أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - وداعا .. جمال الغيطاني














المزيد.....

وداعا .. جمال الغيطاني


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4963 - 2015 / 10 / 22 - 15:29
المحور: الادب والفن
    


وداعا جمال الغيطاني
د. أحمد الخميسي
أنعى إلي نفسي قبل الآخرين جمال الغيطاني. برحيله تغرب قطعة غالية من العمر، وأسمع في الأجواء أجراس مركبة جيل الستينات تؤذن بالوداع، وفرسانها يهبطون منها واحدا بعد الآخر. دخل جمال المستشفى في المرة الأخيرة فكنت أستحضر وجهه وأتمنى لو استطعت أن أرجه من كتفيه بقوة وأصيح فيه: "أفق. إياك أن تغادر"! وأسأل نفسي: أكان يمكن أن يبقى لو أنني رجوته البقاء؟. ينظر الجميع إلي جمال بصفته روائيا قاصا ثم كاتبا سياسيا يتفقون أو يختلفون معه. أما جمال بالنسبة لي فكان صديق السنوات التي لم نكن نملك أي شيء على الإطلاق سوى الأحلام ونحن نمر على سور الكتب بالأزبكية نشتري مجلة أو كتابا. ونحن جالسين نأكل من صحن واحد مع والديه وأخيه اسماعيل أو مع أخوتي في بيتنا. نشأ جمال في منطقة فقيرة، ولم يكن في أسرته أو بيته ما يسوقه إلي الأدب. سألته ذات مرة عما جذبه إلي ذلك العالم فقال:"لا أدري. كنت أسير بجوار سور كتب في الأزهر ومددت يدي إلي كتاب، ثم لم أنقطع عن القراءة والكتابة". بدأب وبإصرار فولاذي صنع جمال نفسه من لاشيء. معا نشرنا أولى قصصنا بمجلة القصة وكان جمال في نحو العشرين من عمره وأنا أصغر منه بثلاثة أعوام. اتجهنا إلي مقر المجلة وطلبنا من أحد الموظفين مقابلة الأستاذ ثروت أباظة، فنظر إلينا الرجل ووجدنا نحيفين لا تبدو علينا لا كتابة ولا قراءة، فمضى إلي حجرة أباظة وسمعناه يقول له:"فيه أولاد صغيرين عاوزين يقابلوا حضرتك"! ونشر أباظة القصتين في العدد ذاته في أبريل 1965. تعرفنا إلي بعضنا البعض عن طريق والدتي وكانت تعمل في دار الكاتب العربي(هيئة الكتاب) حين جاءها ذات يوم صبي في السادسة عشرة يحمل- على حد قولها- جوالا من القصص للنشر، فأشفقت عليه من الإحباط وقالت له:" أنا كمان عندي ابن من سنك تقريبا بيكتب قصص تعالى البيت عندنا لتتعرفا"! جاء جمال ذات مساء، خجولا متهيبا، مشبعا بالود وبابتسامة طيبة. فيما بعد كتب جمال عن ذلك قائلا:"السيدة الرائعة شفيقة جبر لعبت دورا هاما في حياتي, بل يمكن القول إن تعرفي إليها كان نقطة تحول حقيقية. في البيت تعرفت إلى أحمد الخميسي وربطتني به علاقة أخوية حميمة حتى فرقت بيننا ظروف الحياة،أما والده عبد الرحمن الخميسي فقد ساعدني في حصولي على أول وظيفة عملت بها بعد تخرجي". في بيتنا تعرف جمال إلي مجموعة من أصدقائي الذين كانوا يدرسون مع عمي في الجامعة، ومنهم الكاتب المعروف صلاح عيسى، وكان البيت أشبه بصالون أدبي تتردد في أجوائه القصائد والقصص والأغاني من المساء حتى الفجر. ومن بين الجميع كان جمال وحده صديق سنوات الصبا والآمال الكبار الساذجة والطموح البكر. باعدت مابيننا ظروف الحياة ألي أن عدت أنا من روسيا فعرض علي أن أكتب في أخبار الأدب التي ترأس تحريرها. وعلى مدى عشر سنوات تقريبا لم يمنع لي جمال سطرا واحدا مما كنت أكتبه، وكان معظم المقالات - ماعدا الأدبية والنقدية - معارضا بوضوح لنظام مبارك وسياساته. في صبانا كنا نتجول معا في شوارع وسط البلد نغني"الدنيا ليل والنجوم طالعة تنورها". الآن، لايبقى لي سوى أن أتطلع إلي النجوم العالية علني ألمح نور ابتسامته الطيبة من وقت لآخر، وتلك السنوات التي لاتعود.
***
أحمد الخميسي . كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روح الضباب - قصة قصيرة
- تعميد الوحدة الوطنية في حرب أكتوبر
- السينما زمن الطربوش
- الفارس الذي أنقذ كاريوكا !
- المثقفون حائرون يتساءلون من يكون وزيرها ؟
- السوري العظيم .. خالد الأسعد
- ألف عام وعام عربي روسي
- سطور ملهمة من سجن النساء المصريات
- مظفر النواب .. الشاعر المتمرد
- قناة السويس والانذار الروسي
- أوراق فكرية أم أوراق مالية ؟
- أرى النور أحيانا
- في وصف البنات من - القمرة - إلي - المزة -
- أين برنامج وزارة الثقافة المصرية في الحرب على الإرهاب؟
- يوسف القعيد .. الثقافة والشعب
- الجسر الذي شيدته فاليريا كيربتشنكو
- محمد المخزنجي وكتابه - مساحة صغيرة للدهشة-
- نريد مليونية لخلع الفقر في مصر
- مجموعة أمير زكي - خط انتحار-
- سأفتح الباب وأراك يوما - قصة


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - وداعا .. جمال الغيطاني