أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - أجمل لوحة . . في العالم














المزيد.....

أجمل لوحة . . في العالم


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 5641 - 2017 / 9 / 16 - 14:14
المحور: الادب والفن
    


أجمــل لوحـة . . في العــالم
قصة قصيرة
أمين أحمــد ثابت
11سبتمبـــــــر 2017م.




يجلس على كرسيه الخشبي المتهالك ، في الزاوية البعيدة من فناء داره ، الذي يقطن فيه منذ ربع قرن ماض أو يزيد – بعد ستين عاما . . يرضخ لهاجس ظل يلاحقه ، من سنين قليلة لاحقه من عمر البلوغ .

. . . . ارسم . ارســــم .
. . بريــــشتك . . ستخـــــلق أجــــمل اللوحـــات
. . لـم . . لــن يرســـــم . . مثــلها .
. . ارســـــــــــم .

أسدل على زاوية من ركنه البعيد ستارة مهلهلة – لتغلق المدار عليه – لطخ ضلعي مثلث مرسمه ، السقف والارض وملبسه . . بالألوان ، بعد أن رص على منضدته القديمة اقلام الكربون . . والكثير من فرش الرسم – بمقاييسها اللامتناهية – وعلب وأصابع الألوان من كل صنف ، وركنت بلفات اوراق المقوى البيضاء ، واخرى سميت له بقماش ورقي – رفع واحدة وألصق حافتيها بضلعي مرسمه الخشبي . . من الأعلى – جلس على مقعده ، وبيد فنان محترف امسك فرشاته المغمورة بلون زيتي ، كانت ممدودة باسترخاء حنون في اتجاه وجه الصفحة البيضاء – كان رأسه مرفوعا إلى الاعلى . . متأملا ، مطاردا هاجسا . . في حالة من الشــرود .

في اعوامه الاولى من العشـر سنوات من عزلته . . سأل عنه العديد من معارفه ،




من اقاربه الزائرين . . حتى الجيران

- أين الدكتـــور رشـــاد ، هل . . مسافر
. . سنوات مختفي ؟؟؟؟!!!
- أءء . . مجنــــون .
اخـــر عمره . . قال . . سيرسم ! ( زوجته باستهجان )
لا يقبل أحـــد . . حتى أن يقترب إلى مكانه .

تحول البيت إلى جحيم في فتراته الاولى ، صراخ ، لعن ، شجار ، واستعابات لما . . يفعله ، لم يتوقف الامر حتى للحظة واحدة من كل يوم . . حتى نسيه الجميع بعد مرور شهور طويلة . . من حالته المستعصية التي وصل إليها .

لا إجابة . . لمن يسأل من معارفه عنه – متى يخرج ؟ ، متى نشوفه ؟ ، ماذا يرسم ؟ ، كم لوحات رسمها . . خلال . . سنوات الاختفاء هذه ؟ - الدكتــور . . عبقري ! ، حرام أن يكون . . في هذا البلد المتخلف .

كل يوم . . ما أن يصحو . . يظل في مرسمه الغار ، حتى تغرق الدنيا بالظلمة ، وتكون قد اضيئت لمبة خافتة على مساحته النائية عن المخاليق - إلا أن تصيبه نوبة من غفوة النعاس - يظل رأسه مرفوعا في تأمل ذهاني متشتت في الاعلى ، بعد أن غيــر العديد من مقاييس
فرش الرسم ، المغمورة بالوان تبدل تكرارا . . ما أن يهم لمد يده المرتعشة إلى صدر الصفحة البيضاء ، وبدء وضع لمساته الاولى - يغير الصفحة تلو الاخرى - في كل مرة - من كل يوم من سنواته العشـــر ، يمزقها بحنق ، يطوحها في الهواء – ارضية المرسم لم تعد سوى طبقات من الورق الممزق يقف عليها ، معجونة بالسوائل اللونية – لم يطل رشاد . . سطح ورقة بيضاء . . من تلك المعلقة على مرسمه الخشبي . . بعد ز


رحل زمن طويل - لم يحس به – لم يعد يذكر احدا ، لم يعد يعرف شيئا ، حتى اكله ومشربه ، سوى حين تقطع عليه خلوته تقلصات امعائه النائحة ، وحين تعصره معدته بآلام حادة ، يرفع طرفا سفليا من ستارة مخبئه المهلهلة ، يمد يده آخذا بضع قضمات مما ترك له من اكل في صحن صغير ، يرتشف قليلا من الماء ، ثم يسدل الستارة ليغرق في مسرحه المعتاد ، يلاحق هاجسا . . ويرتحل معه ..........

كم من الوقت . . مر على اختفائه ، تزوجتا ابنتيه ، سافرتا بعد أن انجبتا كل واحدة له حفيدا ، وأمجد ابنه كان قد هاجر من زمن بعيد ، بعد أن كانت حالته قد وصلت إلى الجنون - لم يعد يذكر احدا ، لم يعد . . يعرف شيئا ، لا يرى احدا – خيم الهمود دار رشاد ، بهت كل ما فيه ، شاخت امرأته - من زمن بعيد - عاركت وحدتها في الجلوس امام التلفاز القديم ، تبتلع عالمها ادمانا في متابعة المسلسلات الميلودرامية المترجمة باللغة العربية صوتا – كانت تغرق عيناها بالدموع عند كل مقطع من ذوبان العشق أو الهجر أو الخيانة – تتسمر غالبية اليوم في جلستها تلك ، متناولة القات الذي لا يغادر فمها من بعد تناول وجبة غذاء بسيطة عند الظهيرة ، ووفق عادتها تضع صحنا صغيرا فيه قليلا مما تأكله ، تارة رزا بعدس أو بضع بسكوتات أو كعك من تلك التي ترسل إليها من بعض الاقارب او الجارات ، تضعه وشربة ماء على ذات الموضع من الركن المعتاد من الستارة المنسدلة ، دون أن تنبس بحرف واحد تعود إلى زاوية جلوسها لمضغ القات ومتابعة مشاهداتها .

مازال رجل السبعين عاما أو يزيد قليلا - كعادته - يجلس باسترخاء تأملي يلاحق لوحته الفريدة ، يده ممتدة في اتجاه صدر الصفحة البيضاء ، بفرشاة كانت مغمورة بألوان زيت مدمجة ، يتجمد برهة ، ولأول مرة . . يحيل بصره إلى صدر الورقة الواقفة انتظارا امامه ، تنســـل بسمة حنان عريضة رسمت على فاهه ، ذبلت عيناه سريعا في مزيج من العشق وألم الاحتضار ، يلتوي حقوه عن موضع الجلوس ، و . . يسقط ميتا .



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقص مترآئي . . في بلد منتحب
- بلد . . بناتج الحريق
- كان . . لنا وطن
- لي . . عشقي
- تراتيل . . افك الحصار
- خطأ الحكم على المجلس السياسي الانتقالي الجنوبي
- نعز . . وجع المرآآة ومضة
- حرقة قاتلة. . . عسى من يلتقط
- متحرك العقدة الفنية لمسرحية الحرب. اليمنية , على الصعيد ال ...
- سيدي الموت. - مرة اخرى. ... نثر شعري
- فك مشتبكات معاصرة . . في جدل التحرر الفكري ( عند الشباب العر ...
- صرخة . . مستغيث
- عزائي . . أمريكا
- أغني . . للفراغ. ( نثر شعري . . للحظة )
- بماذا منشغل عقل الانسان اليمني العام ؟ .... 4. ( الجزء الاخي ...
- مضطرب ملهاة الحرب اليمنية - فتح لضبابية الرؤية
- إلى كل محب للانسانية
- لكل يمني شارد الذهن ، مغلولا حلمه في لقاء الكويت
- بماذا منشغل عقل الانسان اليمني العام ؟ .... 2
- وطن . . البرميل ( العربي )..... ......... قصة قصيرة


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - أجمل لوحة . . في العالم