أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الشعر والمرأة والغضب في ديوان -الصافنات الجياع- محمد العموش















المزيد.....

الشعر والمرأة والغضب في ديوان -الصافنات الجياع- محمد العموش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5412 - 2017 / 1 / 25 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


الشعر والمرأة والغضب في ديوان
"الصافنات الجياع"
محمد العموش
من الطبيعي أن نعبر عن غضبنا بالطريقة التي نراها مناسبة، لكن بالتأكيد دون أن يكون هناك أذية للآخرين، الشاعر "محمد العموش" قام بحرق ديوانه "الصافنات الجياع" احتجاجا على عدم التفات القراء له، أعتقد بأن هذا التعبير عن الغضب يمثل شكل راق وإنساني، ورغم يقيني بأن الكتاب كائن حي كالإنسان، ويجب التعامل معه ضمن هذا المنظور، إلا أن أقدام الشاعر على اضرام النيران بجسد كلماته، بخلاصة أبداعه، بمولده الشعري الأول يمثل ذروة الاحتجاج عن الغضب الكامن فيه.
أشكر صديقي الشاعر "جاسر البزور" على اهتمامه بزميله الشاعر "محمد العموش" وعمله على إيصال الديوان إلى فلسطين، وهذا الاهتمام والحرص على مشاعر الأدباء وعى الأعمال الأدبية والثقافية يمثل حالة نبل ووفاء يمتاز بها الشعراء والكتاب.
ليس هناك من يهتم بالشعر والأدب إلا من يتعاطى بهما، فالكتاب يمثل ماء للمثقف، وبدونه لا يستطيع أن يحيا، من هنا عندما شاهد "جاسر البزور" عمليه ادهاق هذا الماء حاول انقاذه والحفاظ عليه لكي لا نظمأ، فنحن نعيش في "سبع عجاف" وبحاجة إلى كل قطرة ماء، بحاجة إلى كل كلمة نبيلة، وعسى أن "يتبعهن سبعا نغاث فيه" وتمطر السماء، ويغني لنا الشعراء.
بكل تجرد نقول بأننا في أمس الحاجة إلى الأدب، يكفي أن من يتعامل مع الأدب والفن، من المستحيل أن ينزلق إلى تكفير/تجريم الآخرين، أو أن يقنط من رحمة الله، أو يقنط من الأمة، وهذا لوحده يعد ميزة تجعل الأديب يمثل روح الأمة، الروح الحية التي تأبى أن تستسلم أو تعترف بالهزيمة، أو بما هو كائن.
قد يقول البعض بأن هناك نصوص سوداء، وتحمل الكثير من القتامة، ونحن نرد على هذا القول بأن السواد في الأدب يحمل نقيضه، والكاتب/الشاعر/الروائي/القاص/الفنان عندما يضع لنا مشاهد وأحداث سوداء يعمل على تحريك المشاعر والفكر فينا لكي نرفض/نقاوم هذا السود، ومن ثم نعمل على مواجهته.
من هنا لا يوجد نصوص/فنون سوداء بالمطلق، عنوان الديوان "الصافنات الجياع" يحمل معنى التناقض/الصراع بين الأبيض والأسود، "الصافنات" الجياد/الخيل ترمز إلى الخير، الثورة، الجمال، العطاء، كل هذه الصفات أتبعها الشاعر بكلمة "الجياع" وهنا تكمن حالة الصراع، فالعنوان يقدم لفكرة وجود حالة من الحراك الداخلي غير المتجانس، حالة غير سوية نمر بها ونعيشها، وعندما استخدم الشاعر لفظ من القرآن الكريم "الصافنات" أراد به أن يشير إلى سوء استخدامنا لهذا القرآن وعدم فهمنا له، وكأنه من خلال العنوان أرادنا أن نتقدم من جديد من مفهومنا الديني، وهذا التغريب للآية القرآنية لم يأتي عبثا، بل مقصودا ومتعمدا، أرادنا أن نفكر بما نحن فيه، بمن يستخدم الدين لدمارنا وخرابنا وتشريدنا وقتلنا، وهذا ما سنجد له تأكيد في قصائد الديوان.
واقعنا لا يسر إلا لعدو، ولهذا نجد قصائد غاضبة وحانقة على ما نحن فيه، وهذه سمة نبيلة تحسب للشاعر، الذي يحمل هموم أمته، وتجعله يحمل/يعاني هذا الغضب النبيل، الغضب الوطني والقومي، وكما هو الحال عند غالبية الكتاب/الشعراء في حالة الغضب/اليأس/القهر/الكآبة يلجؤون إلى عناصر، المرأة/الرجل، الكتابة/القراءة، الطبيعة، للتخفيف عما هم فيه، فهي من تمنحهم السكينة والراحة.
يلجأ "محمد العموش" إلى الكتابة والمرأة كمتنفس له، فنجد أكثر من قصيدة كانت الكتابة الشعرية والمرأة هما من يخلصه من بؤسه، يقول في قصيدة "مدخ للطوارئ":
"على بعد شكين من صدق ظني أسوق الرجاء، وأحدو التمني
وأخشى بأني... وأعلم أني وأفتح حزني، وأبحث عني
أنا زارع الحروف بين السطور وأحصد صمتا، وأضحك مني
إلام أوجل موتا جميلا وأرضى بقبح حياة التجني
أراود أوتاري الثاكلات فتنشج حزنا، فكيف أغني!!
على بعد قربين من حفل دفني يقام احتفال السور بفني
سيطفئ عمرك جمر السنين وتذروك حزنا ... ولم تفرغ
إذا لم يخلدك عمر القصيد فمت شامخا مقلما ينبغي" ص11،
نجد الكتابة الشعرية هي المتنفس، فمن خلالها يستمد الشاعر طاقة يستطيع أن تمده بعناصر القوة/العمل، ففعل الكتابة يمثل أهم فعل عنده، فالمقطع الأخير يؤكد أن الكتابة بالنسبة للشاعر هي الأهم والغاية والهدف الذي يسعى له، ولهذا نجده يفضل الموت إذا لم يكن هناك فعل شعري يستطيع من خلاله أن يثبت حضوره وفاعليته.
إذا ما توقفنا عن هذه القصيدة سنجد فيها صوتان، صوت الشاعر من خلال حديثه عن نفسه، وصوت آخر في المقطعين الأخيرين والذي جاء فيهما:
"سيطفئ عمرك جمر السنين وتذروك حزنا ... ولم تفرغ
إلام أوجل موتا جميلا وأرضى بقبح حياة التجني"
فهذا الصوت جاء كناصح للشاعر، يحذره من خطورة التعاطي مع الواقع كما هو، فبعد ان شرح وقدم لنا ما يمر به من ألم وقهر وحزن، أوجد أو وجد هذا الصوت القادم من الخارج/ من الفضاء/من الزمان وكأنه صوت سماوي يختزل الحكمة الاخلاقية التي يتميز بها الشعراء النبلاء عن سواهم.
وتكمن جمالية هذه القصيدة بأن النصح لم تأتي من الشاعر مباشرة، بل جعلها تأتي من الخارج، من السماء، من صوت مجهول لنا، لكن فكرتها تبهرنا وتقنعنا، وهذا ما سيجعلنا نتأثر بها كما تأثر بها الشاعر.
ويقول في قصيدة "حضور الغياب في مدينة الضباب":
"فالشعر سرج العاديات من المنى
ولقد زرعتك في الخيال قصيدة
فيحاء، أشهى ما يطل ويجتني
في البدء كان الحلم سطح عروجنا
في منهى عيناك صارت سقفنا
فأنا بلا حواء نصف غواية
لو لم تكوني "أنت" لم يكتمل "أنا"
...
في الراس نصف قصيدة إن لم أكن
كفؤا لها، إنصافها أن تدفنا" ص44و45.
الشاعر يجمع عنصر الكتابة والمرأة معا، فبهما يحيا، ويجد نفسه من خلال المرأة، فبدونها لا كمال له، ويبقى ناقص/مضطرب، ومن جمالية هذه المقاطع أن الشاعر ربط العنصر الثاني "الكتابة" بالمرأة فهي الملهمة لشعر، وهي من يفتح آفاقا أمامه ليتألق في فضاء القصيدة، ولهذا نجدة يتحدث عن فعل قاس "موت القصيدة" إذا اخفق في الامساك بهذا الإلهام الذي تمنحه المرأة.
ونجد هذا الجمع أيضا في قصيدة " ختم على ذاكرة الجب" :
"أحتاج لامرأة برقة وردة
تحتلني مثل الربيع .. مواسما
أحتاج لامرأة .. كدمعة ناسك
تشدني فوق القباب .. عمائما
رطبت آهاتي ببرد قصائدي
حتى هممت فوق الجراح ... غمائما
...
في الجب .. ثمة شاعر وقصيدة
وبنو أب .. نسجوا صباك ..مآتما
لله درك غيمة هطلت على
ظمأ القصيدة .. لم تزل بك حالما
في ربوة الأحلام ... بذرة شاعر
تنمو على شفة الضياء ...برعما
وعلى شفير الجب .. آخر شهقة
نسك بها رحم الحياة .. عوالما" ص 49 و51،
قلنا ففي موضع غير هذا بأن هناك كتابة تجيء من العقل الباطن، من الا شعور، وهي أصدق وأجمل اشكال لكتابة، حيث تنسجم فيها الألفاظ مع المضمون/الفكرة، وهنا فكرة الشاعر عن أهمية حضور المرأة وأثرها الايجابي عليه انعكست على الالفاظ التي استخدمها، فنجد الفاظ: "براقة، وردة، الربع، مواسم، ناسك، القباب، عائم، رطبت، قصائدي، شاعر، نسجوا، الصبا، غيمة هطلت، حالم، ربوة، الأحلام، بذرة، شفة، تنمو، رحم، الحياة" كل هذا الالفاظ تشير إلى البياض، إلى لحياة، وإذا ما جمعناها مع الفكرة نكون أمام نص شبه مطلق البياض، بحيث تنسجم الفكرة مع الألفاظ التي استخدمها الشاعر ليشكلا معا فكرة الفرح.
من ميزات هذا الديوان استخدام الآيات قرآنية. فعنوان الديون يعطي دلالة إلى الثقافة الدينية التي يتمتع بها الشاعر، وكما قلنا في بداية الحديث بأن العنوان يحمل رمزية التيار الديني التكفيري، الذي يعيث في بلادنا فساد وقتلا وتشريدا، فالشاعر عندما جعل قصائده تتجه نحو التناص مع القرآن الكريم، اراد بذلك أن يؤكد على ثقافته الدينية البعيد عما لحق بالدين من تشويه على يد المتطرفين.
هناك أكثر من قصيدة تشير إلى التناص مع القرآن، منها قصيدة "الشعراء الثوريون وطبقة الأوزون":
"زيتونة يا أنت.. لا شرقية أبدا، ولا غربية الإنبات
فابصق على جهة اليسار وثنها جهة اليمين، وجذ رأس اللات
هذي الشعوب اليعربية أزكمت أنف الحياة بحرفة الفضلات
لا ترج من سيف القبلية نصرا فسيوفها للرقص في العرضات
مذ أسقطت راءات رشاشاتنا خضنا النضال البكر بالشاشات" ص20،
فهنا تناص مع الآية القرآنية من سورة النور رقم "35" لكن طريقة تقديم الفكرة كانت مذهلة، فالشاعر تناول الواقع لكن بطريقة غير مباشرة، وتلاعب بالكلمات عندما قال: "مذ أسقطت راءات رشاشاتنا " فتتحول الرشاشات إلى شاشات وهذه الحركة الذكية تحسب للشاعر، الذي يحترم ذوق المتلقي ويقدم له فكرة بحاجة إلى التفكير والتأمل.
ويقول في قصيدة "إلى امرأة على هيئة قدر":
"إلى أخت هارون في طهرها إلى أخت هارون في سحرها" ص23، أيضا هذا تناص مع الآية القرآنية من سورة مريم رقم "28" فهنا جعل الشاعر من حبيبته تتماثل بطرها وعفتها مع مريم العذراء، ولهذا نجده يستخدم عين الخطاب الذي جاء به القرآن.
ويقول في قصيدة "أوجاع مستنسخة" :
"وتكاد تقرأ في صفيحة وجهه يا أيها الإنسان إنك كادح
ولقد أباح لنا غلال سنينه وعيونه عن قحطهن بوائح
....
يبست بحنجرتي غصون قصيدتي فالصوت مجروح الحروف وجارح"" ص30، هنا تناص مع الآية القرآنية من سورة الانشقاق رقم 6، فالشاعر يستحضر الآية لتكون مفتاح لما يريد طرحه، فنجده يقدم حالنا الموجع بكا ما فيه من بؤس، حتى أننا نجد أثر هذا الواقع عليه بحيث جعل قصيدته تتيبس في حلقه.
والمقطع الأخير يعد حالة من التألق والابداع في التصوير ينم عن قدرة الشاعر على التعاطي مع الفكرة وتقديمها بشكل مذهل ومتألق، وأيضا قدرته على تقديم أفكاره ورؤيته عما يجري.

يقول في قصيدة "الفجر يولد قيصريا":
"يا ثاني اثنين الشعوب بغارها لن يخذل الله المهيمن غارها" ص35، وهنا تناص من سورة التوية رقم "40" فهنا يستخدم الشاعر الآية لبث الأمل والحيوية فينا، فهو لا يريدنا أن نكون من القانطين، من هنا كان استخدامه لهذا الجزء من الآية يمثل ذروة الابداع، حيث تتماثل فكرتها وفكرة القصيدة لتقدما لنا شيء من ضوء، .... هناك أمامنا، وما علينا سوى السعي له.
ويقول في قصيدة "حضور الغياب في مدينة الضباب":
"قيل اهبطا منها إلى الأرض بها
يتسيد الأخلاق أولاد الزنا"ص44، وهنا تناص مع سورة "طه" رقم "123" ففكرة الخروج من الجنة كانت بسبب الخطيئة التي أقدم عليها "آدم وحواء" وهي تمثل حالة الشقاء والتعب والقهر الذي وقع على بني الإنسان بسبب تلك الواقعة، وهنا أيضا نجد الشاعر يستخدم ذات لمعنى في هذه القصيدة، ونجده ناقم على كل من يقترف الخطيئة لأنها تؤدي بنا إلى رحالة عذاب جديدة، وهذا ما كان بعد أن تم اقترافها من قبل هؤلاء التكفيريين الذي دمروا البلاد وشردوا العباد.

وهنا تناص مع سورة يوسف في قصيدة " لجوء عشقي" التي يقول فيها : "في الجب يوسفك الذي قدمته قربان تيه، واحتضنت بنيكا
يا أبيض العينين من أحزانه لا شيء غير قميصه يبريكا
نبتت نعي في الجب سبع قصائد لمواسم القحط التي تحكيكا" ص60، فهنا أيضا نجد حالة التماثل بين ما مر به النبي يوسف عليه السلام وبين ما يمر به الشاعر، وأعتقد بأن هذه القصيدة تحديدا تعد من أجمل القصائد التي تحاكي قصة يوسف.
ونجد أيضا شيء عن النبي موسى عليه السلام في قصيدة "من نباء الرمل" التي يقول فيها:
"ولو ألقيتني في اليم .. لكن بتابوت السراب مع فيافي
أنا المفقود في سبع سمان أنا المذكور في سبع العجاف
أينمو في تراب الشعب كرم ويمنعنا الذات من القطاف
إذا أتسع الفساد يقال مدوا كرامتكم على قدر اللحاف
وهل يبقى من الأوطان شيء إذا الأنهار ضاق بالضفاف!" ص69. اجزم بأن الشاعر كان موفق تماما في اختيار الآيات التي جاءت في الديوان، ليس لأنها تتماثل مع الفكرة وحسب، بل أيضا لأنها صيغت بشكل فني رائع، ولأنها عمقت الفكرة عند المتلقي أيضا.
إذن كان حضور القرآن الكريم في الديوان واضح واستثنائي في ذات الوقت، وكان استخدام الشاعر للآيات القرآنية ملفت للنظر، ويشير إلى حالة ابداعية أكثر منها تجميل للقصائد، فطريقة استحضار الآيات تأتي هكذا، دون أرادة من الشاعر، فالقرآن يحتل مساحة من ثقافة وللغة الشاعر، من هنا وجدنا هذا الكلم وهذا الشكل من التعاطي مع القرآن الكريم، وكأنه بهذا الاستحضار يرد على كل من يحاول أن يمس الحالة الإيمانية عند الشاعر، وأيضا هو يستخدم هذه الآيات ليرد على النهج التدميري الذي يتعامل مه اوائك التكفيرون.

لم يكتفي الشعر بهذا الأمر بل جعل عنوان بعض القصائد تشير أيضا إلى القرآن، فهناك قصيدة "إني أراني أعصر عمرا" ص25، "أني أرى أحد عشر" ص27، فالعنوان لوحده كافي لعطي دلالة للمتلقي عن مضمون القصيدة، وأيضا يجعله يستحضر فكرته عن الآية القرآنية ثم يقارنها مع ما جاء به الشاعر في تلك القصائد.
الحكم
عندما يكون الشاعر مشحون، وهذه حالة شبه دائمة/عامة عند الشعراء نجدهم يكثفون ويختزلون افكارهم ويقدموها لنا كحكم، وهذا الشكل من الأفكار يعد الأصعب والأهم بالنسبة لهم وللمتلقين، لأن الكلمات محدودة وتأتي بفكرة كبيرة وواضحة في نفس الوقت.
"محمد العموش" يقدم لنا العديد من الحكم في ديوانه " الصافنات الجياع" منها هذه المقاطع:
"إذا لم يخلدك عمر القصيدة فمت شامخا مثلما ينبغي" ص11
"أموت وقوفا .. ولا أنحني لأن البديل عن الموت ...ذلي" ص14
"إذا كان ليل المرء بالعز حالكا فإن نهار المرء بالذل أحلك
إذا ملك الإنسان حزاما وجرأة فما ضره من بعد ما ليس يملك" ص19
"فأبشع مرحلة في الحياة حياة على هامش المرحلة" ص68
" وهل يبقى من الأوطان شيء إذا الأنهار ضاق بالضفاف!" ص69
"محال أن يكون البيت أما وسهل أن تكون الأم بيتا" ص78،
فهذا المقاطع تمثل خلاصة افكار الشاعر عن الواقع، عن الحياة، وقدمها لنا بلغة شعرية راقية وجميلة، ولهذا يمكنننا أخذها كما هي وتقدميها للآخرين، فهي حكم كاملة، وأقوال بليغة، تمثل الحكمة/فلسفة الشاعر عن الحياة.
الرمز والصور الفنية
هناك مقاطع استثنائية في جمالها قدمها الشاعر بعد أن استراح من التعب، فكانت تمثل النفس الصافة والهادئة، يقول في قصيدة "تراتيل طفولية في محراب الوطن":
"أسافر بين النخيل والتين عاشقا وفي القلب من فيض الصبابات أبحر
يودعني في منبت التين مسكه ويحضنني في منبت النخيل عنبر" ص41، بدون ادنى شك المقصود هنا بلاد الشام والعراق، فالشاعر ينتمي للوطن الكبير وليس لجزء منه، ولهذا نجده يهيم بهذه الكلمات في فضاء وطنه هو، وليس الوطن المفروض عليه.
ونجد أجمل صورة فتية تمثل أصرار الشاعر على الاستمرار في نهجه الرافض للواقع، جاءت في قصيدة "إني وجت حزنا يملكني":
"سأبرأ من جنون الشعر ... لكن إذا برئ العراق من الفرات" ص29، دون ادنى شكل كل هذا يجعلنا نقول بأننا أمام شاعر، وعندما نقول شاعر فيعني ذلك، النبل، والأخلاق الإنسانية والوطنية التي تميزه عن الآخرين، والاصرار على الرافض والتمرد وعدم التسليم بما هو كائن، "محمد العموش" لا نحابيه عندما نقول بأن هذا الديون "الصافنات الجياع" ليس ديوان عادي، بل ديوان استثنائي، يقدم لنا العديد من القضايا/المفاهيم/الأفكار/الأخلاق/الحكم/الصور التي تجعلنا نستيقظ ونفيق من غفوتنا، فهو صرخة/نداء لكي لا نكون كما يريدنا الأخرين، بل لكي نكون كما نريد نحن، بما نحن مؤهلين له، بما خصنا به تاريخنا، ثقافتنا، أجدادنا.
وأخيرا نشكر الشاعر على هذه المتعة وعلى هذه اللغة، وعلى شكل وطريقة تقديمه القصائد، لكن هناك هفوة كانت في الديوان تتمثل بوجود قصيدة مكررة "الشعراء الثوريون وطبقة الأوزون" ص20، تكررت تحت اسم "نضال الشاشات" ص72، وما دون ذلك نقول وبكل تجرد بأننا أمام شاعر وشعر ممتع، ويقدم أفكار أخلاقية تجعلنا نتقدم من جديد مما فقدناه.
الديوان من منشورات دار العنقاء للنشر، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2016.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العهد التركي في رواية -نابلس جمر تحت الرماد- هاني أبوغضيب
- صوت المرأة في ديوان - أنثى المطر الأول- وفاء عياشي بقاعي ال ...
- أنا الأسود وهم الأبيض في قصيدة -مسخ لغوي-
- أثر الواقع على الكتابة مالك البطلي
- التماثل بين اللفظ والفكرة في -ذات مساء- -محمد لينسي-
- الفاتحة في سردية -أيلول الاسود- شريف سمحان
- المخاطب في ديوان -غفوة في المهب- منصور الريكان
- ونحن والاحتلال في رواية -كافر سبت- عارف الحسيني
- الحب في -أنغام حب- أحمد محمد الدن
- المرأة وأثرها على الشاعر في -هذه الليلة- أياد شماسنه
- التغريب والياس في قصيدة -يا صاحبي السجن- مفلح أسعد
- كتاب -رواية السجن الفلسطينية-
- الإنسان في رواية -وجوه في درب الآلام- مشهور البطران
- سخافات رجال الدين
- البطل لمطلق في رواية -الأسير 1578- هيثم جابر
- التعذيب في رواية -المسكوبية- أسامية العيسة
- السواد في ديوان -ترجمة مبعثرة للفرح- زياد شاهين
- بداية رواية السجن في فلسطين -المفاتيح تدور في الأقفال- علي ل ...
- جذب المتلقي في ديوان -بياض الأسئلة- سليم النفار
- قسوة المضمون في -الساعة الواحدة صباحا- مالك البطلي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الشعر والمرأة والغضب في ديوان -الصافنات الجياع- محمد العموش