|
كونك ماركسي
موسى راكان موسى
الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 06:53
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
(( هذا ماركسي ، و الآخر ليس ماركسيا ، ذاك مرتد عن الماركسية ، و الذي هناك تحريفي ، ... إلخ )) .
في خضم هذا الهرج الأحمق الذي يحاول التكتل تحت مظلة عقائدية ، كان ينبغي على أحدهم أن يتكلم في هذا الخصوص ، و لسوء الحظ كل من تكلم حتى الآن وقع في ذات الهرج الأحمق ؛ تارة دفاعا عن الماركسي الحقيقي ، و تارة إنتصارا لخصوصية الماركسي ، و ليس آخرها التصادم المذهبي بين التروتسكيين و الستالينيين حول من يمثل الماركسي الحق _و بقية المذاهب ليست إستثناء_ .
في الغالب من يدعي أنه ماركسي يردد بشكل ببغائي أن الماركسية ليست عقيدة ــ حسنا ، هذا يعني ببساطة شديدة أن إطلاق مسمى ماركسي على نفسك مجرد عبث ، و بالمثل تسميتك لآخرين بأنهم لا ماركسيين أو تحريفيين أو مرتدين و ما إلى ذلك هو أيضا عبث ؛ إلا أن كانت الماركسية عنده عقيدة ، و هو بذلك يناقض لسانه .
الماركسية تنقسم إلى نوعين مختلفين تماما [ أمسى ذلك واقعا ] : عقيدة و فكر . بالنسبة إلى القائلين أن الماركسية فكر لا عقيدة و أن هؤلاء العقائديون هم تحريفيون ــ أنتم أيضا تقعون في ذات الوحل الذي وقع فيه العقائديين عبر إصراركم بكهنوتيتكم للماركسية و تصفيتكم لهم ؛ بأنهم لا ماركسيين أو تحريفيين .
أن تكون ماركسي هو أن تكون عقائدي . (( أخلاق الماركسي )) ، (( غاية الماركسي )) ، (( كيف يجب أن يكون الماركسي )) ، هذا الهراء كله إن لم يكن تعبيرا عن عقيدة فما عساه يكون ؟! .
الماركسية من حيث هي فكر ، لا وجود لأخلاق خاص بها [ و لا تنتصر لأخلاقية معينة ] ، و حتما هي ليست غائية [ لا الإشتراكية و لا الشيوعية غاية لها ؛ لا ثابتة و لا مؤقتة ــ الغاية ] ، و لا هي ملزمة بأي شيء [ لا تلزم المرء بأن يكون وطنيا أو صالحا حتى ] . و ما دامت الماركسية تعني ببساطة المادية الديالكتيكية ، فهذا معناه أن المرء قد يكون مادي ديالكتيكي دون أن يدري ما عساها تكون المادية الديالكتيكية ، ما دام إنه محكوم بها أو فيها [ في الوجود الطبيعي و الوجود الإجتماعي ] ، بل أنه في جهله بما عساها تكون المادية الديالكتيكية يكون في وضع فكري يقيه من الوقوع في الديالكتيك الذاتي [ كما لو كان الديالكتيك سرير بروكروست ] .
الماركسية من حيث هي فكر ليست حِكرا لأحد ، حتى و إن بدت مخرجاتها تنتصر لطرف ما ، في النهاية الأمر متوقف على التوظيف و التنسيق بين المخرجات النظرية و التطبيق العملي ؛ و حتما ليس متوقف على الماركسية ذاتها ــ الماركسية ذاتها لا تعني شيئا ، و لا تعني الإنتصار و لا الهزيمة // يجب التمييز بين الماركسية و مخرجات الماركسية لفهم ذلك ، المخرجات نفسها قد تختلف إلى درجة التناقض ، و الماركسية ذاتها ليست حِكرا لأحد أصحاب هذه المخرجات .
قد يختلف الأمر حين يتعلق الأمر بالوضع الحزبي ، إذ العقائدية أو شيء منها تصبح ضرورة مرحلية أو أداة مؤقتة [ الإيديولوجيا كذلك ] . إلا أن الحزب قبل أن يكون أو يُوجد عليه الإستناد على مخرجات نظرية ، هي من حيث الرصانة و التماسك بما يكفي لقيام حزب . في النهاية الحزب ذاته ليس إلا ضرورة ــ و حين تنعدم الضرورة ينعدم الحزب [ أو هكذا المُفترض أن يكون الوضع ] .
فوصف المرء بأنه ماركسي ، هذا معناه أنه عقائدي ، فإن لم يكن فهذا إبتذال للماركسية من حيث هي فكر ؛ إذا فإما عقائدية أو إبتذالية فكرية ، كونك ماركسي ! .
في النهاية ، كونك ماركسي لا يعني أنك الراهني القلق ، أو المخلص المنتظر ، أو المناضل السامي ، لا ــ هذا يعني أنك عقائدي أو مُبتذِل . ما لم تأتِ بمخرجات نظرية ، تؤكد على صرامتها و رصانتها العلمية و المحاججة السليمة ــ مهلا ، حتى و إن أتيت بذلك ، فهذا لا علاقة له البتة بكونك ماركسي ؛ عقائدي أو مُبتذِل .
#موسى_راكان_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مغالطات مُتداولة .. العامل المُنتج هو بروليتاري
-
القوة - الجنس
-
شيء عن الإيديولوجيا
-
القوة - الضعف و العبودية
-
القوة - الثقافة
-
القوة - الإيمان و الإلحاد
-
من ثروة الأمم الزيرجاوية إلى أسانيد المانفيستو النمرية
-
مغالطات مُتداولة .. الإنتاج السلعي هو رأسمالي
-
وهم تحرر الإنتلجنسيا .. المنهج الشحروري : أيصمد أم يصمت ؟!
-
دراسات (Derasat) .. و دراستها لإيران
-
دراسات (Derasat) .. أربع مقالات للدكتور خالد الرويحي
-
القوة - مقدمة
-
وهم تحرر الإنتلجنسيا .. منطق النقض
-
وهم تحرر الإنتلجنسيا .. طائفة الخارج [3]
-
وهم تحرر الإنتلجنسيا .. طائفة الخارج [2]
-
وهم تحرر الإنتلجنسيا .. طائفة الخارج [1]
-
نقد عولمة الرفيق النمري
-
نقد [العولمة] .. لسعاد خيري (14)
-
نقد [العولمة] .. لسعاد خيري (13)
-
نقد [العولمة] .. لسعاد خيري (12)
المزيد.....
-
الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس
...
-
تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
-
القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة
...
-
بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات
...
-
هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
-
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص
...
-
شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة
...
-
مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في
...
-
الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
-
شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار
...
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|