أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - في الذكرى الخامسة لرحيل أبي














المزيد.....

في الذكرى الخامسة لرحيل أبي


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5304 - 2016 / 10 / 4 - 22:29
المحور: الادب والفن
    


في الذكرى الخامسة لرحيل أبي
في الذكرى الخامسة لرحيلك يا أبي أخجل أن أخبرك أن كل ما تركته لنا من ميراثٍ أصبح قرى عائمة من الخراب، رائحة البارود تُزكم الأنوف الطاهرة، الدماء لا تتوقف عن تمددها العشوائي في مسارات اليمين واليسار وقفزها الصبياني في دوائر الوسط.
الأيادي لم تعد متشابكة بل متضاربة، الأراء لم تعد متوافقة بل متطاحنة، الوطن أصبح يرتدي لون الحداد في الليل وفي النهار على قوافل الشهداء وعلى من تبقى من الأحياء ينتظر دوره في الصعود إلى السماء.
لم نعد ننتظر الوطن، لم نعد نرسم مفتاح العودة في رأس الصفحة؛ فنحن في معظم الوقت مشغولون بنصب الخيام وإحصاء أعداد القتلى والمصابين واللاجئين والنازحين والفارين من الموت إلى بلاط الجحيم.
ما فائدته الوطن؟ سؤال لم يكن يخطر لي ببالٍ عندما كنت بيننا لا تكفَّ عن الصلاة والتسبيح. لكن بعد أن غادرتنا أنتَ ربما أيضًا غادرتنا الملائكة فرفعت سجادة صلاتها عن أرضنا وكفت عن التسبيح في ديارنا، غادرت هي وبقيت الشياطين في أرضنا تعيث فيها فسادًا، تزرعها خنادقَ من الرعب، تعبث بنا وتلهو ولم يسلم من عبثها سورة أو خبر، ولم تُبقِ فينا صالحًا ولم تذر.
الشياطين أصبحت تفوق أعداد البشر فأصبح لكل فرد منا شيطان أو أكثر يحرسه عن اليمين وعن الشمال، من الأمام ومن الخلف؛ كي لا يفكر قيد أنملة أن يتراجع للوراء قليلًا فيرفع يده بالسلام أو يفجر جملة بائسة "كيف الحال".
الوطن يرسم ألف علامة اندهاش واستفسار ولكن لا أحد يجيب الوطن، لا أحد يفكر بأسئلة الوطن العبثية ومحاولته فهم ما يجري من متناقضات؛ فكل شيطان يرسم في العين الواحدة ألف وطن: وطن في السماء، تحت الأرض، في كنف الجبال، في عرض البحر، في خيمة على جزر من الجليد أو فوق ثلة من الخُطب. ألف وطن زرعته الشياطين عن اليمين وعن الشمال وفي حدائق الوسط فلم نعد ندري لأي وطن فيهم ننتمي ونلقي التحية ونصدح بنشيد العلم.
هذا الوطن الذي كنتَ تحمل اسمه في قلبك، وتكلمنا عنه كلما دقت حبات المطر على نوافذ المساء، تروي لنا الحكايات تلو الحكايات عن وطن كان يعبق برائحة البرتقال، وعن "حبَّ العزيز" الذي كنا نأكله مع ذرات السكر ولم يكن يخرج علينا في حينها من يدعي ملكية المطر!
كانت الأرض يا أبي تسأل عنا إن غبنا عنها، والمطر يبقى في الخارج منتصبًا إلى أن نفتح إليه الأبواب، كانت السماء تضحك نهارًا فترسل الشمس إلى كل الحارات وأزقة الفقراء، وكان الليل دافئًا حنونًا يرسل القمر ليحرس قلوب العشاق.
اليوم لا وطن يسأل عنا، لا شمس تصل خيام الفقراء، القمر مأجور، الليل خسيس، الوقت عائب، والوطن ألقى بحقائبه إلى مراكب الهجرة وانتحر على شفتي السؤال.
أرقد بسلام يا أبي فالموت اليوم أصبح صديقًا للعائلة، يصبح ويمسي بينهم، يرفع عنهم الحجارة المتناثرة وبقايا الأسوار المتصدعة، يصدُّ عنهم الرصاص الخائن ورياح الشرِّ المستطيرة، ويعينهم على همزات وغمزات الشيطان.



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حنين العصر
- رماديٌّ ناصع البياض
- عيون جاهلية
- عيون جاهلية بقلم ميساء البشيتي
- الكلمة تُوَرَّث
- ماذا ينقص الفلسطيني؟!
- كيف الخلاص؟
- أمطار النور
- سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
- فارسة من حيفا
- حبات الخير
- عودة في الانتظار
- عازف الناي
- يسألني الياسمين ؟
- وجعي أنتَ
- موعد مع الفراغ
- تكتبني يدك
- بين شفتيِّ الكلام
- زمن العجاف
- لوحة غير مكتملة


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - في الذكرى الخامسة لرحيل أبي