أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أشكال الحب في ديوان -الحب أنْ- للشاعر فراس حج محمد















المزيد.....

أشكال الحب في ديوان -الحب أنْ- للشاعر فراس حج محمد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5433 - 2017 / 2 / 15 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


أشكال الحب في ديوان "الحب أنْ" للشاعر فراس حج محمد
رائد محمد الحواري/ فلسطين
"فراس حج محمد" كاتب متخصص، يستطيع أن يكتب في مواضيع عادية، لكن بلغة أدبية راقية، ويستطيع أن يكتب كتابا كاملا عن موضوع واحد، كما هو الحال في كتاب "من طقوس القهوة المرة" و"رسائل إلى شهرزاد"، وديوان "أميرة والوجد"، وفي هذا الكتاب يؤكد لنا أنه صاحب طريقة خاصة في الكتابة تختلف عن الآخرين، فهو يضع لنفسه مكانة خاصة، لا يقلّد أحدا، ومن الصعب على الآخرين تقليد ما يكتبه.
موضوع الحب من المواضيع المحببة التي تجذبنا إليها، فنغترف منها لنروي عطشنا، عطشنا ليس للمرأة فحسب، بل إلى الطبيعة، إلى الله، إلى الكتابة والفنون، إلى المكان والجغرافيا، فالحب عند "فراس حج محمد" لم يقتصر على المرأة وحدها، لهذا نجده يلبي احتياجات الحب كافة عند المتلقي، فأي نوع من الحب نجده في كتاب "الحب أن"؟ وكأنه موسوعة في الحب، أو كتاب شامل عن الحب.
دائما الموضوع المراد طرحه من الكاتب يحتاج إلى لغة معينة، وإلى الفاظ محددة، يستعين بها لتقديم المادة الأدبية للمتلقي، وبما أن الموضوع ناعم وسلس وجميل، سنجد أن الألفاظ واللغة والصور والفكرة كلها تتآلف معا لتكون جسما واحدا، يستطيع أيّ كان، إن اعتمد على الفكرة أو على اللغة أو على الألفاظ أو على الصور أن يستمتع ويصل إلى الفكرة المطروحة في الكتاب، وهذا يحسب للكاتب الذي استطاع أن يجمع كل عناصر الكتابة معا لتتوحد وتعطي/ تخدم/ تقدم الفكرة للمتلقي.
وإذا ما أضفنا إلى ما سبق تعدد الأصوات في النص، بمعنى أن الحديث/ الكلام لم يقتصر على الكاتب وحسب، بل نجده جعل المرأة تتحدث بلغتها هي، بما تحمله من مشاعر تجاه الرجل/ الحبيب، وهذا يمثل تمرداً على شيء متعارف عليه اجتماعيا، فالكاتب يتمرد/ يتجاوز المألوف ويقدم مفهوم الحب من خلال صوت المرأة، التي نكاد نهملها حتى عندما نتحدث عنها، لكن الكاتب كان أكثر حكمة وعدالة منا عندما أسمعنا صوتها، حاجتها، مشاعرها.
بعد متابعة كل ما صدر للكاتب من أعمال نثرية وشعرية، وجدنا هذا الكتاب يختلف تماما عما سبقه من كتب، فلا نجد فيه تأثيراً للقرآن الكريم كما هو الحالة في الكتب السابقة، وهذا يحسب على الكاتب وليس له، فرغم لغة الكتاب الراقية إلا أن افتقاد هذا الأثر يجعل المتلقي يتساءل كيف استطاع "فراس حج محمد" أن يكتب بعيدا عن ثقافة شكلته أدبيا قبل أن يتشكل فكريا/ دينيا؟
هذه رؤية عامة كان لا بد منها لتعريف المتلقي بالكاتب والكتاب، أما إذا دخلنا إلى "الحب أن"، فعلينا أن نتوقف متأملين ما جاء في الكتاب، فنجد هناك نصا مطلقاً، وعندما نقول: "نص مطلق"، فنعني بذلك انسجام اللغة واللفظ والفكرة والمضمون، بحيث لا نجد لفظاً يتناقض مع الفكرة المطروحة، وعندما يكون النص المطلق في كتاب فيعني هذا توحُّد الكاتب مع نصه، مع ما كتبه، وكأن النص والكاتب شيءٌ واحد. سنحاول تناول ما جاء في الكتب لتوضيح ما قدمه لنا الكاتب من صور ولغة وأفكار عن الحب، ونبدأ بهذا النص:
"الحب أن تجتمع الفراشات
تشكل وقدها لتحج نحو زهرتك الجميلة
وتقبل الخدين عني
وتفرش سجادة للصلاة على كتفيك
وتسعى بين مرمرتين كائنتين
في نهرين من حبق وماس" (ص30)
النص مطلق هنا، لا يوجد فيه أي لفظ شاذ، يتعارض مع الفكرة، ونجد اللغة تنسجم مع الفكرة، ونجد الصور الأدبية ممتعة وشهية، ويمكن للمتلقي أن يذهب أينما شاء فيما رسم لنا من صور، حضور الطبيعة والمرأة معا يعطيان النص جمالية ومتعة تضاف إليه، فالنص بهذا الشكل جذاب وممتع وينتشي به.
ومن النصوص المتألقة أيضا هذا النص:
" الحب أن الشوق شوق الفؤاد إليك أكبر
يا حلوتي هذا الصباح إليك "سكّر"
ومزنر بالورد
فيض الله في الأرجاء عنبر" (ص 44)
كأن حرف الراء في نهاية المقاطع "أكبر، سكر، عنبر" يعطي إيقاعا خاصا، يجعل المتلقي يطرب له، يفرح به، ويجعله يعيد القراءة مرة أخرى، ليس ليتقدم من الفكرة، بل ليستمع باللغة والألفاظ والصور، كأنها أغنية جميلة يستعذب سماعها أكثر.
المرأة والكتابة
قلنا في موضع غير هذا أن المتنفس للكاتبـ/ة يكون من خلال تناول المرأة/ الرجل، والكتابة/ القراءة/ الفنون، والطبيعة، والثورة/ التمرد. أعتقد أن "فراس حج محمد" استخدم كل هذه العناصر معا وجعلها حاضرة في كتابه، فهو لم يتناول المرأة وحدها في النص، بل جمعها والكتابة والطبيعة، فيشعر المتلقي أن هناك ظمأ عند الكاتب لكل ما هو جميل، وجوعا للفرح، يطلب الحياة بكل ما فيها، فهو يعشقها، يريدها بكل فرحها وبهجتها:
"الحب أن أرى شعرك الكستنائي شعر نثر متطاير
يحرسه الوزن من التساقط في النمط
وعينيك بيتا كامل الحركات العروضية
وصدرك بستانا تنبه فيه طيران مبتهجان
يلمس أصابعي المزدهرة" (ص59)
يجمل الكاتب كل عناصر الفرح في هذا النص، فنجد المرأة، والطبيعة، والكتابة، لكنه لا يقدمها منعزلة عن بعضها البعض، بل يجعلها متداخلة/ متشابكة/ موحدة ومنفصلة في ذات الوقت، مما يدفع المتلقي ليتأمل عناصر الفرح هذه، فيجد الكتابة متداخلة مع المرأة، ويجد الطبيعة المرأة تجتمعان معا، وهذا الاستخدام يؤكد النشوة التي وصل إليها الكاتب، فهو لا يكتفي بعنصر فرح واحد بل يريدها جميعا.
التوحد مع المرأة
قبل الحديث عن صوت المرأة نتحدث عن التوحد بين الكاتب والمرأة، وكأنه بهذا التوحد يمهد لنا ما ستقوله هي، وليس هو:
"الحب أن أبحث عن عطر قرين بعطرك الأنثوي
فلم أجد
لعلي ألقاك يوما
فأستغني بك عني
وتحتويني بكلك هذا المشتهى والمنتشي" (ص27)
مشهد ينهي فيه الرجل وجوده تماما، ويندمج/ يتماهى مع المرأة، وكأنه يعيد ذاته إلى رحمها، قبل أن يخرج للحياة، فهنا تم إلغاء الأنا للرجل، وجعل المرأة هي الأصل/ الأساس العنصر الذي يستوعب/ يتسع له، فهي أكبر وأعظم وأهم منه.
صوت المرأة
أكثر من عشرة نصوص تحدثت فيها المرأة، ليس عن الحب وحاجتها للحبيب فحسب، بل أيضا تحدثت عن حاجتها ورغبتها ونظرتها للجنس، للجسد الآخر، لكنه ليس جنسا فاضحا وصريحاً، لكنه جنس من خلف الستار، جنس أقرب منه للحب، جنس رسم بالغة ناعمة وهادئة، فهو مشوق وجميل وممتع وشهي:
"الحب أن أعطيكَ من ثمري
سفرجلتي
وأعضائي سريري الجسدي
رمانتيّْ
وعطر جديلتي بعد اغتسالي
وتقوم بيني ساجدا حرا
لتذكرني
بقصيدة لتشرب نخب ليلى مع صفاء أغنيتي" (ص33)
إيحاء بالرغبة الجسدية عند المرأة، فهي لطبيعتها الخجولة لا تظهر وقاحة في كلامها، في تقديم مشاعرها، بهذا لغتها أنيقة، لكنها تعطي الفكرة حقها، ولهذا نجد الإثارة في النص عندما نقرأه، فالمتحدث أنثى، وهذا وحده كافيا لجعل المستمع يتاثّر.
صوت الرجل
لا بد لنا أن نقارن بين صوت الرجل/ الشاعر، وصوت المرأة/ الحبيبة، وهل هناك صوتان أم صوت واحد لشخصين؟ نجيب على هذا السؤال من خلال تقديم صوت الرجل الذي جاء بهذا الشكل:
"الحب أن تأكلني امرأة كما تشتهي
وتعتلي ألفي المنتصبة
وتغريني بها
وتغرسني بوردتها لآخر ارتعاشة ملتهبة" (ص72)
رغم اللغة غير الصريح إلا أن الجرأة كانت أكبر من تلك التي تحدثت بها المرأة، فهو يستخدم "الألف المنتصبة"، وهي إشارة غير محايدة بالتأكيد، وتحمل شيئاً من الصراحة والوضوح، فالبراءة هنا مفقودة من النص، فهو أقرب إلى الحب الصريح منه إلى الحب العذري.
ويقول في موضع آخر:
"الحب أن يكون فراشنا مبتلة وسائده طوال الليل
والشراشف نادية
وتعتقلي يدي على غصونك المتبرجة" (ص78)
أيضا صورة غير بريئة، وفيها من الصراحة ما يفوق التورية، فالمتكلم هو رجل، ويعيش في مجتمع يعطيه من الحرية ما يفوق المرأة بكثير.
الحب الصوفي
كما قلنا في البداية الكاتب لا يقدم نوعاً /شكلاً واحد للحب، بل نجده يقدم العديد من المشاهد للحب، فنجده يحدثنا عن حبه الله المعطي والحافظ:
"الحب أن لا أستطيع الابتعاد
وأن أبقى ألم الحرف بعد الحرف
نجما تلو نجم من سهاد
وأسجد مثل صوفي على نور القمر
ألاقي الصبح بالترتيل
بالترنيم
وجه الله طقس هداية
معنى ناجزا عيدا من الأعياد
وأن يبقى الهوى العالي كنفحة الأوراد" (ص105)
نحن هنا أمام حالة إيمانية مطلقة، فهو يسجد في المساء، ويرتل في الصباح، ويجد عظمة وجمال الله في نور القمر البهي، وإذا ما تأملنا في المقاطع السابقة نجد الكاتب يقوم بفعل السجود والتلاوة ليس للعبادة، وإنما للمتعة، من أجل الحب، حب الخالق الذي أوجد هذا البهاء والجمال.
حب المكان
من الطبيعي أن نحب المكان، نحب الوطن، نحب الجغرافيا التي منحتنا الخير والفرح، المكان له أثره علينا، ويبقى فاعلا وحاضرا فينا:
"الحب أن نجد الحب في كل مكان
في القدس
في بيروت
في باريس
في الصحراء
في الوادي وفي الجبل العظيم
وفي غار وفي مد الفضاء
وأن تتآلف الأشياء في روح السماء
الحب أن الله ليس فقط إله" (ص111)
دعوة للحب، ونشرة في الفضاء ليتساقط مع المطر ومن ثم لينتفع به كل الناس، الكاتب حدد جغرافيا معينة من خلال أسماء المدن، ثم انتقل إلى التعميم، فلم يحدد الجبل أو الغار، وكأنه يريد الحب أن يكون أمميا لكل الناس، كما هي السماء لكل الناس، وأعتقد أن الكاتب كان موفقا تماما عندما جعل نهاية النص يتحدث عن السماء وعن الله، لأن مدلولهما عام وشامل، ولا يختص بقوم محدد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب من منشورات دار الأمل للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى 2017




#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التصوير في -ضوء- مصطفى أبو البركات
- الطبيعة واللغة في -جناحان للحب وثالثهما لا يرى- مازن دويكات
- العراقي في رواية -يا مريم- سنان أنطون
- الشدة في قصيدة -تزلج على جليد الذكريات- محمد الربادي الكثير ...
- التأنيث في قصيدة -نبض المرايا- عبد السلام حسين محمدي
- الانحياز للجماهير في مسرحية -حدث في جمهورية الموز- بدر محارب
- الاضطراب والغضب في قصيدة -سفر سفر- معين بسيسو
- حقيقتنا في كتاب -الأنثى هي الأصل- نوال السعداوي
- الحكمة الصوفية في رواية -قواعد العشق الأربعون- إليف شافاق
- التأنيث في مسرحية -عالم ذكور- عفيف شليوط
- الأنثى في كتاب -الشاعرة والمعاناة- هاني أبو غضيب
- فرح الشاعر
- الشعر والمرأة والغضب في ديوان -الصافنات الجياع- محمد العموش
- العهد التركي في رواية -نابلس جمر تحت الرماد- هاني أبوغضيب
- صوت المرأة في ديوان - أنثى المطر الأول- وفاء عياشي بقاعي ال ...
- أنا الأسود وهم الأبيض في قصيدة -مسخ لغوي-
- أثر الواقع على الكتابة مالك البطلي
- التماثل بين اللفظ والفكرة في -ذات مساء- -محمد لينسي-
- الفاتحة في سردية -أيلول الاسود- شريف سمحان
- المخاطب في ديوان -غفوة في المهب- منصور الريكان


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أشكال الحب في ديوان -الحب أنْ- للشاعر فراس حج محمد