|
.......!فتنة الكاريكاتير
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1454 - 2006 / 2 / 7 - 07:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لعلّي أشعر بالتقزّز - حقّا ً- عندما أجد أن هناك من يتحدّى أية قناعة مقدّسة لدى الآخر، أياّ ً كان ، منطلقاً بذلك من ذرائع ملفّقة ، سواء أكانت مبنيّة على قاعدة زعم حريّة الرأي ،أو إلغاءالآخر ، أو سواهما، وهو سلوك مرفوض، ينمّ عن جهل حقيقي بثقافة الآخر ،وانتهاكاً لحرماته،ومقدساته ،سواء أكان ذلك بحق ّتماثيل بوذا، أو اعتداء على كنيسة، أو كنيس ،أو مزار إيزيديّ، أو زردشتيّ ، أو أيّة صومعة ، أو معبد ،أو أيّ مقدّ س ديني ّ، لدى أيّ شخص ، أو شريحة ، أو فئة ، أو طائفة ، أو قوم ، أو ملة ،سيان إن كبرت أو صغرت ...........! وبدهيّ ، أنّه حين يتمّ تصعيد مثل هذا الاعتداء الآثم على أحدالمقدّسات والرّموز أو الرّسل ، وكما في حال محاولة الاعتداء على الرّسول الكريم محمّد ( ص )، فإنّ للأمر صدى ذا خصوصية ،وبعداً آخر ، لدى السّواد الأعظم من أبناء البشريّة، على مختلف الملل ، والنّحل ،والمعتقدات ، والأديان ،حين تكون المنظومة الأخلاقية سليمةً ، معافاةً ، غير معطوبة ،وغير ملوّثة، وعندما ننطلق من الالتباس الفظيع الذ ي يتمّ - الآن على أشدّه - وبتخطيط ملحوظ ،بين الإسلام كجوهر ،وكزعم،وإدّعاء،وبعيداً عن ديدنه السمح، وهو-نفسه - ما يمكن قوله، إزاءأي اعتداء على الرسل والنبيين والمقدسات،بهذا الشّكل، أو ذاك ، من المؤامرةالمفضوحة!............ شخصيّا ً ، عندما اطّلعت على هذه الرّسوم المشمئزة المسيئة للرّسول عليه السلام ،والمنافيّة للقيم والأخلاق ، انتابتني قشعريرة من هول ما رأيت ، ورحت أقوم بمحاكمة ماأراه ، والبحث في دواعي وأسباب هذه الفعلة النكراء ،المرفوضة، ولعلّي - على الفور خمنت ، وانطلاقا ً من طبيعة هذه الرّسوم الكاريكاتيرية ، أنّها ردة فعل عمياء ، غبيّة على الإرهاب المتأسلم ، هذا الإرهاب الذي يتحمّل - قبل أيّ آخر- القسط الأكبر من الإساءة إلى الإسلام ، وإن مثل هذه الرّسوم هي نتاج أصداء عمليات الذّبح الوحشيّ- ولم أقل البيهيميّ البريء في أمثلة كثيرة - بحقّ الأبرياء، ومنهم المسلمون الحقيقيون ،باسم الإسلام، ومن قبل الحفنة الدخيلة على هذا الدين، من قبل هؤلاء "المتأسلمين"" التكفيريين " الذين هم - في جوهرهم - وحوش بشرية، تشكّل أخطر وباء عصريّ، على الإطلاق ،تتوزع أربع جهات الأرض،وتخلو قلوبها من أيّة مشاعرإنسانية ،وهي في تصوري أشدّ بشاعةً مّمن رسم ، أو نشر ،أو آزر هذه الحملة البربرية الشعواءعلى المسلمين، والرسول الكريم.... ومن عجب ، ألا يتمّ فهم أبعادهذه المؤامرةمن قبل المؤسّسات الإعلامية والرسمية الإسلامية - ولاأقول العربيّة - التي راحت تتناول- الحدث - من زوايا ضيّقة ، ووفق حاجة موقوتة - مع أنها ستنقلب عليه ،لاحقا ً- كمن يحتضن "الأفعى" ليدفئها بحسب الأسطورة الكردية - في الوقت الذي كان ينبغي فيه الردّ على هؤلاء بحكمة ، وعقلانية ، من خلال إظهار الوجه الحقيقي للإسلام ، ومن خلال التركيز على إنسانية ، وخصال الرّسول ، إعلاميّا ً وثقافيّا ً،وعبر حوار راق، دعا إليه الرّسول نفسه ، دون أن يتمّ تأجيج العواطف ،وتهييج المشاعر ، وتحريك الشارع تجاه هذه السفارة ، أو تلك الكنيسة ، وهو سلوك ينمّ عن عجز الاحتجاج ، وقصور ذهنيةالمحتجّ ، لاسيّما عندما يسهم في استفحال الأزمة ، أو الإساءة إلى الآخر، كما تم إزاء الاعتداء على إحدى كنائس بيروت ،بأسف ، دون أي مسوّغ ، بل نتيجة إنفعال جاهليّ ، أو مخطط له بلؤم ،وخساسة......! ومن هنا ، إنّ هذه الأعمال الشّنيعة التي تمّت تحت سطوة حمّى إسلامويّة ، لا إسلاميّة ،ومن بين من انساق، وانخرط في لجتها ،بالتأكيد، "آلاف "الذين لا يعرفون ماذا يفعلون ، بل راحوا يتصرّفون بمحض نوايا طيبة ،وغريزية معروفة ، وتم ّاستغلالهم - وأسهموا في تحقيق المخطّط الذي تحرّكت الحملة -أصلا ً- من أجله ،بل وللأسف ، ترسيخ ما وراء خطوط تلك الرّسوم ، في ذهن الغربيّ ،البسيط،الذي بات التأسلم يحيله- عبر لا وعيه - من خلال أيّ حادث تفجير ، أو تفخيخ ، أو ذبح ، من الوريد إلى الوريد - زرقاويّا ً - ولاأقول إسلاميّا ً ، معاذ الله ،إلى الإسلام الحنيف، وهو ما تسهم جهات كثيرة ، مدفوعة من ديدن مصالحها الاستبدادية ، لترسيخ هذه الصّورة المشوّهة في الأذهان....!. أجزم ، أنّ مثل هذه المسيرات ، كان يجب أن تبدأ ، ومن كلّ العواصم العربيّة والإسلاميّة ، بأكثر ، عندما يتم ّذبح شرطيّ عراقيّ بريء ، أو اختطاف صحفيّ ، أو ناشط في حقوق الإنسان ، أو عامل بائس ، من قبل عصابات الإرهاب التي تتحمل - مع من وراءها - وزر أي فهم خاطىء لجوهر الإسلام ، ونبيه ، وبنيه، على مختلف لغاتهم ، وأقوامهم ، وهم أبناء هذه الأمة،أعني الإسلامية.......... وأخيراً ، هل سنشهد قريبا ً أن حكومة العطريّ قد قدّمت استقالتها، لما وجده العالم- بأسره - من صورة غير حضارية ،للأسف - من حرق للسفارة الدانماركيّة ، أوالنرويجيّة،في دمشق ،مع أنّ قوات حفظ النّظام، تقمع أيّ اعتصام سلميّ ،عادةً ،يقوم به ، ولو ناشطون من أجل حقوق الإنسان، احتجاجاًعلى الانتهاكات الفظيعة بحقّ المواطن،وفي تصوري ، إنّ ما تمّ بعيد عن أخلاقياّت المواطن السوريّ، وهو ليدلّ على عمق سحيق في الأزمة والصراع داخل النظام ، ومحاولة من القوى التي لا تريد الخير للوطن والمواطن- من داخله - لخلط الأوراق، كي يتمّ تناسي ما اقترفته بحقّ مواطنها ،فسادا ً واستبداداً، على امتداد عقود .......مضنية.......حقا ً........!! .
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم كردي في روزنامة السيد الرئيس....!
-
رسالة مفتوحة إلى مؤتمر اتحاد المحامين العرب..!
-
عبد الحليم خدام : مقاربة لفهم شخصية واضحة في الأصل
-
وقّع .......ولا ..تقع.......!
-
ضدّ العدوان على - سوريون
-
عبد الحليم خدام - فاسداً- : صح ّالنوم...!
-
القضية الكردية في سوريا ليست مسألة إحصاء، فحسب
-
فضائية روج الكردية - شهادة لابد من الإدلاء بها....!
-
محافظ الحسكة يوقع ولا يعرف .....!
-
محافظ الحسكة يوقع ولا يعرف......!
-
2-2 كمال مراد... وداعاً.
-
كمال مراد وداعا ً....!
-
البلشفي الجميل كمال مراد يرحل مبكرا ً
-
من المستفيد .. من التضييق على هذا الكاتب؟
-
لننكسر أقلامنا......... محاولة لإغلاق آخر نافذة أمل إعلاميّ
...
-
جينوسايد في كردستان إيران ........!نداء إلى الضمير العالمي:
...
-
من ولد الطايع إلى الولد الضائع
-
عاجل جدا ً..إلى السيّد وزير الكهرباء وكلّ من يهمّه أمر مكافح
...
-
اعتصام سلمي ّ .. على طريقتي الخاصة...!
-
ملالي إيران و أبجديةالنار والحديد
المزيد.....
-
نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب
...
-
“محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام
...
-
سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل
...
-
مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق
...
-
الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
-
قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ
...
-
أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ
...
-
قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ
...
-
صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|