أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - قضية رأي في التفكر والجنون ح2















المزيد.....

قضية رأي في التفكر والجنون ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5174 - 2016 / 5 / 26 - 03:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد يقول البعض وهو محق طبعا بأن الدين أنتج كما كافيا وكبيرا من الحلول ومحاولات الحل ومقدمات له في غالب العصور الزمنية، لقد أستخد العقل وحرض على العمل والتفكير والتدبير ونجح في أنتاج منظومات متعددة وعلى مستويا مختلفة من المعارف والأخلاقيات التي ساهمت وتساهم لليوم في إثبات وتثبيت حالة الأستقرار البشري، ومما لا شك فيه هذا صحيح ونؤيد ما يقولون لسبب بسيط ليس للدين فيه دور، الدور وإن كان تحت رايته لكنه بالحقيقة فعل الإنسان، الدين ليس قواعد جاهزة ومجردة وخالية من النسبة والتناسب مع واقع الإنسان أيضا مجردا، أو أنه نظريات وحلول مطلقة تنزل من أعلى ومعها سلة الحلول، ولو كان الأمر كذلك لكان التنزيل كان دفعة واحدة وبطريقة مماثلة وعلى نفس القاعدة الأنفة.
قد يعترض البعض بأن التدرج في حكميات الدين والأوامر الضابطة هي من ضروريات التوافق بين النص أو الفكرة الدينية التي ستحكم وبين واقع الإنسان العقلي، وهنا يجيب المتدين على إشكاله بنفي دور الدين حيث تلعب التجربة الإنسانية ونظام التفكر والتعقل ومقدار نضوجه دورا في رسم الدين ورسم طريقة عمله، الدين تجربة وطالما كان تجربة فهو معرض للفشل والنجاح ليس لأن الإنسان لا يريد أن تنجح الفكرة هنا أو تفشل هناك بل لأن ما في التجربة قابل لذلك، وهنا يمكننا الإشارة إلى مقدار التدخل البشري في صنع فكرة الدين.
الدين ليس كالعلم في هذه الناحية وهذا الفرق الجوهري بين أن تكون القاعدة أو القانون حقيقي وسيال ويمتلك خاصية الثبات في كل مرة يتحكم في حالة مشابهة في الظروف والمعطيات، أو يكون خاضعا ومتأثر بالما حول ومتأثر بما في الذات لينتج صور مختلفة وماهيات حكمية متعددة في وضع مماثل أو تحت حال واحد، الدين الذي ينتج عادة أفكار متنوعة ونتائج تجارب مختلفة تتشابه وتتناقض حسب معطيات النص الديني أو الفكرة الدينية، لا يمكنه أن يصنع قوانين علمية واحدة بينما العلم لا ينتظر من التجربة إلا لإثبات منطوقه وتأكيدا على أحقيته، قانون الجاذبية بصيغته المبسطة مرتكز في الفهم اللا مباشر في الدين حين تشير النصوص لحالة النزول والصعود والجذب والتجاذب بين دقائق الكون ولكنه أيضا ثابت وأصيل قبل أن نعي الدين ونعرف التدين وهو من قوانين التكوين على ما نعرف.
من القوانين الدينية مثلا أن الله سيحاسب البشر بعد حين وقد يكون هذا الحين يوما أو بعض يوم وقد يكون بملايين السنين وبعد أن يتحول هذا المحاسب إلى تراب والتراب يتحلل إلى عناصر كيمائية أخرة وقد تدخل في مرة ثانية في تركيبة إنسان أو كائن أخر وهكذا، المهم أن الله سيعيد هذا الإنسان بشكل ما ليحاسبه، المنطق العقلي البسيط لا يقبل هذه الفكرة وبهذا الطرح ليس لأن الأمر لا يمكن تحققه ولكن ما الفائدة العملية المرجوة من محاسبة تراب أو عناصر مادية تشاركت واشتركت في أكثر من كائن ولأكثر من مرة، هذا الفرق بين القانون العلمي والقانون الديني ومن يحكم بذلك العقل الإنساني الذي كلما حاول أن يحاكم المشهد يلجأ إلى مفاهيم غيبية مثل القدرة العظيمة والمقدرة اللا متناهية لله.
ليس الهدف في المقارنة هو توهين الدين والأعتداء على العقل البشري عام والمؤمن به خاصة، ولكن من طبيعة التفكير العلمي أن يذهب بعيدا في التفكيك والتركيب والنقد والاستقصاء والتحليل ليكون هذا المشروع العقلي محاولة حقيقية وجادة لفهم الدين، لقد عانى كبقية الأفكار المثالية والأخلاقية والأجتماعية ظلما مزدوجا من الماديين ومن المؤمنين المتدينين، وأدخله الطرفان في صراع التناقض الذي لا يتناسب مع مشروع العلم ولا يمكنه أن يحسم في ظروف أن يتمسك كل من الطرفين بكل ما لديه دون محاولة فحص وتدقيق لموضوعية الفكرة، الدين عندما نجرده من هالة التقديس يمكننا أن نفهمه تماما ويمكننا أن ندخل في عالمه الجوهري بحرية العالم المكتشف، هنا سيبدو الباب الرئيسي الذي يجعل منه مشروعا قابلا للدراسة واضحا ومفتوحا على وسعه للولوج، ونحن نتأمل أن نصل منه إلى نتائج تساعدنا على الكشف عن الكثير من الزوايا التي حجبها عنصري الإيمان المطلق والإنكار المطلق.
كباحث وناقد وأمارس التحليل العقلي المنطقي لا أنكر دور الدين الإنساني ولا أنكر حاجة الإنسان له طالما أنه يؤمن له بعض الأستقرار من الاهتزاز واللا توازن بين واقع صنعه الإنسان بوجوده وبين واقع طبيعي أصلي لا يتشابهان، ولكن ما لا أقبله أن أجعل من دائرة الدين طوق محيط للعقل لا يتنفس إلا من خلاله ولا يعيش إلا داخله، الوجود ليس إيمانا وتدينا وممارسة الحياة بشكل مرسوم سلفا، الحياة والوجود أكبر وأعظم من أن نختصرها بفكرة الجنة والنار والخير والبشر، الحياة سلسلة تجارب منها الحر الذي لا يمكنه أن يبنى على أسس قديمة كي ينتج لنا بناء فكري جديد، لأننا مهما حاولنا التغيير في البناء لا بد أن يخضع في النهاية إلى تحكمات وشكلية الأسس، كما أن الزمن الذي هي وعي الوجود بذاته لا يقبل أن نستمر على نفس الطرق التي سلكها الإنسان منذ ألاف السنين لأن نلحق به، بل هو اليوم يعطينا إمكانيات ويتيح لنا سبل أيسر وأسرع للحاق به بل ويشجع الإنسان ليسبقه بمراحل.
مشروع العقل الحديث لا بد أن يتحول ويتغير ويستجيب لدواع التطور الزمني والعقلي والعلمي، لنضع كل شيء في مكانه المناسب وهذا أول أدوار التعقل ونسمي الأشياء بمسمياته دون خوف أو قلق من أنها ستذهب بنا للمجهول، لأن الضبابية والتردد ومحاولة مزج غير حقيقي بين المثاليات التي لا توافق العقل المجرد وبين الماديات المتماهية مع قوانين الوجود وخاضعه لها بالكلية، لا يمكنهما العمل على سطع الواقع الواحد دون أن يكون لكل منهم لون ومسمى واضح ومحدد، المشروع الحديث للعقل يبدأ من حيث أنتهى العلم وأنتهت خرافة النقل عن الغيب المجهول، مشروع العقل الحديث لا ينكر دور الإنسان الخالق وعليه أن يصرح بكل نتائج هذا الخلق مهما كانت صادمة وقاسية على العقل الأسير لتخلصه أولا من جنونه ومن عبوديته للخوف.
مشروع العقل الجديد يقسم العقل ومناطقه العاملة المنتجة على كم كبير وطيف واسع من الأفكار الإنسانية المتوزعة على أهتمامات مختلفة، ويمنحها القدرة على الاختراق وكسر القوالب المنطقية القديمة القائمة على الممكن والمعقول والمتناسب مع حدود العقل العاجز عن بلوغ الكمال البشري، طالما أن الكثير من الأفذاذ قد نالوا درجات عليا من الكمال في مراحل تأريخية مختلفة ولم تتكرر حالاتهم إلا في حدود ضيقة، إذن سيكون من الممكن مع المشروع الجديد الآن أن نجعل الواقع العقلي كالظاهرة، بدل أن تكون حالات نبوغ فردي نحولها إلى ممارسة عقلية طبيعية تتكرر وبإضطراد مع توسع حالة التحرر العقلي من قواعد جنونه الأولى.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية رأي في التفكر والجنون
- فكرة الدين والوجود تناقض أو صورة ناقصة؟.
- تنبؤات مجنونة من طفولة عاقلة
- الفكرة المهدوية وغياب رؤية النهاية
- الإرهاب بطريق الوهم
- مكابدات الحزن والفرح في وطن حزين
- آينشتاين النبي ..... مفهوم العقل في العقل
- العمل السياسي في العراق بين المهنية والتلقائية
- العشوائيات السكانية .... القنبلة التي تهدد الأمن الأجتماعي
- القبانجي الليبرالي بزي السلفيين
- العقل في دائرة الروح
- أكاذيب حول موقف الإسلام من المرأة _ الإمامة مثالا.
- الناس على دين ملوكها.
- حكاية الأربعاء
- بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير ...
- الفوضى الضرورية والفوضى الخلاقة
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح1
- نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح2
- من يطلق رصاصة الرحمة على نظام المحاصصة
- الحياد في قضايا المصير


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - قضية رأي في التفكر والجنون ح2