أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - علي أوعسري - في إضراب دكاترة قطاع التعليم المدرسي تتكثف أزمة السياسة التعليمية















المزيد.....

في إضراب دكاترة قطاع التعليم المدرسي تتكثف أزمة السياسة التعليمية


علي أوعسري

الحوار المتمدن-العدد: 3300 - 2011 / 3 / 9 - 08:21
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    



يخوض دكاترة التعليم المدرسي إضرابا مفتوحا عن العمل، وهو إضراب جاء بعد سنوات من النضال المشروع لهذه الفئة التي وجدت نفسها في السنوات الأخيرة تعاني الحيف والإقصاء بسبب من تجاهل الدولة لقيمة الدكتوراه، مما يؤشر الى عمق الإشكالية البنيوية التي تعاني منها منظومة التربية والتكوين ببلادنا منذ الاستقلال الى يومنا هذا، والتي باتت بدون أفق معرفي ومجتمعي وتاريخي جراء عدم قدرة هذه المنظومة على تجاوز هذه الحلقية وهذا الانحصار الذي من بين تمظهراته تبخيس الدكتوراه وعدم انفتاح أي أفق علمي وأكاديمي أمام حامليها، من حيث هو أفق لممارسة البحث العلمي باعتباره قاطرة للتنمية المجتمعية وفق متطلبات المرحلة التاريخية التي تعيشها الإنسانية جمعاء اليوم.
فبدون الدخول في سرد تاريخي لأهم التجارب التاريخية الفاشلة التي راكمتها المدرسة العمومية والجامعة المغربية على حد سواء، بسبب من سيادة نوع من الارتجالية والتسيب والفردانية في اتخاذ قرارات فئوية ضيقة على حساب المصالح المصيرية لكل فئات وطبقات الشعب المغربي التي كانت تتغيى من خلال التعليم تحقيق طموحاتها المشروعة في المساهمة في بناء مغرب لكل المغاربة، فبدون الدخول في هذه الحيثيات يمكن القول أن أزمة/مأزق تطور منظومة التربية والتكوين وعدم قدرتها على التجديد والتجدد بما يمكنها من تلبية حاجيات البلاد في التنمية والديمقراطية والحداثة، باعتبارها قيم ملازمة لكل مجتمع متقدم، إنما تتكثف في ما آلت إليه وضعية الدكاترة بشكل عام ودكاترة التعليم المدرسي بشكل خاص.
ان قضية دكاترة التعليم المدرسي، بما تستبطنه من اهانة وإقصاء وتهميش للكفاءات الوطنية، هي قضية رد اعتبار لقيمة الشهادات الجامعية وعلى رأسها الدكتوراه قبل ان تكون قضية مرتبطة بشكل ضيق بتغيير إطار الدكاترة الى أساتذة التعليم العالي مساعدين. فالحق في تغيير الإطار على قاعدة الشهادة المحصلة هو حق لكل أبناء الشعب المغربي، كما أن الولوج الى الجامعة المغربية باعتبارها فضاء للابتكار والبحث العلمي ينبغي أن يكون ميسرا وممكنا لكل من توفرت فيه الأهلية الجامعية والعلمية والمعرفية حتى يساهم في تشييد صرح هذه الجامعة التي لازالت تعاني من عدة مشاكل مزمنة (غياب الديمقراطية، سيادة منطق المصالح والتكتلات، تعثر الانتاجات على مستوى البحث العلمي....) هي السبب في تبوئها المكانة المتدنية في سلم ترتيب الجامعات الدولية.
غير أن ولوج الجامعة المغربية تاريخيا لم يكن بهذا الشكل الذي هو عليه اليوم، حيث بات من الصعب/المستحيل ولوج الجامعة كأستاذ التعليم العالي مساعد بمجرد الحصول على الدكتوراه على غرار ما تم به العمل الى حدود الإصلاح الجامعي لفبراير 1997. فقبل هذا التاريخ كانت أبواب الجامعة مفتوحة أمام حملة دبلومات أقل قيمة من الدكتوراه وكان التحاق هؤلاء بالجامعة تحكمه اعتبارات أخرى سياسية وعلائقية لا صلة لها بالكفاءة والدمقرطة.
اليوم، وبعد أن أغلقت أبوابها أمام حملة الدكتوراه، بدعوى الدمقرطة، أضحت الجامعة ومؤسسات التعليم العالي مرتعا لكل أصناف المتعاقدين من حملة الدبلومات التي ليست بالضرورة من قيمة الدكتوراه. والحال هذه ألا ينكشف هذا النوع من الخطاب المرفوع من طرف مختلف الأطراف المتدخلة في الحقل الجامعي حول "دمقرطة" الجامعة المغربية؟. ان الحديث عن "الدمقرطة" الذي ليس سوى إشهار ورقة المباريات أمام كل من يريد ولوج الجامعة، له معنى واحد ووحيد وهو الحيلولة دون أن تلتحق فئات جديدة من أبناء الشعب المغربي بالجامعة.
هذا المعنى إنما يكتسب مشروعيته وقوته من كون العديد من هذه المباريات تجري في ظروف تنتفي فيها الشفافية والديمقراطية واعتماد الأهلية العلمية والبيداغوجية. ولعل أخر مثال حي شاهد على ما نقوله هنا هو عدم قدرة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي على تدبير مباريات تغيير إطار دكاترة التعليم المدرسي الى أساتذة التعليم العالي مساعدين، تلك المباريات التي شابتها خروقات واختلالات تنظيمية وقانونية كانت السبب في الاحتقانات التي أدت بدكاترة التعليم المدرسي الى الدخول في إضرابهم المفتوح منذ 18 فبراير من السنة الجارية.
ما هو مؤكد اليوم ان هذا الإضراب جاء يكشف عن مجموعة من الاختلالات العميقة كانت ولا تزال تجري في منظومة التربية والتكوين بشقيها التعليم المدرسي والتعليم العالي. ففي الوقت الذي تجد في الجامعة المغربية أطرا متعاقدة من غير حملة الدكتوراه، هاهم الدكاترة يعانون كل أشكال الحيف والإقصاء في التعليم المدرسي الذي بالمناسبة تحكمه عقلية دوغمائية متحجرة تكن كل الحقد للدكاترة وللمعرفة وللبحث العلمي. ان هذه العقلية التي لازالت غارقة في أكليشيهات وفي قوالب جامدة أضحت تشكل العائق البنيوي لأية محاولة لتطوير منظومة التربية والتكوين التي تنخرها ممارسات وسلوكات مشينة لا داعي للتفصيل فيها في هذا المقام.
ان الواقع ليبدو اليوم كما لو أنه مقلوب رأسا على عقب، ذلك أن الدكاترة في قطاع التعليم المدرسي وعوض الاستفادة من خبراتهم وكفاءتهم العلمية تراهم يهمشون من دون أي إطار تنظيمي يعترف على الأقل بشهادة الدكتوراه ويقيهم شر بعض من الممارسات السائدة في قطاع التعليم المدرسي. في هذا السياق، كيف لدكاترة ينتجون المعرفة من خلال نشرهم لبحوث رزينة تحضى بمصداقية علمية دولية أن يفتشوا ممن هم أقل منهم كفاءة علمية، بل أليس من العار في هذا البلد أن تبدد طاقات الدكاترة في ملء دفاتر النصوص صباح مساء، وكأنما دفاتر النصوص هذه هي المؤشر الحقيقي على القيام بالواجب. هذه هي عقلية الأكليشيهات التي هي من القشور وليس هي من الجوهر.
عود على بدء، ان الفرصة مواتية اليوم، في ظل هذا الإضراب المفتوح، أمام الوزارة وأمام الجامعة لإعادة إدماج هذه الطاقات من الدكاترة في مؤسسات التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي لما فيه خير بلادنا. ان تغليب المصلحة العليا للبلاد على المصالح الفئوية الضيقة يقتضي اليوم من الوزارة وكافة المتدخلين في التعليم العالي، وخاصة النقابة الوطنية للتعليم العالي، اتخاذ مبادرات جريئة من شأنها المساهمة في حل ملف دكاترة التعليم المدرسي بما يسمح لهم تعليق هذا الإضراب المفتوح والالتحاق بالجامعة المغربية خدمة لها ولرقيها ولتقدم البحث العلمي فيها، خاصة وأن أغلب الدكاترة لازالوا يمارسون البحث العلمي من خلال علاقات غير منظمة وغير معترف بها مع العديد من المختبرات بالجامعة المغربية.
ان إعادة إدماج الدكاترة العاملين بقطاع التعليم المدرسي من شأنه أن يفتح أفاقا رحبة، ذلك أن هذه العملية سوف تعيد الاعتبار لشهادة الدكتوراه وستمكن الأجيال القادمة من التوجه لممارسة البحث العلمي وانجاز بحوث الدكتوراه عوضا عن الاقتصار عن الماستر والتوجه الى الشارع للمطالبة بالإدماج المباشر. ان في ذلك مصلحة عمومية، ومن هنا يستمد الإضراب المفتوح مشروعيته وشرعيته لأنه ليس يجري بهدف تغيير الإطار وحسب، بل ان دوافعه العميقة تتكثف في الوعي الطليعي والوطني الذي تتمتع به فئة الدكاترة التي تأمل من خلال إضرابها هذا تقويم ما يمكن تقويمه وإصلاح ما يمكن إصلاحه.
ليس عبثا إذن أن يحمل التاريخ هذه الفئة الطليعية من الدكاترة وفي هذه المرحلة الحساسة الى واجهة الأحداث لتدلو بدلوها في ما ألت إليه منظومة التربية والتكوين في ظل تعاقب سياسات تعليمية طبقية هي حريصة كل الحرص على وضع العوائق تلو العوائق أمام أبناء الشعب المغربي في سعيهم وطموحهم المشروع في الترقي الاجتماعي من خلال الاعتراف بالكفاءات الوطنية ومن خلال إعمال قاعدة الاستحقاق والأهلية وفي أفق القطع النهائي مع كل مظاهر الولاءات والزبونية والعلائقية التي تنخر ليس فقط منظومة التربية والتكوين بل كل مؤسسات الدولة.
بهذا المعنى فان معركة الدكاترة المفتوحة اليوم تندرج موضوعيا، شاؤوا أم أبوا، بوعي منهم أو بدون وعي، في سياق هذه الدينامية من المطالبة بالتغيير الديمقراطي الذي يجري اليوم إقليميا ووطنيا في ضوء ما يجري من ثورات في تونس ومصر وفي العديد من الدول الأخرى. إنها معركة حتى النصر.



#علي_أوعسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف دكاترة التعليم المدرسي بعد أسبوعين من الإضراب المفتوح
- استثناء الدكاترة من تسوية ملفات الفئات التعليمية وضرورة محاس ...
- في نقد إسقاط ما يجري في تونس ومصر من أحداث على الواقع المغرب ...
- في جديد و تعقد ما يجرى في تونس من أحداث
- في السؤال الثقافي: بخصوص تنامي وتيرة الدعوات والبيانات الثقا ...
- قراءة مركبة في أحداث العيون: رهانات وتحديات ما بعد مخيم أكدي ...
- بين تقرير اللجنة الأممية حول التمييز العنصري ومزاعم اختراق إ ...
- سؤال السياسة اليوم
- في المسألة اللغوية: أو الايدولوجيا في المسألة اللغوية
- توضيحات أخرى بخصوص ملف دكاترة قطاع التعليم المدرسي
- مخاطر الشعبوية وهي في قلب البرلمان: استقالة الرميد نموذجا
- توضيحات بخصوص تطورات ومآل ملف دكاترة قطاع التعليم المدرسي
- -فعاليات- الشعب المغربي في خيمة القذافي
- تبعثر الحقل الاجتماعي وأزمة علاقة النقابي والسياسي
- مأزق الوزارة في ملف الدكاترة العاملين بقطاع التعليم المدرسي
- مأزق المأسسة في ضل غياب حوار اجتماعي وسياسي وثقافي شامل
- تأملات في مفهوم الطبقة الوسطى
- مناقشة في بعض أفكار الجابري حول إصلاح التعليم والمسألة اللغو ...
- أفكار للمساهمة في تسوية وضعية الدكاترة العاملين بقطاع التربي ...
- بيان المنضمة الديمقراطية للتعليم بخصوص الاضراب الوطني لدكاتر ...


المزيد.....




- رسميًا.. موعد زيادة رواتب المتقاعدين بالجزائر 2024 ونسبة الز ...
- التعليم الثانوي : عودة إلى جلسة 18 أفريل و قرار نقابي بإلغاء ...
- صلاح الدين السالمي في الهيئة الإدارية لجامعة النفط:
- اتحاد الشغل بتونس يهدد بإضراب عام بسبب التدفق الكبير للمهاجر ...
- الزيادة لم تقل عن 100 ألف دينار.. تعرف على سلم رواتب المتقاع ...
- Second meeting of the Andean Subregion
- بعد 200 يوم على الحرب.. غزة مدمرة اقتصاديا وصناعيا والجميع ت ...
- “بزيادة حتـــى 760 ألف دينار mof.gov.iq“ سلم رواتب الموظفين ...
- فرنسا: بعد فشل المفاوضات... أكبر نقابة للمراقبين الجويين تدع ...
- التقرير السنوي للفينيق 2023


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - علي أوعسري - في إضراب دكاترة قطاع التعليم المدرسي تتكثف أزمة السياسة التعليمية