|
القومية من منظور مختلف
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 7 - 04:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تبدوا الأمور الآن واثقة من نفسها، البارع فينا والمتمدن الوازن هو من يبدع في إقناعنا على أن سبل التقدم تكمن فقط في المرور بنفس المراحل التي سلكتها الرأسمالية لتصل ذروتها، من الامور البديهية في الرأسمالية هي انها تتغذى على المصادر الأولية للطبيعة وتحولها إلى استهلاك، يبدو التقدم لاهثا من وجهتنا نحو الركب الحضاري الرأسمالي، ومع أن تدخل الدول الراسمالية، أقصد التدخل الجديد، أعطى نتائج عكسية تماما، حول أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا (في الطريق)، حول هذه البلدان إلى إلى خردة تاريخية، لم يفهم بعد تشبثنا بذلك العشق اللاهث نحو الركب، إن الدول الكبرى تعيش على تثبيت ما تسميه بأمنها القومي، وأمنها صراحة هو مصادرنا . هذه الدول تعيش على مصادرتها لحقنا في الوجود، دليلي على الأمر أنها في الحرب تأتي على الأخضر واليابس، تقتل حتى الاطفال رمز البراءة. لا أحد يستطيع نكر هذه النكيرة: قتل الأطفال. عندما يكون هناك أمن قومي لدولة معينة في منطقة أخرى جغرافية غير تلك الدولة، يعني أن مصادرنا هي في محور المصادرة، يعني الامر أن مصادرنا هي امنها القومي.. إن ما يعول عليه في التقدم هو استثمار المصادر الوطنية الطبيعية والبشرية، إذا كانت هذه المصادر محل مساومة من طرف آخرين، فهذا يعني أننا محل نزاع حول كل مالدينا، أما خرافة العقل الذي به تقدم الغرب فهي أسطورة تراجيدية، العقل هو من يعي طريق تقدمه، وتقدمه هو استغلال ما لديه من مصادر، من أسس مادية يعول عليها نظريا وتطبيقيا. حين تكون هذه الموارد خاصة في أيادي أخرى، يفتقد العقل منطقه، يفتقد التقدم أسسه البنائية: يعيش خرافة التحرر. أقصد ذلك التحرر الذي أصبح قيمة ثقافية للحداثة، في الوهم فقط .. إذ ليس هناك تقدم بدون استثمار ما لديك من معطيات. نعيش أزمة وعي سياسي حقيقي وهذا لا جدال فيه، وتبدو الأجيال التي عاشت مخاض النضالات الجماهيرية في الستينات والسبعينات أكثر وعيا من جيلنا، بالملموس نفهم هذا حتى في ثاقفتنا المعاصرة، حيث النماذج الأكثر ابتذالا هي النماذج المرهونة لاغترابنا، هي النماذج الأكثر أنسة والأكثر انتشارا وهي بالمناسبة الأكثر سذاجة والأكثر محببة لدى الرعاع بشكل يبدو تعليمنا مأساة أزمية في حد ذاتها، يجب بدئيا الإعتراف أن هذه الاجيال السابقة لنا والتي هي جديرة بكل هذا الإحترام، يجب الإعتراف مسبقا أنها كانت تحمل هما وطنيا حقيقيا هو بكل وضوح استثمار مصادرها الوطنية لصالحها، بعبارة اخرى، كانت تعرف أن سر تقدمها أو تأخرها يكمن أساسا في استثمار ما لديها من مصادر، من طاقات، وكانت المشكلة بالنسبة لها هي تحرير هذه المصادر وهذه الطاقات، كان جيل شرعي لولادة هم وطني قومي في أساسه باعتبار القوم هم تشكيلة مجتمع معين في المكان والزمان، قوم ينتمي أساسا إلى أرض ولا تهم بعد ذلك جذوره الخرافية. هذا الشكل الجديد من القومية لا يفترض التوحد الجبري في النوع، بل يفترض الإنتماء إلى المكان ، إلى البلد، إلى الإقليم، وأعتقد جازما أن هذا الإنتماء هو ما يعطي الشرعية لوجود الأفراد، وليس انتماءهم العرقي أو القومي بالمفهوم الكلاسيكي، إن انتمائي إلى منطقة معينة يفترض وجود حزمة من المعطيات: بدءا بالمبسيط، أساهم في الإستهلاك بشكل أدفع ضرائب غير مباشرة، أدفع ايضا ضريبة انتمائي من خلال ضرائب مباشرة غير الإستهلاكية، هذا فقط يعطيني كل الحق المدني في الإنتماء باعتباري قوم من تلك المنطقة. إن مهمتي كقوم ينتمي إلى هذه المنطقة تكمن اساسا في الحفاظ على مصادرها بشكل يجب أن تستثمر لصالحي ولصالح القوم في المنطقة، ولا يهمني شكل وانتماء هذا القوم الذي أتعايش معه: رفض الآخر بسبب لونه أو لغته أو دينه أو جنسه هو عنصرية تامة بكل المعايير، هذا مبدا أساسي متضمن ايضا في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. إن مهمتي ثانيا تكمن في الدفاع عن هذه المصادر المحلية باعتباري منتمي لها ضدا حتى على الوطني (الوطني في الفهم الكلاسيكي) فبالأحرى أن أكون منساقا في لعبة الإستثمار التي تسبلد الحي والحجر في سياقها الدولي. يجب أن نكف على أن نكون لعبة في يد قوى دولية أو وطنية حتى، بتمرير مصادري إلى آخرين يستنزفوني حتى لو كانت شركات وطنية: تضيع حقوق الأفراد تماما أمام حقوق الإستثمار ، أمام حقوق الشركات . هذا بند يجب أن يتأسس في الدستور المحلي. كل لغة جديدة في المحلي هي لغة تغني وليس تفقر، كل اللغات الحية هي جديرة بالاحترام، كل لغة ميتة، كلاسيكية ، هي لغة حفظ النوع.. أناقض عادة كل ما يؤدي إلى حفظ النوع لأن الأمور ليست كذلك تماما: يحتفظ المنتصرون في الحروب بالنساء منذ عصور سحيقة، والأمر أن المراة تحمل جينات المنتصر عليهم: ليس هناك في التاريخ البشري نسل غير مختلطة فيه جينات أخرى، ليس هناك نوع قح. كثيرا ما كنت أقدس المرأة، أرفعها إلى مكانة ألوهية، والحقيقة في الأمر ليس له ما ينسب علاقات ناجحة لي معها، بل إن الأمر يتجاوز الذاتي إلى عمق فلسفي، إنها البشر الوحيد الذي حافظ على استمراريتنا، في تغريدات لي في الفايسبوك، كنت أقر صراحة انها الوحيدة التي بشكلها البيولوجي الطبيعي المتسامح استطاعت أن تحافظ على استمراريتنا، لمزيد من التوضيح، نحن الذكور مهتمون كثير بالمبارزة (بالنتيجة نحن دائما في حروب، بالمناسبة لا أتكلم عن أنجيلا ميركل)، بالقوة، شكل هو أساسا تخطاه الوعي البشري في مناطق معينة من الكرة الأرضية، في تغريدات معينة بالفايسبوك أقول بأننا مجرد حامل لكروموزوم الإستمرارية (أقصد نحن الذكور). نحنقر كثيرا المخنثون، والحقيقة أن المخنث، في احتمالات افتراضية قد يكون أم البشرية انطلاقا من فرضية التقسيم الجنسي نفسها: لا ندري صراحة من سبق: هل البيضة أم الدجاجة، لكن يمكن الإستخلاص أن البيض خنثى أو الدجاجة نفسها .باعتبار أن الدجاجة قد تبيض بدون ذكر (حسب معلومات قرويين). سأعود إلى بداية هذا المقال (الخاطرة). الرأسمالية تعيش على تأمين مصادر الطبيعة في دول لها قومها، أي تأمين مصادر أمن هذا القوم وتبدل في ذلك كل جهدها العسكري، كل قوتها الرادعة، قلت سابقا إن حركة التحرر في جيل الستينات والسبعينات كانت واعية تماما لهذا الأمر، كان تحررها هو أساسا استعادة تمكنها من مصادرها، في صلب العولمة ابتدع الفكر الخلاق أمورا غريبة عن هذه القناعة: ابتدع خرافة جلب الإستثمارات، ابتدع الخوصصة، ابتدع بطريق ملتوي كل ما يبرر تقديم مصادرنا إلى الآخرين: ساعبر على الأمر بنموذج حي: تدبير أمر القمامة والزبل، في العادة يقوم به عمال عاديون اجورهم من ضرائبنا (ضريبة النظافة، ضريبة البيئة …) كان هذا العمل الجبار يقوم به عمال البلدية، لقد خوصصت هذه الأعمال، الآن يقوم بها عمال تقنيون يقودون آلات تقوم بكل أعمال عمال البلدية، وضعوا كل شيء في المتناول لوضع أي نفاية، لقد ساهم الوعي البيئي بشكل جيد في الأمر بشكل تناسينا فيه أننا نقدم ضريبة اسمها ضريبة النظافة، والحصيلة أنك أنت المواطن هو من يقوم بتنظيف البيئة (وهو أمر حسن لو لم تكن له قيمة تضاف إلى شركات النظافة، بعبارة أخرى، بسبب هذا الوعي نحن القوم من ينظف هذه البيئة، أما ما نمنحه كضريبة فيذهب غلى جيوب الرأسماليين) هذه العملية من الخوصصة أدت إلى تحويل عمل يقوم به عمال إلى عمل تقوم به آلات، نحن ساهمنا في جمع نفاياتها لتسهيل عمل المكننة، جزء من النظافة نقوم به نحن السكان، بفضل وعينا البيئي بوضع النفايات ، كل في محلها لتأتي آلة وتقوم بحملها، جزء من المجهود العملي نقوم به نحن كمواطنين بفضل وعينا الغبي، نحن المواطنون الذين ندفع ثمن النظافة (لا يجب أن ينسى هذا) قيمة هذا العمل تذهب إلى جيوب شركة تستعمل آلات، نساهم بكل رداءة في نقص اليد العاملة بالنسبة للشركة، نساهم أيضا في انتشار البطالة بسبب أننا نقوم بعمل عامل، إننا بوعينا البيئي نساهم في قتل أجر عامل مفترض يقوم بالامور التي يفترض أننا ندفع ثمنها أو قيمها.تلك الامور التي نقوم بها نحن. ثم أخيرا نساهم في قتل السيولة الإقتصادية في منطقتنا: بعبارة أخرى: كل بلدية كانت سابقا تقوم على أكثر من 200 عامل في النظافة، الآن أقل من ثلاثين، نقص 170 أجرة عامل يساهم تماما في نقص السيولة في نمط نقدي معين بشكل يتمركز الغنى في يد صاحب الآلات وتخيلوا في ما بعد أين سيقضي يستهلك هذا الذي من صميم جهدنا. الوعي المحلي هو استراتيجي في الوعي الإقليمي والوعي الوطني، إريد تماما أن يكون لدينا هذا الوعي المحلي لأنه المناعة الممانعة لفيروس القفز الوهمي في التقدم. التقدم ببساطة هو ان نعيش بخير وليس أن نملك أسلحة عسكرية مرعبة، هذا ما عاينه جيل الستينات والسبعينات من منطلق رفض الحرب، التقدم هو تحرير مصادرنا الطبيعية والبشرية لصالحنا، وسياسة مثيلة بتشجيع الإستثمار الأجنبي هي في الصميم مصادرة حقنا في العمل ، هذا دون ان أدخل في صميم كيف نستثمر لخدمة قوة الآخرين. ليس هناك استقلال على الإطلاق، هناك وهم به، الإستقلال هو أن يتصرف المحلي في موارده بدون تدخل الآخرين. إن المحلي عندي هو الهمام. لا أومن بأي ملك أو رئيس منتخب .. أومن بأناس محليين يساهمون في وضع خريطة إقليمهم. هذه هي القومية عندي.. أومن بمشاركة الجميع في قرار محلي . بدون استثناء، وعليه اكتب بتلقائية المحلي، لا يهمني بعده طاعون النقد. بالنسبة لي يمكن وضع أناس برمجت محليا بشكل يؤدي إلى تخلفهم، بالنسبة لي هذا حقهم، هؤلاء سينهضون من تلقاء أنفسهم، لكن أن تضع لي أنت برنامجا وأفشل فيه فذلك ينم عن شيء وحيد، ينم على أنك كنت تستغلني .. هذا هو شكل برامج الأمم المتحدة بشكل عام..تقرر وفق نظرة أمم سائدة هاجسها امنها القومي .. خلاصة: المحلي نقيض للأمم المتحدة، الأمم المتحدة ليست أكثر من وهم للتقدم، هي شكل استغلال الشعوب الأخرى. هي الحروب التي هي نفسها تدينها . لذلك هي، الأمم المتحدة نفسها لا تمنعها حين تحدث، أقصد الحرب، وبرغم قوة وحدتها.أشتاق إلى وحدة اممية لا تحتاج إلى حرب في القضاء بين أممها ، شروطها استحالة: نزع السلاح النووي المهدد للبشرية.
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خواطر ملبدة
-
نقض لاطروحة الأستاذ عصام الخفاجي في حواره في الحوار المتمدن
-
حرب اللاجئين
-
رد على أبراهامي حول مقاله -لم يفهموا ماركس يوما ما-
-
رحلة في الباتيرا (3)
-
دقة المرحلة
-
رحلة في الباتيرا 2
-
رحلة في الباتيرا
-
احترام المسلم للإختلاف لا يعدو أكثر من نكتة سمجة
-
التدين جريمة في حق الإنسانية
-
اللينينية هي الثورية (نقد ذاتي حول مقالاتي السابقة حول اليسا
...
-
-النص السياسي- والمتلقي العربي (أزمة اليونان نموذجا) محاولة
...
-
علاقة اليسار الجديد بالقديم هي علاقة قطيعة وليست علاقة تماثل
-
مؤذن الجزيرة القطرية
-
دولة التسيب
-
إسبانيا على أبواب فجر جديد
-
وجهة نظر حول تداعيات فيلم -الزين اللي فيك-
-
كابوس الجهوية بالمغرب
-
قرأنة ماركس، شكل لإلغاء طابع الثورية في الماركسية
-
حول قرأنة ماركس
المزيد.....
-
مسؤول صحي لـCNN: مقتل عشرات جراء غارة إسرائيلية على مقهى على
...
-
-أقود سيارة كهربائية لأنني فقير-
-
جدل في سوريا بعد حظر الحكومة استيراد السيارات المستعملة
-
الناتو يتحصن خلف -جدار المسيّرات- في مواجهة روسيا
-
القضاء البريطاني يرفض طلبا لوقف تصدير معدات عسكرية إلى إسرائ
...
-
موقع إيطالي: الهند وإسرائيل وستارلينك من يُدير لعبة التجسس ا
...
-
بسبب الجرائم في غزة.. الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تعلق عضو
...
-
غينيا تصدّر 48 طنا من البوكسيت في الربع الأول من عام 2025
-
كيف تفاعلت المنصات مع فقدان أوكرانيا مقاتلة جديدة من طراز -إ
...
-
-برادا- تقلد صنادل كولهابوري الهندية.. ومغردون: هذه سرقة ثقا
...
المزيد.....
-
الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو
/ زهير الخويلدي
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
المزيد.....
|