|
داعش أمام المحكمة الأوزورية
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5020 - 2015 / 12 / 21 - 07:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ثمة ڤ-;-يديو منتشر على يوتيوب وصفحات التواصل الاجتماعي يصوّر بعض ذكور "داعش" يقتحمون إحدى مدارس البنات في مستعمراتهم، ويخطفون التلميذات الأزيديات تحت تهديد السلاح أمام عيون آبائهم وأشقائهم الذين وقفوا عاجزين عن الذود عن بناتهم أمام هجمية أولئك الضواري البشرية المنتسبين للإنسانية عن طريق الخطأ. البنات في أعمار الزهور البريئة تتفجّر عيونهن بالدمع وقلوبهن تمزّقها الصرخات المكتومة والرعب يفترس أوصالهن، بينما يجول الذكور في فناء المدرسة ينتقين البنات من وسط الرجال ليضموهم إلى كومة "الحريم" التي تتزايد بين دقيقة وأخرى، غير عابئين بدموع الصبايا وأنينهن الموجع الذي يشقّ الصدور. بينما أشاهد الڤ-;-يديو جال عقلي في أغوار الزمان وعدتُ إلى أجداد أجدادي وكيف كانوا يفكّرون ويعيشون حياتهم ويحسبون بدقّة حساب آخرتهم. في مصر القديمة كان لابد للمتوفي أن يقف أمام المحكمة الأوزورية التي يترأسها أوزوريس، رب الفضيلة، وماعت ربّة العدل، واثنان وأربعون قاضيًا بعدد أقاليم مصر القديمة. يقف المتوفى يوم الحساب ليعترف باثنين وأربعين اعترافًا إيجابيًّا، واثنين وأربعين اعترافًا إنكاريًّا. الاعتراف الإيجابي هو أن يُقرّ الميتُ بأنه فعل الحسنات فيقول: “أنا فعلت كذا وكذا في حياتي" أمثلة: [أنا أشرّف الفضيلة. أنا أحيا بالحق. أنا أحفظ الحقوق. أنا أعمّم السلام. أنا أنشر الفرح،.....]، وأمّا الاعتراف الإنكاري فهو أن يُنكر المتوفى أنه ارتكب الخطايا بأن يقول: “لم أفعل كذا وكذا طوال حياتي.” أمثلة: [أنا لم أقتل في حياتي إنساناً رجلاً كان أو امرأة. أنا لم أزنِ.. أنا لم أضاجع امرأة رجل آخر. أنا لم أسرق. أنا لم آخذ ما ليس لي، ولم أرتكب عنفاً. أنا لم أكذب، أنا لم أطلق لساني بالباطل على رجل آخر، أنا لم أطلع على دخائل أحد لأسبب له أذى.انا لم اظلم إنساناً. انا لم الوث ماء النهر....] بعد هذا تقوم "ماعت" بوضع قلب الميت في إحدى كفتي ميزانها، وفي الكفة الأخرى تضع ريشتها، التي تزيّن بها هامتها، وهي ريشة الضمير. فإن كان وزن القلب أثقل من الريشة، فتلك دلالة على أن ذلك الميت قلبه مُثقل بالخطايا وكذب في اعترافاته، وتكون "عممُت" واقفة متربصةً تنتظر في شغف وتشوّف بجانب الميزان أن يلقوا لها القلبَ المذنب التعس، فتلتهمه على الفور، وتكون تلك النهاية الأبدية للفقيد. أما "عممُت"، فهي الجحيم كما تصوره المصريون. وهي وحش تخيّلي بشع لها رأس تمساح وجسم أسد وخلفية فرس النهر. فينقطع ذكر المتوفى ولا يُبعث في رحلة البعث. وإن كان قلب الميت أخفّ وزنًا من ريشة الضمير، فتلك دلالة على أن ذلك الميت قلبه نقي من الآثام، خفيف من الذنوب والمعاصي، ومن ثم تُقبل اعترافاته ويدخل الفردوس الأبدي، بعدما يقول المحكّمون: "إن قلبَ الرجل بالحقيقة قد وُزِن، وروحَه وقفت شاهدةً عليه، وقد وُجِد لا تشوبه شائبةُ شرٍّ، ولم يأتِ بالأذى في أعماله، ولم ينطق بألسنة السوء عندما كان على الأرض، ووجد صادقًا عند وضعه على الميزان العظيم." هنا يُمنح لقب: "صادق القول"، التي تكافئ عندنا اليوم عبارة: "المغفور له" أو "المرحوم". فيُعيدون تركيب قلبه في جسمه المحنّط، ويعطونه ملابسَ بيضاء مشرقةً، ويدخل الفردوسَ من فوره لينعم بحضرة الإله، ثم يلتحق بزوجته وأسرته، ويخصصون له خدمًا وحشمًا يسمونهم "أوجيبتي" أي المُجيبين المطالب. من بين الاعترافات الإنكارية اعترافٌ يقول: “لم أتسبّب في دموع إنسان.” ابتسمتُ وأنا أتذكّر ذلك البند من ميثاق ماعت، وتساءلتُ لو وقف داعشيٌّ في قاعة تلك المحاكمة التي كان شعارُها (الحق- الخير-الجمال)، هل بوسع داعشيّ أن ينطق بتلك العبارة أمام أوزوريس وماعت؟ تُرى، بهذا المنطق، إلى أين سيذهب الدواعش الذين أهرقوا أنهارًا من الدموع والدماء؟! تلك الأنهار من الدمع التي أسالها الدواعش من مآقي المستضعفين من النساء والأطفال والرجال، كيف سيخفونها يوم العرض على مالك الملك الله العدل الرحمن الرحيم؟! في الرابط القادم تشاهدون ماذا فعل الدواعش مع تلميذات المدرسة الإزيدية: https://www.youtube.com/watch?v=g5V9Roa9GxQ لكن السؤال هو: إلى أية مرجعية فكرية يختطف الدواعش البنات من مقاعد مدارسهن ومن أحضان أمهاتهن؟ أنصتوا إلى هذا الفيديو للمتأسلم أبو إسحق الحويني وأنتم تعرفون الإجابة، وتشهرون أصابع الاتهام في عيني رجل أفاق استلب عقول ملايين المضللين. https://www.youtube.com/watch?v=fej0sah-SrQ
اللهم لا تجعلني أبدًا سببًا في دموع إنسان، ولا حزن أي كائن حي.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغيطاني ونوبل
-
حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
-
هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
-
نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
-
أسعد امرأة في العالم
-
ضد مجهول ضد الإنسانية
-
المرأة وخلط الدين بالسياسة
-
حكاية الرجل الشرير
-
في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة
-
إنهم يكرهون المادة 53
-
الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
-
مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
-
الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
-
خيط رفيع بين الضحية والإرهابي
-
سقطة الكردوسي
-
صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
-
طفلٌ أصمّ في الجوار
-
هَدْرُه علَّمَ الجشَع
-
أصل الحدوته
-
مصر زعلانة منك
المزيد.....
-
اللجنة العربية الإسلامية بشأن غزة: نرفض تصريحات إسرائيل بشأن
...
-
انطلاق انتخابات الكنيسة السويدية في ظل مشاركة ضعيفة
-
لجنة عربية إسلامية تؤكد رفضها لتصريحات إسرائيل بشأن تهجير ال
...
-
اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية ترفض تصري
...
-
سموتريتش: -السلطة الفلسطينية يجب أن تختفي من الخريطة لأنها ت
...
-
إيران تحمّل الدول الإسلامية مسؤولية بيع أمريكا للأسلحة وتدعو
...
-
سلفيت: مستعمرون يعتدون على أراضي فرخة ويواصلون تجريف مساحات
...
-
بزشكيان: لا نعادي أي بلد إسلامي ونتمسك بوحدة الأمة الإسلامية
...
-
انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الإسلا
...
-
من تنظيف شوارع اليمن إلى الصيرفة الإسلامية.. هكذا نجح إبراهي
...
المزيد.....
-
القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق
...
/ مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
المزيد.....
|