحدى المحاميات مع ضابط في السجن في القامشلي، وكان العقد غير المكتوب ينص على أن يرسل لها دعاوى السجن، والأرباح بالنصف، وعندما حاولت في إحدى المرات أن تخالف الاتفاق غير المكتوب شعر بحاسته الأمنية أنها غشته فانتهى بها الأمر لتشويه سمعتها، وترقين قيدها.
صديقتنا المحامية العازبة أعطت بيتها للأمن العسكري كتعهد، وكان متعهد الظل يراجعها على الدوام، وأحيانا الضابط محمد منصورة يأتي إليها للنقاش في أمور عامة، وتذهب والدتها بسيارة الحارس إلى "القابي" الحدود السورية التركية، فتجلب ملئ السيارة من خيرات تركية التي صادروها مجاناً، وفي إحدى المرات كان متعهد الظل قد اختفى من حياتها، فسألته كونه من أقاربنا: ماهي قصتك مع المحامية؟
قال: لم اعد قادراً على تلبية طلباتها. كنت قد جلبت لهم خبزا باللحم في مرة، وترغب أن أجلب لها كل يوم.
هذه المتفرقات التي أسردها تبين أن الأجهزة الأمنية ناشطة في كل مجالات الحياة، ومع أشخاص نعيش معهم. أغلبهم الأقارب والأصدقاء.
إن لم تكن على علاقة بطريقة ما بالأمن فأنت استثناء، ففي إحدى المرات قلت، وبخوف لو أن مظفر النواب بقي في بلده وتعامل مع صدام لكان أفضل له من أن يأتي إلى سورية لتسوّقه الأجهزة الأمنية، فقاطعني كل من تكلمت عنهم، ولا أخفيكم سراً بأنني لم أنم تلك الليلة من خوفي.
وكنت أخوض نقاشاً في إحدى المرات مع عضو لجنة منطقية من الحسكة حول دعوى من أجل طفل قلعت عينه في معسكر الطلائع فأتى أبو الطفل وكان شيوعياً ليوكلنا وتدخل الحزب لمنعه، والدعوى رابحة، فالنظام لا يسأل عن تلك الدعاوي، لكن الرجل أصرّ أنه لو أقام والد الطفل الدعوى لأسأنا إلى علاقتنا بالجبهة الوطنية ، وعندما تحدثت أكثر قال لي ساخراً. كان شخص حريص على ابنه، وكانت ذبابة تقف على رأسه وهو نائم .قذف الأب الذبابة بحجر كبير ثقبت رأس الطفل. قلت له: تقصدني. قال: نعم
رميت بالأوراق إلى الرجل، وقلت له: عندما تحبّ ابنك أكثر من المخابرات. اجلب الأوراق. سوف أعمل لك مجاناً، ثم أشرت لهما وأنا أقف: اخرجا من مكتبي.
لا يمكننا فصل ذلك التداخل، وإبعاد ذلك التخريب، فالحديث طويل جداً، والتفاصيل دقيقة. فبين الأخ والأخ شعرة فاصلة هي أمنية المنشأ، وللحديث بقية .

#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل