أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عذري مازغ - الفتنة: ثورة المحايدين















المزيد.....

الفتنة: ثورة المحايدين


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 5332 - 2016 / 11 / 3 - 17:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في المغرب، دس كرامة المواطن هي خاصية النظام المخزني اللاديموقراطي المتعفن، مع هذه الخاصية، تبدو مسالة الركون في لعبة النظام السياسي هذا هو أيضا ميول بدرجة التسعين لكل الأحزاب السياسية، في كل الحكومات المتوالية مع تحفظ كبير في الأمر فسقت أحزاب شاركت في الحكم كائنات غريبة بمجرد ما تتحول إلى السلطة تجدها بارعة في تمثيل هذه الخاصية، ولأننا، ربما لكثرة هذا المسخ السياسي المغربي بامتياز، ألفنا هذه الخاصية بشكل لم تهزنا إلا في لحظات عابرة، مرت فيها موجات من الإحتقان الإجتماعي بشكل عابر أيضا، السياسي عندنا لم يثبت جدارته في أن ينفض عنه تلك الخاصية، والنقابي كما راكمنا نسقيته في العقود الأخيرة تحنط بتلك الخاصية والجمعيات طوفان لم نعهده منذ زمن بعيد، في عمومها تعبر عن هذا الميل الخاص، وطبعا هناك الإستثناء الذي، كل هذا الطوفان يحنق عليه، مثلا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أصبحت الآن عدوة للقريب قبل البعيد، أصبحت معيارا يقاس به كل تجذر برغم أنها تحتل بمعايير كونية الوسطية والإعتدال باعتمادها معايير القوانين المبدئية الكونية للحق. وعليه فهي في المغرب عدوة لمن يشحنه هذا الميل العام من دس كرامة المواطن.
في تونس الشقيقة، كانت ظاهرة البوعزيزي كافية لتغير الوضع فيها لأنها استندت إلى قاعدة مدنية نسبة الميل إلى دس كرامة المواطن للهيآت المدنية أقل درجة منها في المغرب، وربما الإستثناء التونسي أكثر نشاطا واكثر اكتساحا من نشاط الهيآت النظامية المميزة بهذه الخاصية في نظام ابن علي . ربما أحسد تونس أكثر على استثنائها الرائع، أحسدها على سلامة جس شعبها الرائع وأحسد كل رجالاتها التاريخيين الوسطيين والعقلانيين، أحسدها على بورقيبة الذي منحها بعض العافية وزرع فيها القليل من حب الوطن، أنشأ جيلا ذي حس وطني نفتقده في المغرب الذي تحول فيه الحب هذا إلى حب أصنام خارقة سميت جزافا بالثوابت فيما عند كل شعوب العالم يتأسس حب الوطن استنادا إلى الحق المدني المتغير تماشيا مع صيرورة مجتمع حي يتغير هو أيضا بنفسه.
امام الثابت لا يوجد حل سوى أن تصطدم به، وإن كان أكثر تجدرا في الثبات يصبح الصدام معه انتحارا، هذه هي خاصيتنا في المغرب الذي يعرف أكبر نسبة في العالم من حيث حالات الإنتحار، لعل أكبر عمليات انتحار جماعية في المغرب هي تلك الموصوفة بالغرق في البحر المتوسط أو في المحيط، كلها حالات موصومة بما هو اجتماعي سياسي اقتصادي ومع ذلك تبدو في الخطاب الرسمي المغرب كحالات لا شرعية، في أحسن الأحوال مغامرات فردية، ومن ثم لم تعتبر قط حالات انتحار.للمقارنة فقط، أحدثت الأزمة الإقتصادية في إسبانيا خرقا شاسعا في بنية المجتمع نتج عنها هجرة آلاف الشباب نحو بلدان أخرى، هذا الأمر أحدث زوبعة عالية من الجدل السياسي الإعلامي لم ينتهي بعد حتى الآن برغم أن هذه الهجرة لم تسجل حتى الآن حالات غرق أو موت . هذه الزوبعة تثيير شيئا واحدا فقط هو أن هذا الشعب ينعش أكثر بالحياة.
في المغرب تنطفيء كارثة بأحجام كارثة أخرى بشكل أصبحت صيرورتنا التاريخية هي انتقالنا من كارثة إلى أخرى، كائناتنا السياسية هي أخبث وأقبح كائن على وجه الأرض، مهرجون، بهلوانيون، رقاصون، عبدة أصنام يلوثون فضاءنا بضجيجهم المرعب، السياسي عندنا يبعث على القرف، المثقف والفنان وكل ما يعبر في ثقافة الأمم عن بهجة الذوق وسلامة الحس هو عندنا مقرف، هل تتذكرون أواسط الثمانينات؟ امتلأت سقوف بناياتنا بأواني الكساكس الألومينيومية لاقتناء قنوات العام، كانت موجة عارمة من هجر فضائنا الإعلامي، كان إعلامنا مرعبا تماما وكان الناس يحاولون بالكساكي استرجاع حسهم أو الحفاظ على سلامة ذوقهم، طبعا بالتسلسل تلتها موجة البارابور ثم أخيرا موجة النيت.
في المغرب كما قلت كارثة تطفي كارثة، وفي كل كارثة توضع لجنة تحقيق يشرف عليها المتورطون في الكارثة، ثم ما تلبث أن تظهر كارثة اخرى تنسينا أمر الأولى وتبخر نتائج التحقيق فيها. كل يوم تهزنا قذارة الأحداث ولا نملك نحوها إلا الضجيج في الفضاءات الإفتراضية، وكلما أثيرت قذارة أثير حولها بلسم الفتنة، الكل يخشى الفتنة بشكل أصبحت هي بالذات تنتفخ أكثر، ومرات تنفجر لوحدها ذاتيا هنا وهناك حسب مستويات الضغط، في غياب تام لهيآت المجتمع السياسي والمدني الخائف من الفتنة أيضا. نعم ستنفجر الفتنة يوما ما في غياب أي تأطير واعي، سيكون الدهس والدهس المضاض خاصيته بدون توجيه أو تحكم أو تأطير، ننتظر في المغرب ثورة اجتماعية فريدة من نوعها في التاريخ العالمي: ثورة "المحايدين" الخارجين من كل المواقع، في المقابل سيكون لنا في الجهة الأخرى محايدون مغتربون يتفرجون هم بالتأكيد هؤلاء الأحزاب السياسية والهيآت النقابية المحايدة من الفتنة، من الصعب أن نستلهم ما يقع في دولة الكوارث الإجتماعية، القائمون في أحزابهم يتلقفون كل ما يصلهم من همس المؤسسات الدولية، يمأسسون الأزمة ويدخلون في تشكيل بنيتها ثم يتملصون حين تنفجر بدعوى أنهم يتجنبون الفتنة، يجنبون المغرب الويلات.الذين يخافون أن تتكرر في المغرب مآسي سوريا هم بتجنبهم ذلك يدفعوننا إلى صلبها أي أنهم بتغييب مسؤولياتهم التاريخية نحو البلد يدفعونها إلى أن تكون ثورة المحايدين، ثورة من لا موقع لهم في المغرب على الإطلاق، بالملاحظة، في سوريا، فاضت سوريا فجأة بقيادات سياسية تقود "النضال" كان أغلبها في السابق ممن يغني أغنية الحياد، أسماء لا نعرفها أصبحت فجأة أسماء أمراء وقادة ميليشيات ووو..
إن مسؤولية الهيآت السياسية في أزمة تتراكم لتنفجر هي في خلق تيار مناهض لسياسة البؤس مناهضة قائمة بالفعل على خلق بدائل حقيقية في النهوض بالبلد من دولة أساسها بنية أزمية تنتفخ، أسس هذه البنية هي ثوابت قائمة على تفريخها هي:
تركيز السلطة في مؤسسة الملك بشكل يفرغ مؤسسات الدولة من أي دور حقيقي لها (نفس الأمر كان أيضا في سوريا)
غياب التداول في الحكم بشكل يؤدي إلى ثبات القرار السياسي الذي هو في المغرب سياسة المؤسسة الملكية نفسها (الإنتخابات الشكلية لا تمكن إلا من تغيير رئيس الحكومة الذي ينتمي عادة إلى الحزب الفائز، والذي حين يكرس يصبح أمينا ويدا يمنى تنفذ تعليمات المؤسسة الملكية نفسها، حتى في الخطاب الرسمي، لم يأت وزير أولا ما من حزب معين ويعلن أنه سيقوم بتنفيذ برنامج حزبه الذي انتخب لأجله، بل يعلن رسميا أنه خاضع للتعليمات الملكية).
إعطاء الشعب حقه في التدبير السياسي اعتمادا على آليات حقيقية لتصريف هذا التدبير ونزع طابع الرعوية عنه
منح استقلالية أكبر للبلديات والجماعات والأقاليم والجهة بشكل يسمح لها بتدبير مواردها وتكييفها مع معطياتها الجيوسياسية الإجتماعية الإقتصادية(وظيفة القائد والعامل وعامل الجهة تمنح لمنتخبين باعتبارهم يمثلون مناطقهم وليس باعتبارهم معينون بظهير شريف ينفذون بدورهم التعليمات ).
قبل كل هذا يجب تشريع قوانين تمكن من الصرامة في هدم بنية تمركز القرار السياسي وتتيح آلية لمراقبة هذه المؤسسات من قبل مجالس شعبية منتخبة
هذا دون أن نتكلم على الثوابت الأخرى الموازية والتي تتمركز كلها في شخص المؤسسة الملكية، كالمؤسسة الدينية والمؤسسة القضائية، لكن على الأقل، وبما أن خطاب أحزابنا يميل إلى ظاهرة التقطير السياسي التي تتوافق مع ما يسمونه بالسلم الإجتماعي والإعتدالية وما إلى ذلك من قاموس التهذيب فإن أحد أهم الخصائص التي تمنحها مصداقية حقيقية هو استقلال قرارها السياسي وضمان تنفيذ برامجها دون أن تتأثر بتعليمات معينة خارجة من مركز القرار.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة وجع
- المكر السياسي للإيديولوجية القومية العربية
- دائرة المشردين (2)
- ديكتاتورية الطبقة العامل في جبل عوام
- حور عين في الحياة الدنيوية
- حين يصبح الإعجاز كارثة على أصحابه
- الحقيقة ليست أكثر من مجرد عملية حفر
- أفغنة القضاء المغربي
- دائرة المشردين
- الإسلام بين الهمجية والتهذيب
- -بويفيذاحن-
- وصية شاشا ورمزيتها السياسية
- المثلية الدينية
- اليسار وإشكالية الديموقراطية
- المظلة
- العلمانية بين النضج المدني وغيابه
- حول الأزمنة البنيوية عند مهدي عامل
- خواطر مبعثرة
- حكامنا خنازير
- القومية من منظور مختلف


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عذري مازغ - الفتنة: ثورة المحايدين