أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد المخزنجي وكتابه - مساحة صغيرة للدهشة-














المزيد.....

محمد المخزنجي وكتابه - مساحة صغيرة للدهشة-


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


د. أحمد الخميسي

في كتابه الجديد " مساحة صغيرة للدهشة" ( مركز الأهرام للنشر) يقدم الكاتب والقاص المعروف محمد المخزنجي مختارات من مقالات كتبها على مدى خمسة عشر عاما مابين 1992 حتى 2007، وينسب المخزنجي – وهو محق في ذلك تماما - ما كتبه من مقالات، وما يكتبه منها، إلي "المقال القصصي"، مستشهدا بتجربة كتاب كبار في " المقال القصصي " مثل هيمنجواى وترومان، ويوسف إدريس ويحيي حقي. ويشير إلي أن عبد القادر المازني كان " أكثر جرأة في تسمية ما يكتبه للصحافة مقالات قصصية". و"المقال القصصي" شكل سردي مستقر ومعترف به، وكان جابريل جارسيا ماركيز يصنفه في خانة الأدب، لكنه قليل الذيوع، ربما لأن المقال القصصي يحتاج في الكاتب الواحد إلي أكثر من روح: إلي كاتب صحفي يتناول ظاهرة اجتماعية أو سياسية ثم إلي أديب يرى تلك الظاهرة ويقدمها بروح السرد الأدبي الأقرب للقصة. في ذلك المجال قدم جورج أوريل مؤلف رواية " العالم 1984" العبقرية نموذجا للمقال القصصي في كتابه" لماذا أكتب"، ومازلت أذكر منه مقالا ممتعا عن طرق إعداد الشاي المختلفة.
محمد المخزنجي الطبيب الذي هجر الطب إلي القصة مثلما فعل أنطون تشيخوف ويوسف إدريس وميخائيل بلجاكوف يشغل مكانة خاصة في قلوب وعقول القراء بصفته مبدع ومجدد القصة القصيرة الأول بعد إدريس، وأيضا لأنه أحيي من جديد " المقال القصصي" الذي لم يعد أحد يكتبه، على أهميته وقدرته على النفاذ بالفكرة إلي قطاع واسع من القراء، أبعد من دائرة الأدب البحت. ولا تخفى على من قرأ المخزنجي – قاصا وكاتبا ومفكرا- قدرة الكاتب العجيبة على تحويل كل ما يلمسه من غبار وأخشاب وتفاصيل صغيرة إلي ذهب لامع يستولي على روح القارئ وعقله قبل أن يسطع في عينيه، وهي قدرة سحرية قلما تتوفر لأحد على رؤية العالم ورؤية تفاصيله الصغيرة في ضوء آخر خارج السياق المألوف.
في كتابه الجديد يندهش المخزنجي من أن " الحيوانات من النوع الواحد – مثل الثعابين – لا تقتل بني جنسها.. أما الإنسان فهو قاتل لبني جنسه بامتياز"، ويدهشنا بحكاية خمسمائة أنثى من إناث الحمير كانت جزءا أساسيا من ركب" سابينا" محظية الامبراطور نيرون، وصارت تلك الإناث تجسيدا للعلاقة بين النعومة والطغيان، بين الضعف والقوة.
في بعض مقالاته يبعث المخزنجي سيرة أدباء وكتاب كبار لم يلقوا حقهم من التقدير مثل ابوالمعاطي أبو النجا صاحب " العودة من المنفى" وبالدور الذي قام به عبد الفتاح الجمل في جريدة " المساء" حين قدم جيلا كاملا من الكتاب لأن معياره الوحيد كان جودة العمل وليس العلاقات الاجتماعية. في العديد من المقالات الأخرى يبرز المخزنجي الطبيب، العالم، ليحدثنا عن " جنون البقر"، والمفاعلات النووية، وندرة المياه، وعن ظاهرة الإغماء الذي يتعرض له المراهقون في الحفلات الموسيقية، وعن بركان " مونت تنا"، وزراعة البلاستيك، ويظل المخزنجي خلال كل ذلك محتفظا بمصباحه الخاص الذي يرسل ضوءا خاصا فريدا يجعلنا نرى كل ذلك من منظور جديد.
يقول المخزنجي في مقاله " إنذار مايكل أنجلو" إن : " ما ينقص مدنية نهاية قرننا، وبوادر القرن القادم يتعلق بافتقاد الحب الإنساني وليد الروح وأصل كل جمال حقيقي". وإذا كانت المدنية المعاصرة تفتقد هذا الحب الإنساني، فإن قلب محمد المخزنجي الكاتب عامر به، وفي ذلك تحديدا يكمن سحر الكاتب الحقيقي وقدرته على إثارة دهشتنا بحبه للعالم في زمن يفتقد التعاطف والمحبة وتشيع فيه القسوة كأنما هي قانون الوجود الأول.
أطلق المخزنجي على كتابه اسم " مساحة صغيرة للدهشة" وقدم لنا مساحة كبيرة من الدهشة والتساؤلات الانسانية العميقة الجميلة، كما سبق له أن فعل سواء في مجموعاته القصصية البديعة أو كتبه الأخرى مثل" حيوانات أيامنا " وغيره. وجبت التحية لكاتب نادر، ووجب التقدير لكتاب جميل.

***
أحمد الخميسي – كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نريد مليونية لخلع الفقر في مصر
- مجموعة أمير زكي - خط انتحار-
- سأفتح الباب وأراك يوما - قصة
- الصبي الذي يأكل الماء - قصة قصيرة
- الوعي الفني والوعى السياسي
- أسئلة حول عملية العريش الأخيرة
- شيماء الصباغ شهيدة مصر
- شارلي إبدو.. ضمير أوروبي
- المسرح القومي بيحلم لمصر
- وراء الزجاج - قصة قصيرة
- قهوة الملحدين !
- هنا القاهرة .. هنا دمشق
- نحلم بالأمس وليس الغد !
- محمد ناجي .. موت لا يشبه سواك
- غاية المراد من قصة المنطاد
- تاكسي إلي الشعب !
- لماذا ندوس الآمال وهي صغيرة ؟
- باتريك موديانو .. خدعة نوبل !
- جنود بلادنا .. أرواح السماء
- مقبول للموت مرفوض للحياة


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - محمد المخزنجي وكتابه - مساحة صغيرة للدهشة-