أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - خيط رفيع بين الضحية والإرهابي














المزيد.....

خيط رفيع بين الضحية والإرهابي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 4 - 07:05
المحور: حقوق الانسان
    


ماذا يقفُ بين الإرهابيّ وبين ضحيته؟ رصاصةٌ؟ خنجرٌ؟ سيفٌ؟ أداة قتل مهما كان اسمُها وشكلُها وأسلوب إهراقها دم الضحية المستضعفة. هذا ما يقفُ بين القاتل والمقتول. والقاتلُ بيّنٌ واضحٌ، والمقتولُ بيّنٌ واضح.
لكنّ شيئًا آخر يمكن أن يقفَ بين الإرهابي وبين الضحية إن اختلطت الأوراق وغامت الصور وتعثّرت الأدلّة فلا نعرف القاتلَ من المقتول، ولا نميّز بين المجرم وضحيته.
هذا ما حدث في مذبحة باريس الأخيرة من بين ما حدث من أهوال وويلات وخطايا ارتكبها الإنسانُ في حقّ أخيه الإنسان دون مبرر ولا سبب، اللهم إلا شهوة إراقة الدماء، والاستمتاع بسماع صوت الأنين والصراخ وأوجاع المحتضرين في لحظاتهم الأخيرة.
جوارُ سفر مصري وُجِد في مسرح الجريمة لأحد شباب مصر. وعلى الفور أشارت أصابع الاتهام إلى هذا الاسم المدون وهذا الوجه المرسوم على صفحات الباسبور، وقيل إنه أحد المجرمين من مرتكبي الحادث الإرهابي المروّع. وبدأ البحث المحموم عن ذلك الإرهابي اللعين، حتى يقتصَّ منه العالم. وبدأت مانشيتات الصحف تتسابق في السؤال: “من هو صاحب الجواز المصري في هجمات باريس؟" وبدأ الحصارُ يضرب أسواره الخانقة حول المتهم المصري. لكن رجلا مصريًّا نبيلا، هو رئيس الجالية المصرية بفرنسا، لم يسر مع القطيع ويُلقي التهم بغير بيّنة؛ فراح يبحث ويدقّق ويتتبع الأحداث ليصل إلى الحقيقة، يدفعه في البدء حدسٌ فطري يقول إن المجرم حين يذهب لارتكاب عملية إرهابية انتحارية، يحرص على عدم حمل أوراق تنبئ عن شخصيته. وتبيّن ما يلي جرّاء عمليات البحث والاستقصاء التي قام بها المصري النبيل: صالح فرهود، رئيس جاليتنا بفرنسا. هذا الشاب، المتهم البريء، وليد عبد الرزاق يوسف، كان قد سافر إلى فرنسا رفقة والدته قبل أيام من العمليات الإرهابية. سبب الزيارة هو قيام شقيقه، وائل، بإجراء عملية جراحية خطيرة الأسبوع القادم. ولسوء حظ وليد، قرر حضور مبارة ألمانيا وفرنسا يوم الجمعة في استاد دي فرانس حيث وقع قسمٌ من الأحداث، فأصابه ما أصاب الجميع يومها، حيث انفجرت عبوة ناسفة إلى جواره واخترقت الشظايا جسده ففقد الوعي وفقد كذلك جواز سفره المصري الذي وجد فيما بعد ملقًى بموقع العملية الإرهابية الآثمة. كانت سيارات الإسعاف وقتها لا تهتم إلا بإنقاذ أكبر عدد من الأرواح البشرية، فكانت تنقل المصابين دون النظر، بطبيعة الحال، إلى متعلقاتهم الشخصية المبعثرة هنا وهناك. لهذا وُجد الجواز ولم يوجد صاحبه، فغام الظنُّ بأنه أحد المتورطين في الإرهاب.
وليد مصابٌ الآن إصابات خطيرة ويرقد في العناية المركزة بمستشفى بيجون بكليشي في انتظار ثلاث عمليات جراحية دقيقة. ولنا أن نتصور حال الأم الآن. ذهبت إلى فرنسا مع ابنها المعافَى الأصغر لزيارة ابنها المريض الأكبر، فضربت شظايا الغدر ابنها السليم ليغدو في حال أشد سوءًا من أخيه الأكبر. ولم تقف مأساة تلك الأسرة المنكوبة عند هذا الحد الصعب، بل وقع الابن المصاب في دائرة الاتهام بعملية إرهابية مخيفة. لكن السماء الطيبة لا تقبل إلا الحسن، حيث تم استدراك الأمر وأقرّت أجهزة الأمن الاستخباراتية الفرنسية ببراءة الابن المصري وبرأه المدعي العام الفرنسي من ذلك الاتهام المخيف. خيطٌ رفيع بين أن يكون ذلك الابن المصري المغدور ضحيةً أو أن يكون مجرمًا إرهابيًّا.
أقر رئيس الجالية المصرية بأن هذا الشاب المتهم وليد عبد الزراق يوسف، خريج الأكاديمية البحرية بالإسكندرية، ينتمي لأسرة مصرية محترمة يشهد لها الجميع في مدينة الأسكندرية بالأخلاق الرفيعة والتحضر. ثم كان تدخّل السفير المصري الذي ساهم في كشف الحقيقة أمام القضاء الفرنسي وأمام المسؤولين الفرنسيين فأُنقذ هذا الشاب من مستقبل مظلم كان سينتظره لولا تدخل رئيس الجالية والسفير. وهذا هو الدور الحقيقي لرئيس الجالية في أي بلد من بلاد الغربة. أن يكون على معرفة حقيقية بكافة تفاصيل حياة كل ابن من أبناء جاليته. أن يكون أبًا حقيقيًّا لأبناء مصر في غربتهم، وليس رمزًا شكليًّا وحسب. وهذا هو دور سفرائنا في أية دولة من دول العالم. أن يحافظ على رعايانا ومسافرينا ووفودنا في البلاد التي يمثّلوننا فيها.
تحية احترام وتقديرا لرئيس جاليتنا المصرية السيد: صالح فرهود، وسفيرنا بفرنسا السيد: إيهاب بدوي.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقطة الكردوسي
- صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
- طفلٌ أصمّ في الجوار
- هَدْرُه علَّمَ الجشَع
- أصل الحدوته
- مصر زعلانة منك
- شاهدْ الهرم... ثم مُتْ
- مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر
- محاضرة من القرون الوسطى
- تعليم خفيف الظل
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف
- عسل أسود
- المال مقابل الكرسي
- جمال الغيطاني... خذلتني
- قانون مكافحة التجهيل العمدي
- هكذا الحُسنُ قد أمر


المزيد.....




- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - خيط رفيع بين الضحية والإرهابي