أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدي المولودي - - شجرة الغياب- إلى روح رفيقي وصديقي: بوطيب الحانون.














المزيد.....

- شجرة الغياب- إلى روح رفيقي وصديقي: بوطيب الحانون.


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 4675 - 2014 / 12 / 28 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


"شجرة الغياب"
إلى روح رفيقي وصديقي: بوطيب الحانون.
ها أنذا أقف على الرابية واحدا، أحدق في انطفاء الهواء، في الفراغ الصاعد،والجراح الرهيبة، أنقر الوقت الذي لا يشبه الوقت،وارسم موج المرارات التي تتوج صدري، والوجه الذي لا يأتي، أصرخ في وحشة هذا القبر:
ايها الغياب
لماذا تغلق طريق العودة.
أيها النهر
لماذا تغلق الصدى.
أيها الشجر
لماذا تغلق البحر
أيها البحر
لماذا تغلق غرة الماء.
ذات مساء كنا، ثمة غابات تتساقط أغصانها كالغبار، وسماء وحيدة تقترب من الحلم، تشبه البهار، طيور بيضاء، سوداء تشتبك في قلبي، على أشباهها تقع القسوة، وتبني أعشاشها حيث دخان الموت يغطي شجرة الجميع..
كنا سائرين نحو خرير الشمس، نغني مع الرعاة القادمين:
" أغنامك أيها الراعي
سرْ بها إلى الشيوعية"
وانهار حجر الفجر، انكسرت المرآة، سقط الجدار، وبقيت الذكرى هذه النافذة العاتية ، تملأ المسافات وترتد للأعماق. لا طريق تزهر تحت الرايات ذاتها، ترحل الخطوات وتمضي اللحظات كاللهب، وتنسكب الأحلام كالدموع، ولا شفق تراه العين. لا يزال الوقت مبكرا وها أنت تغادر نشوة الحياة، وتتركني خلف الجبل احمل ثقلها، وتلبَسُني أنواءُ الحداد.
كانت الينابيع بيننا، والشمس أقرب، كان الحنين الخفاق والقوافل الحاملات لأغصان النبوءات، والشوارع الجميلة، والسواعد المتهالكة، والقلوب الآهلة بالصمت، والفلاحون القادمون من الأعالي الهاتفون بكل الغيوم الوردية، المدثرون بالقهر والجوع والجراح المجلوة كالسماء.. كانت "فاطمة الزهراء"، والمقابر المغطاة بالحشائش الشاحبة، وارتباكات القصة القصيرة، وسعف المناجل المشتعلة، ومجاري النهر الخصيب، والحقول الملبدة بالعَرَق، والشعارات الهادرة. كان "صالح الأعرابي" والحكايات الماطرة، والليالي الصاخبة تحت قبضة الفقر، والنبيذ الملتهب، والذكريات الغائصة في نسيج الغابات الممتدة.كان "إسماعيل".كان الجميع،كان الرفاق، المناضلون العابرون، الواقفون على الطريق الطويل يترقبون شرفات الخزائن المغمضة وفوانيس الاشتراكية اليانعة.كان العشب يتقدم من السرير، فجأة، ها أنت تسقط، تغادر هذا الليل، ولا تلقاك إلا الذكرى، وبعض الغناء الكئيب القريب من الصمت.
أهتف بك، أيها الطيب.أيها الغائب، أيها السائر نحو نهاية الريح، أيها البعيد، أيها القريب، سأكتب ظلك في قعر هذا الوجع، و ثقل هذه المسافات الحزينة، وأقف إلى جانبك على باب الموت الغادر.
ها أنذا أقف على الرابية وحيدا، أشق طريق حِدادٍ لا متناه، على كتفي خرائط من آلام وغُرْبات، وموت دافق،ولا أرى غير موجة سحاب أبيض يلوح بعيدا، يحملك بعيدا عنا، حيث تنام في قبضة النسيان، وتهجع في ذروة الصمت.
لا أراك أيها الطيب.
أيها المسافر الذي لن يعود،
أيها العائد الصديق إلى الأبد،
لن ألقاك كالعادة، حيث الأحلام تلهب الخطو، والرايات الحمراء ترفرف، والأصوات تتعالى: حيث الشعراء يطرقون الباب والكادحون يستحقون الحياة.
تتذكرك الآن الرمال الأرجوانية، والهضاب المعقودة والأودية الرمادية، وغابات "إيفْران" الطلقة، والظلال المغلقة، وفقراء " تِيزْكِيتْ" الهائمون كالأنقاض، و"عين الاحناش" المكللة بالدموع..كل منارات الصحراء، والمروج الخفاقة ، والأطلال الباقية، ولن تراك بعد الآن.
***
أيها القريب.
مرة قلتَ لي، أيها الطيب، حين سأموت سترثيني. وها أنت تخذلني، ترحل بعيدا، وتتركني وحيدا، كالرابية، فمن سيرثيني؟
لك الحياة إلى الأبد. أيها الطيب.



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-العدمية النقابية-
- كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس و-نبش القبور-
- حول التشغيل القسري للمتقاعدين
- -ثيلوفا- ( بيان حكائي) - 8-
- -ثيلوفا- بيان حكائي. - 7-
- - البرد والسلام-
- بكائية للقامة العتيدة
- رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي (2)
- رسالة مفتوحة إلى وزير التعليم العالي
- -ثيلوفا-- بيان حكائي- - 6-
- - ثيلوفا- ( بيان حكائي) -5 -
- - ثيلوفا- ( بيان حكائي) -4 -
- إدارة كلية الآداب بمكناس والتحريض على العنف
- وزارة التعليم العالي: الإجهاز على حق الأساتذة الباحثين في ال ...
- - مغاربة العراء-
- - المستنقع الميداني-
- التعليم العالي : خبطة الإصلاح البيداغوجي الجديد
- - هولاند بن عبد العزيز-
- نقد- مفاهم حضارية- في الأدب العربي
- وزارة التعليم العالي: حافات الارتباك.


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يفرج عن وزير الثقافة الفلسطيني بعد احتجازه ...
- العولمة وتشكيل الرواية الصحافية في زمن الحروب
- قرار مثير للجدل في سوريا.. كلية الفنون تمنع -الموديل العاري- ...
- قوات الاحتلال تحتجز وزير الثقافة الفلسطيني في كفر نعمة غربي ...
- الاحتلال يحتجز وزير الثقافة في قرية الشباب بكفر نعمة غرب رام ...
- ورشة تونسية تكافح للإبقاء على حرفة تجليد الكتب
- وزارة الثقافة الفلسطينية: -فلسطين 36- يمثل فلسطين في -أوسكار ...
- صنع الله إبراهيم أديب شيوعي سخر الصحافة للرواية
- -الجدة الصغيرة-.. ملكة الطرب وموسيقى الأونياغو الزنجبارية
- الدار السودانية للكتب تفتح أبوابها بعد توقفها لأكثر من عامين ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدي المولودي - - شجرة الغياب- إلى روح رفيقي وصديقي: بوطيب الحانون.