|
إلى طاحت البقرة ، كيكثروا الجناوا-..
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4982 - 2015 / 11 / 11 - 19:21
المحور:
المجتمع المدني
إلى طاحت البقرة ، كيكثروا الجناوا".. تقديم ، يقال :إن الجاهل لا ينبغي أن نحاسبه على جهله إنما علينا تحريره مما هو فيه". إنه اجتهاد شخصي أكثر منه قراءة جيو/سياسية لردود أفعال الجماهير المغربية ، تجاه متغيرات الساحة السياسية ، وما تفرزه تطوراتها لديه من مواقف متباينة ، تتحكم في غالبيتها العواطف وتهيمن عليها الانفعالات المختلفة ، بحسب نوعية المحرضات التي تخضع لها وتتأثر بها النفوس ، فتأتي سلبية أو إيجابية ، كريمة أو مجرمة ، بطولية أو جبانة ، حيث ترى الجماهير تهلل لشخصيات بعنها ، وتطبل أحداث وقضايا مخصوصة ، سرعان ما يُنقلب عليها ويُتبرم ويُتضايق منها، دون أن يكلف المنقلبون أنفسهم عناء معرفة أسباب ذلك التهليل والتطبيل ، أو التثبت من دوافع ذاك التضايق والتبرم ، ودون التحقق من أسباب الانقلاب ومصداقية ذاك التبدل .. ظاهرة تتجلى بوضوح في سلوك غالبية البلاد المتخلفة ، ومن بينها –مع الأسف الشديد- مغربنا الحبيب ، الذي تفشت فيه الظاهرة على نطاق واسع ، وبين كل فئاته ، المتعلمة منها وغير المتعلمة ، المتسيسة وغير المتسيسة ، حتى لم يعد هناك –إلا من أخذ الله بيده- من يتحرى صدقية عواطفه ، ولا صحة مواقفه ، الكل في اندفاع مريب ، تسبق عواطفنا العقول، وتتحرى هي عوضا عنا ، وننقلب من النقيض إلى نقيض آخر ، في مشاهد عصيّة دوافعها على الفهم والتحليل والقياس ، ومتعالية نوازعها عن الإحاطة والوصف ، الأمر الذي احتار فيه المفكرون ، وانقلبت معه الموازين السياسيين ، وضرب تحليلاتهم ومنطلقات بديهياتهم عرض الحائط .. بهوائيتنا التي تتحكم فيها العواطف والانفعالات المتقلبة كتقلب الخواطر على القلب ، وتقلب الأهواء على الدوافع ، والتي يرفع من خلالها المتقلبون مَنْ أحبوا إلى عنان السماء، وعندما يكرهونه يخسفون به إلى سابع أرض ، ويطلقون العنان لألسنتهم ، لتنال منه سبًا وشتمًا وقذفًا في عرضه ودينه ، وتمسح به "البلاط "-كما يقول المصريون.. كما فُعل مع حميد شباط -وغيره كثير من الشخصيات العامة - الذي انقلب عليه غالبية من كانوا به متيمين من ساكنة فاس ، قبل انتخابات 4 شتنبر ، والذين هللوا له بالمجد ، وهتفوا له بالنصر المبين ، وهنأوه لما فاز بعمودية مدينة العلم ، وباركوا له تبوء الأمانة العامة لأقدم حزب سياسي في المغرب ، حيث أنه ، وفجأة ، انقلب عليه جل - إن لم نقل جميع –الذين كانوا هم الأحباب ، وتمنوا افتداءه بالروح والدم ، فلم يعد الكثير منهم -بعد الإطاحة به من على عرش مدينة المولى إدريس - أحبابا ، وصار حتى المقربين منهم ، هم الأعداء الدين يتمنون له الشر والغلط ، وأصبح الكثير منهم لا يرى فيه إلا كل نقيصة، وكل خطيئة، وكل عيب ، وكأن أحدا منهم لم يكن يرى عيوبه ، أو بمعنى أدق لم يكن أحد يفتش عنها ، واكتشفوا -متأخرين- أنه خدعهم ، وأنه لم يعمل إلا لمصلحته وزبانيته فقط! ، فانطلقت الحملات ضد من اعتبروه رمزا ونموذجا مبهر في الصمود والمقاومة،، وتهاطلت الأقلام منتقدة من كان هدية سماوية لانقاد المدينة ، بقسوة غير مبررة ، وصلت أحيانا حد القذف والتشهير ، عبر كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ، الذي أركبه بالمقلوب على حمار أعرج ، وطاف به كـ"بوحمارة " في المقاهي والأندية وحتى في الشوارع والأزقة ، ناسين أو متناسين ، أنهم هم من ورطه ، أو "زادوا لو فيه" بتطبيلهم المتملق ، وتهليلهم المتزلف ، وإنبطاحهم له على البطون ، والسماح له عن طيب خاطر أن يسكر ويعربد على الأجساد ، أليس هذا منتهى الذل والعمالة، أو ليس هذا منتهى الخيانة لمدينة العلم والعلماء ، أم هو تنزيل للمثل المغربي الدارج القائل : إلى طاحت البقرة ، كيكثروا الجناوا".. لاشك أن موضوع العواطف والانفعالات التحريضية موضوعا يستحق التدبر والبحث والدراسة ، وقد سبق ان توسع فيه "غوستاف لوبون" الذي قال عنه : الانفعالات التحريضية المختلفة التي تخضع لها الجماهير يمكنها أن تكون كريمة أو مجرمة، بطولية أو جبانة، بحسب نوعية المحرضات، ولكنها ستكون دائما قوية ومهيمنة على نفوس الجماهير..!- حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تستهدفك الأعداء!!
-
هاجس الرحيل !!
-
رتباط الموسيقى والأغاني بالشعب ومشاعر الناس .. أغنية - صوت ا
...
-
روعة الشتاء في- فاس الجديد -
-
المسألة أكبر وأخطر من مجرد لحية !!
-
نظرية نكيران حول الزوجات والصاحبات !!
-
قدرة الروائح على استدعاء الذكريات ..
-
محاربة الفساد مسؤولية لا تقبل التأجيل ..
-
لماذا لم أكتب عن السنة الهجرية كعادتي !!
-
حلم الرحيل!!
-
الحزن بالطين عند قدماء المصريين !!
-
للأماكن والأشخاص روائح خاصّة تستدعي الذكريات..
-
تطوير التعليم يتطلب تدخل كل مكوناته !!
-
إلى الذين منحهم الفاسيون ثقتهم الغالية !!..
-
ها علاش قال البعض ما يجيش لعريفي لبلادنا !!
-
لماذا لا يجرم -التجهيل العمدي-؟
-
يا بنت المدينة عليك كنغني !
-
تطهير الانتخابات من آفة بورصة الأصوات !!
-
هلوسة من أين لك هذا؟
-
ألعاب الزمان الرائعة..
المزيد.....
-
نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي
...
-
أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين
...
-
التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ
...
-
العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما
...
-
قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
-
زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر
...
-
حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
-
أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه
...
-
حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
-
الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|