أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - فريدريش شيلر: القفاز














المزيد.....

فريدريش شيلر: القفاز


أنطونيوس نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 5049 - 2016 / 1 / 19 - 00:41
المحور: الادب والفن
    




1.

في حديقةِ الوحوش،
جلسَ المَلكُ "فرانسوا"
وقد عِيلَ صبرُه؛
توقًا لبدءِ المَلهاة الدامية:
تاجٌ جليلٌ
من نبلاءِ المملكةِ
أحاقَ بِهِ،
وفي الشُّرفةِ السَّامقة،
باقاتٌ من السَّيداتِ الحَسناوات
نسَّقَتْها بعنايةٍ لا نظير لها
يدُ الجَمالِ.

2.

بإيماءةٍ طفيفةٍ
من الإصبعِ الملكيَّة،
فغرتْ البوابةُ على الفورِ
شدقَها الرحيب؛
فدلفَ إلى الساحةِ عبرها
أسدٌ مَهيبٌ يتبخترُ
في خطواتٍ متمهلةٍ،
وفي صمتٍ
يُجيلُ جَمرَ ناظريه،
ويتئاءبُ ضَجْرًا
مُرجرِجًا لِبدَتَه،
ثمَّ بعد حينٍ يُقعي
باسطًا قوائمه.

3.

مُجَّددًا،
بإيماءةٍ طفيفةٍ
مِن الإصبعِ الملكيَّة،
فغرتْ بوابةٌ أخرى
شدقَها الرحيب؛
فإذ بنَمِرٍ يمرقُ عبرها
بوثبةٍ خاطفةٍ مسعورة
وحالما يُبصرُ الأسدَ
يُطلقُ صوبه نَهيمًا هادرًا
وذيلُه يتلوَّى كأفعى
يسحقها صقيعُ الرهبةِ،
يجولُ بمحاذاةِ الأسدِ
في حذرٍ وتوجُّس
بلسانٍ يتدلَّى،
ثُمَّ يزمجرُ مغيظًا
ويتمدَّدُ مُتذمِّرًا
بجانبِهِ.

4.

مُجدَّدًا،
بإيماءةٍ من الملك،
تنفتحُ بوابتان أُخريان؛
فيندفعُ عبرهما فهدان
في آن
لا شغفَ لهما إلا القتال،
يقفزان بجسارةٍ ضارية
على النَمِر؛
فيقبضُ على كليهما
بجُهُومةِ مخالبِهِ الوطيدة،
حينها ينهضُ الأسدُ
وزئيرُه يصمُّ الآذان؛
فيُصيبُ الخَرسُ
جميعَ المتقاتلين:
يرقدون في دائرةٍ
خامدين متأهبين
كقططٍ مقيتةٍ،
لا يخفقُ في أحشائها
غيرُ شهوةٍ لافحةٍ
للدمِ المسفوح.

5.

بغتةً،
من الشُّرفةِ السَّامقة
يسقطُ قفازٌ،
من يدٍ فاتنة إلى الساحةِ،
ويستقرُّ بين الأسدِ والنَمِر:
بالضبطِ،
في منتصف المسافة بينهما.

تَلتفِتُ الآنسةُ "كونيجوند"
نحوَ الفارس "دولورج"
وفي عينيها التماعةٌ ساخرة،
وبصوتٍ مشوبٍ بالمُمازحة
تخاطبُه قائلةً:
"يا سيدي الفارس،
إذا كان عشقُكَ لي
لاهبًا بين ضلوعِكَ
كما أقسمتَ مرارًا وتكرارًا،
فأرجو أن تجلبَ لي
قفازي من هنالك"

في اختلاجةِ جَفنٍ،
يقفزُ الفارسُ ويهبطُ
بخُطًى رسيخةٍ،
إلى معقل الوحوشِ الرهيب،
ويلتقطُ القفازَ مِن بينها
بأناملِهِ الباسلة،
التي لا رجفةَ فيها.

6.

الفرسانُ المغاوير،
والسيداتُ النبيلات،
جميعُهم يتابعونَ مغامرتَه
الطائشة بهلعٍ وذُهُول.

ها هو الفارسُ يعودُ
بالقفازِ ظافرًا هادئًا،
ومِن حولِهِ كُلُّ لسانٍ
يلهجُ بالثناءِ عليه،
ويصدحُ مُستهامًا
بتمجيدِ شجاعته الباهرة.

في هذي الأثناء
تستقبله الجميلةُ "كونيجوند"
بابتسامةٍ راضيةٍ مرضية
وبعينين داهقتين بوَلهٍ وتحنان
تشفَّان عن وعودٍ شتى
بمسراتٍ وشيكةٍ سخية،
لكنَّ الفارسَ
يرمي القفازَ في وجهِها
غيرَ مكترثٍ قائلًا:
"يا سيدتي،
لا أبتغي منكِ شكرًا"
وسرعانَ ما يغادرها
دونما تواني.



#أنطونيوس_نبيل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهرة ريفوليبالوس
- جي كيه تشسترتون - كوابيس البهجة
- بوريس باسترناك: الفجر القاتم
- وليم باتلر ييتس: فصح 1916
- ابتهال رومانسي
- هاملت يرثي رهاف الأغا
- وليم باتلر ييتس: الطفل المسروق
- باي جويي: الحلم القاتل
- شاعر مجهول: خمر ومقبرة
- أندرو مارفل: كفاحنا المسلح بالقبلات
- شاعر مجهول: برج الظمأ
- إميلي ديكنسون: خمر وجبل
- لعثمة هذيانية
- فيليب لاركن: وصية لاذعة
- رشحات على نصل الفناء
- حدقات السجائر والسيف المكسور
- داماسو آلونسو: هرطقة الأرق
- ميسولوجوس
- سانحة على المقهي
- اللسان المبتور


المزيد.....




- إفران -جوهرة- الأطلس وبوابة السياحة الجبلية بالمغرب
- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنطونيوس نبيل - فريدريش شيلر: القفاز