أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بيت سيد درويش حظيرة ماعز !














المزيد.....

بيت سيد درويش حظيرة ماعز !


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5003 - 2015 / 12 / 2 - 13:25
المحور: الادب والفن
    


في تسعينات القرن الماضي سرق اللصوص من إحدى مكتبات استوكهولم كتابين اثنين أُثريين يعودان إلي القرن السابع عشر، وبعد فترة ظهر الكتابان في مزاد ألماني واشتراهما أحد الأمريكيين. لكن السويد ظلت على مدى ربع قرن تكافح في الجهات الألمانية والأمريكية كفاحا دبلوماسيا وقانونيا مستميتا إلي أن استردت الكتابين في أكتوبر هذا العام وأعادتهما إلي الرف في المكتبة الوطنية العامة. هكذا تكون كل ورقة من التراث القومي معركة جديرة بالقتال، لأنها ورقة من ذاكرة الوطن وتاريخه. وفي النمسا ، وطن الموسيقار " موتسارت" الذي غنت فيروز اللحن الأساسي من سيمفونيته رقم أربعين بكلمات عربية " يا أنا يا أنا وياك" أطلقوا اسم موتسارت على مطار مدينة " سالزبورج" التي ولد فيها الموسيقار العبقري، وأقاموا له تمثالا ضخما، وأطلقوا اسمه على أشهر أنواع الشيكولاطة، وحافظوا على بيته الذي نشأ فيه – ويرجع بناؤه للقرن الثاني عشر – حتى أمسى أحد أهم المعالم السياحية. وفي مدينة " بون" بألمانيا حيث ولد " بيتهوفن" أصبح بيته مزارا ومتحفا تحيطه الزهور ويقصده سنويا أكثر من مئة ألف إنسان، وحافظوا فيه على البيانو الأخير الذي كان يجلس إليه العبقري الأصم ليسمع العالم أجمل ما في قلبه من نغم. وكان ل " تشايكوفسكي" الموسيقار الروسي منزل عاش فيه فترة قصيرة في ضاحية تبعد عن العاصمة نحو تسعين كيلومترا، حولته السلطات إلي متحف يزوره الآلاف سنويا علاوة على متحفه بالعاصمة. أما البيت الذي ولد فيه سيد درويش في كوم الدكة بالاسكندرية فقد أمسى مجرد خرابة ومرعى للماعز بالمعنى الحرفي للكلمة، مع أن دور دور سيد درويش في حياتنا الثقافية وتشكيل الشعور القومي لا يقل عن دور أي من أولئك الموسيقيين العظام، وهو الذي انتقل بالموسيقا إلي"تعددية الأصوات" وقفز بها من الطابع الفردي إلي الطابع الجماعي ومن نغم المدينة إلي نغم الشعب بقدرة تصويرية فذة. وقد ترك لنا درويش ثروة تتألف من نحو 31 عملا غنائيا مسرحيا منها 12 أوبريت أشهرها " العشرة الطيبة" و" الباروكة" و" شهرزاد"، مع 12 موشحا وعشرة أدوار، و66 طقطوقة ومونولوج، و12 نشيدا أشهرها " بلادي بلادي". وفي مارس القادم ستحل ذكرى مولد درويش المئة والرابعة والعشرون بينما مازالت الأوبرا تتجاهل تقديم أعماله إلي الأجيال الجديدة. وإذا كانوا في ألمانيا يطوقون منزل بيتهوفن بالزهور فإننا نحاصر بيت درويش في كوم الدكة بالماعز وكاوتش السيارات القديمة ونحوله إلي مخزن ومنشر لجلابيب أهل المنطقة، وخرابة! ولا يمكن أن نكون جادين في حديث – أي حديث- عن التنوير والثقافة وإن كنا نطمر أنوار ثقافتنا في الظلمة ونتركها نهبا للفئران والزواحف! تكفي أي إنسان زيارة واحدة لكوم الدكة ليرى بيت سيد درويش بنفسه ويتأسف على"آثارنا " التي ليست كتابا أو كتابين بل بيتا كاملا نمت بين جدرانه عبقرية مصرية فذة. وقد سبق لمحافظ الاسكندرية عادل لبيب أن أصدر قرار منذ خمسة أعوام بنزع ملكية البيت من الورثة لتحويله إلي متحف، وظلت التصريحات حبرا على ورق. ومؤخرا صرح مسئولون بمكتبة الاسكندرية بتصريحات مماثلة لا نلمس فيها هي الأخرى أية جدية. لقد بنى سيد درويش مجد مصر الموسيقى فخربت بيته، ترنم بمحبتها من كل قلبه: "بلادي.. بلادي"! وردا على المحبة طوقت بيته- ليس بالزهور- لكن بفضلات الماعز المقيمة!
د. أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طه حسين .. العاشق ابن البلد
- الشرم وباريس تخويف أوروبا
- في ذكرى ميلاد والدي
- التعليم المصري يضع صفرا لتوفيق الحكيم !
- حافة ذاكرة
- ملاحظات كاتب قصة - الأدب واللغة -
- وداعا .. جمال الغيطاني
- روح الضباب - قصة قصيرة
- تعميد الوحدة الوطنية في حرب أكتوبر
- السينما زمن الطربوش
- الفارس الذي أنقذ كاريوكا !
- المثقفون حائرون يتساءلون من يكون وزيرها ؟
- السوري العظيم .. خالد الأسعد
- ألف عام وعام عربي روسي
- سطور ملهمة من سجن النساء المصريات
- مظفر النواب .. الشاعر المتمرد
- قناة السويس والانذار الروسي
- أوراق فكرية أم أوراق مالية ؟
- أرى النور أحيانا
- في وصف البنات من - القمرة - إلي - المزة -


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - بيت سيد درويش حظيرة ماعز !