أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - دوافع التطرف في رواية -دروب النار- عباس دويكات















المزيد.....

دوافع التطرف في رواية -دروب النار- عباس دويكات


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5451 - 2017 / 3 / 5 - 17:09
المحور: الادب والفن
    


دوافع التطرف في رواية
"دروب النار"
عباس دويكات
اعتقد أن هذه الرواية من أهم الروايات، حيث تناولت دوافع التطرف الديني، وبلا شك أن الموضوع حيوي ومهم جدا، لنا، خاصة في ظل انتشار الفكر التكفير، الروائي "عباس دويكات" يكتب بموضوع جديد، وبأسلوب جيد أيضا، فنجد في هذا الرواية صورة فنية تفتقدها أعماله الروائية السابقة، وهذا يحسب له، ونجد هنا تضمين الرواية بالآيات القرآنية وهذا جعل النص منسجم بين المضمون وشكل السرد فيه، على العموم تبقى هذه الرواية هي الأولى ـ حسب معرفتي المتواضعة ـ التي تحدثت عن الدواعش والفكر التكفيري في المنطقة العربي، وهذا يعطي الرواية أهمية خاصة، سنحاول أن ندخل إلى عالم الرواية ونبدأ دوافع التكفير.
دوافع الفكر التكفيري
القمع السياسي وما يتبعه من حرمان للحرية بكافة انواعها، حرية الرأي، الفكر، العمل، الحركة، كلها تجعل الشخص يعاني من حالة الاضطهاد والتي ستنعكس على تفكيره وعليه سلبا، فأول انتكاسة تصيب الراوي "صادق عزيز العبد الله" كانت من خلال فصبه من العمل:
"ـ آسف لم يوافق عليك أمنيا.
ـ وما علاقة عملي بالأمن؟
ـ لا عمل لأحد في أي وظيفة إلا بموافقة أمنية" ص92، بعدها تبدأ رحلة العذاب والبحث عن عمل، إلى أن يجد الراوي عمل في احد المصانع بأجرة متواضعة جدا، إلا أنه يبقى مطارد من قبل أجهزة الأمن: "ـ أنت كاذب، أنت هنا لتؤسس خلايا ضد السلطة الشرعية.
ـ أنا لم اتصل ولم أعرف أحدا من المدينة، أعمل في النهار في المصنع وأنام في الليل مع الحارس.
ـ أعلم ذلك، وهذا هو أسلوبك الخسيس" ص148، وإذا علمنا أن بطلنا كان قد تعرض للاعتقال على يد قوات الاحتلال، نعلم حجم المأساة التي يمر فيها، فهو يتخلص من قابض الأرواح، ليجد ملك الموت أمامه: "تقدم جندي، قيد يدي خلف ظهري، غطى عيني بقطعة من قماش، قادني إلى الخارج" ص96، وكلنا يعلم حجم التعذيب وبطش المحتل مع المعتقلين الفلسطينيين، فهم يخضون لأساليب وحشية وذكية في ذات والوقت وعلى الأسير أن يتحملها، من اساليب التعذيب هذا الشكل: "ـ ... سأخرج يا صادق، سيحضر لأفريقي في الغرفة، قد يلحق بك الأذى، قد يغتصبك، وغادر الغرفة" ص102، إذن "صادق" يتعرض لممارسات وحشية غير أخلاقية من قبل المحتل ومن قبل السلطة، كل هذا يدفعه ليجد مخرج/حل لما يعاني منه، فما هو المخرج، كيف سيكون؟ يجيبنا الراوي عن على ذلك من خلال الحوار الذي تم بين "صادق" والشاب العراقي في المقهى في عمان:
"ـ التمرد على ما هو قائم، والدفع بالممكن.
ـ كيف؟
ـ لنا أخوة يجاهدون في العراق، وعلينا نصرهم، وإلا كنا آثمين" ص158و 159، وهنا وقع بطلنا في مستنقع الردة/الكفر/التطرف/ وعليه ممارسة القتل والتدمير.
(المجاهدين)
لا يمكن لمن عانى من القهر أن يقتنع بممارسته، لهذا رغم أن "صادق" التجأ إلى هذا الشكل من الخلاص، إلا أنه يم يقتنع به، لهذا صور لنا هذه المشاهد بشكلها السلبي: "قبل الشروق كان اقتحام القرية، أضاءت النار المشتعلة في البيوت القرية، لا أسمع إلا صوت الرصاص، صراخ الرجال، النساء، الأطفال، جثث في الأزقة، الطرقات، على مداخل البيوت، أطفال يحاولون الفرار، يلاحقهم الرصاص، امتدت أمامي طرقات القرية، البؤس، الجوع، الفقر، الرايات السوداء، تزهو بقايا البيوت، النساء المتشحات بالأسود، كتلة سوداء في ساحة القرية، لا ترى إلا وميض عيون ثكلى" ص62و63، بهذه الشكل كانت اعمال (المجاهدين) فهم لا يختلفون عن أي جيش غازي معادي، متوحش، محتل، يفتقد لأبسط المبادئ الأخلاقية، من هنا وجدنا الراوي يصور (المجاهدين) بهذه الصورة: " تتزاحم الذكريات كأرواق شجرة التين على رصيف خريفي، قائد له اليد الطولى في انتهاك كل شيء حتى القرف" ص63، إذن ليس هناك توافق بين مبادئ "صادق" و(المجاهدين) لكلا منهما مفاهيمه الخاصة وسلوكه وطريقته في العمل، لهذا كان وضع بطلنا في غاية البؤس، فقد ضلل به من قبل هؤلاء القوم الذي يعيثون فساد في الأرض، وكل من يسلك دربهم لا يستطيع العودة منه، فدربهم بلا رجعة بالمطلق، وهنا وقعت المصيبة الكبرى على صادق.
الأم والأب
كما قلنا في موضع غير هذا هناك شبه اجماع عند كتاب الرواية على تناول الأم بصورة ايجابية، على النقيض من صورة الأب الذي يغيب أو يقدم بالصورة السلبية، "عباس دويكات" أكد هذه المقولة في روايته "دروب النار" فنجد الأم تأخذ الصورة الايجابية المطلقة، بين صورة الأب كانت غالبا سلبية، فيقول عنهما في بداية الراوية: "أمي أرض خضراء وأبي صحراء قاحلة، قلما أراه مبتسما أـو مداعبا" ص13 بهذه الفاتحة تناول الراوي الأم والأب، فلماذا كانت هذه الصورة، وما هي مسبباتها؟ يجيبنا الراوي عنها لاحقا، من خلال هذه المشاهد: "كيف ستلتقي أمي المسكينة خبر موتي، وإلى أين سينتهي بها الحزن، ليتني لم آت إلى الحياة" ص46، هذه المشاعر حضرت عندما ذهب "صادق إلى الجهاد في العراق، فالأم هنا ليست مشاعر وحسب، بل رادع/عاصم من الخوض في أتون العنف والدمار والموت، فهي تعتبر الضمير الحي الذي يمنعه من الأقدام على ما لا يرضاه وما ترضاه هي، فالأم تأخذ مكانتها من خلال الرحمة والحنان الذان تبثهما في الأبن لكي يغدقهما على الآخرين كما غدقت أمه عليه بهما.
إذن الأم تأتي وقت الشدة، وفي الأوقات العصيبة، وكأنه ملاك الرحمة البذي يريحنا من العذاب والألم، فها هي تحضر ل "صادق" هو قابع في الزنزانة: "كلما جنت روحي تذكرتها، تهفو روحي إليها على الدوام، يا إلهي ما أكثر أنس الأمهات، وما أعظم الهدوء والطمأنينة التي يمنحنها، تشفق علي بسبب وبلا سبب، تخشى علي الحرمان فتخفي كل ما يصل إليه يدها من لذيذ الطعام حتى أعود" ص65، كنا قد تحدثنا عن حضور الأم في موضع غير هذا، خاصة وثقت اشتداد الأزمة وعندما "تبلغ القلوب الحناجر" وهنا يؤكد الراوي أهمية الأم وقت ذروة القهر والبطش الذي يتعرض له بطل الراوية "صادق".
بعد أن يخرج "صادق من السجن، يصف لنا لقاء أمه وأبيه قائلا: "لا استطيع توصيف طلتها علي، كانت تتقدم نحوي بخطا موزونة، تحل في بألوان الربيع، مهرجان فطرة أمي، لا احد يشاركني هذا الشعور،.. ألقيت برأسي على صدرها، بكيت حزنا على حزنها" ص82، فالأم هنا الملاذ الحاني، بينما وصف لنا الأب بهذه الصورة: " غريب أمر أبي، لم يسألني عما حدث، خاطبني باختصار، جفاء ما كنت أحسه، أعلم سر أبي، إذا لم يرضيه شيء لجأ إلى الصمت" ص83، مشهدان متناقضان، الأول ايجابي/أبيض، والثاني سلبي/أسود، وهنا يكمن الفرق بين الحديث عن الأم والأب.
ومن المشاهد السلبية التي قدمها الراوي عن الأب هذا المشهد: " أمي لم يسمح لها أبي بزيارتي" ص127، فهنا كانت سلبية الأب انعكست على سلوك الأم، فقد منعها، منع حنانها/حبها/شكلها/هيأتها أن تصل إلى أبنها المعتقل في سجون الاحتلال.
التأثر بالقرآن الكريم
ما يحسب لهذه الرواية استخدام الراوي لآيات من القرآن الكريم في أكثر من موضع، وهذا خدم وصف طبيعة وطريقة تفكير بكل الرواية "صادق" الذي يتهم بالانتماء لتنظيم إسلامي "حركة حماس" فنجد اكثر من موضع تم فيه الاشارة إلى القرآن الكريم، يصف لنا مشهد عودته إلى قريته النائية: "مساء عدت منهكا كناقة أعيتها الصحراء، جلست أنتظر العشاء، تمتمات بين أمي وأبي، وجه أمي مسود وهو كظيم" ص26، فهنا جاء الاقتباس القرآني ليخدم فكرة الحالة البائسة التي يمر بها البطل وعائلته.
ويحدثنا عن أمير الجامعة المجاهدة، والذي يصفه "شحيح الأكتاف" عندما خرج إلى المجاهدين يحدثهم بهذا الشكل: "الحلم جنة وسعها السماوات والأرض، وسكانها الحور العين، يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين" ص39، أيضا هنا تم استخدام القرآن ضمن سياق الأفكار/اللغة التي يستخدمها رجال الدين، والتي تشير إلى الأفكار التي يحملونها ويرددونها.
وهناك استحضار لسورة "الزلزلة" في صفحة 47، كإشارة إلى الحالة الصعبة التي يمر بها (المجاهدين) عندما أخذت الطائرات بضربهم من الجو.
الصور الفنية
الفاكهة لأي عمل أدبي هي الصور الفنية التي يقدمها الكاتب في عمله، اعتقد أن الكاتب نجح تماما في تجاوز أعماله السابقة، من خلال رواية "دروب النار" التي قدم فيها صورة تخفف من قسوة سواد الأحداث فيها، من هذه الصور: "فتيان ما زال حليب الطفولة ينز من عيونهم، عبأهم سادتهم بحقد مقدس" ص38، صورة تشير إلى الانقلاب الأسود الذي يحدثه رجال الدين في هؤلاء الأغرار.
"في نهار جفت فيه الشمس" ص39، كناية عن السواد والظلام والخروج عن الإنسانية الذي يمارس باسم الدين.
"صوت المؤذن للفجر يتسلل ميتا إلى حفرة الجحيم" ص40، اشارة إلى الحالة المزرية التي وصل إليها "صادق" هو في الزنزانة.
"تتزاحم الذكريات كأرواق شجرة التين على رصيف خريفي" ص63، من أجمل الصور التي تعري واقع النظام الرسمي العربي،
"يدير عنفه ووجهه نحو المستوطنة كأنه يودع جزءا منه" ص91، تعلق الفلسطيني بالأرض السليبة.
"ما الذي يبقيني في هذا الوطن؟ عاجز عن احتواءه، عاجز عن الاتساع لي" ص93، صورة الاغتراب والقسوة التي يتعرض لها الأنسان في وطنه.
"الحنين إلى دفئ أحضان أمي وأثداء النبع" ص111، تعلق الأنسان بالأرض وبالأم.
الرواية من منشورات دار الفاروق، نابلس، الطبعة الأولى 2016.





#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والشاعر في قصيدة -عيد سعيد عمر مديد- نايل ضميدي
- الفلسطيني العراقي في قصيدة -عراق وعراك- محمود ضميدي
- الشاعر والمجتمع في قصيدة -رياء- أنس حجار
- هيمنة الحرف على القصيدة -زمن الجياع- محمد داود
- الشعر متنفس الشاعر في قصيدة -لعل الشعر يختتم- عبد القادر ديا ...
- البيئة وأثرها على الكاتب مالك البطلي
- قسوة الصور في قصيدة -الزنديق- عمر الكيلاني
- الحكاية الهندية في كتاب -أحلى الأساطير الهندية-
- المتحالفان -الصحراء والبحر- في ديوان -بين غيمتين- سليمان دغش
- صوت الأنثى في ديوان -اصعد إلى عليائكَ فيّ- للشاعرة فاطمة نزا ...
- المرأة في مجموعة -الرقص على الحبال- هادي زاهر
- كشف الظلم التاريخي في -عبد الناصر وجمهورية الطرشان- هادي زاه ...
- أشكال الحب في ديوان -الحب أنْ- للشاعر فراس حج محمد
- التصوير في -ضوء- مصطفى أبو البركات
- الطبيعة واللغة في -جناحان للحب وثالثهما لا يرى- مازن دويكات
- العراقي في رواية -يا مريم- سنان أنطون
- الشدة في قصيدة -تزلج على جليد الذكريات- محمد الربادي الكثير ...
- التأنيث في قصيدة -نبض المرايا- عبد السلام حسين محمدي
- الانحياز للجماهير في مسرحية -حدث في جمهورية الموز- بدر محارب
- الاضطراب والغضب في قصيدة -سفر سفر- معين بسيسو


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - دوافع التطرف في رواية -دروب النار- عباس دويكات