أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - فهم الحداثة ح2














المزيد.....

فهم الحداثة ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5007 - 2015 / 12 / 8 - 20:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فهم الحداثة ح2

لم يتوقف تطور مفهوم اللحظة والذاكرة والرؤية أبدا عند الإنسان الغربي عند الراهنية التاريخية بشقيها ما قبل واللحظة وما بعدها , وبدأت عجلات الأقتصاد توازي عجلات الفكر المتجدد لتتوالد فلسفات وأفكار أكثر عمقا وأكثر قدرة على فهم حركة الزمن وأستثمارها عقلانيا ,حتى أصبح معيار الانتساب للزمن الجديد الصفة الأهم للفعل الإنساني الكوني , ولم يعد للماضي الذي هو جذر الحركة الوجودية كما كان شائعا سابقا مهما للإنسان , لقد حاول الفرد الغربي التخلص من عبء التأريخ المثقل للحركة والذي يذكره دوما أنه أمام أستحقاقات كثيرة قد لا يمنحه الزمن أيضا القدرة على الإيفاء بها , لذا أختار تقويم جديد ومفصل ومتناسب مع حركة الكون المتسارعة , تقويم يبدأ بما يسمى لحظة الولادة المنقطعة عن ما قبلها من مخاض وتكوين ومعطيات وأسباب وقوانين , هذه اللحظة التي عندها يشكل مفهوم الذاكرة وعليها يبني مشروعه المستقبلي في مجارات بل التسابق مع اللحظة القادمة , حتى ولدت فكرة أعمق وأشد ليبرالية من هذه وهي أن اللحظة الراهنة مرتبطة بمفهوم الزمن المتحرك بالضرورة , وطالما أن نقطة الحركة تنتقل تبعا للفعل والحدث , فهي أيضا تنتقل معه وتنتقل الذاكرة بدورها في نسقيه متكاملة .
هل تلعب الذاكرة هنا وطريقة بناءها وفعلها دورا مهما في بناء الفكر الفلسفي الذي يتصدر عملية تجديد القيم العلمية والمعرفية والفكرية وحتى نمط الحياة الإنسانية , بالتأكيد سيكون الجواب هذا أمر مبالغ به أو أعطاء زاوية مهمة من زوايا بناء الواقع حيز لا تستحقه بجدارة ,في ذات الوقت وبشكل متصل يرد سؤال مهم وحيوي وهو هل يمكن لنا حساب الفرق الواقعي بين مثلا عصر الفكر العربي كنموذج محددا بالمكان والزمان وبين فكر وعصر وقيم ما بعد الحداثة أو ما عصر ما بعده محسوبا بالسنين أو بالعقود مثلا ؟, السؤال هنا يمكن أن يكون غير ذي معنى أو غير ذي جدوى حين نعلم أن عصر الحداثة ابتدأ كموجه بحر عالية وعنيفة ستحمل معها كل شيء لتقذف به أما للساحل وتتركه حطاما لا ينفع لشيء ليكون هناك محل لمن سيحل مكانه , أو تسحبه للعمق ليختلط به ويندمج ويشكل وحدة عضوية قادرة على دفع موجه أعظم وأكبر من السابقة وهو ما يحصل حاليا .
في مثل هذه المسائل الحسابات الاعتيادية التي تعتمد معايير زمنية قياسية محددة لا يمكن لها أن تكون ذات جدوى في المقارنة خاصة وأن التداخل بين الثقافات والأفكار وفي عالم يتحول يوميا وتفصيليا إلى نسيج متكامل ومتداخل ومتشابك دون أن يسمح تحن تأثير المفاعلات الفكرية والتفاعلات القيمية أن تتفلت منه مجموعة فكرية بعنوان أو تسمية محددة بخصيصة ذاتية , لكننا مثلا يمكننا أن نقول أن الغالب من الفكر العربي كهوية ونتاج وأثر ووضوح في صنع عالم عربي بملامح خاصة ما زال يعيش إرهاصات فترة التحولات ما قبل الحداثة .
في حين أن العالم الغربي الذي يعتمد مثلا أعلى درجات التقنية النانوية قد تخطى مرحلة ما بعد بعد الحداثة ,ولم يعد تفكيره منسجما أو خاضعا للتقسيم الزمني لأنه يتجه إلى نطاق ما يسمى حرية اللحظة أو فقدان قيمة الزمن بالنسبة للزمن كقانون , أي أننا نواجه عالم سرعة ومكان قد يفقد قيمته أيضا لصالح السرعة المهولة التي تجرف كل القوانين والقيم والتحديدات الكلاسيكية أو الراهنة , لكننا يمكن أيضا أن نشير من ومن خلال شعورنا بأثر الزمن علينا أي أثر الذات الفكرية العربية في تعاملها مع الزمن على أننا في عمق الماضي الذي غادرته الحداثة مبكرا ,أي أن هناك فارق زمني بالتحولات يعد بأربع مراحل ما قبل الحداثة والحداثة وعصر ما بعد الحداثة وأخيرا وضع عالم ما بعد بعد الحداثة .
هذا طبعا مقياس يعتمد على نقطتين مهمتين في الأعتبار الأولى ما يسمى بعصر اللحظة المتحولة تحديدا وما أشرنا له من خروج السرعة من نفق الزمن , وثانيا ما يمكن أن نطلق عليه بناء الموضوعة الأولى الذاكرة المتسارعة التي تستجيب وبقوة للخروج أعلاه , في الوقت الذي تبني طلائع عصر الانفلاق الزمني قوانينه وقيمه المجردة والمسيرة والواصفة بامتياز لعصرها وهو عصر ما بعد بعد الحداثة في صنع ذاكرته على فكرة الأفتراض المتخيل خارج مفهوم الواقع والممكن والمناسب , أي أن موضوع تحرير الذاكرة من الزمن وقوانينه ما زلنا نعاني كعرب وفكر ومجتمع وقيم وعصر ننوء بعبء ماضي لا ينفك أن يعبث بزمننا الحاضر ويحاول جر المستقبل له تحت عناوين التاريخ يعيد نفسه , وذاكرة تعيش لحظتها وصيرورتها وتعيد كل مفاعليها على التجربة التأريخية وتمارس ساديتها وماشسوتيتها على أنه لا يمكنها أن تغادر خوفا على وجودها الخاص.
هذا الفرق بين عصر الحداثة وما جر من تطورات وتبدلات وتحولات حررت العقل الإنساني من قيد واقعه وإمكانياته الطبيعية ليجترح مفاهيم قد تبدو للبعض جزء من عصر المعجزات , معجزات يصنعها كل الإنسان المتحر وليس نزولا من عوالم لا تنتمي لفكره ولا لعقله ,أما من بقي ينتظر أن يعود التاريخ ليجسد نفسه على واقع أخر فهم واهمون طالما أن الزمن ذاته لم يعد له قيمة تحكمية كما كان قبل الحداثة بل وحتى المكان بعد أن أصبح الفضاء الأفتراضي حرا لأن يتجاوزه الإنسان سواء من خلال التقنية العالية الدقة التي تمنح الإنسان القدرة على البناء كما في التجربة التي حاكت الانفجار العظيم والتي أجريت في مختبرات علمية ونجحت في تنفيذ فكرة لا يمكن تصورها حتى في عالم المعادلات الرياضية المجردة التي هي أيضا تسلب الإنسان قدرة على أستبعاد الزمن كحقيقة واقعية لا بد من الأعتراف بها .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فهم الحداثة ح1
- الدين نصيحة
- أفراس صغيرة .... فاطمة منصورة ... عندما تتمرد القرية
- تخاريف ليبرالية
- الدين الأجتماعي ونظرية الدولة
- تخاريف وتعاريف
- سوريالية الهروب بين الماء والنهر
- إبراهيم العراقي ....خطيئة أباء أم كذبة الأبناء قراءة في كتاب ...
- الزمن بين المفهوم والحقيقة
- الحرية الدينية والجزية ح5
- الحرية الدينية والجزية ح4
- الحرية الدينية والجزية ح3
- الحرية الدينية والجزية ح2
- الحرية الدينية والجزية ح1
- دين ضد الدين وإسلام ضد الإسلام ح5
- البراءة ح2
- البراءة ح1
- دين ضد الدين وإسلام ضد الإسلام ح4
- دين ضد الدين وإسلام ضد الإسلام ح3
- دين ضد الدين وإسلام ضد الإسلام ح2


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - فهم الحداثة ح2