|
هل ستتحول - حماس- إلى نحس على الفلسطينيين ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1333 - 2005 / 9 / 30 - 11:13
المحور:
القضية الفلسطينية
1ـ الفلسطيني لم يُخلق ليُقتل : قد لا يجادل عاقل في أن المقاومة ليست هدفا في حد ذاتها ، بقدر ما هي أسلوب تتنوع وسائله تبعا للمعطيات المحلية والدولية . فغاية المقاومة رفع الاحتلال والظلم واسترجاع السيادة والأمن . وأي وسيلة تقرب المسافة إلى هذه الأهداف تكون ناجعة ، أما ما عداها فتنقلب إلى شر مستطير يُحرم الشعبَ المستضعَف ، ليس فقط من إدراك غاياته ، بل من تحصين مكتسباته . وتكون الحالة الفلسطينية خير مثال يتجسد فيه انقلاب المقاومة المسلحة إلى نحس وشر ماحق يعيد الفلسطينيين إلى مآس أشد من سابقاتها كلما همّوا بالنجاة والإفلات . ولعلنا أمام نموذج يتفرد به الإنسان العربي والإسلامي عن بقية خلق الله ، بحيث لا يفلح إلا في صنع المأساة وإشاعة الأحزان ؛ حتى غدا الفرح ندير شؤم يتبعه القرح ، لدرجة صار الدعاء المتواتر( الله يجعل ضحكنا يخرج على خير ) ملاذ كل ضاحك مستبشر . كذلك كان حال الشعب الفلسطيني الذي طالت معاناته وتعمقت مآسيه بفعل الاحتلال والتشريد والتهجير ، وما أن رأى فلول المستوطنين يغادرون مستعمراتهم إلى غير رجعة ، طوعا وكرها ، حتى تملكته الفرحة وعلت محياه البسمة . كانت لحظة تاريخية جديرة بالدراسة . غير أن فرحة الفلسطينيين واستبشارهم بأفول الاستعمار ، ولو من أجزاء محدودة من أرض فلسطين ، وزوال رموزه ومعداته الحربية من أزقة غزة وجنانها ، لم تطل تلك الفرحة بعد أن أفسد لحظاتها المشرقة مقاتلو حركة حماس الذين لم يعودوا يقبلون عن السلطة والحكم بديلا . لقد حول الحمساويون ـ أعضاء حماس ـ أفراح الفلسطينيين أحزانا ومآسي يعلم الله وحده أمدها ، من خلال المجزرة الوحشية التي حدثت بفعل انفجار سيارة محملة بالمواد المتفجرة والأسلحة أثناء الاستعراض العسكري الذي نظمته حركة حماس يوم الجمعة الماضية في مخيم جباليا شمال قطاع غزة ، وأدت إلى قتل ما لا يقل عن عشرين فلسطينيا وجرح حوالي مائة، بعضهم جراحه خطيرة مما يمكن أن يرفع عدد القتلى لا قدر الله . كما أفسد هؤلاء الحمساوين الفرحة لما دَارَوْا على جرمهم وألقوا على إسرائيل باللائمة وأتبعوها بصواريخ ذات أصوات ودون مفعول ، ففتحوا باب النار والدمار على الفلسطينيين بعدما اعتقدوا أنهم صاروا في منجاة ، فإذا هي مجرد وَهْم . ذلك ما عبر عنه أحد الفلسطينيين وهو خالد حامد (30 عاما) خارج المشرحة الرئيسية " ظننا انه لن يكون هناك المزيد من القتل..اعتقد أننا كنا متفائلين أكثر مما يلزم". إن حماس لم يعد يهمها أمن الفلسطينيين ولا حقن دمائهم ، بعد أن فهمت قصد شارون من وعيده إذا شاركت في الانتخابات ووصلت إلى مسؤوليات التسيير في قطاع غزة . إنها ككل الجماعات والتنظيمات الدينية في العالم الإسلامي ، تسعى حماس إلى إقامة إمارة " إسلامية" تكون لها فيها السلطة والغلبة . ومتى أدركت أنه أمر مستبعد ،اختارت اعتماد أسلوب " علي وعلى أعدائي" . وإلا ما جدوى هذه الاستفزازات التي تعطي لشارون ما يكفي من المبررات لقتل الفلسطينيين واعتقال سواعدهم ؟ لطالما هددت قيادات حماس أنها ستزلزل الأرض تحت الصهاينة ، عقب اغتيال الشهيد أحمد ياسين ، ومن بعده الدكتور الرنتيسي . فلا التهديد تحقق ولا الأرض زلزلت . بل فقد الفلسطينيون ما لم يفقدوه طيلة 40 سنة من الاحتلال . فصارت حماس الوجه الخفي لشارون ، إذا لم يَقتل الفلسطينيين ، تقوم حماس بارتكاب الجريمة في حق أشخاص فرادى ( اغتيال الفتاة الفلسطينية يسرى العزامي على شاطئ غزة ) أو مجموعات ( الانفجار الذي وقع في حي الشجاعية بمدينة غزة، وراح ضحيته خمسة قتلى وأكثر من ثلاثين جريحا ، وانفجار جباليا ) . 2 ـ من جهاد المقاومة الأصغر إلى جهاد البناء الأكبر : إن الفلسطينيين اليوم ، بعد انسحاب الاحتلال من غزة ، أصبحوا أمام مسئوليات جسيمة تتقدمها مسئولية البناء والإعمار والتشغيل وإنقاذ الاقتصاد من حالة الانهيار والإفلاس التي انتهى إليها . إذ انخفض الدخل القومي الخام بنسبة 40 % ، كما انخفض الدخل السنوي الفردي 33 % وقفزت البطالة من 10 % إلى8، 26 % حسب إحصائيات البنك الدولي ، بينما يؤكد أبو مازن أنها بلغت 60 %. أما الذين يعيشون تحت عتبة الفقر فقد بلغت نسبتهم 70 %. وحسب استطلاعات جامعة بيرزيت فإن 80% من الفلسطينيين، ، لا همّ لهم سوى تحسين الوضع الاقتصادي المتدهور للمدن الفلسطينية المحاصرة . فما السبيل إلى تخفيف المعاناة اليومية ، إذا كانت رعونة حماس تقذف يوميا بعشرات الشباب إما إلى القتل أو الاعتقال ، بدل العمل على تحويل حَمَلة الكلاشنكوف إلى حملة معاول البناء وأدوات البحث لإصلاح ما دمره الاستعمار وغرس آلاف الأشجار التي جرفتها آليات التخريب الإسرائيلية . هذا ما ينتظره الفلسطينيون من فصائل المقاومة . أما التقتيل والدمار فقد سئمهما الشعب ويكفيه ألما أن أزيد من 11 ألف من أبنائه يقبعون خلف القضبان الإسرائيلية ، وأن أكثر من 4 آلاف شهيد سحقتهم الآليات الحربية خلال انتفاضة الأقصى فقط . لهذا من يريد الخير للفلسطينيين فليساعدهم على كف أذاهم عن أنفسهم . [email protected] www.saide.c.la
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني 3/3
-
خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني 3/2
-
خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني- 3/1
-
إرهابيون وإن غيروا فتاواهم
-
مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي 10
-
انتحاريون ليسوا كالانتحاريين
-
مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي 9
-
مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي-8
-
فكر الحركات الإسلامية أفيون النساء
-
مطارحة من صميم المصارحة حوار مع صديق إسلامي7
-
ومَكْرُ أولئك الشيوخ هو يَبُور
-
شيوخ الإرهاب يكفّرون القوانين الوضعية ويحتمون بها
-
مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي 6
-
مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي5
-
مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي 4
-
الناس في الناس والشيوخ في امشيط الراس
-
مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي3
-
مطارحة من صميم المصارحة ـ حوار مع صديق إسلامي-2
-
مطارحة من صميم المصارحة(1)
-
ألا رفقا بالسيد القمني
المزيد.....
-
حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه
...
-
مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال
...
-
رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
-
لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة
...
-
باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر
...
-
بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة
...
-
ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر
...
-
مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
-
لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن
...
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|