أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أسوأ صورة في 2015














المزيد.....

أسوأ صورة في 2015


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5033 - 2016 / 1 / 3 - 02:22
المحور: حقوق الانسان
    


عامٌ جديد يحطُّ على مدينتنا. عامٌ بالأمس هبط على كوكبنا العجيب، الذي يتفنّن بعضُ أبنائه في إعماره وتجميله، ويتفنّن بعضُ أبنائه في هدمه وتقبيحه، فينظرُ الكوكبُ إلى هؤلاء وأولئك ويهمس في دهشة وأسى: كيف أنجبكم رحمٌ واحدٌ وأنتم بكل هذا الشتات؟!
عامٌ جديد لا نعلم منه إلا ما أخبرنا به الحواةُ وضاربو الودع وقُراءُ الطالع. ونحن لا نصدّق كل مَن سبقوا؛ إنما نصدّقُ أننا صانعو أيامنا، إن أردنا لمُقبلِها خيرًا، زرعنا خيرًا، وإن أردنا المرَّ لغدٍ قادم، ليس علينا إلا أن نفعل ما نفعله الآن من رجعية وجهالة وفُرقة وفوضى وكسل.
عامٌ جديد نأمل كلَّ خيره، ونسألُ اللهَ أن يجنّبنا شرَّه. عامٌ شاهدناه بالأمس وهو يُشيّعُ العامَ الماضي إلى رقدته الأبدية وكان يهمس في أُذنه بشيء لم نسمعه جيدًا. هل كان العامُ الجديد يعاتب العامَ الراحل على ما فعل بنا من آلام، ويتعهد ببعض الأمل والرغد والحنوّ، أم كان يُنذر بأنه جاء ليُكمل ما بدأته الأعوامُ الماضية من صعاب؟
لكن الأعوامَ لا تصنعُ الخير ولا تصنع الويل. إنما نحن الصانعون. الأيامُ لوحاتٌ فارغة نحن من نرسم بها الجمالَ أو نحفرُ عليها القبح.
العام قبل الماضي شاهدتُ فيديو على يوتيوب يصوّر جملا ربطه صاحبُه في بوابة عمارة بحبل. وأتى بجزّار لكي ينحره أضحيةً في عيد الأضحى. لم يستطع الجزارُ الخائبَ أن يُنيخ الجملَ ويهدّأه حتى يملك عنقّه فينحرها في هدوء وسلام وبأقل قدر من الألم. الجزار يقفُ عاجزًا وحوله سكّانُ الحيّ ينتظرون المشهد الذي جاءوا وتجمّعوا من أجله، لحظة تفيضُ روحُ الأضحية فوق بركة دم، ثم يتوزّع لحمُها الشهيُّ على فقراء الحي فيشبعُ الجائعون وينام الأطفال فرحين. لكن الجزار عاجزٌ والأطفالُ والكبارُ يتعجّلون لحظة النهاية. فما كان من الأخ الجزار إلا أن راح يقفزُ في الهواء حاملا سكينه في يُمناه. يخزُ الجملَ في رقبته وخزة، فينفجرُ معها رشاسُ دمٍ، يليه ضحكاتٌ من الأطفال وقهقهاتٌ من الكبار! قفزةٌ أخرى من الجزار السمين بوخزة أخرى من سكينه، بانفجارة دم أخرى من عنق الجمل، بضحكاتٍ جديدة ملّونة بالفرح من صدور الناس على مشهد لا أرى فيه ما يُضحك، بل ما يُخجل من بني الإنسان حين يستقوي فحلٌ مسلّح على حيوان مستضعفٍ مقيّد، فلا هو حقّق أمرَ النبي بأن يُحسن الذبحة، ولا هو انصاع لوصية الله أن نتراحم ونحنو على ما لا ينطق بالشكوى. كتبتُ يومها تغريدة على صفحتي أعلنتُ فيها رفضي واستنكاري وتقززي من أن يضحك إنسانٌ بينما يتعذّب كائنٌ آخر، حتى وإن كان، بل خصوصًا إذا كان، هذا الكائنُ الآخرُ حيوانًا أعجمَ لا حول له ولا قوة. كان الغضب يعصف بي، والدهشة تفترسني لقسوة بني البشر، فجاءت التغريدة لاذعةً مُرة، التقطها أحد المزايدين على تقوى الناس وأشهر ضدي قضية يتهمني فيها بازدراء الدين، ومازلتُ أنتظر الحكم القضائي مع نهايات هذا الشهر!!!!!
بالأمس، شاهدتُ نفس الابتسامة المقززة التي تعلو الوجوه حين يتعذب الناس! في ليلة رأس السنة، نشب حريقٌ مروّع في فندق هائل اسمه "العنوان" في مدينة دبي الساحرة الأنيقة المنظمة. فوقف شابٌّ وصاحبته، يلتقطان لوجهيهما الباسمين صورة سيلفي بينما تتراقص في خلفية الصورة ألسنة اللهب في الفندق، ونحن نكاد نسمع من الصورة استغاثات الناس وصرخات الأطفال وفزع النساء! كيف بوسع إنسان أن يضحك في حضرة إنسان يبكي؟! ذاك هو السؤال الذي حيّرني طوال عمري، والذي دفعتُ فيه ثمنًا كبيرًا أرجو ألا ينتهي بحبسي في عتمة السجون.
صورة الفتى والفتاة أغضبت الناس فأطلقوا على بطلها في تويتر لقب: First Idiot of 2016 “أول معتوه في عام 2016". والحقّ أنها أسوأ صورة التقطتها عدسةٌ في عام 2015. تلك بعضُ تجليات التشوه الإنساني الذي يصيب البعض فترى شبابا يضحكون على عجوز لا تستطيع السير ناصبةً ظهرها، أو مشهد طفل يضحك وهو يرى أباه يقتل فأرًا صغيرًا ويتفنن في تعذيبه، أو مشهد إنسان يقهقه في تشفّ] بينما أضحية مسالمة تجود بروحها لكي يأكل ويشبع!
عامٌ جديد يدخل حياتنا نرجو منه أن يترفّق بنا، ونتعهد أمامه أن نترفّق بمن هو أضعف منّا. كل عام ونحن أكثر طيبة وحبًا ورحمة وتحضرًا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قُبلةُ حبيبي
- الموءودة
- كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
- مثل الزهور سرعان ما يذبل
- شهاداتُ الفارس محمد أيمن
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
- هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
- نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
- أسعد امرأة في العالم
- ضد مجهول ضد الإنسانية
- المرأة وخلط الدين بالسياسة
- حكاية الرجل الشرير
- في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة
- إنهم يكرهون المادة 53
- الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
- مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
- الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
- خيط رفيع بين الضحية والإرهابي


المزيد.....




- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أسوأ صورة في 2015