أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - التحريف الكهنوتي ومنهج الأستحمار الديني














المزيد.....

التحريف الكهنوتي ومنهج الأستحمار الديني


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5307 - 2016 / 10 / 7 - 22:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التحريف الكهنوتي ومنهج الأستحمار الديني

حتى نكون واقعيين جدا وعمليين في تعاملنا مع قضايانا الكبيرة منها والصغيرة، لا بد أن نفهم حقيقة واحدة هي أن الواجب الوجودي لا بد أن يتم بشكله وفي حينه، وما بعد الواجب يمكنك أن تتعامل مع الترفيات التي تزيد من فرصة التمتع بالسعادة، الواجب أولا يعني الخضوع لقانون الأهم ثم المهم وتقديم الضرورة على المحمول على التأجيل، هذا الموضوع لا يشمل فقط القضايا العامة والحياتية والتدبيرية للإنسان المدني، الإنسان الذي يسعى ليكون عنصرا فاعلا في المجتمع، بل تمتد مفاعيل هذه القضية حتى لموضوع الدين والعقيدية، فلا يمكن مثلا وحسب قول الإمام عل عليه السلام أن نقدم النافلة على أستحقاق الفرض ونظن أننا أنجزنا شيئا هاما يرضي الرب ويسعده.
في القضية الدينية نماذج كثيرة مما يسمى بالنوافل والمستحبات وهي الأعمال والسلوكيات وحتى الأفكار التي جوهرها الطبيعي تطوعي خارج حدود الملزم الوجوبي، الآن تقدم بقوة على الواجب والفرض وكأنها هي كل الدين وهي كل ما يريد الله من الإنسان، فيجري الاهتمام الشديد بها وبما تستلزم من تهيئة ووسائل ومسائل تفصيلية، مثل الأهتمام بنشرها على نطاق واسع والترويج لها بعناوين مقدسة، حتى أستحوذت على حقائق وموجبات الفرض الديني وأخذت تزاحمها في الواقع العملي وكأنها البديل المبتدع، هذا المنهج يقود تيار كهنوتي متعاظم يملك القدرة والقوة على الفعل والتأثير وله مصلحة في تقديم المهم على الأهم لدواع كثيرة.
الأنكى من ذلك هو ما يعرف بالمستحبات التي لا هي من الفروض وتبعاتها ولا هي من النوافل المتوارث على إتيناها كسنن تعبدية وردت عن معصوم أو عن نية في التقرب متسقة ومتوافقة مع روح الدين وهدفه في البحث عن الأخير والأحسن والأزكى، هذه الممارسات والطقوسيات التي وفدت للدين من مصادر غير معروفة وقد تكون طارئة على المجتمع الديني الذي يتميز بقدرته على البحث عن ما يوافق العقل والدين قبل أن يوافق الهوى الإنساني والرأي الشخصي، هذ الطوارئ من السلوكيات اليوم هي الغالبة على المساحة الحيوية للدين وأخذت تشغل الحيز الأوسع في الأهتمام مما جعلها مدار جدل وشقاق وخلاف يصل أحيانا عند البعض على أنها هي الأوجب من الواجب لتعلقها حسب التصور بقناع ورمز ديني مقدس.
السؤال الأهم هنا من سمح لهذه السلوكيات والممارسات الطارئة عن الدين وعن الواقع الديني أن تتغلغل في عقيدة الإيمان وخاصة في الجزء البسيط منها والذي يمثل الغالبية العظمى من المتدينين الذين لا يملكون الوسيلة في التفريق بين الأصل والصورة أصلا، ناهيك عن الظل الذي لا يمكن إفرازه في ظل تداخل الأشياء مع بعضها، الحقيقة الجواب واضح ومؤشر بحدوده دونما شك من معرفة الفاعل وتشخيصه، إنه الكهنوتي الذي يمارس سياسة التجهيل وإبعاد الناس عن طريق الله ظانا بجهل أو تعمد مسبق أنه يريد التحريف وفرض رؤيته بديلا عن رؤية الله وخلق مفهوم أخر لمعنى العبادة وشكلها، هذا الكهنوت الذي يظن أنه يحسن عملا لم يدرك حقيقة أن التزييف والأنحراف هدم الكثير من وجوديات الدين حتى أضحى اليوم فعلا مفهوم غريب عن عقول الناس وعاد الدين غريبا كما جاء أول مرة.
الغريب أن الأصوات التي وقفت ضد هذا المنهج التحريفي تعاني ليس فقط من عدم القدرة على التأثير وفرض منهج التصحيح، ولكنها تحارب أيضا من قبل الرعاع والغوغاء بصورة وحشية مدعومة بسكوت من قوى دينية مؤثرة وحاسمة، يفسر سكوتها على أنه رضا ضمني وتأييد مستتر لمنهج الكهنوتي المحرف والمزيف للعقيدة الدينية السليمة، أو أحتمال الخشية من إنفصال المورد المالي المهم الذي يمثل القاعدة المادية الأساسية لعملها ومواصلة وجوده، هذا السكوت المريب والمستهجن يخرج هذه القوى والمؤسسات من دائرة الأحترام والتأييد العقلي ويضعها في موضع المواطأة والتستر والخذلان لدين الله، مما يتوجب عقلا وواجبا دينيا إسقاطها على المستوى الأخلاقي والديني على أقل تقدير وعزلها أجتماعيا.
الخداع الكهنوتي التحريفي لا يمر ولا يتبلور إلا عبر تغييب أصل الفكرة وجوهر القضية الدينية وتحريف الغاية عن مسارها الطبيعي، فلا يمكن مثلا أن يكون الوعي الديني حاضرا وبقوة ويستطيع الكهنوتي معه أن يباشر مهنة التغرير والتزييف، لذا فكلما كانت الماديات التعبدية من طقوس وأفكار وسلوكيات أكثر تخلفا عن الدين وتعارضا مع منهج الحرية، ينجح الكهنوت بمهمة أستحمار الناس وبذر جينات العبودية في عقولهم البسيطة لتبقى عناوين مشوشة وضبابية لا تستطيع التميز بين الأصل والصورة، الدين جاء لإحياء فكرة الإنسان الواعي هو الإنسان المؤمن القوي الذي واجبه الأساسي التبين قبل الإيمان والفحص قبل القرار، والكهنوت يؤمن بأن التدين الحسي وأنتشاره وتسرطنه في واقع الدين بأي شكل أهم من الوعي بالقضية الدينية، وهذه هي سر الجدلية المرهقة للإنسان والتي شتت فكره وأضاعته في أول الطريق.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحيوا أمرنا ....ح2
- أحيوا أمرنا ....ح1
- فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح1
- فلسفة الثورة والدين ومنطق الحرية _ح2
- شروط الثورة ومسيرة التجسيد _ ح2
- هذيان عاشق مغرور
- الحاجة للفن حاجة للحرية _ قراءة أنطباعية في لوحات الفنانة ما ...
- هذيان ميت
- شروط الثورة ومسيرة التجسيد _ ح1
- هل كان الحسين مظلوما في ملحمة الثورة وقضية التحرير؟ ح2
- هل كان الحسين مظلوما في ملحمة الثورة وقضية التحرير؟ ح1
- الصوت والصدى وأنحياز المشاعر.
- نحن والحسين الرمز والقضية. إستيعاب أم أستلاب
- موعد مجهول على أبواب مغلقة
- الدين ومستقبل البشرية.ح 1
- الدين ومستقبل البشرية.ح 2
- مزادات فكرية
- شوكولاتة بطعم النفط.
- مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني
- حديث سري جدا مع قطرات الندى


المزيد.....




- المرشد الأعلى علي خامنئي اختار 3 شخصيات لخلافته في حال اغتيا ...
- حماس: إحراق المستوطنين للقرآن امتداد للحرب الدينية التي يقود ...
- عم بفرش اسناني.. ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 على الأقمار ا ...
- تردد قناة طيور الجنة: ثبت التردد على التلفاز واستمتع بأحلى ا ...
- مصادر إيرانية: المرشد الأعلى علي خامنئي يسمي 3 شخصيات لخلافت ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب سات ...
- وردة المسيح الصغيرة: من هي القديسة تريز الطفل يسوع وما سر -ا ...
- سلي طفلك تحت التكييف..خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- فوق السلطة: شيخ عقل يخطئ في القرآن بينما تؤذن مسيحية لبنانية ...
- شيخ الأزهر يدين العدوان على إيران ويحذر من مؤامرة نشر الفوضى ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - التحريف الكهنوتي ومنهج الأستحمار الديني