أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - تكتبني يدك














المزيد.....

تكتبني يدك


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 19:24
المحور: الادب والفن
    


يدك التي تكتبني .
لم أكن أعلم أن الحروف كسائر البشر تسافر لكن دون حقائب .. وتترك مكانها فارغاً إلا من الأشواق والحنين ..
ودعتني الحروف .. لكنها لم تكن على سفر .. حروفي لم تسافر عني .. بل هجعت ساكنة .. خاشعة .. متعبدة في محراب الورق .
دائماً كانت الدموع تسبقني .. والحروف ترسمني .. وعيناك وحدهما من تقرأني .. وكنتُ أنا لا أكلف نفسي عناء الحديث إلى الحروف وإلى الدموع وإلى عينيك ..
كنتُ أرتشف القهوة على مهلِ .. ويحدثني طيفك هامساً في أذني كل الوقت .. لم يكن الوقت يغادرني .. ولا أنت .. وكنا دائماً نرتشف القهوة المحلاة بالسكر من الصبح إلى ما بعد العصر .
كم كان عمرك .. لا أدري ؟
كم هو عمرك اليوم .. وكم هو عمر هذا الوقت ؟
أنا لا أعرف ..
فمذ وعيت ذات صباح مشرق على هذه الحياة .. حضرت الشمس ولادتي .. وألبستني قلادة الوقت وطيفك ..
منذ ذلك الحين وأنا أراك معي .. يدك في يدي الصغيرة التي لا تقوى وحدها على حملِّ أوراق العمر .. فكانت يدك تغمر يدي الصغيرة وتقلبُ عنها الصفحة .. كانتيدك القلم الذي أكتب به تاريخ الوطن مذ شُردت عنه قبل آخر رحيل لي عن عين الشمس .
كانت يدك المداد الذي يسيل على صفحاتي فيترك بسمة هنا .. ودمعة هناك .. ليقترب الفضوليون من قصة حياتي أكثر فأكثر .. ليحاولون فك شيفرة الحروف وسرّك .. ثم يعييهم التعب والإجهاد فيغمزون بطرف العين " إنه حصرم وليس عنباً " ..
إنها أضغاث أحلام عصفورة .. وأطياف تتراءى لشاعرة .. وحروف من وحي الخيال .. ويغيبون ..
وأنا أراهم .. أنظر إليهم في قعر فنجاني يتلصصون ويتربصون ويشتمون رائحة القهوة والمداد .. يريدون القبض عليك وأنت تسري في دمي ..
ويُخفقون ..
ويسألون السماء بتذرع واهٍ : هل ينطق المداد أيتها السماء ؟
فينهمر المطر من كبد السماء وتتفتح أزرار الياسمين عبر الصفحات .. يقطفون ويقطفون ويقطفون .. ثم يذهبون .. فهذا ياسمين السماء .. أمطرته غيوم السماء .. لا يوجد له تربة في قلبي .. ولا يترك له ظلالاً على الأوراق ..
والوقت يضيع منهم ويأتي إليَّ .. يحملك كما اعتاد أن يحملك إليَّ طوال هذه السنين لتطبطب بيدك الحنونة على كتفي .. وتحمل عني ثقل الحروف ..
وتنطق الحروف الخرساء بين يديك ..
وأقرؤها في عينيك رسائل شوق ومحبة .. وأسمعها في أنينك بكاء ياسمين السماء .. وأرسمك في فنجان قهوتي رمزاً من رموز الوفاء .
لكنهم يريدون أن يقرؤوك في عيوني ..
وألوذ بك إلى أعماق الفؤاد حيث لا تصل أياديهم .. ولا يجرؤون ..
هناك حيث تكتبني كما تشاء وأشاء .. وتقرأني كما تهوى وأهوى .. ويغيبون هم في البحث عنك بين الحروف ..
حروفي اليوم ودعتني .. هجعت للتعبد .. وتركتهم يفتشون عنك في ظلِّهم فلا يجدون إلا مطراً وياسميناً وقهوة لذة للشاربين ..
ويدك التي تكتبني كما تشاء وأشاء .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين شفتيِّ الكلام
- زمن العجاف
- لوحة غير مكتملة
- للياسمين زوابع
- موعد الشموع
- اعترافات تاء
- مقدمة كتابي - بين شفتيْ الكلام -
- أساطير المطر بقلم ميساء البشيتي
- امرأة من زمن الأحلام
- مذكرات امرأة
- مطر أسود
- إني أرفضكم
- هيَّ الروح
- عشاق الانتحار
- وعود عنترة وبقية مطر
- الفانوس السحري
- في مولد الهادي .. ميساء البشيتي
- طريق الخوف
- أطلقت عليك النار !
- في الذكرى الرابعة لرحيل أمي


المزيد.....




- فن الشارع في سراييفو: جسور من الألوان في مواجهة الانقسامات ا ...
- مسرحية تل أبيب.. حين يغيب العلم وتنكشف النوايا
- فيلم -جمعة أغرب-.. محاولة ليندسي لوهان لإعادة تعريف ذاتها
- جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف -الحرب الثقافية- على متاحف واشنط ...
- عودة الثنائيات إلى السينما المصرية بحجم إنتاج ضخم وتنافس إقل ...
- الدورة الثانية من -مدن القصائد- تحتفي بسمرقند عاصمة للثقافة ...
- رئيس الشركة القابضة للسينما يعلن عن شراكة مع القطاع الخاص لت ...
- أدب إيطالي يكشف فظائع غزة: من شرف القتال إلى صمت الإبادة
- -بعد أزمة قُبلة المعجبة-.. راغب علامة يكشف مضمون اتصاله مع ن ...
- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - تكتبني يدك