أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي أوعسري - في نقض ما ورد في -يساريون وليبراليون يدعمون بنكيران.. ديمقراطيون أم ناقمون على المخزن؟-















المزيد.....



في نقض ما ورد في -يساريون وليبراليون يدعمون بنكيران.. ديمقراطيون أم ناقمون على المخزن؟-


علي أوعسري

الحوار المتمدن-العدد: 5287 - 2016 / 9 / 17 - 15:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشرت جريدة أخبار اليوم (العدد:2082 السبت-الأحد-الاثنين-الثلاثاء 10-11-12-13/09/2016) ملفا تحت عنوان "يساريون وليبراليون يدعمون بنكيران.. ديمقراطيون أم ناقمون على المخزن؟" وقبل التطرق بتفصيل إلى ما ورد في هذا الملف لا بد من الإشارة إلى أمرين أساسيين في البداية:
- سيميائية الصورة التي تم اختيارها بعناية على الصفحة الأولى من جريدة أخبار اليوم: ما سمي "يساريون وليبراليون يدعمون بنكيران" كانوا في الصورة يؤثثون دائرة مركزها هو بنكيران، عدد هؤلاء إثنا عشر، وهم بذلك –أو قل للدقة صورهم- إنما كانوا يؤثثون دائرة متماثلة كليا (totalement symétrique).... ومهدي عامل في كتاباته كان يؤكد على أن في التماثل الموت، الذي يعني طمس صراع الأفكار، أو قل الحراك الفكري كمحرك للتاريخ البشري والذي لا يمكن أن يكون إلا في الاختلاف وليس في التماثل.
- الإثنا عشر من "اليساريين والليبراليين" الذين تم اختيارهم معروفون بمواقفهم المتشابهة، ليس فقط من تجربة بنكيران الحكومية بل من التجربة الإسلاموية ككل، وكأني بمن اختار هؤلاء لا يعي أنه في الجوهر يقدم موقفا وحيدا، رغم ما يبدو من اختلاف في أشكال التعبير عن هذا الموقف (وهذا هو التماثل بعينيه).
كان ينبغي من الناحية الإعلامية الموضوعية الحرفية (Professionnelle) اختيار شخصيات أخرى لها مواقف أخرى من العدالة والتنمية وإدراجها في الملف حتى يكون الملف موضوعيا، أي أنه يقارب الواقع في تعقده من مسألة الإسلام السياسي في علاقته بالديمقراطية، غير أن القيمين على الجريدة والملف كانوا يريدون إرسال رسالة واحدة لا مكان فيها لمواقف أخرى غير تلك التي تضمنتها تلك الرسالة، وهي أن حزب العدالة والتنمية باعتباره من الإسلام السياسي لم يعد يشكل خطرا على الديمقراطية، بل تعدى ذلك إلى جذب مكونات من "اليسار الديمقراطي" الذي كان في ما مضى نابذا لاستغلال الإسلام السياسي للدين وللديمقراطية للوصول إلى السلطة (هذه هي الإشكالية المحورية التي تجنب الملف الخوض فيها بخلفيات معروفة). هذا ليس جديدا في خط الجريدة التي هي -وكما قلنا سابقا- ليست سوى منبرا لتكتل وتحالف الإسلامويين مع بعض من اليسار العروبي ومن الليبراليين الذين باتوا يدورون في دائرة إيديولوجية مركزها العدالة والتنمية (لا شيء أدل من الصورة السابقة).
على أي، ما يهمنا بعد قراءة الملف ليس الرد على ما قاله كل واحد ممن هم في تلك الدائرة على حدة، لأن ذلك لا يستحق عناء الرد، أخذا بعين الاعتبار أن ما قيل من طرف هؤلاء لا يعدو أن يكون مجرد انطباعات، بل ما يهمنا هو مناقشة المداخلة المركزية التي حاولت أن تكون مؤطرة لكل الملف من الناحية السياسية، وهذه المداخلة هي للأخ حسن طارق؛ فنحن هنا لسنا نناقش الأخ حسن طارق إلا بوصفه صاحب تلك المداخلة المركزية التي كنا سنناقشها ولو كان صاحبها شخص آخر. فنحن هنا لا نناقش الأشخاص، بل نناقش الأفكار خاصة حينما تطفوا على المشهد وتصير ملكا للرأي العام، له الحق في إبداء الرأي فيها سواء لجهة تعزيزها أو لجهة دحضها؛ غير أن الواقع هو من يتكفل دائما بهذه المهمات التاريخية في تعزيز ودحض مقولات كانت تستعمل في مراحل مختلفة لأغراض ومصالح فئوية ضيقة (أين هي مقولة التناوب؟، أين هي مقولة الانتقال الديمقراطي؟ وأين هي؟ وأين هي؟).
سنبدأ بعنوان تلك المداخلة "يساريو بنكيران.. موقف يخترق الاصطفافات"، والذي يستبطن تضليلا ديماغوجيا باستعماله "يساريو بنكيران".. أي أن لبنكيران يساريون باتوا يدعمونه، والحقيقة أنه لا يمكن أن تكون يساريا وأنت مع بنكيران؛ قد تتحالف معه وتتقاطع معه في برامج سياسية، هذا ممكن من الناحية السياسية الواقعية، هذا إن كانت هناك واقعية، لأن ما يسود اليوم هي الشعبوية النابعة من الانتهازية السياسية الريعية. من غير الممكن أن تكون يساريا وأنت من "يساريي بنكيران"؛ فأن تكون من "يساريي بنكيران" هذا يعني أنك في علاقة عضوية معه، إن لم تكن تابعا له (هذا ما يدل عليه مصطلح "يساريو بنكيران")، وهذه العلاقة من حيث هي عضوية-تبعية تسقط صفة اليسار على من هو من "يساريي بنكيران". لم يغير بنكيران من إيديولوجيته الأصولية التي تتكشف كلما كان هناك نقاش مجتمعي يخص الديمقراطية الحقيقية (مدنية الدولة، الحريات الفردية، المعتقد و و و ....) حتى يتسنى لهذا "اليسار" أن يصير من بنكيران؛ فما الذي تغير؟ ولماذا هذا التغير؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال مناقشتنا لتلك المداخلة المركزية.
مصطلح "يساريو بنكيران" تم استعماله هنا من دون مقدمات تفيد في ما يعنيه هذا المصطلح الذي يراد له أن يصير من "أدبيات" الساحة السياسية التي باتت حبلى ومزدحمة بمصطلحات كثيرة (الدولة العميقة، التحكم، السلطوية، البناء الديمقراطي عوضا عن الانتقال الديمقراطي، التماسيح، العفاريت و و و... ) تبدو وكأنها ذات "حمولة معرفية كبيرة"، لكنها في الحقيقة لا تساوي الحبر الذي به تكتب. نذكر هنا بأن المهمة الأساسية لأي باحث هي تأصيل أمور الواقع ونمذجتها في شكل معارف أكاديمية أساسية متفق عليها من الناحية العلمية، ومن الطبقة العلمية والأكاديمية، وليس رمي "مصطلحات كبيرة" خاوية المعنى في بركة الحياة السياسية الآسنة.
إضافة إلى التضليل الذي ورد في العنوان، هناك تضليل آخر في مستهل المداخلة، حيث نجد ما مفاده أن السؤال الذي ينطلق منه هذا الملف له خلفية غير معلنة تنطلق من صورة متخيلة عن اليسار ك"طائفة" أيديولوجية مغلقة؛ هذا يعني بالتحليل البسيط أن كل الذين لا يدعمون تجربة بنكيران من اليسار إنما هم في طائفة مغلقة أيديولوجيا، والحال أن اليسار له أبعاد مختلفة ليست فقط من الناحية التنظيمية الحزبية (التي تركز عليها المداخلة)، بل من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسوسيولوجية والثقافية والسلوكية والهوياتية والتاريخية، معنى هذا أن اليسار لا يختزل في ما هو حزبي بل يتجاوزه. فكيف يعقل أن تختزل كل هذه الأبعاد المتشابكة التي تؤثث ثقافة اليسار في "طائفة مغلقة"؟ غير أن الإشكالية التضليلية الكبرى هنا تكمن في كون المداخلة لا تقدم جوابا شافيا حول طبيعة هذه "الطائفة"، ثم كيف تأتى لصاحب المداخلة أن يحكم بجرة قلم ومنذ الوهلة الأولى على أن هناك "طائفة مغلقة"؟ فأي منهج علمي يسمح باختزال واقع اليسار المعقد في حكم هو من البساطة بمكان؟ أليس ذلك الحكم عما إيديولوجيا (Utopie idéologique)؟
لنواصل متابعة هذه المداخلة وفي نفسنا شيء من ماهية هذه "الطائفة" المغلقة التي ظلت مبهمة؛ ينتقل الأخ حسن إلى توضيح اليسار المعني، أي "يساريو بنكيران"، فيقول بكل بساطة "...إننا نعني تحديدا باليسار، اليسار الديمقراطي، المستوعب للفكرة الديمقراطية والتراث الليبرالي..." هذا معناه، أن من لم يدعم بنكيران فهو يسار غير ديمقراطي ولا يستوعب الفكرة الديمقراطية والتراث الليبرالي. وعلى ذكر التراث الليبرالي، فجوهره الفلسفي هو الفصل بين السياسي والديني في أمور السياسة والدولة؛ أما اليسار الديمقراطي فهي كلمة فضفاضة (إيديولوجية) متوارثة احتكرها –ويحتكرها- البعض لادعاء الديمقراطية دون غيره. لا نريد الخوض في مناقشة اليسار الديمقراطي ما دام الأخ حسن لم يوضح ما المقصود به، وهو يخاطب الرأي العام ربما اعتقادا منه أن الرأي العام له نفس تمثلاته عن اليسار الديمقراطي، وهذه مشكلة فضلا عن أنها إيديولوجية فهي بيداغوجية بالدرجة الأولى. فهو يعتقد أن ما يتمثله يسارا ديمقراطيا هو هو اليسار الديمقراطي فعليا وقطعا، وهذا غير صحيح لأنه حكم مطلق يتنافى وقواعد النسبية التي يرتكز إليها العمل السياسي والفكري.
لقد أثبتت التجربة التاريخية في المغرب –كما في سائر المعمور- أن كثيرا ممن يدعون الديمقراطية سواء في اليسار أو في تنظيمات أخرى كانوا يحاربون الديمقراطية؛ فحين انتخب المؤتمر الأخير للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر كاتبا وطنيا، انسحب عدد كبير من "قيادات اليسار الديمقراطي" من الحزب، ليعطوا بذلك المثال الناصع على أنهم غير ديمقراطيين، كان مبررهم عدم استقلالية الحزب التي لم يكتشفوها إلا عندما تأكد لهم فقدان مواقعهم القيادية (الأخ حسن طريق الذي يصنف هنا من هو الديمقراطي من غيره كان داعما مترددا –لاعتبارات لا نريد الخوض فيها- للمنسحبين ضدا على نتائج صناديق الانتخابات الديمقراطية).
وحول ما أورده من طبيعة اليسار المغربي في علاقة بالمحدد الإيديولوجي في تشكيله وبناء مخياله السياسي، يجيب بسرعة: "لم يكن اليسار المغربي في تشكله وليدا لمجرد مخاض فكري وثقافي، بل انطلق منذ البدء في سياق الحركة الوطنية، كضرورة سياسية وتاريخية، وكتعبير مجتمعي له وزنه، لذلك لم يكن أبدا منذ بداياته وخلال كل تحولاته الكبرى عبارة عن ممارسة تبتلعها الايدولوجيا على حساب الموقف السياسي والحقيقة المجتمعية. في الحقيقة هذه الجملة لوحدها تستحق أن تكون مادة للنقض الذي لا يسعفنا المقام هنا للتفصيل فيه، فهي –أي هذه الجملة- فيها مغالطات تاريخية ومجتمعية وسياسية؛ فما المقصود هنا باليسار المغربي ما دام الكاتب أقام تقسيما منذ البدء: هل هو يساريو بنكيران؟ أم يساريو "الطائفة الأيديولوجية المغلقة"؟
بصرف النظر عن هذا السؤال، لابد من التأكيد على مسألة أساسية نراها ضرورية لدحض مضامين هذه الجملة دون التوسع في كل تفاصيلها: إذا كان اليسار تشكل في سياق "الحركة الوطنية" فهو ظل حبيس إيديولوجيا هذه الحركة التي لم تكن، كما تكشف تاريخيا، وطنية وديمقراطية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ف"الحركة الوطنية" كانت عروبية ومشرقية الهوى والايدولوجيا (أي أنها كانت سجينة إيديولوجيا فوق وطنية شأنها في ذلك شأن الإسلاموية حاليا، وفي هذا يلتقي بنكيران مع بعض من اليسار العروبي الذي يعتبر نفسه يسارا ديمقراطيا)، أما مكوناتها اليسارية فكانت مرتبطة إيديولوجيا بالتيارات البعثية والقومية دون أن تستطيع التفكير والنظر سياسيا في واقع المجتمع المغربي المتعدد والذي كانت تسعى جاهدة لتنميطه وفق إيديولوجيتها العنصرية.
لم يستطع اليسار في مراحله الوطنية في البداية والتقدمية في زمن تصدع الحركة الوطنية والديمقراطية في أواسط السبعينات (بتعبير حسن طارق) أن يتخلص من إيديولوجيا الحركة الوطنية العروبية، وهذا ما يدحض المقولة الواردة في المداخلة والتي يقول فيها الأخ حسن طارق ما يلي: "الخلاصة التي أود تقديمها هنا، هي أن يسارنا المغربي لم يكن –خارج تجارب معزولة- مجرد ظاهرة إيديولوجية، بل كان في غالبية تاريخه حقيقة مغربية وسياسية، لم تجعل من النقاء الفكري أولوية مطلقة لها".
على كل حال لا نجد في التوطئة (فقرة اليسار المعني) ما يجيب عما اعتبرته المداخلة السؤال الذي ينطلق منه الملف على اعتبار أنه سؤال بخلفية غير معلنة تنطلق من صورة متخيلة عن اليسار ك"طائفة" إيديولوجية، لأن هذا السؤال يفترض إجابات من شأنها توضيح تلك "الطائفة" وليس شرح ما هو معروف (رغم الاختلاف الموجود فيه) عن اليسار المعني باعتباره بحسب المداخلة هو "اليسار الديمقراطي". لذا يمكن اعتبار هذه التوطئة محاولة أخرى للتضليل من حيث هي تحاول وبجرة قلم حشر كل من لا يؤيد بنكيران في زاوية "الطائفة" المغلقة إيديولوجيا التي ليس منها "اليسار الديمقراطي" الذي بتعبير المداخلة هو هو "إسلاميو بنكيران".
يقول الأخ حسن طارق في بداية الفقرة المعنونة ب الموقف من الديمقراطية ما يلي: "غاية هذه التوطئة هي القول أن بناء الموقف اليساري العام من تجربة حكومة بنكيران، لم تكن يوما داخل غالبية التنظيمات اليسارية شأنا مرتبطا بالموقف الإيديولوجي من ظاهرة الاسلام السياسي، بل كان بالأساس موقفا سياسيا دقيقا من المرحلة وسياقاتها وتفاعلات المسألة الديمقراطية داخلها". أولا حين نقول الموقف العام (بصرف النظر عن كونه ذي صلة باليسار أو أي شيء آخر)، فهذا يستبطن جدليا وقطعا الموقف الخاص، أو قل للدقة أكثر المواقف الخاصة، باعتبار الخاص في علاقته الجدلية بالعام هو يشكل تمظهرا من تمظهرات هذا العام، وهذا ما أشرنا إليه آنفا من كون إشكالية اليسار معقدة ولا مكان فيها للتبسيط والتسطيح على شاكلة حشر غير الداعمين لبنكيران في "طائفة" إيديولوجية مغلقة لا نعرف ما المقصود بها؛ هذا من الناحية النظرية.
أما من الناحية العملية (السياسية التاريخية)، فإن مواقف اليسار ليست كما جاء في المداخلة، ذلك أنه باستثناء موقف التقدم والاشتراكية الذي هو في تحالف حكومي مع العدالة والتنمية، والرافضين من الاتحاد الاشتراكي للديمقراطية كما جاءت بها الصناديق (تيار المرحوم الزايدي قبل أن يتلاشى هذا التيار) بمبررات عدم استقلالية القرار الحزبي، باستثناء هذه المكونات من اليسار (وهي لا تشكل سوى أقلية: الأولى منظمة حزبيا والثانية ليست سوى وجهات نظر لا ترقى حتى إلى ما يمكن اعتباره تيار) لا نجد في اليسار من هو اليوم داعما لبنكيران، أو لنقل لتجربة بنكيران الحكومية)؛ هذا فضلا عن كون الأخ حسن طارق لا يرى اليسار في مواقع أخرى إلا في ثلاث خانات تشكل خطاطة متجاوزة في شرح حالة اليسار المعقدة، فهو لا يرى يسارا غير منظما، ولا يسارا منظما في أحزاب أخرى (من ضمنها الأصالة والمعاصرة طبعا)، إنه وفي علاقة بما يعتبره مرتبطا بسؤال الموقف من الديمقراطية لا يرى سوى ما يلي:
- "جزء من اليسار اعتبر المشاركة في تجربة الحكومة تعزيزا لمسار البناء الديمقراطي": المثير هنا أن صاحب المداخلة الذي تغنى كثيرا بالانتقال الديمقراطي في ما سبق صار اليوم يتوسل بمقولة البناء الديمقراطي من حيث هي من أدبيات العدالة والتنمية، دون أن يقوم بمراجعات بهذا الصدد؛ هذا الجزء من اليسار يعتبره صاحب المداخلة حليفا في الحكومة وفي مشروع البناء الديمقراطي (لا ندري هل يتعلق الأمر بمسار أم مشروع "البناء الديمقراطي"). ليس هذا الجزء سوى حزب التقدم والاشتراكية، أو قل بالضبط، تيارا مهيمنا في التقدم والاشتراكية على اعتبار أن هناك مناضلين من هذا الحزب لا يدعمون بنكيران، لكن صاحب المداخلة يتجاهل مواقف هؤلاء المناضلين، إن لم يكن قد وضعهم في "الطائفة" المغلقة إيديولوجيا.
- "جزء آخر يعتبر أنه يمكن من موقع المعارضة تدعيم التجربة وإنجاح الصيغة الجديدة للتناوب عبر التمييز الواضح بين المعارضة ومقاومة الإصلاح، وبين أجندة المعارضة الديمقراطية وأجندة القوة الثالثة" (لا نعرف هنا أنحن في تناوب آخر؟ أم في بناء ديمقراطي؟)... كثيرة هي المصطلحات التي تم اجترارها هنا دون أن تكون في تناسق سياسي ونظري وتاريخي: التناوب، المعارضة الديمقراطية، مقاومة الإصلاح، القوة الثالثة. بحسب صاحب المداخلة ينظر هذا الجزء إلى بنكيران على أنه خصم ديمقراطي يمكن أن يكون شريكا في العملية الديمقراطية.
- "جزء ثالث يعتبر أن التجربة لن تضيف شيئا للعملية الديمقراطية بالأساس لأن شروط المشاركة السياسية لم تنضج بعد، وهذا الجزء ينظر إلى بنكيران كإصلاحي يدخل مغامرة منذورة بالفشل". ورغم أن هذا الجزء من اليسار لا يدعم تجربة بنكيران "الإصلاحي" إلا أن الأخ حسن طارق يصنف هذا الجزء من "اليسار الديمقراطي" لأنه في آخر المطاف يندرج في إطار إيديولوجيا "الحركة الوطنية".
ثم بعد ذلك يقول: "خارج هذه الخانات التي تحاول باختزال اختصار وضعية أكثر تعقدا، لا شك أن هناك نوعا من اليسار الذي اشتغل بحيوية في أجندة القوة الثالثة لإفشال التجربة، وهو بالتأكيد لم يفعل ذلك مدفوعا بطفولية يسارية تعيش تضخما في ألايدولوجيا، ولكنه بالأساس فعل ذلك لأنه لا يؤمن في الواقع بالديمقراطية أو لأنه لا يمتلك في الأصل قراره المستقل". ما يسترعي الانتباه أولا هو تأكيد صاحب المداخلة على وجود "قوة ثالثة"، هذا يعني وجود قوتين أخريين، أي انطلاقا من إيديولوجيا "الحركة الوطنية" التي لم يستطع الأخ حسن طارق تجاوزها، هناك قوة تمثلها تنظيمات هذه الحركة وقوة أخرى هي المؤسسة الملكية. في "القوة الثالثة" يشتغل نوع –وليس جزء بحسب المداخلة- من اليسار لإفشال التجربة الحكومية لبنكيران. ما ذا يعني هذا؟ هذا يعني اجترار خطابات إيديولوجية تجاوزها الزمن، وهي –هذه الخطابات- لم تكن يوما تعبر عن الحقيقة السياسية المغربية، بقدر ما كانت أثرا غير مباشر للوعي العروبي الفوق الوطني الذي كان يرى في كل من لا يعتنق الإيدولوجيا القومية العروبية المشرقية قوة ثالثة، على اعتبار أن تنظيمات "الحركة الوطنية" ظلت تعمل بكل الوسائل على تحييد كل مخالف لها عن مسرح الصراع السياسي الوطني حتى يتسنى لها هي التفاوض مع المؤسسة الملكية باسم الشعب المغربي الذي، وللمفارقة التاريخية، لم تكن تمثله في تعدديته الهوياتية وتطلعاته الاجتماعية والطبقية، لأنها كانت بكل بساطة تسعى إلى القضاء على هذا التعدد بسبب من أوهام إيديولوجية هي ذاتها من يجعل الحديث عن "القوة الثالثة" قائما إلى حدود اليوم.
لكن وحتى نساير ما ورد في المداخلة في ما يخص العلاقة بنوع من اليسار ب"القوة الثالثة"، نجدنا مضطرين بالقبول ولو على مضض بوجود "هذه القوة" مع أن القبول بها يلزمنا منطقيا بالقبول بوجود قوتين أخريين، وهو ما لا ينسحب إطلاقا على الصراع السياسي في الحالة الوطنية. حينما يتعلق الأمر باليسار الذي يشتغل في "القوة الثالثة" فهو لم يعد جزء من اليسار بحسب الأخ حسن طارق، بل هو فقط "نوع" من اليسار، وهناك فرق كبير بين الجزء والنوع.
فأن تكون جزءا من اليسار فأنت إذن ديمقراطي ومتفهم للتراث الليبرالي، بخلاصة أنت جزء من "العملية الديمقراطية" التي يقودها بنكيران بصرف النظر عن مواقفك من هذه التجربة الحكومية (حليف حكومي، خصم ديمقراطي، ممن ينعتون بنكيران بالإصلاحي). لكن ما إن تمارس السياسة برؤية يسارية مجتمعية وتاريخية مغايرة حتى تكون في عداد "القوة الثالثة" التي لا يريدها الأخ حسن، بل قل لا يعتبرها، مكونا من مكونات العملية الديمقراطية، فلا غرابة إن هو وصف هذا اليسار ب"نوع من اليسار" وليس بجزء من اليسار. الجزء هنا يحيل إلى علاقة داخلية بين مكونات من اليسار إطارها العام إيديولوجيا "الحركة الوطنية"، أما النوع فهو يستبطن علاقة خارجية بين يسار تجاوز وعيه إيديولوجيا "الحركة الوطنية"، ويسار هذه الحركة، لذا صار يسار "القوة الثالثة" غير مقبول من طرف حاملي هذه الإيدولوجيا العنصرية.
وحول ما يعتبره موقفا مرتبطا بسؤال الموقف من الديمقراطية، تقول المداخلة ما مفاده أن يسار "القوة الثالثة" اشتغل لإفشال التجربة لأنه لا يؤمن بالديمقراطية أو لأنه لا يمتلك قراره المستقل. هذه أسطوانة مشروخة يعيد تكرارها للأسف أستاذ جامعي وباحث أكاديمي دون الأخذ بعين الاعتبار وعلى الأقل وقائع من التاريخ السياسي المغربي. في ما يخص الاستقلالية، أثبتت التجربة التاريخية المغربية أن كل الأحزاب لم تكن مستقلة في قراراتها، وما الموقف ثم الموقف المضاد من تجريد أميناتو حيدر من جنسيتها وتعامل الداخلية مع كافة الأحزاب يومها لدليل قاطع على عدم استقلالية القرار الحزبي يساره ويمينه، ويومها كان الأخ حسن طارق في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، وقد عاش تفاصيل هذه الواقعة. هذا فضلا عن كون جميع الأمناء العامون للأحزاب السياسية كانوا ولا زالوا في علاقة مميزة مع القصر (وهذا لا نراه إشكالية، فقط ينبغي قول الصراحة للرأي العام وليس التضليل)، كما أن تاريخ نشأة هذه الأحزاب ليس ببعيد عن القصر، بل ربما كان بتشاور وتنسيق معه. مشكلة الاستقلالية إذن مردود عليها تاريخيا وسياسيا، وحزب العدالة والتنمية الذي يدعي الاستقلالية اليوم إنما شكله واحد من رجالات القصر. كفى إذن من التضليل.
أما في ما يتعلق بالإيمان بالديمقراطية، فيبدو ذلك غريبا، لأن ما تقدم به الأخ حسن طارق صار يطرح أكثر من علامات الاستفهام، وأكاد أجزم أن هذا صار دون مستوى النقاش خاصة حين يتم الربط بين الإيمان بالديمقراطية ودعم حكومة بنكيران، أو قل في أحسن الأحوال الربط بين الإيمان بالديمقراطية بالانتماء ضمنا إلى "الحركة الوطنية". ولئن فصلنا آنفا في كون "الحركة الوطنية" لم تكن كما يقال ديمقراطية، فإننا سنناقش الموقف من الديمقراطية في بعدها الجديد هذا، أي حينما تصير الديمقراطية لازمة لبنكيران وتجربته الحكومية. لا يمكن مناقشة الديمقراطية في هذا البعد "الجديد" الذي يريد أن يتشرعن داخل الساحة السياسية الوطنية دون مناقشة مسألة الديمقراطية وما تطرحه من إشكالات عميقة في العلاقة بالإسلام السياسي. مناقشة الديمقراطية في العلاقة مع دعم بنكيران ليست سوى الشجرة التي تخفي الغابة.
في الحقيقة سيلزمنا الكثير لشرح العلاقة الملتبسة بين ما يدعونه "الديمقراطية" والإسلام السياسي؛ ودون الخوض في ماهية الديمقراطية كثقافة سياسية لا يمكن أن تختزل إطلاقا في الانتخابات، نرى من المفيد التذكير بما يلي:
- قوى الإسلام السياسي كلها ليست ديمقراطية؛ مارست الاغتيال السياسي، دون إجراء مراجعات علنية في ما مارسته من اغتيال وتقتيل سابقا، ودون الحسم في العلاقة الشائكة بين السياسي والديني في مسألة الدولة المدنية؛
- قوى الاسلام السياسي تمارس التقية، بما في ذلك استغلال هوامش الديمقراطية المتاحة، للتموقع في الدولة تمهيدا للسيطرة عليها، وهذا تبدى من خلال سلوكها الانتهازي في ما سمي "الربيع العربي".
- كل التجارب من إيران، السودان ومصر مرسي أثبتت أن قوى الاسلام السياسي لا تهمها الديمقراطية بقدر ما يهمها الوصول إلى السلطة. في تونس ولأسباب مرتبطة بانحصار المد الإسلاموي إقليميا مارست النهضة التقية في أبشع صورها وظهر الغنوشي في فيديو يحث المتطرفين الإرهابيين بعدم التسرع حتى يتمكنوا لاحقا. وفي عهد الترويكا ظهر الاغتيال السياسي بسبب من الاسترخاء الأمني وعدم الحسم في ملاحقة الإرهابيين. في ليبيا وسوريا واليمن تحالف الإخوان المسلمون مع القاعدة والإرهاب والامبريالية الأمريكية لتخريب الدولة والمجتمع.
- في المغرب خرج إخوان بنكيران -الذي هو الرجل الثاني في الدولة- يساندون مرسي ضدا عن سياسة الدولة المغربية، أكثر من ذلك خرجت حرم بنكيران رافعة شعار النصر لمرسي، في حين هناك فيديوهات تؤرخ لدعم إخوان بنكيران لجبهة النصرة التي باتت اليوم في عداد القوى الإرهابية. هذه ممارسات غير ديمقراطية ونستحيي أن نقول غير وطنية لأنها تجعل مصالح التنظيم العالمي للإخوان المسلمين فوق المصلحة العليا للوطن.
- كل المؤشرات التاريخية والحالية تشير بوضوح إلى العلاقة القائمة بين الامبريالية الأمريكية وقوى الإسلام السياسي بما في ذلك العدالة والتنمية، وهذه العلاقة مبنية أساسا على ضرب مقومات الدولة الوطنية-الاجتماعية وتفويت مؤسسات القطاع العام إلى الخوصصة -أي إلى الرأسمال خاصة الأمريكي؛ وفي هذا ضرب للمسألة الاجتماعية التي تشكل عمق ثقافة اليسار.
- ليس مواقع اليسار هي من تحدد ديمقراطيته، أهو في "اليسار الديمقراطي"، أم في "القوة الثالثة"، هذه أكليشيهات متوارثة لا تنطلي إلا على أصحاب الثقافة الحزبية الضيقة. ما يحدد ديمقراطية اليسار ليس هو دعم بنكيران من عدمه، ما يحدد ديمقراطية اليسار هو تشبته بالعدالة الاجتماعية التي لن تتحقق في ظل الهيمنة الإسلاموية المدعومة أمريكيا.
- لا يمكن دعم تجربة إسلاموية دون الوضوح في أهدافها السياسية، ومنها على وجه الخصوص الفصل بين الديني والسياسي، من دون ذلك لا يحق لأحد توصيف اليسار بالديمقراطي على قاعدة الدعم اللامشروط لبنكيران الذي في ما مرة قال إنه مستعدة للشهادة، فهل تستقيم الشهادة والديمقراطية؟ الشهادة لا تستقيم إلا مع الجهاد، وحين يختلط الجهاد بالممارسة الديمقراطية تصير الديمقراطية في خبر كان.
سنكتفي بهذا القدر من أبعاد الإشكالية العميقة التي تربط الإسلام السياسي بالديمقراطية، والتي ينبغي استحضارها في مناقشة ما يعتبر اليوم "تجربة حكومية" ديمقراطية يقودها بنكيران؛ بعد هذا سننتقل إلى مناقشة الفقرة الأخيرة (بؤرة الصراع السياسي) دون إعادة النقاش في ما ورد في (زيف المعركة الإيديولوجية) و(القوة الثالثة) على اعتبار أن ما طرحناه من أفكار هو إجابات مسبقة على ما ورد في هاتين الفقرتين اللتين تخصان الصراع الإيديولوجي و"القوة الثالثة".
يعتبر الأخ حسن طارق في بداية الفقرة الأخيرة (بؤرة الصراع السياسي) "أن الكثير من اليساريين لم يصابوا –لحسن الحظ- بالعمى الإيديولوجي في علاقتهم بتجربة حكومة عبدالله بنكيران معتبرين أن الحلقة المركزية للصراع السياسي اليوم لا تتجلى في الأولوية الإيديولوجية وفي قضايا الإعدام والحرية الفردية وتوترات الهوية والمواطنة، لكنها ترتبط بجدول أعمال سياسي واضح يتجلى في الدفاع عن القرار الحزبي المستقل، احترام الإرادة الشعبية، تعزيز البناء الديمقراطي، احترام صلاحيات المؤسسات المنتخبة، التأويل الديمقراطي للدستور".
طيب الإعدام ليس مطلبا جماهيريا ملحا. لكن الحرية الفردية هي مطلب عاجل في زمن العولمة، وكل تأجيل لها هو يصب في تقوية القوى المحافظة حتى لا نقول الأصولية. توترات الهوية والمواطنة ليست توترات وحسب، بل هي ناجمة عن مطالب شعبية ضرورية لتصحيح مسار التاريخ المزيف الذي أراد العروبيون سابقا والإسلامويون اليوم الاستمرار في طمسه. ليس أكثر خطرا على المجتمعات، وخاصة المتخلفة، من عدم حسم الديمقراطية في علاقتها بالمسألة الهوياتية والثقافية، فكثير من الدول صارت مفككة بسبب من النزاعات العرقية والإثنية التي كانت مغيبة في إطار الأنظمة القومية العروبية الشمولية، وهذا المطلب لا يقبل التأجيل؛ أما في ما يخص عناصر جدول الأعمال السياسي المطروح للنقاش فيمكن القول:
- بخصوص الدفاع عن القرار الحزبي المستقل لا يمكن فعليا أن يتحقق هذا في ضوء العلاقة الريعية التي تجمع الأحزاب بالدولة، يمينها ويسارها، ولذا فمن غير الطبيعي القول أن هناك أحزاب مستقلة وأخرى غير مستقلة، الكل في ذلك سيان، وقد دحضنا هذا سابقا ولا حاجة لنا بالتكرار.
- احترام الإرادة الشعبية يعني فعليا احترام الأكثرية غير المصوتة التي لا يمثلها أحد من الأحزاب التي تدعي أنها ديمقراطية، أو تقود تجربة ديمقراطية. إذا كانت الأحزاب كلها لا تمثل سوى ما دون العشرة في المائة، فإن الإرادة الشعبية هنا مغيبة والحديث باسم هذه الإرادة هو حديث نخبوي لا يلامس الواقع. القصر وحده من يمثل جميع المغاربة الذين هم ملتفون حوله، ولذا لا مانع في هذه المرحلة التاريخية أن يكون هو مركز النظام السياسي لأنه الوحيد مع الشعب المغربي قادرين على تجنيب البلاد مآسي الدول التي حاولت فيها الإسلاموية بدعم أمريكي السيطرة على السلطة.
- تعزيز البناء الديمقراطي سنؤجل فيه النقاش إلى مناسبات آخري ريثما تتوفر حول هذه المقولة شروحات مفصلة، على اعتبار أن استعمال التناوب التوافقي، الانتقال الديمقراطي، التحول الديمقراطي يطرح إشكالات نظرية وتاريخية لم يفصل فيها بعد أولئك الذين يقولون بهذه المقولات حسبما تشتهيه خواطرهم.
- احترام المؤسسات المنتخبة من الناحية النظرية نحن متفقون على هذا، لكن من الناحية العملية المؤسسات المنتخبة تتقوى حينما تكون الأكثرية منخرطة في الفعل السياسي الوطني، وإلا فإن المؤسسات المنتخبة ستمارس ديكتاتورية النخبة حسب أهوائها الإيديولوجية التي قد تعصف بالثوابت الوطنية، ولذا قلنا إن القصر له دور مركزي تاريخي تستدعيه الضرورة المجتمعية والتاريخية في حماية المؤسسات واستقرار البلاد.
- التأويل الديمقراطي للدستور فيه إشكالية نابعة من التصنيف الذي يضعه البعض (ومنهم حسن طارق) بخصوص من هو ديمقراطي من عدمه، ففي الوقت الذي يعتبر الأخ حسن طارق كل من لا يدعم بنكيران غير ديمقراطي، فأكيد أن كل تأويل صادر عن هذا الذي لا يدعم بنكيران سيكون بحسب بنكيران و"يساريي بنكيران" تأويلا غير ديمقراطي.
بعد ذلك، يضيف الأخ حسن طارق فيقول: "أن جدول الأعمال السياسي هذا لم يمنع بتاتا من معارضة كثير من اختيارات الحكومة وسياساتها. ذلك أن بدايات تجربة هذه الولاية كانت قد تميزت مثلا بانطلاق إرهاصات معارضة وطنية وديمقراطية للتجربة الحكومية تقع على مسافة من برنامجها وسياساتها دون أن تسقط في فخ تقمص وظيفة جيوب المقاومة، وهي عموما تجربة معارضة قتلت في بداياتها". هذا تضليل ما بعده تضليل، ذلك أن نفس المنطق التضليلي والاقصائي لا يزال يؤطر نظر الأخ حسن في ما يعتبره "بؤرة الصراع السياسي". فعلى غرار ما قام به من تقسيم لديمقراطية اليسار على قاعدة دعمه لبنكيران، ها هو يقوم بنفس التقسيم بالنسبة للمعارضة. فبحسبه كانت هناك إرهاصات "معارضة وطنية ديمقراطية" (هذا يحيل إلى النموذج السوري حيث يتحدثون عن المعارضة الديمقراطية لتمييزها عن الإرهاب، أو قل لتبيضها من الإرهاب)، وغير ذلك هو من جيوب المقاومة.
ما يقال عن تلك المعارضة ليس صحيحا، فهي كانت تسعى للعب أدوار لا تبدو للعيان، أي أنها تريد أن تتبدى كما لو كانت تعارض بنكيران، وهذا غير صحيح، لأن الحقيقة هي أنها كانت تسعى لدعم بنكيران من داخل تنظيمات حزبية في خرق سافر لقواعد الديمقراطية واستقلالية القرار الحزبي التي يتغنى بها الأخ حسن طارق. بكل وضوح، ما يعتبر إرهاصات معارضة ديمقراطية وطنية هي هي التيار المتلاشي الذي كان يقوده المرحوم الزايدي من داخل الاتحاد الاشتراكي الذي لقيادته رأي آخر في الموضوع لم تكن تحترمه تلك "المعارضة الديمقراطية الوطنية". واليوم تكشفت الأمور بشكل لا غبار عنه، وما تبقى من تلك "المعارضة الوطنية الديمقراطية" بما فيها الأخ حسن طارق هم اليوم وراء ما يسمى "يساريو بنكيران"؛ انتهت اللعبة وتبين كل شيء، لا داعي للكثير من شرح الواضحات.
ما يسمى "يساريو بنكيران" هي محاولة إيديولوجية وإعلامية لا وجود لها إلا في جريدة أخبار اليوم المغربية وموقع أخبار اليوم 24. هؤلاء يسعون إلى زيادة شعبية بنكيران وتضليل الخطاب والممارسة السياسيين أملا في الحصول على مواقع لا علاقة لها لا باليسار ولا بالديمقراطية ولا بالمعركة الإيديولوجية ولا بالقوة الثالثة ولا ببؤرة الصراع السياسي. الرغبة في الحصول على هكذا مواقع باتت أكثر ملحاحية لأن الريع الشبابي البرلماني قد استكمل دورته، واليوم تبدو مواقع أخرى في الأفق لكن شرط أن يستمر بنكيران. هذا الشرط رهين بما ستفرزه الاستحقاقات المقبلة.



#علي_أوعسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا في المعادلات الإقليمية والدولية بعد الانقلاب الفاشل
- في خلفيات الدولة العميقة، دولة الظل والتحكم
- لعبة حقوق الإنسان وتفكيك الدول: يا حقوقيو أمريكا اتعظوا !
- لعبة الإرهاب باتت مكشوفة وروسيا الأشد حزما ووضوحا في محاربته
- الأصالة والحداثة في البادية على عكس ما يروجون
- بمناسبة انتخاب الباجي قائد السبسي رئيسا لتونس
- رسائل مغربية في ضوء نتائج استحقاقات 25 نونبر
- قوى اليسار ومواجهة التحديات الراهنة في ضوء ما تعرفه منطقة ال ...
- ملاحظات في الدولة، الأحزاب والحداثة السياسية
- متى كان إسقاط الأنظمة بدعم امبريالي -تحريرا-!
- إشكالية تقرير المصير وبناء الدولة المدنية في ظل الحراك الجما ...
- قراءة متأنية في تطورات الوضع الليبي وتداعياته الاستراتيجية
- تأملات في المسألة الدستورية في ظل المتغيرات الإقليمية والوطن ...
- في نقد البيان الديمقراطي
- أية آفاق بعد إقصاء دكاترة التعليم المدرسي من نتائج الحوار ال ...
- في اعتصام الدكاترة العاملين بقطاع التعليم المدرسي: يوم مأساو ...
- في مخاطر الأزمة الليبية على منطقة شمال إفريقيا
- في إضراب دكاترة قطاع التعليم المدرسي تتكثف أزمة السياسة التع ...
- ملف دكاترة التعليم المدرسي بعد أسبوعين من الإضراب المفتوح
- استثناء الدكاترة من تسوية ملفات الفئات التعليمية وضرورة محاس ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي أوعسري - في نقض ما ورد في -يساريون وليبراليون يدعمون بنكيران.. ديمقراطيون أم ناقمون على المخزن؟-