امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 13:05
المحور:
المجتمع المدني
قَبلَ ثلاثة أيام ، رَحَلَتْ شقيقتي الكبيرة البالغة من العُمر ثمانينَ عاماً ... التي طالما خَدَمَتْني ورَعَتْني وتَحّمَلتْ إزعاجاتي وسخافاتي ، ليسَ في طفولتي فقط ، بل حتى في شبابي وكهولتي أيضاً ... لم تكُنْ مُجّرَد اُخُت ، بل كانتْ لي اُماً ثانية .
لم تَكُن تترُك قُرصةً ، لتطلُب منّي ، أن اُصّلي وأصوم ، لكي " تكتمِل صفاتي الجّيِدة " كما كانتْ تقول .. وكُنتُ أتهربُ كُل مّرة ، مُتذرِعاً ، بأن الله لم يهدِني بعد ... ويحزُ في نفسي ، بأن الحجية غادَرَتْنا ، قبلَ أن " يهديني الله " ! . ولكن ما يُعّزيني ، هو أنني أعرفُ في دخيلتي وأدركُ من أعماقي ، بأن علاقتي بالله قوية وصحيحة ، وكما أنهُ لايهتم مُطلقاً سواء صمتُ أو صَليت ، فأن الحجية أيضاً ، بقلبها الذي كان يتسعُ للعالَمِ أجمع ، ستسامحني بِكُل سهولة .
...........................
إحدى قريباتي .. والتي كما يبدو إكتسبتْ بعض صفات " السُخرِية والتهكُم " مِنّي ... وفي اليوم الثاني من التعزِية ، وأثناء جمعها لبعض أغراض الحجّية ، عثرَتْ على الهاتف النقال الخاص بها .. فلم تُضّيِع الوقت ، بل قامتْ بالإتصال من موبايِل المرحومة ، ببعض أقرباءنا وقامتْ بتقليد صوتها ، وقالتْ لهم بأنها تتكلم من الجّنة ! . طبعاً حازتْ قريبتي ، على الكثير من التقريع من الآخَرين ... لكنّني شخصياً أعجبتُ بتصرفها .. فلا ضَير من الضحك أحياناً حتى في أكثر الأوقات مدعاةً للحُزن ! .
........................
التعاطُف الإنساني ، مطلوبٌ وضروري ، في المُلمات ، ولا سّيما عند فُقدان شخصٍ عزيز .. لكن العادات والتقاليد ، لدينا ، تحولتْ تدريجياً ، إلى مظاهِر وإلى نفاقٍ إجتماعي وتقليد للآخَرين .. وخيرُ دليلٍ على ذلك مراسم وطقوس التعازي .. ففيها الكثيرُ من المُبالَغة ، والكثير من الهَدر .. بحيث تفقدُ المعاني السامية ، للتعاطُف الإنساني النبيل .
أدعو إلى تقليص أيام التعزية من ثلاثة أيام إلى يومٍ واحد فقط .. وكذلك التأقلُم مع التطور في الإتصالات والتكنولوجيا ، والإكتفاء بإرسال رسالة ألكترونية أو إتصالٍ هاتفي ، بدلاً من تجشُم عناء السفر من مدنٍ بعيدة ، ولا سيما في الظروف الحالية الصعبة من كافة النواحي : الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة / الطقس الشديد البرودة والثلوج في الطرق .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟