أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - حافة ذاكرة














المزيد.....

حافة ذاكرة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4973 - 2015 / 11 / 2 - 14:48
المحور: الادب والفن
    


حافة ذاكرة
قصة قصيرة
تقدمتُ نحوك هذا الصباح وصافحتك. مجددا ذكرتكِ بنفسي. مليتُ عيني منك بأمل وصمت. رميتني بنظرة استنكار أو استفهام أو تعجب، كأنما أذكرك بشخص ما أو حدث ما وقع في زمن بعيد. تطلعتِ إلي لحظة ثم رقتْ عيناك بدهشة خفيفة كأنما تعرفتِ إلي. لكنك لم تتذكريني. في المساء مكثتُ واقفا قرب بيتك حتى خرجتِ بمفردك في جولتك المعتادة. تتبعتُ خطاك من على مسافة قصيرة. أراك تقطعين الطريق كأنك صدى يتعذب لانفصاله عن صوته. مستوحشة غريبة إلي حد الإنهاك والبكاء. تتوقفين عند كشك الزهور المطل على الميدان، تتفحصين أصص ورد وأنا أراقبك. رفعتِ واحدا إلي مستوى عينيك تشملين أعواد الريحان بنظرة. نقدتِ البائع ثمنه. استدرتِ تواصلين السير في الشارع الذي تحفه الأشجار الطويلة من جانبيه. تقدمتُ إليك. ذكرتكِ بنفسي. تُاهتِ نظرتك في وجهي ثم هتفتِ:"آه .. بالطبع. بالطبع". لكنك لم تتذكريني. حملتُ عنك الوعاء الفخاري. مضيتُ بجوارك. كتفي تكاد أن تلامس كتفك. تكاد أنفاسي أن تذوب في أنفاسك. يكاد الماضي أن يصبح حاضرا. وقفتِ عند باب مسكنك تودعينني بحرارة. شددتِ على يدي. ولم تتذكري ما مرً بروحينا أرق من قطرة مطر.
غدا سأتوارى في ظل كشك السجائر. أنتظر في الظهيرة انصرافك من عملك. تخرجين من باب العمارة الضخمة. تتلفتين وتعبرين الطريق. تمشين على مهل وأنا أتابع خطوك يلامس الأرض بالندى والنور. أقتربُ منك. أحاذيك. تديرين رأسك ناحيتي. أذكرك بنفسي. تتطلعين إلي بأدب كمن يرى شخصا يلتقي به أول مرة. أصافحك قائلا:"أنا". وأنتظر. تقولين بمودة : " بالطبع". لكنك لا تتذكرينني. عشرات المرات، مئات الأيام، عدة أعوام، وآلاف المرات، كل هذا النسيان كان يكفي لكي تتذكرينني ولو مرة. ظللتُ أقدم إليك نفسي حتى لم يبق منى سوى تنهيدة، ولم يعد أحد يراني وأنا أمضي بجوارك. أمشي خلفك. أمامك. حولك. ولا ترينني حتى وأنا أجلسُ صامتا في مواجهتك، وأنتِ وحدك على الأريكة تخلعين قرطك من أذنيك، تتأهبين للنوم. جالس وأنت لا ترينني. أذكرك باسمي بصوت خفيض، وأراني خيط دخان بين جفنيك. أتشبث بحافة ذاكرة تنجرف من بين أصابعي. أتأرجح بين الحياة والنسيان. أهمس باسمي، باسمك، وألمح اختلاجة بسمة سعيدة ماكرة على شفتيك.

***
أحمد الخميسي. كاتب وقاص مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات كاتب قصة - الأدب واللغة -
- وداعا .. جمال الغيطاني
- روح الضباب - قصة قصيرة
- تعميد الوحدة الوطنية في حرب أكتوبر
- السينما زمن الطربوش
- الفارس الذي أنقذ كاريوكا !
- المثقفون حائرون يتساءلون من يكون وزيرها ؟
- السوري العظيم .. خالد الأسعد
- ألف عام وعام عربي روسي
- سطور ملهمة من سجن النساء المصريات
- مظفر النواب .. الشاعر المتمرد
- قناة السويس والانذار الروسي
- أوراق فكرية أم أوراق مالية ؟
- أرى النور أحيانا
- في وصف البنات من - القمرة - إلي - المزة -
- أين برنامج وزارة الثقافة المصرية في الحرب على الإرهاب؟
- يوسف القعيد .. الثقافة والشعب
- الجسر الذي شيدته فاليريا كيربتشنكو
- محمد المخزنجي وكتابه - مساحة صغيرة للدهشة-
- نريد مليونية لخلع الفقر في مصر


المزيد.....




- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - حافة ذاكرة