|
كُردستان تُركيا ... تشتعل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5022 - 2015 / 12 / 23 - 13:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان الذي يجري في مُدُن وقصبات جنوب شرق تُركيا أي كُردستان الشمالية ، خلال الأسابيع الماضية ، وما زالَ مُستَمِراً ومُتصاعِداً ... ليسَ صِراعاً بين قُوى الأمن التُركية من جهة ، وعناصر حزب العُمال الكردستاني من جهةٍ أخرى ... بل هي حربٌ شعواء ، غير مُتكافِئة ، بين الدولة التُركية ، مُتمَثِلة بحكومة أردوغان وأوغلو ، وبين شعب تلك المنطقة ... أنها حربٌ أهلية داخل المُدُن ، بين الآلة القمعية التُركية من شُرطةٍ وجيش وقوات خاصّة ، المُدّججين بِمُختلَف أنواع الأسلحة الفتاكة ، وبين الأهالي العُزَل . أنها حربٌ قّذِرة بِكُل معنى الكلمة ، حربٌ يخوضها ، حزب العدالة والتنمية AKP أصالةً عن نفسهِ ، ونيابةً عن اليمين التركي المتطرِف والعسكريتاريا المتشددة ... ضِدَ التمدُن والعلمانية واليسار عموماً . قَد يقول قائِل ، ان AKP حصلَ في الإنتخابات الأخيرة على عشرات الملايين من أصوات الناخبين في تركيا ، أي حوالي نصف عدد مقاعِد البرلمان ، وهو بهذا يستطيع الحصول على تأييدٍ قوي لِما يقوم بهِ من أفعال . لكن بالمُقابِل فأن HDP حصل على حوالي الستة ملايين صوت ، وأين ؟ في معظم المناطِق الكردية ، رغم الحصار المفروض عليه والمحاربة الشرسة التي تعرضَ لها قبل وأبان الإنتخابات .. أن HDP ، فازَ بالأغلبية الساحقة من مقاعد المُدن والقصبات الكردية ، وذلك يعني ، ان الجماهير تُسانده وتعتبره المُمثِل الحقيقي لها . ........................ - هل هنالك علاقة بين ال PKK و ال HDP ( لغير المُطّلعين / ال PKK هو حزب العُمال الكردستاني " المحضور في تركيا " . وال HDP هو حزب الشعوب الديمقراطي ، الفائز في المركز الثالث في الإنتخابات التركية الأخيرة ) ؟ .. أرى ان الجواب : طبعاً ، فأن ال HDP هو في الواقع ، الذراع السياسي لل PKK . وهل هناك علاقة بين ال PKK وال PYD ؟ ( لغير المُطّلعين / ال PYD هو حزب الإتحاد الديمقراطي " السوري " الذي يُدير الكانتونات المُحّرَرة ) . أرى ان الجواب : نعم ، فأن تنظيمات ال PYD المُسّلَحة : " وَحدات حماية الشعب " و " وَحدات حماية المرأة " ، هي نُسَخٌ مُعّدَلة من ال PKK . - كُل التنازلات التي قّدمها ال PKK خلال السنوات القليلة الماضية ، والهُدنات المتتالية التي أعلنها منفرداً أو بالإتفاق الضمني مع الحكومة التركية .. لم تنفع في إيجاد خارطة طريق لحل القضية الكردية في تركيا . فنهج أردوغان المُراوِغ المُستنِد على تنظيرات أوغلو ، يُؤدي إلى تصعيد الأزمة ومُمارسة سياسات شوفينية ضد الكُرد عموماً ، وليسَ الى التفاهُم والتفاوِض والسعي الى العيش المُشترَك . - هل ال PKK مُنّزهٌ عن الأخطاء ؟ .. أعتقد ان الجواب : كلا . فهو كغيرهِ من الأحزاب ، لهُ ممارسات ومواقف غير صحيحة هُنا وهُناك ، قد لايرضى عنها قِطاعٌ واسع من الناس . وهل هناك إستراتيجية واضحة موّحَدة ، لدى ال PKK ، بِصدد الأجزاء الأربعة من كردستان ؟ في رأيي ان الجواب : كلا . ففي حين ان نشاطه في إيران ، ضعيف وأحياناً مُهادِن للنِظام . فأن هنالكَ بعض التخّبُط والتدخُلات غير المُستساغة في أقليم كردستان العراق . وبعض القسوة في تطبيق نهجهِ ، أحياناً ، في سوريا .. أما في تركيا نفسها ، فأن وجود أوجلان في السجن منذ 16 سنة ، وعدم تطابُق توجهات ( مُراد قَرَيلان / وجميل بايك " رأسَي ال PKK ) ، والضبابية في العلاقة الميدانية مع ال HDP .. كُل ذلك أدى إلى الإنجرار نحو مُستنقع " حرب المُدُن " التي أرادها أردوغان . - رغم الكلام الدبلوماسي ، ورغم التبريرات .. فأن الواقع العملي ، يبرز حقيقة : ان الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة السيد مسعود البارزاني ( والذي هو كأمرٍ واقع ، الحاكم الفعلي للأقليم ، والرجُل القوي على الساحة الكردستانية والأقليمية ) .. هو أقرَب الى حزب العدالة والتنمية AKP بزعامة أردوغان وسياساته في المنطقة . والحزب الديمقراطي يرى ، بأن العلاقة الإستراتيجية مع تركيا ولاسيما تحت حُكم أردوغان ، فيها مصلحة للأقليم والكُرد بصورةٍ عامة ، وكمثالٍ على ذلك ، إتفاقية الخمسين عام ، بصدد النفط والغاز . ومادامَ الحزب الديمقراطي ، مُقتنعاً بهذا النهج ، فأن ذلك يجرُ وراءه تداعيات وإستحقاقات ، من قبيل : إحتمالات تقاطُع سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني ، مع ال PKK و HDP و PYD ، وما يعني ذلك من تشرذُم وإشكالات . - هل ما زالَ هنالك أمل ٌ ، ان يقوم السيد مسعود البارزاني ، ب ( دَور الوسيط ) ، بين أردوغان وال PKK ؟ .. أعتقد بأنهُ لاتوجد مستحيلات في السياسة ، ولا سيما في ساحةٍ مُضطربة مثل منطقتنا .. ولكن ، قبلَ ذلك ، عليهِ أن يثبتَ أكثر تعاطفهُ مع كُرد تركيا ، او على الأقل حياديته . - هل جميع كُرد تُركيا ، مُؤيدونَ لل PKK ؟ هل جميعهم مُؤيدونَ للإنتفاضةِ العارمة في العاصمةِ دياربكر / آمد والمُدن الكردية الأخرى ؟ . أرى .. كما ان جميع مواطني أقليم كردستان ، لايُؤيدونَ الحزب الديمقراطي ، مثلاً ، فأن كُل كُرد تركيا أيضاً ، لايُؤيِدونَ ال PKK . لكن الفَرق بين الحالتَين ، كبير : ففي أقليم كردستان ، هنالك أحزاب أخرى قوية وذات نفوذٍ واضح وشعبية ، غير الحزب الديمقراطي ، بينما على الساحة التركية ، هنالك حزب كردي واحدٌ فاعِل ومُؤثِر ، هو ال HDP والذي هو الواجهة المدنية لل PKK ، أما بضعة الأحزاب الأخرى الكردية ، فهي صورية ودعائية وليس لها تأثيرٌ ملحوظ على الشارِع . - أردوغان وحزبه الحاكم ، يتناسى أمراً في غاية الأهمية : أن كُرد اليوم في تركيا ، ليسوا هُم أنفسهم كُرد ماقبل عشرين سنة . وأن سياسة الأرض المحروقة والمُدن المُدّمَرة ، والقتل العشوائي .. لن تُجدي نفعاً في النهاية ، بل سترتدُ عليهِ هو . مئات القتلى لِحد اليوم ، من المدنيين ، بينهم 162 أمرأة وطفل .. وخنادِق داخل المُدن ، وقوات خاصّة فاشية في مواجهة جماهير منتفضة . وعشرة أيام والحدود مقطوعة مع أقليم كردستان .. هذا هو جُزءٌ من الوضع المشتعِل هناك . - صلاح الدين دميرتاش / زعيم ال HDP .. في زيارةٍ الى موسكو اليوم بصبحة وفدٍ كبير مُرافِق . موسكو التي في صراعٍ مفتوح مع تركيا . هل سينجح دميرتاش ، في إقناع بوتين ، في نَقِل تعامله وتعاونهِ ، مع الكُرد في كُل من تركيا وسوريا ، من مُستوى ( إستخدام الورقة الكردية " تكتيكيا " ضد خصومه ومن أجل مصالحه ) ، ألى مُستوى " التحالف الإستراتيجي " مع الكُرد ، من خلال دعمهم الحقيقي والواسع ؟ ... الأسابيع والأشهُر القادمة ستجيب على هذا السؤال . .................... في 1914 ، لم يصدر " إعلان " بأن الحرب العالمية الأولى قد بدأتْ ، ولا في 1939 ، بالنسبة للحرب الثانية ، بل ان مجموعة معارك صغيرة ومحدودة ، أدتْ الى توسع الحرب . فإذا كانتْ الحربَين العالميتَين الأولى والثانية ، إندلعتا في أوربا وكانت اوروبا هي ساحتها الرئيسية .. فكما يبدو ان الشرق الاوسط ، سيكون هو فتيل وساحة الحرب الثالثة .. وقد تكون الصراعات الحالية في سوريا والعراق وتركيا ... الخ ، هي البدايات فقط ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأكلُ يحترِق .. الوطنُ يحترِق
-
مُعاهَدة لافروف / كيري
-
حِوارٌ عراقي
-
ما هُو إسمُ حَماكِ ؟
-
تدريب
-
إيسِف / مُحاولات قصصية 7
-
( دينو ) يحلُ مَشاكِل الأقليم
-
المعركة مُستَمِرة
-
إستقبالٌ - جماهيري -
-
يوميات مُوّظَف كُردستاني
-
حذاري من الفتنةِ في خورماتو
-
تحريرُ سِنجار
-
الكانتونات ... هل هي حَل لمشاكِل الأقليم ؟
-
بعض ما يجري في أقليم كردستان
-
الإنتخابات التُركية : - صَلعتهُم - و - كَرعَتنا -
-
من الله التوفيق أولاً وأخيراً
-
وزيرة الدفاع الألمانية .. ولبن أربيل
-
أقليمٌ - مُنتهي الولاية - !
-
إطلالةٌ على المشهد في الأقليم
-
إيجابيات أوضاعنا الراهِنة
المزيد.....
-
بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل
...
-
عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل
...
-
افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو
...
-
حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر
...
-
قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع
...
-
الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي
...
-
قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ
...
-
النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط
...
-
وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو
...
-
فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|