أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - عبثية الترحم على عهد صدام!















المزيد.....

عبثية الترحم على عهد صدام!


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 13:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعث لي أحد الأخوة القراء مقالاً للكاتب والصحفي الفلسطيني السيد عبدالباري عطوان، يتشمت فيه بما يواجه العراق الجديد من مشاكل أمنية ومالية وغيرها، مبرراً لصدام حسين بناء قصوره الباهظة التكاليف خلال سنوات الحصار الاقتصادي، مدعياً أن هذه القصور خدمت العراق الجديد الذي يعاني الآن من العجز المالي، وأن "الحكومة العراقية يمكنها الحصول على 150 مليار دولار من بيع هذه العقارات والقصور". وفي رأييه أن تشييد هذه القصور في زمن الحصار كان مبرراً وخدم العراق.(1)
وراح عطوان إلى أبعد من ذلك، حيث شبَّه قصور صدام بالأهرامات المصرية التي بناها الفراعنة كقبور لهم، ولكن الآن المستفيد منها هو الشعب المصري حيث تجلب له ملايين السياح سنوياً لدعم الاقتصادي المصري.
نحن لا نعارض عبدالباري عطوان على كل ما يكتبه، فموقفنا منه يعتمد على موقفه من مختلف القضايا، قد نتفق معه في قضايا ونعارضه في غيرها. نتفق معه مثلاً في مواقفه من الأنظمة الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقجر وتركيا، التي تدعم الإرهاب وتنشر الخراب في البلدان العربية مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، ولكننا نعارضه على موقفه من حكم البعث الصدامي حيث كان مؤيداً له ومازال مدافعاً عنه، غير مبال بما جلب هذا النظام الدموي من كوارث على الشعب العراقي، وشعوب المنطقة، بما فيها الشعب الفلسطيني. فحكم البعث الصدامي هو حكم فاشي جائر معادي للإنسانية، قضى على كل ما بنته الأجيال العراقية منذ نهضته الحديثة أوائل القرن الماضي وحتى الآن، وبدد كل ثروات البلاد على حروبه العبثية وسياساته الطائشة، وشرد نحو خمسة ملايين من شعبه، ولولا سقوطه عام 2003 لكان أعداد المشردين في الشتات مضاعفاً. لذلك، فمن يترحم على صدام ونظامه بسبب المشاكل التي يواجهها العراق الجديد هو إما جاهل و ساذج، أو متعمد في التضليل، لأنه كان من المستفيدين من النظام الجائر.

فالصحفي عبد الباري عطوان يقوم بدور وعاظ السلاطين الذين كانوا يجمِّلون للطغاة جورهم وطغيانهم، ويوجدون التبريرات لمظالمهم، تماماً كما كان رجال الدين في العهد العثماني الذين كانوا يبررون للسلطان قتل أخوته، مبررين ذلك بتجنب الفتنة في الصراع على السلطة، يدعمون فتاواهم بآيات من الكتاب المقدس والسنة النبوية. فعطوان يبرر بناء 60 قصر لصدام حسين في زمن الحصار بأنه كان لغرض إيجاد فرص العمل للعاطلين. والسؤال هنا، ما قيمة فرص العمل حينذاك حين كان راتب الأستاذ الجامعي يعادل نحو 3 دولارات في الشهر، فكيف براتب العامل والمهندس؟ وقد أضطر الناس إلى بيع أثاثهم وحتى أبواب وشبابيك بيوتهم لتوفير لقمة العيش لأطفالهم.

أما تشبيه قصور صدام بالإهرامات ، فهو الآخر مضلل، فلو تقرأ كتب التاريخ، تجد أن هذه الإهرامات وأمثالها من الصروح التاريخية العظيمة التي شيدها الطغاة من الفراعنة وأباطرة الرومان، والتي تشير إلى أمجادهم، فهي في الحقيقة رموز للعبودية والظلم والجور، إذ كان الطغاة يستعبدون الناس وخاصة أسرى الحروب، يرغمونهم على العمل المجاني (سخرة slave labour)، يلهبون ظهورهم بالسياط حد الموت في حالة التقصير في العمل، إذ كانوا يعتبرون العبيد كمكائن حية (Living machines) لخدمتهم. وصدام كان يعامل الشعب العراقي كعبيد، متمادياً في إذلالهم، يطبق عليهم مقولة أحد الأعراب: (جوِّع كلبك يركض وراك). إذ لم يكن قصد صدام من بناء قصوره إيجاد أعمال للعاطلين، كما يدعي عطوان، ولا أن تكون قصوره للشعب ليستفيد منها خصومه فيما بعد، كما لم يكن قصد الفراعنة من بناء الإهرامات خدمة الشعب المصري في المستقبل لتجذب لهم السياح ، بل بنوها كمقابر لهم، ويدفنون معهم حتى خدمهم وحشمهم وهم أحياء ليقوموا بخدمتهم بعد مماتهم!!. أما الاستفادة من هذه الصروح فيما بعد، فهي (نتائج غير مقصودة) في التاريخ، ولا يمكن أن تكون مبرراً للظلم.

فمن مقتنيات صدام في زمن الحصار والمجاعة، أنه اشترى يختاً خاصاً له كلف خزينة الدولة نحو 150 مليون دولار. وشاءت الأقدار أن لا يرى صدام هذا اليخت، وبعد إعدامه بقي اليخت يتنقل من جهة إلى أخرى كل يدعي ملكيته، ودفع العراق نحو مليون دولار كلفة الإجراءات القضائية والمحامين في أوربا إلى أن فاز بملكية اليخت، والذي حولته الحكومة الحالية لأغراض المسح والبحوث العلمية البحرية. فهل علينا أن نشكر صدام على شرائه لهذا اليخت باهظ التكاليف في زمن المجاعة وتشرد العراقيين الذين صار عدد كبيراً منهم طعاماً للأسماك؟

خلاصة القول، إن كل ما حصل ويحصل في العراق من مشاكل وأزمات مالية وأمنية وإرهابية وفساد وفوضى... الخ، هي من نتائج حكم صدام وحزبه الفاشي. وما يمر به العراق أو أي بلد آخر من مشاكل مدمرة بعد التخلص من الاستبداد، هو شر لا بد منه كالقدر المكتوب، والتاريخ حافل بالأمثلة، إلا في حالات نادرة عندما يتم التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية على يد الحاكم المستبد نفسه و تدريجياً، وهذا شبه مستحيل في حالة صدام حسين، وربما ستكون بورما مثالاً في التحول السلمي حيث قام الحكام العسكر بعملية التحول السلمي التدريجي، وعلينا أن ننتظر.
فالعرب هم الوحيدون في العالم، الذين أدمنوا على العبودية ويمجدون الاستبداد ويبجلون طغاتهم، وسخروا الإسلام لهذا الغرض، إذ دائماً يبررون ويزوِّقون للطغاة مظالمهم وجرائمهم بأحاديث نبوية مزورة مثل قولهم: (أطع ولي أمرك حتى ولو ألهب ظهرك).
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
___________
روابط ذات علاقة
1- عبد الباري عطوان: يوم “عايروني” بقصور صدام حسين على الهواء مباشرة بهدف احراجي.. وها هم يلجأون اليها لانقاذ حكومتهم من الافلاس.. واليكم القصة كاملة دون اي رتوش
http://www.raialyoum.com/?p=381382

2- Saddam Hussein s Yacht Is Sailing Again With a New Mission
http://news.nationalgeographic.com/2016/01/160104-saddam-hussein-boat-research-iraq/

3- Anarchy vs Stability: Dictatorships and Chaos Go Hand in Hand
http://www.spiegel.de/international/world/stable-dictatorships-are-not-the-lesser-evil-a-996278.html



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق والمؤتمرات الدولية
- تجيير العلم للتضليل والتسقيط السياسي
- رفع العقوبات عن إيران انتصار للحكمة والاعتدال
- هل اقتربت نهاية آل سعود؟
- لماذا ارتكبت السعودية جريمة إعدام الشيخ النمر؟
- تحية للجيش الذي أسقط (أسطورة) داعش
- إما فيدرالية حقيقية، أو ثلاث دول مستقلة
- الصندوق الأسود يسوِّد وجه أردوغان
- في مواجهة العدوان التركي على العراق
- نكتة الموسم: تحالف سعودي لمحاربة الإرهاب
- العراق والتدمير الذاتي
- مخطط لسرقة النصر من العراقيين
- أردوغان يلعب بالنار
- هل حزب البعث فاشي؟
- الغرب يدفع ثمن تغاضيه عن جرائم السعودية
- في وداع الدكتور أحمد الجلبي
- هل حقاً أعتذر بلير عن إسقاط صدام؟
- إزدواجية الغرب مع الإرهاب
- محنة العراق بين أمريكا وإيران في مواجهة الإرهاب
- إلى متى يسكت الغرب عن جرائم السعودية؟


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - عبثية الترحم على عهد صدام!