أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الشاي والناس














المزيد.....

الشاي والناس


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5092 - 2016 / 3 / 3 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


الشاي هو الصديق الذي لم يفارقني ساعة. ومع أنه عشب لا يتكلم إلا أن محبة عميقة جمعتنا حتى أني ما إن ألمحه قادما في ثوبه الزجاجي الشفاف حتى أهتف فرحا:" ياسلام علي جمالك"! يتسلل إلي عقلي. ينظم مثل مايسترو قدير كل خلاياه وأفكاره فأسمعها تصدح متناغمة. عام 1968 طلب مني والدي أن أكتب حوارا لفيلمه "عائلات محترمة". حين أنهيته قرأه ونظر إلي مغتاظا مذهولا:" إيه ده؟! مافيش مشهد واحد من غير شاي؟! أول البطل مايشوف البطلة يقول لها: تعالي نشرب شاي! البطل يمرض، يسافر، أمه تموت، يشرب شاي! ده كله تكلفة فيلم خام وتصوير"! دفع بالورق إلي قائلا :"خذ. نشف الحوار ده . مش عاوز ألقى فيه كباية شاي واحدة"! نشفت الحوار لكن لم يتوقف غرامي بالشاي. وكنت قد قرأت قصة ليوسف إدريس يصف فيها اثنين من الفلاحين في غيط، يضايف أحدهما الآخر بكوب شاي ويقول له وهو يصبه:" عارف بزبوز الإبريق ده؟ نزل منه بقرتان وحمار"! أي أنه باع البهايم وأنفق ثمنها على الشاي. حينذاك قلت لنفسي إنني مصري أصيل! ثم قرأت مقالا مطولا للكاتب العالمي جورج أوريل صاحب رواية " العالم 1984" يتغزل فيه بذلك السائل السحري ويمجد طرق إعداده، فأدركت أنني أنتقل من المحلية إلي العالمية! عام 1972 بعد وصول السادات للحكم رحلت مع والدي من مصر. ركبنا باخرة من الاسكندرية قاصدين بيروت. كان البوفيه مفتوحا على سطح الباخرة فسألت والدي:"ألن نشرب الشاي؟" قال لي:"والله ما في جيبي ولا مليم"! هكذا ظللنا جالسين على سطح المركب نتطلع إلي البوفيه كاليتامى إلي أن أطفأ أنواره وأغلق أبوابه فنهض والدي بحزم قائلا:" أخيرا قفل! ياللا بينا بقى نشرب شاي"! قلت:"إزاي؟ البوفيه قفل؟". قال"ما أنا كنت منتظر يقفل"! واتجه إلي قبطان الباخرة وعاتبه قائلا:" ياسيدي رحنا نشرب شاي لقينا البوفيه قافل"! فأولم لنا الرجل وليمة لعلعت فيها أكواب الشاي! من بيروت سافرت إلي روسيا للدراسة وهناك فوجئت بأن بواكي الشاي في المحلات مكتوب عليها"مفيد لعضلة القلب"! فأيقنت أنني إضافة لمصريتي وعالميتي أتمتع بإدراك علمي وناديت بفصل الشاي عن الدولة! هناك أيضا عرفت أن شعوب آسيا الوسطى المحيطة بروسيا تطلق على الشاي"نبيذ الشرق"، فعلمت أنني من مدمني النبيذ! ولقد دافعت عن صداقتي لذلك العشب في أدق المواقف حتى عندما بكت زوجتي الروسية وهي تشكوني بدموعها لأمها:"ياماما هذا الرجل لا يكف عن طلب الشاي. أنا أصبحت قهوجية في البيت"! فهدأتها أمها:" احمدي ربنا أنه لا يطلب فودكا"!عندما عدت إلي مصر صرت أضع في بيوت أصدقائي المقربين بواكي الشاي الذي أفضله، فإذا ذهبت لزيارتهم وجدته. ذات يوم كنت أزور صديقي حسام حبشي وبحثنا عن الباكو الخاص بي في المطبخ فلم نعثر عليه، وكانت ماجدة زوجته في أمريكا فاتصل بها حسام يسألها:"ياماجدة فين باكو الشاي بتاع أحمد؟!" فجاءنا صوتها بالدهشة من كاليفورنيا:"بتتصلوا بأمريكا وتصحوني من النوم عشان باكو شاي بجنيه ونصف؟! بالمرة بقى اتصلوا بالكرملين". سألها حسام يشاكسها :" معاك نمرته؟"! مع ذلك لم يخمد حماسنا فظللنا نفتش حتى وجدنا الباكو مختبئا وراء علبة فلفل ، فهتفت به " ياسلام على جمالك".



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذي يتجرأ على تعديل نجيب محفوظ ؟!
- نوبة عباس الطرابيلي
- آليونا - قصة قصيرة
- معرض الكتاب .. تنوير لا يصل لمستحقيه !
- المسيحي الذي قرأ الفاتحة لأجل الوطن !
- التعريب .. خطوتان إلي الأمام
- الدفتر الكبير .. فن الكراهية
- عيد ميلاد شيماء الصباغ
- وثائق التمويل الأجنبي السري لمنظمات مصرية
- من أجل حريةالصحفيين
- يوم اللغة العربية .. هل أننا نقول ما لانفهمه ؟
- من يربح الستة عشر مليار جنيه ؟
- إدوار الخراط .. يغيب المغني وتبقى الأغنية
- حقيقة سفيتلانا ألكسيفتش وجائزة نوبل
- أشرف فياض .. إعدام شاعر
- بيت سيد درويش حظيرة ماعز !
- طه حسين .. العاشق ابن البلد
- الشرم وباريس تخويف أوروبا
- في ذكرى ميلاد والدي
- التعليم المصري يضع صفرا لتوفيق الحكيم !


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الشاي والناس