أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروة التجاني - ادخل يا دوشامب














المزيد.....

ادخل يا دوشامب


مروة التجاني

الحوار المتمدن-العدد: 5549 - 2017 / 6 / 12 - 16:16
المحور: الادب والفن
    



- البدايات : تخيل نفسك عزيزي القارئ وأنت تملك منزلاً خاوياً وعليك ترتيبه وتأسيسه ، كثير من الأثاث والأشياء حولك ستنتقيها وفق ذوقك الخاص طالباً فيه أقصى معايير الكمال والمعاصرة في الزمن الذي تعيش فيه ، بعد فترة من الزمن ستتماهى مع الأشياء وتبدو مألوفة ، لن تثير فيك إنفعالاً جمالياً إلا بمقدار تفاخر البعض بما إقتنوه وإن كنت ذا ذوق رفيع ستذهب إلى حيث يعرض الفن كمفهوم عام في المعارض .. لكن مارسيل دوشامب تمكن من كسر قواعد المألوف والمتعارف عليه ويمكن إيجاز الحدث الفني الأكبر في القرن العشرين بمقولة ( الجاهز الصنع ليس فناً بل مسألة عقلية ) . فماذا فعل دوشامب ليحطم تقاليد الفن ولنبدأ معه مرحلة جديدة ؟ .. في العام 1917م وحيث تقام فعالية لعدد من الفنانين تقدم وهو يحمل مبولة عادية جاهزة الصنع لعرضها كعمل فني ورغم الصدمة التي أثارها والإعتراض إلا أن الجملة الأخيرة كانت .. أدخل يا دوشامب . هكذا تحول عمله الفني النافورة لأكبر حدث جمالي والحق الحق يقال لم يكن حدثاً بل كان قطيعة مع كل ما هو سائد ومتعارف عليه .



- العبث باليومي : طرح عمل النافورة لم يكتفي بإعادة تجديد السؤال عن ما الفن فقط بل تجاوزه لسؤال ما اليومي المعاش؟ ، نحن نحيط أنفسنا بالأشياء عن وعي بها ودون وعي لكنها تظل موجودة وحاضرة في حين ندور نحن في فلكها دون أن نتوقف للحظات ونسأل ما كل هذا ؟ ، وبعيداً عن الأبعاد الجمالية تذهب بنا النافورة لإدراك الشئ فحين تتوقف يا أخي وتسأل ما الملعقة ؟ ما ساعة الحائط ؟ ما الشماعة ؟ ما أكوام التراب فوق النافذة القديمة ؟ حينها ستدرك أن الأشياء حولك وإن كانت جامدة فهي موجودة بشكل مرعب وتؤدي وظيفة ستبدأ بملاحظتها حين تغيب الأشياء . منذ أزمنة والفرد العادي يعمل على نقل الفنون إلى ممتلكاته الخاصة دون وعي ، ليس ضرورياً أن تملك مبلغاً ضخماً لشراء أثمن اللوحات فالرجل العادي يحاول جاهداً تزيين محيطه بالأشياء لكن دون وعي ، بالتأكيد ليست جميعها أعمال فنية ، لكن النافورة تقول حين تبدأ بإدراك وجود الشئ فأنت ترى فيه البعد الجمالي والعقلي وخلاف ذلك . النافورة حولت اليومي ، البديهي ، المفترض إلى إدراك علاقة وظيفية فما تراه ضرورة وتتماهى معه يؤدي وظيفة ليس بمقدور الفرد العادي منا بلوغها .. إذن كما للإنسان ماهيته ، فاللشئ ماهيته ، وكما تحيا وتموت أيها الأنسان ، يموت ويحيا الشئ .



- النافورة كتجريد : كانت النافورة عمل فني خالص لاشك في ذلك حين ننظر إليها مجردة من الوظيفة ، العلاقة ، الرغبة ، الشعور والإحساس الذي تثيره فينا ، احملها وضعها في كوكب مهجور وتأمل دقة الصنع والزوايا وهذا النحت ، لابد إنها ستثير فيك إنفعالاً خالصاً كشكل ودلالة جمالية . هنا لم يعد المستهلك المتاح للكل مجرد غرض بل عمل دقيق يقف خلفه صانعون ومخيلة بعيدة ، تحول الشئ المستهلك والمألوف إلى عمل جمالي ، أنت محاط بالجمال ، لكن وحين ندرك ذلك فسنقع في هاوية أخرى الا وهي الإفراط في الجمالي والفني ، حينها سنبدأ في قتله والبحث عن مصادر أخرى تشبع غريزتنا _ نحن الكائنات البشرية الهائمة في الزمن _ لكن نحن من صنعناها .. نحن من صنع الأفراط في التجميل وآن آوان قتله ، هنا يجوز لنا القول أن الأشياء رغم كونها أشياء فهي تدرك وجودها المفرط فهل تحاول هي قتلنا وذلك بتماهينا معها و تحولها لمألوف أكثر من الوجه البشري بذاته ؟ ، الا تتوزع ذاتنا فيها فلا يبقى لنا غير وجود مبهم نسقطه عليها .




- قتل الخارج : تمكن دوشامب في عمله الرائع النافورة من قتل الخارجي - الجمالي ، حيث يمكن داخل حجرة ضيقة أن تنشئ معرضاً كاملاً من الذائقة الخاصة ، وتحول الخارجي - الجمالي إلى عرض ومشاهدة عامة تعينك على تحديد وتهذيب الذائقة ، يرد دوشامب الفرد والعمل إلى داخله ليبدأ عملية البحث عما هو بديهي ومفترض ويسأل ما ماهية المفترض والممكن ؟ ، احدثت النافورة إنقطاعاً ليس في الحركة الفنية الحديثة وحسب وإنما إنقطاع بين الداخل والخارج ، بين الفرد والشئ ، وأخيراً ما العمل الفني إن لم يحدث الصدمة ؟ .



#مروة_التجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذاق العدم
- كفاح المثلية الجنسية .. نصدقك يا وايلد
- خطاب الورود
- الأنسان - الجمهور
- إلى السجن مرة أخرى
- القراءة والكتابة
- في الواحدة صباحاً
- لتعد إلى الحياة يا باستر كيتون
- قبر
- الخروج من السجن
- الميت المبتهج
- كفاح المثلية الجنسية. شكراً .. الآن تورنغ
- تأويل النكتة
- هذا السجان سيقتلني
- سؤال الزواج .. والحب
- آخر يوم في السجن
- تلاعب الإعلام
- السجن .. الاختبار العظيم
- ما بعد موت الإله


المزيد.....




- فنانة لبنانية ترقص وتغني على المسرح في أشهر متقدمة من الحمل ...
- “فرحة للعيال كلها في العيد!” أقوى أفلام الكرتون على تردد قنا ...
- موسيقيون جزائريون يشاركون في مهرجان الجاز بالأورال الروسية
- الشاعر إبراهيم داوود: أطفال غزة سيكونون إما مقاومين أو أدباء ...
- شاهد بالفيديو.. كيف يقلب غزو للحشرات رحلة سياحية إلى فيلم رع ...
- بالفيديو.. غزو للحشرات يقلب رحلة سياحية إلى فيلم رعب
- توقعات ليلى عبد اللطيف “كارثة طبيعية ستحدث” .. “أنفصال مؤكد ...
- قلب بغداد النابض.. العراق يجدد منطقة تاريخية بالعاصمة تعود ل ...
- أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج ...
- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى


المزيد.....

- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروة التجاني - ادخل يا دوشامب