أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: الراء














المزيد.....

الجزء الثاني من الرواية: الراء


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5382 - 2016 / 12 / 25 - 15:26
المحور: الادب والفن
    


ذلك الربيع العاصف، قضيته متنقلاً بين فيللا الأسرة المُحسنة ومقر إقامة مخدومتي. كنتُ أعيد لعبة الحبّ، ولكن على منقلبٍ آخر. في عينيّ " خدّوج "، المشتعلتين هياماً، رحتُ أرى صورتي المعبّرة عن الحالة ذاتها لما كانت هيَ تتلاعب بعواطفي من أجل بث الغيرة في جوارح خطيبها العراقيّ. على أن شخصاً آخر كان يقف خلف الصورة، وعلى شفتيه ابتسامة ساحرة وغامضة في آن. إنها " سوسن خانم "، من كانت تكمن ثمة ومن كنتُ أهيم بها حقاً. في سبيل ذلك الهيام، شئتُ ممارسة لعبتي مع " خدّوج " تحقيقاً لهدفين سبقَ لي الإشارة إليهما. ولا مندوحة من إعادة ذكرهما، لكي يستعيد القارئ تسلسلَ السرد.
قلنا، أنّ هدفي الأول من اللعبة هوَ جعل الغيرة تستبد بالخانم رداً على حركات مماثلة من لَدُنها. أما الهدف الثاني، فإنه كان يخصّ علاقتي السرية بمرافقة الخانم. فيما بعد، عليّ كان أن أفسّر تلك الابتسامة بما حملته من دلالات، ولكن ليسَ بدون مساعدة من " الشريفة " نفسها. لقد كان يصعب عليّ آنذاك، مجرّد التفكير بأنّ الخانم كانت بدَورها تسخر من مشاعري وفق لعبة لا تقلّ دناءة. على أنني وافقتُ رأيَ عشيقتي، " الشريفة "، آنَ استرجاعي بهدوء لتفاصيل من علاقتي بمخدومتنا المشتركة. ولقد كان لديّ الوقتُ الكافي للتفكير، أنا من كنتُ أقيم ثمة في ضاحية الحميدية، منكفئاً على نفسي ـ كما سلحفاة داخل درعها على طرف غابة موحشة.
" خدّوج "، كانت لديها حساباتها الخاصة ولا ريب. وأعني، تلك العنعنات المتعلقة بالمستقبل والمنشغلة بها غالبية فتيات المجتمعات المسلمة. لقد كانت تلقى تشجيعاً من طرف شقيقتها " سُمية "، المعروفة بخصال الشحّ والجشع والطمع، حال قرينها الفرنسيّ سواءً بسواء. لم تكن " خدّوج " بالفتاة الغبية أو الساذجة، بيْدَ أن قرارات حياتها كانت تتخذها بعد استشارة من تثق بهم. أهم مستشارة لها، والأكثر ذكاء في واقع الحال، كانت زوجة شقيقها. " غزلان "، لسوء حظ الأخرى، كانت وقتئذٍ منهمكة بعملها في مشغل لنسخ الرسوم التقليدية يملكه صديق لرجلها، وكان دوامها يمتد حتى المساء. رغبة " غزلان " في العمل، يمكن إحالته إلى عدوى الكآبة، التي شاعت في الفيللا خلال فترة مرض ابنة حميها. على أنّ الأمرَ ربما كان جدياً، وأنّ الكآبة أجتاحت " غزلان " فعلاً مذ وهلة إعتقال " غني " في ورزازات على خلفية اشتراكه في أحداث الرابع عشر من ديسمبر. ولكنّ " حمو "، المعروف بغيرته ووساوسه، لم يسمح لإمرأته بالعمل إلا بعدما تدخلت مخدومته " شيرين ". ولم تكن شقيقتي مصدر المعلومة، فإنها أيضاً كانت في تلك الفترة مشغولة بحياتها الخاصة ونادراً ما كنا نلتقي. " خدّوج "، هيَ من أخبرتني بموضوع زوجة شقيقها حينَ ضمّنا ذات مرة مجلسٌ واحد على عربة الكوتشي في شارع فرنسا.
" لِمَ أجزتَ لنفسك مرافقة سوسن خانم إلى أوريكا، في عطلة نهاية الأسبوع؟ "، سألتني فجأةً فيما كانت العربة تشق طريقها في ذلك الشارع. الوقتُ، كان يتوغل في عتمة المساء، المهيمنة على المشهد إلا من بصيص أنوار بعض السيارات العابرة كالعادة بسرعة جنونية. ولم يكن متاحاً أصفى من هكذا مساء ربيعيّ، منجم ومقمر، لأولئك العشاق المعتادين أيضاً على ركوب العربات المشدودة بالخيل سعياً لإقتناص لحظات من المتعة بعيداً عن الأعين الفضولية. " خدّوج "، كانت حتئذٍ سكرى بنشوة ملامسات الجسد؛ هيَ من سهّلت الأمر منذ البداية، لما راحت تداعب أصابع كفي مسندة إياه إلى فخذها المستور بكولونٍ مشدودٍ إلى اللحم الشبق. على أنها، من ناحية أخرى، كانت تشعر خفيةً بأنّ قبلاتي على شيء من البرودة وعلى الرغم من أن لسانها كان يستحث رغبتي وهوَ يجول داخل فمي.
" فعلتُ ذلك لأنني سكرتيرها، مثلما تعلمين "، أجبتُ ببساطة على سؤالها مع أنه أخذني على غرّة. ولأنها كانت تتوقع هكذا رد على ما يبدو، فإنها قالت لي بنفس النبرة المُتّهمة: " إنك غير مجبور على مرافقتها في خارج أوقات الدوام، أليسَ كذلك؟ ". عدتُ لإجابتها، راسماً بسمة بريئة على فمي كان من الصعب ملاحظة ما تخفيه من تهكّم: " بلى، ولكنها امرأة متسلطة كما تعرفين ومن الصعب مخالفة أوامرها... "
" حتى لو أمرتكَ بالنوم معها، ثمة في تلك الخيمة المشغولة بقماش أحمر؟ "، قاطعتني وقد استفحلت نبرتها العدوانية. هذه المرة، أنتقلت أصابعها إلى العبث بأعصابي. وكان من الممكن بسهولة أن أتوتر نظراً للعبة الصعبة، التي رأيتني آنذاك متورطاً بها عن طواعية.. بل وعن تخطيط مسبق. على أنني تمالكت نفسي، ولم ألبث أن أطلقت ضحكة مقتضبة متبعاً ذلك بالقول: " بالطبع لن تطلب مني مخدومتي أمراً مماثلاً، لا بصيغة الأمر ولا بخلافه! ". ثم أردفتُ فوراً، قائلاً بنبرة منتصرة: " ولو كان قصدكِ بالخيمة، المرسمَ الخاص بي في مقر الخانم، فإنّ أحدهم خدعكِ لأن لون قماش جدرانه ليسَ أحمر بل عبارة عن نقوش بربرية "
" إنه أخي سيمو، من أخبرني بالأمر. بل وباحَ أمامنا بما هوَ أدهى، حينَ قال ذات مرة ساخراً بأنه رأى أحمر الشفاه على فمك خلال حفل ميلاد سوسن خانم "، قالتها محدقة عن قرب بعينيّ. فلما ذكرت لي ذلك، فإنني أطلقتُ تنهدة ارتياح بما أنّ شكّ الرجل كان قد جانَبَ زوجته. ولكنني، في مقابل ذلك، ذهبتُ بفكري في لمحة إلى تلك الليلة. فكما تذكرون، كانت " الشريفة " هيَ من أستقبلتني في حجرة المكتب بهيئةٍ مثيرة، سطعَ فيها عُري مؤخرتها المجرّد إلا من كولون رهيف وبرّاق. أم أنّ الحادثة وقعت بعدها، في ليلة رأس السنة؟ عليّ أن أعود إلى ما سَلَفَ من أوراق هذه السيرة، علني أضعكم في الصورة الصحيحة!





#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 3
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 1
- الجزء الثاني من الرواية: القاف
- سيرَة أُخرى 42
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد 3
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد 2
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء 3
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء 2
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء
- الجزء الثاني من الرواية: العين 3
- الجزء الثاني من الرواية: العين 2
- الجزء الثاني من الرواية: العين
- الجزء الثاني من الرواية: السين 3
- الجزء الثاني من الرواية: السين 2
- الجزء الثاني من الرواية: السين
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 3
- الفردوسُ الخلفيّ: النون 2
- الفردوسُ الخلفيّ: النون
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الثاني من الرواية: الراء