أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة














المزيد.....

في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5007 - 2015 / 12 / 8 - 18:43
المحور: الادب والفن
    


في الذكرى الأولى لصباح
--
طارت إذن الشحرورة ذاتُ الصوت النُحاسيّ الآسر الذي كان يعلو فوق جواب أوكتاڤ-;---;-----;--- السُّلّم الموسيقي، فيرفعُ العازفون الأقواسَ عن أوتارها ويُنزلون أياديهم عن آلاتهم ويصمتون، حين لا تقدرُ قيثاراتُهم أن تُجاري ذاك الصوتَ الجموح الذي يُفجّر حدود الرحب الموسيقي. طارت التي كان أبي يُدير صوتَها على جهاز الجروندج العتيق ذي الأسطوانتين، لتصدح في بيتنا القديم: "يا عيني ع البساطة، قديش مستحلية أعيش جنبك يا بو الدارويش، غديني جبنة وزيتون وتعشيني بطاطا، ما بدي قصور ولا جاه، بس بدي عاشق أهواه" ليرسل لعروسه الجميلة، أمي، رسائلَ شَدْوية، غير مباشرة، ليواجه إصرارَها على تعليم طفليها في مدارس راقية مثل عائلتها، بينما يجنح أبي المتصوف إلى بساطة الأمور شأنَ الصوفة، فكأنما يناجيها بـصوت الشحرورة علّ العنيدةَ تُحجِّم من طموحات تنوء عنها ميزانيةُ أسرةٍ تخطو خُطاها الأولى في الحياة. كانت أمي تدلّل طفولتي بـ"أمورتي الحلوة"، وبعدما كبرتُ كانت تبادرني بقولها: “وأقول خلاص دي كبرت وهتبقى مهندسة". طارت التي غازلت صباي بقولها: “ع الضيعة يامّا ع الضيعة، وديني وبلا ها البيعة، جينا نبيع كبوش التوت، ضيّعنا القلب في بيروت، يا شماتة شباب الضيعة...” فينطلق خيالُ طفولتي مع صبايا لبنان وهنّ يجمعن عناقيد التوت، لأبحث لنفسي عن "مرقد عنزة" ببيروت أنتظرُ فيه معهن الشابَّ الوسيمَ الذي سيخطف قلبي مع الخاطفين قلوبَ البنات.
فهل ارتاح الآن ثقلاءُ الظلّ الذين كانوا يتعجّلون موتَها، كأنما يحيونها من أعمارهم ويطعمونها من طعامهم؟! أتعجبُ لماذا تراقب العقولُ العربيةُ لمريضةُ "المرأةَ" وتنشغلُ بتفاصيل يومها وجسدها وملابسها وحياتها وتُحصي عليها سنوات عمرها، فتقلق إن زادت عمّا خططوا لها، كأنما هم الله(!)، بينما يُفجعون إن رحل رجلٌ في أرذل العمر، كما فُجعنا في موت نجيب محفوظ مثلا، ولم يتعجل أحدٌ موته وقد شارف المائة! لماذا على المرأة أن تطير مبكرًا وإلا نعتها المتخلفون بنعوت قميئة، وينسون كم منحتهم تلك الجميلةُ من بهجات وزيّنت لحظات فرحهم بصوتها المثقف؟ نكاتٌ ركيكة وشائعات سمجة بموتها ظلّت تتطاير على مسامع الجميلة ومسامعنا على مدى عقود طوال، كأنما العمر جريمةٌ، ليعلم اللهُ وحده عمقَ الشروخ التي كانت تتركها في روحها، فأكاد أسمعها تهمس: لماذا تحملون لي السخفَ وقد نثرتُ في حياتكم صوتي نُثارَ شدو فردوسي عذب؟! يا لكم من جاحدين!” هل جزاء من يمنحنا البهجة أن نسخر منه؟
لستُ أدري إن كانت الشحرورة، سوف تقرأ هذا المقال في فردوسها أم لا، وإن كنت أرجو ألا تقرأه؛ لأنه ليس موجهًا لها، إنما موجه لكل بليد روح أساء إليها، سواء عن جهل، أو من باب الاستظراف. أما أنتِ فأقول لكِ: صباح الخير يا صبوحة.
فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يكرهون المادة 53
- الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
- مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
- الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
- خيط رفيع بين الضحية والإرهابي
- سقطة الكردوسي
- صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
- طفلٌ أصمّ في الجوار
- هَدْرُه علَّمَ الجشَع
- أصل الحدوته
- مصر زعلانة منك
- شاهدْ الهرم... ثم مُتْ
- مَن كان منكم بلا إرهاب، فليضربنا بحجر
- محاضرة من القرون الوسطى
- تعليم خفيف الظل
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة