أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب السعودية والمغرب2















المزيد.....

الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب السعودية والمغرب2


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1367 - 2005 / 11 / 3 - 11:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


2 ـ المغرب يلدغ من الجحر أكثر من مرة : بثت قناة " اقرأ" الفضائية ليلة 11 غشت 2004 محاضرة للأستاذ محمد ضريف في موضوع الحركات الإسلامية في المغرب . وتدخل هذه المحاضرة وكذا مواقف الأستاذ ضريف ضمن ما أسماه الأمير السعودي خالد الفيصل بـ" الفكر التخديري" الذي يوهم الدولة والمجتمع بحالة الأمن " المستقر" و " الاستثناء" المغربي ، وأن الحركات الإسلامية في المغرب كلها " معتدلة" وليس لديها أي نزوع نحو العنف والتطرف . ولبيان خطورة هذا الفكر لا بد من رصد تجلياته كما جاءت في محاضرة الأستاذ ضريف . لقد حصر الأستاذ خصائص الحركة الإسلامية المغربية في ثلاثة كالتالي :
= الخاصية الأولى ( وهي الرغبة في العمل من داخل النظام السياسي ، لذلك لا توجد في نظري ، حركة إسلامية ، أو تعبيرات داخل الحركة الإسلامية ، متطرفة وأخرى معتدلة . أنا أعتبر كل مكونات الحركة الإسلامية في المغرب تتسم بالاعتدال نظرا لرغبتها في العمل من داخل النظام السياسي . طالما قُدِّمت "جماعة العدل والإحسان" بأنها جماعة متطرفة ولها مواقف راديكالية ، ولكن عندما نترك بعض الأقوال جانبا ونرصد مسار الجماعة سنجد بأن الجماعة ترغب ولازالت في العمل من داخل النظام السياسي .. طبعا هناك شروط ، هناك انتقادات للسيلسة المتبعة ، ولكن ينبغي ألا نخلط بين انتقاد السياسات المتبعة وبين الرغبة في الحلول محل النظام السياسي القائم ) .
= الخاصية الثانية ( هي رفض العنف ، وعندما أقول رفض العنف ، فلا توجد جماعة إسلامية في المغرب تتبنى العنف كإيديولوجية أو كعقيدة .. العنف في أدبيات الجماعات الإسلامية مرفوض . وهناك مواقف واضحة . وأشير باختصار إلى موقف "جماعة العدل والإحسان" ، وإلى موقف الأستاذ عبد السلام ياسين الذي طالما اعتُبر من طرف خصومه متطرفا وله مواقف جذرية . عندما تراجعون كتاب " المنهاج النبوي" ، لما يتحدث الأستاذ عن أبواب الجهاد ، فهو يستبعد ما يسمى بجهاد السيف ، ويشدد على الأشكال الأخرى من الجهاد : كالجهاد الاقتصادي والجهاد السياسي الخ . لذلك فكل الجماعات الإسلامية في المغرب ، بدون استثناء ، ترفض العنف ) .
= الخاصية الثالثة ( هي رغبتها في المشاركة السياسية ، لذلك عندما نتتبع مسار الحركات الإسلامية بمختلف تعبيراتها التنظيمية ، نجد أن الجماعات الإسلامية التي انفصلت عن حركة " الشبيبة الإسلامية" ، منذ البداية دعت إلى المشاركة السياسية ، وطالبت السلطات بالترخيص لها ) .
ولم يكتف الأستاذ ضريف بإبعاد صفة التطرف والميل إلى العنف عن الجماعات الإسلامية ، بل نسب إليها فضل تأخير ظهور العنف في المغرب . أما أحداث 16 ماي الإرهابية فقال عنها ( ورغم أن أحداث 16 ماي ، بالنسبة إلي ، لا تشكل ظاهرة ، لأن الظاهرة هي ذلك الحدث الذي يتكرر في الزمان والمكان .. نحن الآن أمام حدث معزول عرفه المغرب نتيجة لحظة تناقض بين قوى إقليمية ومعطيات داخلية . ولكن لحد الآن ، هو في نظري ، حدث معزول . بمعنى أن الذين يتحدثون عن سقوط الاستثناء المغربي ، هذا الحديث لا مصداقية له ، لأن الاستثناء المغربي لم يسقط ) .
فضلا عن ذلك ، كان الأستاذ حريصا على إيهام المتتبع بكون السلطات المغربية هي من يقصي الحركات الإسلامية من المشاركة السياسية ، ومن ثم فإن الدولة المغربية مسئولة ، مسئولية مباشرة ، عن خلق الظروف الداخلية التي تضطر تلك الجماعات إلى ممارسة " العنف العرضي" . وبهذا لم يجد الأستاذ ضريف أدنى حرج في اعتبار العمل الإرهابي الذي قامت به بعض الجماعات الإسلامية كان مبررا من حيث كونها ( تمارس أو تؤمن بالعنف كضرورة سياسية لإرغام السلطات على تغيير بعض المواقف ، ولا تؤمن بالعنف كعقيدة دينية ) . ويتعلق الأمر بكل التنظيمات بما فيها " حركة المجاهدين المغاربة" التي اعتبر ( العنف الذي تدعو إليه لضرورات سياسية وليس انطلاقا من عقيدة دينية ) . إذ يميز الأستاذ بين العنف " العرضي" الذي تضطر جماعة إسلامية ما لممارسته لحمل الدولة على التنازل عن مواقفها ، وبين العنف " العقائدي" المبني على عقيدة أو إيديولوجية . فهل فعلا تنسجم طروحات الأستاذ ضريف مع إفرازات الواقع والأسس الفكرية والعقائدية لهذه الحركات الإسلامية ؟
تناول الأستاذ ضريف في محاضرته التي بثتها قناة "اقرأ" خصائص الحركة الإسلامية في المغرب ، والتي حددها كالتالي : الرغبة في العمل من داخل النظام السياسي ، رفضها للعنف ، رغبتها في المشاركة السياسية . بينما الواقع الفكري والتنظيمي يشهد خلاف ذلك لدى معظم الحركات . وفيما يلي بيان ذلك:
1 ـ عن الرغبة في العمل من داخل النظام : يقول الأستاذ ضريف ( أنا أعتبر كل مكونات الحركة الإسلامية في المغرب تتسم بالاعتدال نظرا لرغبتها في العمل من داخل النظام السياسي .. بمعنى آخر أن الجماعة التي تحرص على الحصول على ترخيص قانوني من النظام أو من السلطة القائمة ، فهي جماعة ترغب في العمل من داخل النظام السياسي القائم . طبعا هناك شروط هناك انتقادات للسياسة المتبعة ، ولكن ينبغي ألا نخلط بين انتقاد السياسات المتبعة وبين الرغبة في الحلول محل النظام السياسي القائم ) . فهل فعلا يصدق هذا القول على جماعة العدل والإحسان التي ركز عليها المحاضر ؟ لنترك الشيخ ياسين ، مرشد الجماعة ، يوضح مواقفه من النظام ومن العمل من داخل هذا النظام .
يحدد الشيخ ياسين موقفه من نظام الحكم في المغرب وباقي الدول العربية والإسلامية كالتالي ( نرى الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين المجزأة أقطارا ودويلات تمثل الحكم الجبري الذي يتحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يبشرنا بإشراق شمس الخلافة بعد ظلام العض والجبر . أذكر بالحديث الذي اتخذناه محورا لتفكيرنا ومرشدا لخطواتنا . روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن حذيفة أن رسول الله (ص) قال : ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون ملكا عاضا ، فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون ملكا جبريا ، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون الخلافة على منهاج النبوة . ثم سكت )(ص7 نظرات في الفقه والتاريخ). وبناء عليه يجزم الشيخ بزوال هذه الأنظمة " الفاسدة" وقيام النظام الإسلامي الذي يحقق وعد الله بعودة دولة الخلافة . لهذا نجد الشيخ يبشر أتباعه ( يذهب الله بأنظمة الفساد ، يزلزلهم زلزال ، تحيط بهم خطيئاتهم ، وتدول معهم دولة الكذب والتزوير التاريخي ليعلو نجم الصادقين أهل القرآن ، ولتسطع شمسهم ، ولتنشر رايتهم )(ص 570 العدل). فهل سيقبل الشيخ أن يستمد مشروعيته القانونية من "النظام الجبري" الذي لا يفتأ الشيخ يبشر بانهيار أركانه وزوال ملكه ؟ هل يقبل الشيخ أن يستظل بنظام سياسي "متصدع" وسيجرفه "الطوفان" في أية لحظة ؟ هل يرضى الشيخ الحصول على الترخيص من نظام لازال الشيخ يتوعده ب"المقاتلة" و"الطوفان" ؟ أمر يستبعده الشيخ وينفيه بقوله ( ليكن واضحا أننا لسنا نرمي لترميم صدع الأنظمة المنهارة معنويا ، المنتظرة ساعتها ليجرفها الطوفان .. يندك ما كان يظنه الغافلون عن الله الجاهلون بسنته في القرى الظالم أهلها حصونا منيعة وقلاعا حصينة ، وتندثر وتغرق )(ص576 العدل). فالشيخ يتطلع ويُعِدُّ أتباعه للزحف والانقضاض على نظام الحكم الذي ( سيظل السوس ينخر في جسم النظام ، وبعد الضربة المفاجئة ، ستتوالى الانتكاسات وخيبات الأمل)(ص 23 مذكرة إلى من يهمه الأمر) . وانطلاقا من تلك القناعة الراسخة لدى الشيخ يعلن نبوءته بأن لا أمل لهذا النظام " الطاغوتي " في النجاة والاستمرارية ( فلا أمل في الإفلات من طوفان يوشك أن يحل )(ص 23 مذكرة إلى من يهمه الأمر) . ). لذلك فالشيخ يُعِدُّ أتباعه ليوم الزحف على السلطة والاستيلاء على الدولة . إنه يقدم هؤلاء الأتباع بكونهم "جند الله" ويمثلون ( قوة سياسية في مراحل القومة ، ثم قوة مهيمنة على الدولة)(ص 452 المنهاج )أما ما يزعمه الأستاذ ضريف بكون جماعة العدل والإحسان ليست لها ( الرغبة في الحلول محل النظام السياسي القائم ) فأمر يتنافى مع المشروع الشمولي لهذه الجماعة ومع برنامجها العام الذي يقوم على التربية والتنظيم الذي هو الإعداد ثم الزحف على السلطة والحكم . فالمسألة بالنسبة للجماعة ليست منحصرة في ممارسة الانتقادات على سياسات الدولة ، بقدر ما تتوخى السيطرة على الدولة ودك صرح النظام وملكه . فكيف إذن تقبل هذه الجماعة على نفسها أن تطلب الترخيص من النظام ومرشدُها يبشرها أنها أصبحت ( على عتبة المسئولية عن الحكم )؟ فإذا كانت الجماعة سبق لها أن طلبت الحصول على ترخيص قانوني ، فذلك أملته ظروفها الذاتية يوم كانت "صغيرة" و"ضعيفة" ، من جهة ، ومن أخرى كانت للدولة نفسها مآرب في أن تكون للشيخ ياسين جمعية قانونية . لكن اليوم ، وبعد أن صارت الجماعة تأنس في نفسها "قوة" يستعصي على الدولة شطبها ، وتتزلف إليها قوى سياسية من مختلف المشارب ، فلن تذل الجماعة نفسها لنظام تستعجل زواله ، وتعتبر الاحتكام إلى قوانينه والانصياع إلى شروطه "رشوة" عن الدين وفق ما ينص عليه الحديث النبوي الذي يستند إليه الشيخ ياسين ويبرر مواقفه من النظام ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا العطاء ما دام عطاء ، فإذا صار رشوة عن الدين فلا تأخذوه . ولستم تاركيه ، يمنعكم من ذلك الفقر والحاجة . ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار . ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان ، فلا تفارقوا الكتاب . ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم مالا يقضون لكم ، إن عصيتموهم قتلوكم ، وإن أطعتموهم أضلوكم )(ص 71 العدل ). انطلاقا من هذه القناعة يرفض الشيخ أن يعترف للملك بصفة "أمير المؤمنين" مهما كانت تنازلات النظام أو "الرشوة" عن الدين. وعلل موقفه هذا ، في تصريح لبرنامج " نقطة ساخنة" الذي تبثه قناة "الجزيرة" بالتالي: ( إن إمارة المؤمنين شأن عظيم، أول من تسمَّى بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نقول أحياناً لمن يتسمون بهذا الاسم العظيم الكريم.. عند الله عز وجل، الذي اختاره الصحابة رضي الله عنهم، سُمِّي أبو بكر خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاء الثاني -رضي الله عنه- وأرضاه سيدنا عمر، فقالوا ربما يكثر الأمر إن قلنا خليفة خليفة، فإذا جاء الثالث والرابع نقول خليفة خليفة، نقول هذا أمير المؤمنين، اختيار، وضمن تسمية اختيار اختارته الأمة ، اختارته الأمة هو أمير لهم، والمسلمون أمروه على المؤمنين، هؤلاء الذين ينتسبون ويتسلطون على الألقاب النورانية اختارتهم الأمة؟ لا ، إنه الحكم الجبري ، والد الولد اختار للأمة من ذريته فلاناً أو فلاناً ، وكان سيدنا أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول أنه سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعوذ بالله من الستين - من سنة ستين للهجرة- ومن حكم الصبيان" ) . تلك هي مواقف المرشد وجماعته من النظام ولن يتخلى عنها وإن سعى النظام نفسه إلى المرشد . وهذه حقيقة تجاهلها الأستاذ ضريف ولم يذكر لمشاهدي قناة "اقرأ" أن النظام الملكي ظل يخطب ود الجماعة ويسعى إليها بالحوار والمهادنة . ففي عددها ليوم 9 ـ 15 أكتوبر الجاري نقلت أسبوعية "لوجورنال" عن أحد أعضاء جماعة العدل والإحسان قوله ( إن الشخص الأول الذي اتصل بنا كان محاميا مبعوثا من طرف السيد العلوي المدغري . كان ذلك سنة 1991 لما كان قياديو الجمعية في السجن . تواصل بعدها الحوار مع عالم ، ثم مع مدير الشؤون الإسلامية لنفس الوزارة ) غير أن الجماعة رفضت الحوار ، كما قال نفس العضو للمجلة ( لما تبين لنا أن هدف السلطات هو جرنا إلى المشاركة السياسية وفق شروطها ) . وقبل كل هذا كانت يد الدولة ممدودة للشيخ حتى أسس جماعته . وتلك حقيقة أكدتها ابنة الشيخ ياسين لمجلة الوطن ( العدد 1270 بتاريخ 6 ـ7 ـ 2001 ) حيث قالت بالحرف الواحد : " فجاءوا إليه برخصة وقالوا له عليك الآن إصدار جريدة وكانت هذه النواة الأولى لتكوين جماعة العدل والإحسان ) ( الصحيفة عدد 65) . ولو أن حزبا آخر أو شخصية ما قالت أو عبرت عن موقف واحد من مواقف الشيخ من النظام لكانت اليوم طي النسيان أو مجهولة المصير . فكلما تقرب النظام من الشيخ وجماعته كلما ازداد هذا الأخير عنادا وإصرار . فهو لا يكف عن الترويج ل" البشارة"( يذهب الله عز وجل بريح السلطة القامعة المشركة بالله ، وبريح المعارضة السياسية الزاعقة الناعقة (يقصد المعارضة الديمقراطية السابقة ) حينا الراكعة الممكور بها حينا . ويأتي ربنا سبحانه بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )(ص 578 العدل). من هنا يجعل الشيخ أمر مواجهة النظام وعصيانه وعدم الولاء له واجبا شرعيا يظل قائما إلى حين "طرد" حكام "الجور" كما في قوله : ( أمامنا واجب مقدس تجاه الأمة ، وهو أن نعلمها أن الدين ما هو صلاة ناعسة وصيام وتنسك وحوقلة عاجزة في المساجد ، لكنه جهاد شامل ، إقامة الصلاة والصيام والزكاة والحج وأركانه المنبثقة عن شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله . وهي شهادة تحرر من عبودية البشر ، وظلم البشر ، ووصاية الحاكم الجائر على الأمة)(ص 25 رجال القومة والإصلاح). إن الخطة التي يسير عليها المرشد تتوضح في قوله ( يجب أن ينصب جهادنا السياسي قبل القومة على تعليم الأمة أن الله أمر أن تكون منا أمة ( جماعة) خاصة منظمة ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر . وأن الانتماء لهذه الجماعة قربة عظيمة وشرف عند الله كبير . وأن هذه الأمة الخاصة واجبها الأول أن تنكر المنكر الأول وهو الحكم بغير ما أنزل الله . وأن تأمر بالمعروف الأكبر ، وهو إقامة دين الله وإرجاع الخلافة على منهاج النبوة )(ص 410 المنهاج النبوي ). وهذه الغاية لن تتحقق إلا بطرد الملك وتنصيب رجل دعوة مكانه . يقول الشيخ ياسين ( حقيقة التمكين في الأرض أن تكون الدولة والسلطان بيد رجال الدعوة الساهرين على الدين ، القائمين بالقسط )(ص391 المنهاج) . ووفق هذا المخطط حاول الشيخ عزل الملك لإضعاف النظام من خلال النصح للأحزاب الديمقراطية بنبذ النظام وعدم الذود عنه ، كما في قوله ( نرجو أن لا تشدوا عربتكم إلى قاطرة السلطة الخائنة المتآمرة على المؤمنين . نرجو أن تقولوها صريحة أنكم ضد القمع والإقصاء وكم الأفواه . وأن ماضيكم النضالي وأمجادكم التاريخية ضد الاستعمار لا يرضيان لكم الارتماء في أحضان السلطة الغاشمة )(ص7) . إذ لم يقر الشيخ للملك بأية أفضال بما فيها ضمان وحدة الشعب ( استكبار فينا من بني جلدتنا وحكم طاغوتي مزمن ، نتخيل أنه وحده الجامع لأشتاتنا ، الضامن لتماسكنا) (ص 185 الشورى والديمقراطية) . بيِّن إذن أن من يرمي النظام بالكفر ، والمَلك ب"التأله" في نفس الرسالة التي اعتبرها الأستاذ ضريف أنها تقدم الجماعة كقوة " اقتراحية" ، من يفعل ذلك لن يُسالم النظام ولن يستمد من قوانينه أية مشروعية . إذن موقف الشيخ ياسين واضح ومبدئي من نظام الحكم في المغرب ، كما أن وصفه لهذا الأخير بأوصاف شتى تنطلق من صفة " الطاغوت" وتنتهي بصفة " الكافر" و"المتأله" لا يثير أي شك أو جدل ، مما يترتب عنه رفض الولاء لهذا النظام بدءا من قوانينه التي يعتبرها الشيخ "علمانية" و"كافرة" لأنها غير مستمدة من الشرع ، وانتهاء برفض مبايعة الملك الذي لا يرى فيه الشيخ سوى "كافر" تحرم موالاته بسبب احتكامه إلى القوانين الوضعية ومخالفته القوانين الإلهية ، إذ يتحجج الشيخ بالتأويل السياسي الذي ابتدعته فرقة الخوارج في صراعها مع الإمام علي ، حيث شرعنت خروجها عليه بالاستناد إلى الآية الكريمة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) . ومن ثم سحب الشيخ حكم التكفير على الملك وكل قوانين الدولة ومؤسساتها الدستورية والحزبية . فجميع هؤلاء يمثلون ، في حكم الشيخ ، الباطل والمنكر الواجب محاربتهما بكل الطرق والوسائل ، أدناها "المقاطعة" و"الإضراب العام" . ويتخذ الشيخ سندا له في هذا الصدد الحديث النبوي الشريف ( كلا والله لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهَوُن عن المنكر ، ولتأخذُنَّ على يد الظالم ، ولتأطرُنه على الحق أطرا ) ، حيث يخلص الشيخ إلى التالي ( حديث يرسم لنا خطوط مقاطعة أهل الباطل فُرادى ومقاطعتهم بالإضراب العام حين يكونون قوة حاكمة غاشمة ونكون نحنُ قوة معارضة منظمة فقيهة في دينها الذي يهدد باللعنة من رضي بالمنكر وأهله وآكلهم وشاربهم وقاعدهم ) ( العدل ص: 130) . لهذا لن يقبل الشيخ "اللعنة" على نفسه . بل يعلنها صراحة "قومة" تجمع بين القرآن والسيف ، وتقاتل "الباطل" قتالا شديدا . ذاك مخططه الذي أفصح عنه في قوله ( لا بد أن نُحصِّل على قدرة التنفيذ ، وأن نبنيها حتى تكون قوة إرادية تُغيِّر بالفعل ، وتفعل بوازعي القرآن والسلطان . وإنه لقتال شديد بين الحق والباطل ، لا يحيى الحق إلا بإماتة الباطل ، أو على الأقل حصره في نفق الصِّغار .. لا غنى للإسلاميين عن قوة الرفض والمعارضة قبل الوصول إلى الحكم وبعده لدحض الباطل ومقاطعة أهله ودك أصوله )( العدل ص: 131 ،132 ) . من هنا لن يوالي الشيخ "حكام الجور" ولن يقبل الاحتكام إلى قوانين "الباطل" أو أن يستمد منها مشروعيته . لأنه لو فعل هذا صار في حكم "الموالين لحزب الشيطان" ، بينما هو يصنف نفسه وأتباعه ضمن "حزب الله" ( فيكون الولاء للكافرين والتحيز إليهم الصفة الواحدة الكافية لتعريف حزب الشيطان ، والولاء للمؤمنين والتحيز إليهم صفة حزب الله )(ص 133 العدل ) . إن من المغالطات التي صادر عليها الأستاذ ضريف قوله ( إن الجماعة التي تحرص على الحصول على ترخيص قانوني من النظام أو من السلطة القائمة ، فهي جماعة ترغب في العمل من داخل النظام السياسي القائم ) . ذلك أن جماعات التيار السلفي الجهادي أسست جمعيات ووداديات بترخيص من السلطة ، فهل معنى هذا أنها تريد العمل من داخل النظام ؟ كلا ، بل تلك خطط تكتيكية تمليها الضرورة . إذ من تلك الجماعات من يحرم العمل في سلك الوظيفة العمومية ، أو التعامل بالوثائق الرسمية ( البطاقة الوطنية ، عقود الزواج ) في الوقت الذي يتقدم بطلب الترخيص لتأسيس جمعية أو ودادية .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- منذ متى كان الظواهري رحيما أو حكيما ؟
- رسائل التهديد بالقتل
- التسامح مفهوم دخيل على الثقافة العربية
- هل ستتحول - حماس- إلى نحس على الفلسطينيين ؟
- خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني 3/3
- خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني 3/2
- خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني- 3/1
- إرهابيون وإن غيروا فتاواهم
- مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي 10
- انتحاريون ليسوا كالانتحاريين
- مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي 9
- مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي-8
- فكر الحركات الإسلامية أفيون النساء
- مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي7
- ومَكْرُ أولئك الشيوخ هو يَبُور
- شيوخ الإرهاب يكفّرون القوانين الوضعية ويحتمون بها
- مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي 6
- مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي5
- مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي 4


المزيد.....




- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...
- المسلمون في هالدواني بالهند يعيشون في رعب منذ 3 شهور


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب السعودية والمغرب2