أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - شهاداتُ الفارس محمد أيمن














المزيد.....

شهاداتُ الفارس محمد أيمن


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5020 - 2015 / 12 / 21 - 11:23
المحور: المجتمع المدني
    


لم تقتله رصاصةٌ إسرائيلية، كما هو مشهودٌ في أدبيات شهداء مصر منذ عام 1948. ولم تفجّر جسدَه المفتول قذائفُ صهيونية صناعة أمريكية كما أضاءت نيرانُ آلاف القذائف في أجساد شهدائنا فخلّفتها أشلاء مُعفّرة بالويل والدماء في حروب الاستنزاف والتحرير كما تعلّمنا في كتب التاريخ منذ طفولتنا. ولم يبتسم أحدُ أبناء صهيون فرحًا بموته كما عادة الحروب الكلاسيكية بيننا وبين عدونا التاريخي منذ وعيت عيونُنا على الحياة. إنما غدرته يدٌ سوداءُ ضالة آثمة من بني جلدتنا ناطقةٌ بلساننا العربيّ شاربةٌ من نيلنا وفُراتنا، وهنا تنقلبُ الشهادةُ شهادتين.
شهادةٌ أولى من أجل الذود الجسور عن الوطن وحماية رفاقه جنود مصر وضبّاطها، وشهادةٌ ثانيةٌ لأن القاتلَ خائنٌ من فئة الضالّين المُضلّين الذين يزعمون العروبة وهم أسوأ على بنيان العروبة من ڤ-;-يروس بني صهيون، ويزعمون انتماءهم لمصر وهم الأشدُّ مُقتًا وبُغضًا لمصر وللمصريين، ويزعمون الإسلام وهم أشدُّ خطرًا على الإسلام من عبدة الأوثان في سالف الأزمان. إخوان الشياطين وأزلامهم الإرهابيون التكفيريون الدواعشُ في كافة ربوع الأرض، يحصدون أرواح جنودنا البواسل الأطهار الذين لم يتعلموا إلا حبّ الله وحبّ الوطن وصناعة الجمال ونثر الأمن على جبهة الوطن وفوق جباه الناس. هذا جيشُنا العظيم، جيشُ مصر، علّم أولاده الأبطالَ أن الروح رخيصةٌ مقابل ذرة من تراب مصر، وأن النفسَ تهون جوار إماطة الأذى "البشريّ" عن الحياة. من أدبياتنا الإسلامية أن إماطة الأذى عن الطريق من جوهر الإيمان ومتن الإسلام. وإماطة الأذى تعني إزالة حجر قد يتعثّر فيه السابلةُ أو يُلحق الأذى بكفيف بصر أو مُسنّ واهن يتوكأ على عصاه. وفي المعنى الأوسع لهذه الفكرة، نقول إن إماطة الأذى يتجاوز إزالة حجر أو سد حفرة، إلى إماطة "الأذى البشري" عن الحياة، وما الإرهابيون إلا لونٌ بغيضٌ من الأذى البشري الذي يدمّر الحياة. ومن صلب الإيمان بالله وبالوطن إماطة ذلك الأذى البشريّ عن حياتنا، وهذا ما يفعله، اليوم وأمس وغدًا، جنودُنا البواسلُ في سيناء الشريفة.
لكن هناك شهادة ثالثة يستحقها هذا الفارسُ النبيل، الشهيد مجنّد محمد أيمن، ابن مدينة دمياط الذي لقى وجه ربّه الكريم الثلاثاء الماضي بعدما احتضن بجسده إرهابيًّا سافلاً كان ممنطقًا بحزام ناسف ينتوي تفجيره في ثكنات جنودنا. احتضن فارسُنا النبيل ذلك الإرهابي الآثم لكي يفتدي كتيبة من زملائه الجنود والضباط، بأشلائه التي تناثرت في سماء العريش، قطعًا من الدُّر النقي، قبل أن يجمعها قادتُه ورفاقه وذووه ليدثّروا رُفاته الكريمة في علم مصر الأبيّ ليحمله جنازٌ عسكري مهيب إلى لحده الطيب. الشهادة الثالثة لأنه ركضَ إلى الموت ركضًا واحتضنه بجسارة، بدلا من انتظار الموت على قارعة الوطن. ذهب إلى حتفه الصعب راضيًا مرضيًا وهو يقول لنفسه: “أنْ أموتَ أنا وحدي، أفضلُ لمصرَ وأبقى من أين يضيع عددٌ كبيرٌ من الرجال. مصر اليوم في حاجة ماسّة إلى كل باسل من بواسلها. فواحدٌ يفتدي ثمانية.” لم يفكّر في أن هذا الواحد، هو ذاته، عند أمّه بكل مَن في الأرض من بشر. لم يفكر في أمٍّ تركها في البيت مطمئنةً تدعو لابنها على سجادة صلاتها ان يعود إليها بالبِشر والنصر، ستتحول بعد لحظة من ركضه للموت بملء إرادته، إلى ثكلى لا يجفُّ دمعُها أبدَ حياتها.
كم فيضًا من الدمع سكبت أمُّه قبل أن تناشد الفريق أول "صبحي صالح" بأن يتراجع عن قراره بإعفاء ابنها الآخر، شقيق الشهيد، من الخدمة العسكرية. كأنما هي الخنساء التي كانت تقدّم أبناءها ابنًا في إثر ابن دفاعًا عن المستضعفين وانتصارًا للحق. طوبى لك أيتها الأمُّ الكريمة بوطنيتك وإيمانك، وطوبى لكِ بابنك، وطوبى لنا بكِ وبه.
أيها الشهيدُ النبيل، روحك الفارسة تُظلّل سماء مصر وتحميها من الويل. فنمْ ملءَ جفونك عن شواردها، ولا تحزن علينا، فلن نضيعَ ولن تضيعَ مصرُ وأبناؤها أنت.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
- هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
- نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير
- أسعد امرأة في العالم
- ضد مجهول ضد الإنسانية
- المرأة وخلط الدين بالسياسة
- حكاية الرجل الشرير
- في ذكراها الأولى: صباح الخير يا صبوحة
- إنهم يكرهون المادة 53
- الشاعر والبرلمان... الطيارة والقطار
- مشاهداتٌ من دفتر الانتخابات
- الشارع لنا... يا مسز نظيفة!
- خيط رفيع بين الضحية والإرهابي
- سقطة الكردوسي
- صوتُ الرئيس ونفيرُ البارجة
- طفلٌ أصمّ في الجوار
- هَدْرُه علَّمَ الجشَع
- أصل الحدوته


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - شهاداتُ الفارس محمد أيمن