أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!














المزيد.....

دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 20:11
المحور: الادب والفن
    


بعد هوجة دعاوى التكفير وازدراء الأديان التي زجّتْ بمثقفين وأطفال وراء قضبان السجون؛ أصدرت دار الأوبرا المصرية بيانًا بالتضامن معنا، نحن المغضوب علينا محابيس الرأي، رافضةً سلب أي مواطن حريته بسبب رأي ما لم يُفْضِ إلى عنف أو عنصرية أو خوض في الأعراض، وفقًا للدستور المصري الجديد. لكن دار الأوبرا ذاتَها، أو كما أُسميها: دولة "الأوبرا"، هي ذاتها تزدري قوانين الطبيعة! فكيف يناصرُ مزدرٍ مزدريًا؟! نعم، الأوبرا تزدري الوظائف البيولوجية العادية لأعضاء الجسم البشري.
اللسانُ والحنجرةُ بأحبالها الصوتية ولَهاةُ الحَلق والشفتانُ في الجسم البشري، جميعُها أعضاءُ لها وظيفة طبيعية واحدة، هي: إيصال المعلومة، من فمٍ إلى أُذن. رجلٌ في فجر التاريخ يفتح فمه ويحرك لسانه وشفتيه ويُطلق بعض همهمات، فتفهم امرأتُه أنه خارجٌ من الكهف لقنص طريدة. ثم يعود بعد عدة ساعات يجرّ خلفه كنزه الثمين من قرنيه. تفتح المرأة فمها وتحرك لسانها وشفتيها وتطلق همهمات فيعرف الرجلُ بأُذنيه أنها فرحت بالصيد الثمين، وتطلب منه أن يساعدها في إشعال النار على الأتون بصكّ حجرٍ بحجر، لكي يُنضجا الفريسة الشهية. ثم يأكلان مع أطفالهما، ويخلدون للنوم بعدما يفتح الجميعُ فيهم ويحركون ألسنهم وشفاههم، ليفهم الجميعُ أن الجميعَ يتمنى للجميعِ نومًا هادئًا وأحلامًا سعيدة. الخلاصةُ أن وظيفة الحنجرة الطبيعية هي أن "توصل" معلومة من إنسان إلى إنسان. الكلمات هي "الجسر" الصوتي بين البشر. لكنّ للأوبرا رأيًا آخر!
الساقان والقدمان والجذع والذراعان والأصابع وغيرها من أطراف الجسم البشري، أعضاءُ لها وظيفةٌ طبيعية واحدة هي نقل الأشياء أو التحرك للانتقال من مكان إلى مكان آخر من أجل غرض ما. ظمأ رجلٌ في فجر التاريخ الأول، وودّ أن يرتوي. فنهض ثم حرّك قدمًا، وتلتها قدمٌ، حتى انتقل من جوار الشجرة التي كان يجلس تحت وارفِها، إلى مشارف النهر، ثم انحني بجذعه، ومدّ كفيّه وملأهما من صفحة الماء العذب، ثم شرب. الخلاصةُ أن أطرافَ الجسم البشري لها وظائفُ طبيعية هي نقل الجسم من مكان إلى مكان، أو نقل الأشياء من أماكنها ليستفيد منها الجسمُ البشري. لكن للأوبرا رأيًا آخر!
الأوبرا تنسف كل ما سبق من وظائف الأعضاء البشرية. الأوبرا تزدري قوانين الطبيعة وتختلق للجسم البشري وظائفَ جديدة غير طبيعية. فاللسان والشفتان والحنجرة، تعمل مثل أوركسترا كامل لُتطلق أنغامًا صوتية ليس الهدف منها توصيل معلومة من فم إلى أُذن، بل نقل نغم وإبداع من حنجرة سوبرانية أو طربية إلى أرواح وقلوب وعقول عطشى للجمال؛ فتنتشي إن أنصتت، وتخرج بطاقة إيجابية تحثّ أصحابها على العمل والترقّي ومحبة العالم. والأوبرا تتمرد على الوظائف الطبيعية للأطراف البشرية من النقل والانتقال إلى أذرع وأصابع تعزف على الكمانات والنايات والماريمبات والأعواد والقوانين، وسيقان وأقدام تحلّق في الهواء في رقصات باليه ساحرة لا يحدّها ولا يحكمها إلا قانون الجمال. الأوبرا تزدري قوانين الطبيعية الوظيفية العادية انتصارًا لقانون الجمال والإبداع وخلق الطاقة الإيجابية للبشر ليتطور العالم. دولة الأوبرا تسحب من الإنسان الباسبور البشري، وتمنحه باسبورات العصافير والبلابل والعنادل والفراشات والبجعات وملائكة الجمال.
أيها القائمون على دولة الأوبرا الساحرة، يا قادة الأوركسترا، أيها العازفون والعازفات، أيها الباليرينات، يا مصممي الديكور والإضاءة والملابس، أيها السوبرانوات والصوليستات، يا كتّاب الأوبرات وشعراء الأغاني، ومؤلفي الموسيقى، يا شعب الله المُختار لصناعة الجمال، استمروا في ازدراء قوانين الطبيعة الاعتيادية والتمرد على وظائف الجسم البشري المجبولة لكي تخلقوا لنا الجمال والسحر والترقّي.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لابد من الموسيقى
- أمهاتُ الشهداء وأمهات الدواعش
- عبقريةُ البسيط وعبطُ الفيلسوف
- سوطٌ لكل امرأة
- كُن مرآةً ولا تكن عكازًا
- البيض الأرجنتيني
- الست فضة والست ماري
- لقاء الرئيس الذي لم أحضره
- هل نلغي الدستور؟
- الكود الإنساني للأطفال
- تيمور السبكي... ونحن والدستور
- اسجنوا بورخيس مع أطفال المنيا
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!
- الحريةُ مناطُ التكليف | أخرسونا لتدخلوا الجنة!
- لماذا لم يعصفِ اللهُ بالملائكة؟
- ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!!
- سياطٌ على ظهر الحكيم
- قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت (سجن)
- سأهربُ إلى قبر جدتي
- قانون -نيوتن- الرابع


المزيد.....




- الهوية المسلوبة.. كيف استبدلت فرنسا الجنسية الجزائرية لاستئص ...
- أربعون عاماً من الثقافة والطعام والموسيقى .. مهرجان مالمو ين ...
- غزة في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي
- السلطان و-الزواج الكبير- في جزر القمر.. إرث ثقافي يتوّج الهو ...
- -مكان وسط الزحام-: سيرة ذاتية لعمار علي حسن تكشف قصة صعود طف ...
- السعودية.. الفنان محمد هنيدي يرد على تركي آل الشيخ وتدوينة ا ...
- المخرج علي كريم: أدرك تماما وعي المتلقي وأحب استفزاز مسلمات ...
- وفاة الممثلة كيلي ماك عن عمر ناهز 33 عامًا بعد صراع مع السرط ...
- ليدي غاغا تتصدر ترشيحات جوائزMTV للأغاني المصورة لعام 2025
- عشرات الإعلاميين والفنانين الألمان يطالبون بحظر تصدير السلاح ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!