أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الفقر ظاهرة أخلاقية أم مرض أجتماعي














المزيد.....

الفقر ظاهرة أخلاقية أم مرض أجتماعي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 19:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفقر ظاهرة أخلاقية أم مرض أجتماعي

كثيرا من كتاب علم الأجتماع والمفكرين والباحثين يصفون الفقر وما يتبعه من مظاهر وأعراض ونتائج أجتماعية وأقتصادية على أنه مرض أجتماعي ناشئ من خلل في بناء منظومة منصفة وعادلة تتحكم بحركة المجتمع وتسيطر فيه على كل المعطيات الفاعلة والداعمة والمتحكمة بنظامه البنيوي ,هذا الرأي يعتمد على مفهوم المرض في قاموس الصحة والطب وهو الخلل الكيميائي الذي يصيب التوازن الطبيعي في مكونات الجسم مما يولد من نتائج بيولوجية أو فسيولوجية غير منضبطة أما تؤثر على الأداء الفيزيوبايلوجي للجسم أو الكميابيلوجي له , وبكلا الحالين يرجع السبب لفقدان التوازن الضروري للمعادلات الكيماوية التي يجب أن تكون منضبطة بحدودها العليا والسفلى لكي يبقى الجسم سليم .
وصف الفقر بأنه مرض فيه الكثير من المغالطات العلمية والمنطقية حين نربط المعنى الطبي بالمعنى الأجتماعي وذلك للفروق الموضوعية بين جسم الإنسان أو الكائن الحي وبين صيغة المجتمع ككائن حي وإن كان بشكل أخر , القضية الأهم التي تفترق فيها القياسات أن الجسم محكوم بتوازنات طبيعية في حدود دنيا وفيها حدود عليا وبالتالي الخرق يكون في توازن المعادلات الكيميائية وهذا ينجر بأثره على كامل الجسم الحي , في حين أن المجتمع البشري ليس بالضرورة أن يكون محكوما إلا بما هو طبيعي أو معتاد من حركة الفرد داخل المجتمع وحركة المجتمع داخل نطاق أكبر منه ,أي أن فقدان التوازن ليس سببا أكيد في تفشي ظاهرة المرض الأجتماعي , لأن مفهوم التوازن هنا يختلف لعدم ارتباطه بسلسلة من الروابط التي تنتهي عند نتيجة الفقر .
مثلا الولايات المتحدة الأمريكية التي تسجل أعلى درجات فقدان التوازن مثلا في الدخول وفي الملكية وفي فرص العمل أستنادا لنظرية المرض الأجتماعي يجب أن تنتج أعلى مستويات الخطر وأقصد بها مثلا ظاهرة الفقر , والحقيقة أن الفقر كظاهرة موجود في أعلى مستوياته في الدول الأقل توازنا والأضعف في الفروقات الأجتماعية والاقتصادية , مثلا دول أفريقيا واسيا وبعض دول أمريكا اللاتينية تسجل مستويات عالية من الفقر ومن دوافع الإفقار مع ملاحظة غياب ذلك الشرخ العالي والعميق بين من يملكون ولا يملكون كما في الولايات المتحدة الأمريكية .
هنا في هذا الوضع التوصيفي يحال علينا أن نصف الفقر كمرض يصيب المجتمع نتيجة فقدان توازن ضروري ولا يمكننا أيضا أن نصفه حينما نعلم أن كل مرض له علاج قد يكون مسكنا أو شافيا له ,الفقر في نظري المتواضع ليس خللا في التوازن ولكنه في الحقيقة واحدة من المظاهر التي تنشأ نتيجة غياب الضابط الأخلاقي والحس الأجتماعي الذي يحكم الأنا الفردية والأنا الأجتماعية من التضخم والشعور بحرية التمدد والأستحواذ على حق الآخرين , الفقر جريمة أجتماعية يمارسها مجرم تحت ستار من القواعد الأجتماعية والقانونية والأخلاقية التي يتستر بها البعض ,ليقول أنه يمارس حقه الطبيعي في الحياة .
الحق الطبيعي في الحياة أن جميع البشر شركاء في الوجود وشركاء في كل ما يمكنه أن يكون محلا للتملك إلا إذا كان هذا التملك أو الملكية ناتجة عن تمايز حقيقي في الجهد والعطاء ,ما جاع فقير إلا نتيجة فرط أنانية البعض في أن ينام مثقلا بالتخمة دون إحساس بإنسانية أخر يصارع الجوع , قد يكون الغني أكثر قوة وأكثر نشاطا وأكثر علما , ولكن هذه الخصائص لا بد أن تنعكس إيجابيا على عقائده الأخلاقية فيكون الغني ليس في المال فقط , بل بالقدرة على العطاء الإنساني وتقيده بعوامل الخير والسلام والمحبة .
إذن الفقر ليس مرضا يرجى شفاءه ولا خللا في توازن طبيعي إنها ظاهرة ملتصقة بالإنسان بوجوده في هذا الكون وهو في كل مرة ينحاز لذاته للأنا المختبئة تحت ستار الرغبات والنزوات وحب الذات ,هذه الظاهرة نجحت مجتمعات وبلدان كثيرة في علاجها ومكافحتها من خلال فرض قوانين مكافحة الفقر الذي جعلت أولا من قاعدة المسئولية الجماعية طريقا لكبح الأندفعات الذاتية للأنا وثانيا من خلال فرض نظام أقتصادي يسمح للحرية الملكية أن تتمدد لكن مقابل أن تتمدد معها مسئولية الملاك في تحمل العبء الأجتماعي , وتحولت هذه المجتمعات والدول من أنظمة تعتمد شعار دعه يعمل دعه يمر إلى واقع أن العمل والإنتاج والملكية ليست هدفا بل هي وسيلة لبناء مجتمع خال من الظواهر المنحرفة أو التي تساهم بزيادة حدة التفاوت الأقتصادي المؤدي للأنحراف والعنف والجريمة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار من نوع أخر _ قصة قصيرة
- سياسات الأزمة .... وأزمات السياسة
- الواقع الرهيب
- لماذا لا يجب ان يتكلم الصغار ....
- أختلالات البناء والعمل في هيكلية السياسة العراقية بعد عام 20 ...
- فهم الحداثة ح2
- فهم الحداثة ح1
- الدين نصيحة
- أفراس صغيرة .... فاطمة منصورة ... عندما تتمرد القرية
- تخاريف ليبرالية
- الدين الأجتماعي ونظرية الدولة
- تخاريف وتعاريف
- سوريالية الهروب بين الماء والنهر
- إبراهيم العراقي ....خطيئة أباء أم كذبة الأبناء قراءة في كتاب ...
- الزمن بين المفهوم والحقيقة
- الحرية الدينية والجزية ح5
- الحرية الدينية والجزية ح4
- الحرية الدينية والجزية ح3
- الحرية الدينية والجزية ح2
- الحرية الدينية والجزية ح1


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الفقر ظاهرة أخلاقية أم مرض أجتماعي