رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5279 - 2016 / 9 / 8 - 01:39
المحور:
الادب والفن
الألوان في قصيدة
"حالات البحار العاشق"
عبد الناصر صالح
قصيدة من ديوان "مدائن الحضور والغياب" وهي تمثل ذروة الـتألق، لما فيها من صفاء نقي وفضاء شاسع وتعدد الألوان، فرغم حضور اللون الأزرق بشكل لافت، إلا أن القصيدة فيها تعدد الألوان فكانت كباقة ورد، فهناك لون بهيج ورائحة زكية، حتى أن المتلقي يشم رائحة البحر ويرى ضياء الشمس، ويتأمل السماء وهي تجوبها الغيوم، وفي هذه الأجواء الجميلة يحضر لنا المرأة لتضفي على المشهد لمسة جمالية اضافية، وبهذا تكتمل عناصر الجمال.
ما دفعي لتناول هذه القصيدة دون سواها تطابقها مع (النص المطلق) الذي يتحدث بلغة وألفاظ ومضمون/فكرة تجتمع معا لتقدم للمتلقي صورة بهية عن الحياة، ففي هذه القصيدة استطاع الشاعر أن يندمج تماما مع الحياة وما فيها من جمال بحيث نجد معنى الجمال والفرح والسعادة في قصيدته، وبهذا استطاع أن يحررنا مما يؤلمنا، ولو مؤقت، ونجح في إيصالنا إلى ما نحتاجه، نجح في جعلنا نشاهد السماء والبحر والمرة بالطريقة الطبيعية، بعيدة عن التنغيص والألم.
سأحاول أن نتحدث عن جمالية هذه القصيدة من خلال تعدد الألوان فيها، فيقول في بدايتها:
"للبحر أخيلة وهذا الموج أزرق
غيمة غسلت ضفائرها
...شاطئ يرنوا لأغنية
... وأسماك تزين طقسها في الماء
وامرأة تشيد معبدا للعشق
فوق الرمل
...الشمس تلبس تاجها
وتفك قيد حنينها للبحر والأشجار
...كنت اسكن نارها
وبراعم الرمان في دمها المؤله
أنتشي بندى يلامس خضراء العينين
... وأسائل الغيم المكدس عن جوانحها
..تستفز أيائل الغابات
حين تطير بين ظلالها
وتهتز جذع العمر
تسقط صورة لربيعها الأبدي ..أمام البحر.."
نجد البحر الأزرق، والسماء الزرقاء، والغيم الأبيض، وشعاع الشمس اللامع، والأشجار والغابات الخضراء، وقدم لنا لون النار الأحمر، ونجد لون جسد المرأة ولون الأيائل والأسماك، وكأن الشاعر بهذه الطبيعة يريدنا أن نتعرف عليها وما فيها من مخلوقات سخرت لنا لنتمتع بها ونبتهج بجمالها، فهو يجمع كل عناصر الحياة في الطبيعة ويقدمها لنا بصورتها الطبيعية، وهذا لوحده قادر على إخراجنا مما نحن فيه، وجعلنا ننسجم ونتمتع بها وفيها.
وما يلفت النظر أن الشاعر حاول أن يجعل من المرأة كائن يتماثل مع الطبيعة بما فيها من تعدد الألوان، فعندما تحدث عن عيناها
"أنتشي بندى يلامس خضراء العينين"
أرد يقول بأنها كائن قادر أن يمنحنا ما تمنحنا إياه الطبيعة، وهذا التقديم العظيم للمرأة لا يكون إلا من شاعر يحترمها ويعشقها.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟