أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - - سنوات الرصاص: طبعة جديدة ، مزيدة ومنقحة-















المزيد.....

- سنوات الرصاص: طبعة جديدة ، مزيدة ومنقحة-


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 5040 - 2016 / 1 / 10 - 22:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سنوات الرصاص
(طبعة جديدة. مزيدة ومنقحة)
على خط التماس مع تحدي الإرادة الشعبية تجازف الحكومة المغربية بفرض اختيارات سياسية واجتماعية واقتصادية تستهدف الإجهاز على ما تبقى من كرامة المواطن ومصادرة حقوقه على كافة المستويات ولتمرير وتنفيذ هذه الاختيارات تعتمد آليات جديدة من طبائع الاستبداد والاستعباد، وتصر على أن تجعل من المواطن أسيرا لقبضتها ورهينة أفق انتظاراتها. وقد استعجلت كل الإجراءات القاسية ضدنا عبر مسلسل الزيادات الاستفزازية التي لا تستند في عمقها لأية استراتيجية اقتصادية وطنية واضحة يمكن على ضوئها أن تخطو البلاد خطواتها نحو التقدم أو على الأقل نحو التغلب على بعض الصعوبات التي تواجهها في المجال الاجتماعي وتجاوز المعضلات البنيوية التي يعاني منها،ذلك أن كل المبررات التي تقدم هي مبررات "آنية" و"عابرة" ولا تعكس توجها اقتصاديا يرتكز على ثوابت محددة. والأمر ليس غريبا فالتاريخ السياسي لبلادنا يؤكد سيرورة مثل هذه الاختيارات واندراجها ضمن سلطة التحكم والاستبداد والسلطة المطلقة التي تحرص الدولة على أن تكون المصدر الطبيعي لها، ولو من باب التحسيس بأن المجتمع لا يمكن أن يعيش بدون دولة.
والملاحظ أن جميع الإجراءات الحكومية ذات توجه محدد وغايات محددة ،تصب جملة وتفصيلا في استهداف المواطن باعتباره الفاعل أو العنصر الأساسي الوحيد الذي ينبغي أن تُستثمر وتُوظف وتُستغل كل إمكانياته وقدراته لخدمة الدولة ومصالحها ومقوماتها الاقتصادية وتجسيد اختياراتها التحكمية، وهو الذي يتوجب عليه القيام بكافة الاستعدادات التي من شأنها أن تؤمن استقرارها واستمراريتها، فالوجود الحقيقي للمواطن لا يمتلك إلا أهمية ثانوية، ونشاطه في مواجهة حاجاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ينبغي أن يظل مرتبطا بمدى تضحياته من أجل افتداء الدولة ودعم وجودها ومصالحها.
والحقيقة أن طبيعة كل الاختيارات الحكومية بمختلف تجلياتها هي مظهر صريح لسياسات الهروب من الواقع ومن التاريخ في الوقت ذاته، مهما تقنعت ببريق الشعارات الإيديولوجية للحكومة ومواعظها الدينية وشبه الدينية، والتي يمكن أن نجد بعض تحققاتها في الجرأة السياسية ومصلحة الوطن العليا وما إلى ذلك، والجرأة هنا لا تعني في الواقع غير تصريف آليات القمع والتسلط لفرض منطق الإذعان والرضوخ، وتدمير كيان المواطن وتهديد هويته في سياق الممارسة الاجتماعية، وتحجيم دوره. والسؤال المطروح هو لماذا الجرأة السياسية هنا تحقق ذروتها حينما يتعلق الأمر بالمواطن، المغلوب على أمره، لماذا تقف هذه الجرأة عاجزة عن مواجهة للانزلاقات والانحرافات والاختلالات التي تشهدها البلاد على غير صعيد، ولماذا تقف مكتوفة الأيدي أمام عمليات التصدي لمحاربة الريع الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي، والامتيازات والمحسوبيات وكل ألوان التمييز والتهميش والتفقير وسطوة النفوذ والرشوة والفساد والتهرب الضريبي والاختلاسات والصفقات المشبوهة والتهريب والاغتناء السريع والمضاربات العقارية وغير العقارية والمتاجرة بالقيم والمخدرات وتهريب الأموال.... لماذا يصبح من الجرأة السياسية أن يرغم المواطن على أن يؤدي ثمن الاختلالات الكبرى وسوء التدبير والتسيير الذي تعاني منها الكثير من المؤسسات العمومية والخاصة، وتغيب هذه الجرأة من أجل تحريك وتفعيل مسطرة المحاسبة وتحديد المسؤوليات وعدم الالتفاف والتستر على الحقائق والتشجيع على منطق الإفلات من العقاب، لماذا تغدو الجرأة السياسية لدى الحكومة وجها لعفا الله عما سلف، ومن كانت هجرته لربح سريع يصيبه في هذه البلاد أو صفقة يفوز بها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه، ووجها مضادا حين يتعلق الأمر بالمواطن الذي يرغم على مواجهة الكوارث العظمى، وتيسير أساليب تفاقم استغلاله، وتحميله وزر جرائر- ما تقدم منها وما تأخر - لم يقترفها، ولا يد له في نشوئها واستشرائها... هل من الجرأة السياسية أن يؤدي المواطن من كدحه وعرقه ودمه ثمن ما أفسده المكتب الوطني للماء والكهرباء، أو المكتب الوطني للسكك الحديدية أو مكتب المطارات أو مكاتب ومؤسسات ومرافق أخرى، دمرتها آليات سوء التسيير وانعدام المسؤولية والروح الوطنية ،ومراكمة الدولة المفرطة لإيديولوجية السوق وسياسة النهب الهدامة والبحث عن الربح بالطرق المشروعة وغير المشروعة.
هل من الجرأة السياسية أن يرغم المواطن المغربي على أن يؤدي ثمن الانهيار الذي تسبب فيه ذلك السعودي السافل، قاطع الطريق الذي ضحك على حكومة الجرأة السياسية وأغرق "لاسامير" في دوامة الإفلاس...
هل من الجرأة السياسية أن نفرض الإقامة القسرية على مئات الالآف من الموظفين في وظائفهم،( وهم الذين أفنوا أعمارهم وقدموا التضحيات الجسام من أجل بناء هذا الوطن والنهوض به وساهموا بكفاحاتهم واستماتاتهم في صنعه وبناء هذا الواقع الذي تستثمره الحكومة بطريقة خبيثة لضرب وجودهم وخنق سائر الاعتبارات التي تهمه) وأن نرغمهم على حتفهم برفع سن تقاعدهم بمزاعم غير صادقة وغير واضحة وباسم مصالح مجهولة، وأين هذه الجرأة السياسية في مواجهة حقيقة الاختلالات التي شهدها الصندوق المغربي للتقاعد، وأين ذهبت الأموال التي راكمها الموظفون عبر عقود طويلة، ومن كان يستثمر ويلعب ويتلاعب بهذه الأموال، ولماذا لم يدرك الإفلاس المؤسسات أو الأبناك المشبوهة التي بنت مجدها على تسخير مدخرات الموظفين ومساهماتهم للشياطين واللصوص الأوفياء..
هل الجرأة السياسية أن نحول سكان الجبال في كل ربوع البلاد إلى"مواطنين من الدرجة الثانية" وإلى مجرد "لاجيئن" ونفتح الباب أمام الجمعيات المشبوهة لتمطرهم بالملاءات الرثة والمواد الاستهلاكية التافهة المستوردة وتزرع فيهم الإحساس بعدم الانتماء وبالحطة والوضاعة والدونية، وبأنهم غير جديرين بخيرات هذا الوطن وما يعنيه.. ولماذا تغيب الجرأة السياسية في تقديم وتبني مشاريع تنموية ضخمة يمكن أن تضمن التطور النوعي والكمي للاقتصاد الوطني، ووضع مخططات استراتيجية شاملة لمواجهة المعضلات الاجتماعية المزمنة: البطالة وعطالة خريجي الجامعات، شق الطرقات في الأعالي وقمم الجبال، وتوفير شروط الحياة الكريمة لغالبية السكان الذين يعيشون على هامش هذا الوطن ويعانون من انخفاض مريع في مستوى المعيشة وتدهور الأوضاع الاجتماعية ويكدحون تحت وطأة التخلف والأمية والجهل والمرض...
هل الجرأة السياسية أن نجعل من هذا الوطن ( سجنا كبيرا ) ونرعى في ثناياه كل سياقات وأجواء القمع والاضطهاد، ونتولى تسخير كل آليات البطش المتاحة لمطاردة ومحاصرة المواطنين العزل ومصادرة حقهم في التظاهر والتجمع والدفاع عن مطالبهم والتعبير عن آرائهم وقناعاتهم.
لا نجادل في أن كل حكومة ينبغي لها أن تتحلى بالجرأة السياسية، وإلا فقدت بعض مقومات وجودها،لكن على شرط ألا تتحول هذه الجرأة إلى إيمان أعمى بفكرة احتكار مصالح المجتمع وشمولية تمثيلها وتجسيدها، والتماهي معها، وهذه الخاصية ،على ما يبدو، هي التي حملت الحكومة على إغلاق باب الحوار والنقاش والتوافقات حول أبرز القضايا التي تواجهها بلادنا، وفي مقدمتها مشكلة التقاعد وما يرتبط بها.
لقد أرغم مئات الآلاف من الموظفين قبل عقود على تقديم نسبة كبيرة من أجرتهم الشهرية لبناء مسجد بالدار البيضاء، وشيد المسجد وأضحى معلمة تاريخية كبرى، ولكن دون أية منافع اقتصادية أو اجتماعية تذكر، وهاهي الحكومة الحالية ترغم هؤلاء الموظفين على أن يقتطعوا من عرق كدحهم المستديم ومن عمرهم الافتراضي قسطا كبيرا لتمويل وإنقاذ صندوق التقاعد الذين فتكت به أساليب النهب والسلب، في غياب تام للدولة والحكومة التي تعتبر المسؤول الأول والأخير عما حدث للصندوق، ولا أحد يضمن بعد فوات سنين معدودات و بعد تحديد سن التقاعد في ثلاث أو خمس وستين سنة أو أكثر، أن الحكومة ستعود مرة أخرى للتلويح بانهيار الصندوق المذكور وإجبار الموظفين مجددا على المبادرة لإنقاذه وتعبئة موارده مما تبقى من أعمارهم وأرزاقهم...
ما نود التوكيد عليه هنا، هو أن الحكومة عبر كافة اختياراتها اللاشعبية التي تفرضها وتهيئ لها أسباب النزول والتطبيق السريع، إنما تتولى ،عن وعي أو بدون وعي، إعادة إنتاج شروط وظروف تاريخ سنوات الرصاص، وإعادة طبعها وفق آليات جديدة ، ترغم المواطن المغربي في كل مرة أن "يعوي مع الذئاب"،وهذا ما يجسده البعد "الرجعي" و"اللاديموقراطي" لهذه الاختيارات، وتوظيف آليات القمع والاستبداد في فرضها وإضفاء المشروعية عليها. ويحمل هذا البعد في طياته منطقا مواربا للتشويش على الخيار الديموقراطي لبلادنا، والسعي الحثيث نحو إلغاء المكتسبات الاجتماعية التي تحققت بفضل الكفاحات والنضالات التي راكمتها كل الفئات والشرائح الاجتماعية عبر سنوات طويلة، وإعادة تقويمها بطريقة عقيمة وسلبية، كما يحمل مؤشرات محاولة إلغاء زمن الفترة الموسومة بمرحلة التناوب من السياق التاريخي وطمس معالمها باعتماد الوهم القائل بأن الحكومة "الطيبة" تمحو أو تطرد آثار الحكومة "الخبيثة" ، وهذا ما تعضده الكثير من الوقائع من حيث إن اختيارات الحكومة الحالية تستند في مرجعياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إلى الوضع السياسي لبلادنا قبل مرحلة التناوب.
سعيدي المولودي



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - دُّو سْ تَوِيلْ آوَا دُّو سْ تَوِيلْ.. أيهذا الخراب...
- مقتطفات من كتاب : الترجمانة الكبرى لأبي القاسم الزياني (1734 ...
- التأهيل الجامعي وولوج إطار أستاذ التعليم العالي: تكريس لحيف ...
- -الحالة الصحية للقطيع-
- عاصفة النفط
- استباحة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس: من يلعب بالنار ...
- -ثيلوفا- -9-
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية.مكناس: -العمل النقابي وثقافة ا ...
- - شجرة الغياب- إلى روح رفيقي وصديقي: بوطيب الحانون.
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-العدمية النقابية-
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-نبش القبور-
- حول التشغيل القسري للمتقاعدين
- -ثيلوفا- ( بيان حكائي) - 8-
- -ثيلوفا- بيان حكائي. - 7-
- - البرد والسلام-
- بكائية للقامة العتيدة
- رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي (2)
- رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي
- -ثيلوفا-- بيان حكائي- - 6-
- - ثيلوفا- ( بيان حكائي) -5 -


المزيد.....




- كينيا: إعلان الحداد بعد وفاة قائد الجيش وتسعة من كبار الضباط ...
- حملة شعبية لدعم غزة في زليتن الليبية
- بولندا ترفض تزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي -باتريوت-
- إصابة أبو جبل بقطع في الرباط الصليبي
- كيم يعاقب كوريا الجنوبية بأضواء الشوارع والنشيد الوطني
- جريمة قتل بطقوس غريبة تكررت في جميع أنحاء أوروبا لأكثر من 20 ...
- العراق يوقّع مذكرات تفاهم مع شركات أميركية في مجال الكهرباء ...
- اتفاق عراقي إماراتي على إدارة ميناء الفاو بشكل مشترك
- أيمك.. ممر الشرق الأوسط الجديد
- ابتعاد الناخبين الأميركيين عن التصويت.. لماذا؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - - سنوات الرصاص: طبعة جديدة ، مزيدة ومنقحة-