أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - موسى راكان موسى - شعوذة التاريخ - علمية التاريخ














المزيد.....

شعوذة التاريخ - علمية التاريخ


موسى راكان موسى

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 13 - 15:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



بين أطراف تتجادع فيما بينها حول هل التاريخ (علم) أم (فن) أم (أدب) ، و إبداعات العقل البشري عن التاريخ الذي أمسى (نصف علم) أو (فن بأدب) أو (أدب بفن) ، و آخرون ميّزوا التاريخ فقالوا (لا هو بعلم) و (لا هو بفن) و (لا هو بأدب) ، هو فقط (تاريخ) ! ــ صار لزاما تأكيد الجانب العلمي في التاريخ [ علم التاريخ ] ، و الإنتصار له في ظل تلك المعمعة . لكن بدل الإنتصار لعلم التاريخ و تأكيده ، جرى إبتذاله و تمييعه ، فصارت علمية التاريخ شعوذة ، الغاية منها الإنتصار للمساعي المموهة ، أو تغطية على المغالطات ، أو الإنتصار لحجج ضعيفة إن وُجدت .

(( ليس كل ما يلمع يكون ذهبا )) ــ و على ذات السياق فليس كل ما يُقال عنه علم ، يكون علما ؛ حتى و إن كان ثمينا أو مُفيدا . فمما يقع به البعض ، النظر إلى مجموعة الأخبار و الأحداث بكونها تكوّن علم التاريخ ؛ و هذا غير صحيح ، إذ هي تخدم الصحفيين و الروائيين أكثر مما تخدم علم التاريخ ذاته . و لا يجب أن نُفتن بالأخبار و الأحداث بذريعة وسمها بـ(الحقائق) ؛ و إن كان (( يُبنى العلم بالحقائق ، مثلما يُبنى المنزل بالأحجار ، إلا أن مجموعة الحقائق لا تُمثل علما ، بقدر ما لا تُمثل كومة الأحجار منزلا )) [ جول هنري بوينكير ] . فأيا تكن درجة الخبر أو الحدث على مقياس ريختر الحقيقة ، لا يمكن إعتباره علم [ إلا عن طريق الإبتذال و التمييع لماهية العلم ] ؛ سواء كخبر أو حدث مُفرد ، أو بربطه بأخبار و أحداث أخرى [ حتى إن كانت هي أيضا حقائق ] .

* فترتيل الأخبار و الأحداث بتسمية هذه التلاوة بـ(علم التاريخ) ، ما هي إلا شعوذة ؛ بغض النظر عن النوايا و المقاصد . و لا يجب أن نُخدع بتركيز و تشديد بعض المشعوذين على مصادر الخبر و الحدث ؛ فما هي إلا محاولة فاشلة للظهور بمظهر علمي ــ و لا ينبغي من ذلك أن يستنتج الجهابذة أن إنعدام المصادر أو إهمالها يجعل من الأخبار أو الأحداث علما ؛ فبغض النظر عما يعلق بالأخبار أو الأحداث ، فإن الأخبار و الأحداث نفسها لا تكوّن علم التاريخ .

و بقدر ما يجب تأكيد أهمية الجانب العلمي و الإنتصار له ، يجب التوجس من كل إدعاء أو زعم بالعلمية . لكن من جهة أخرى ، فإن الفتنة التي توقعها كلمة (العلم) في الأنفس لها تأثير مسخ (العلم) ذاته ، بعض هذا المسخ هو في جعل (العلم) في موقع (المثال) ؛ شعوذة مثالية ــ إذ يتصيّر العلم مرادفا للإله المعصوم عن الخطئ و الغلط و النقص ، بل و أمسى غاية بحد ذاته ؛ و هذا وضع مرضي .

فالعلم (من مواضيعه المعني بها [ الكليّات في الترابط و الحركة و التغيير ]) ، و (من خلال العقول التي تسعى لإدراكها) ، من الطبيعي أن يكون فيه : أخطاء و أغلاط و نقائص ــ و إن كانت درجات ذلك تختلف بين علم و آخر ، فهذا يعود لصعوبة مواضيع العلم المعني بدراستها ، و تشتت العقول حولها ، أو المضايقات و المعوّقات التي تعترضها ؛ و هذا يجب أن لا يؤدي بنا إلى نفي علمية علم ما ، بحجة أنه يحوي أخطاء و أغلاط و نقائص ، أو بحجة المقارنة مع علوم أخرى أكثر عصمة في هذا الجانب // كما أن المضايقات و المعوّقات ذاتها لا علاقة لها بالعلم ذاته ؛ فعلى سبيل المثال ، فإن إحراق يطال أحد الدجالين لا يختلف عن إحراق يطال أحد العلماء [ الإحراق ذاته ] ، لكن من الحمق أن يُقال أن الدجل يتصيّر علما لأن صاحبه جرى إحراقه .

* و كي لا تختلط الأمور ، فمن الضرورة التنبه إلى التمييز بين العلم و اللا علم في تعاطينا مع (الأخطاء) و (الأغلاط) و (النقائص) ، إنطلاقا من طبيعة العلم ذاته و طبيعة اللا علم ذاته ــ فالخطئ العلمي يتحدد كخطئ إنطلاقا من قاعدته ذاتها ، لكن في المقابل الخطئ اللا علمي لا يتحدد كخطئ إنطلاقا من قاعدته ذاتها ؛ لهذا فلا تماثل بين وجهات النظر التي تنطلق من قاعدة علمية ، و وجهات النظر التي تنطلق من قواعد لا علمية .


في الختام ــ من الجدير بالذكر [ مرة أخرى ] ، أن المجتمع يضم عددا من البناءات ، مُترابطة فيما بينها ، لكن مع إستقلال نسبي لبعضها عن البعض الآخر . و لا صحة في القول أن أحد هذه البناءات هو مركزي بالنسبة للمجتمع ككل [ بغض النظر عن الدور المهم الذي قد يلعبه هذا البناء ، أو الدور الحاسم الذي قد يُمثله في فترة ما ] ؛ فالإقتصاد مهم للمجتمع لا شك في ذلك ، كما أنه لعب و يلعب دور الحاسم في بعض الفترات ، لكن هذا لا يجعل منه بناءا مركزيا تدور حوله البناءات الأخرى في المجتمع [ تم تناول هذه النقطة بشيء من الإسهاب في طرحنا بالحوار المتمدن ، بعنوان : شعوذة إقتصادية (4) ] .






#موسى_راكان_موسى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعوذة التاريخ - مقدمة
- شيء عن برنارد هنري ليفي
- شعوذة إقتصادية (4)
- شعوذة إقتصادية (3)
- شعوذة إقتصادية (2)
- شعوذة إقتصادية (1)
- القوة - السلعة و الخدمة
- القوة - النقود
- القوة - الجهد المبذول [ قوة العمل ]
- القوة - الجمهور و الجماعة
- تصفية الشهداء
- القوة - كونك ماركسي
- كونك ماركسي 2
- كونك ماركسي
- مغالطات مُتداولة .. العامل المُنتج هو بروليتاري
- القوة - الجنس
- شيء عن الإيديولوجيا
- القوة - الضعف و العبودية
- القوة - الثقافة
- القوة - الإيمان و الإلحاد


المزيد.....




- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - موسى راكان موسى - شعوذة التاريخ - علمية التاريخ